Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تشهد نهاية سبتمبر انحسار "الصيف الساخن" بين أميركا وإيران؟

مصادر دبلوماسية: بتنا على بعد خطوات من تحقيق شيء ما... وضروريات خفض التصعيد تحتم على الجميع الوصول إلى اتفاق


مساع فرنسية حثيثة لتخفيف حدّة التوتر بين أميركا وإيران والبناء على نتائج الاتفاق النووي (أ.ف.ب.)

رجّحت مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى أن يشهد التصعيد المتنامي بين واشنطن وطهران على خلفية الاتفاق النووي الإيراني وأنشطة طهران في المنطقة، انفراجة في نهايات سبتمبر (أيلول) الحالي، على الرغم من التهديدات الإيرانية الأخيرة بخفض التزاماتها بشأن الاتفاق النووي المبرم مع القوى الغربية، والذي تم التوصل إليه في فيينا عام 2015، وبات مهدداً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه من جانب واحد في مايو (أيار) 2018، وإعادة فرضها سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران.

وبحسب مصادر مطلعة على تطورات الموقف في الأيام والأسابيع الأخيرة، والتي تحدثت لـ"اندبندنت عربية"، فإن هناك "فجوة صغيرة باتت تفصلنا عن الوصول إلى اتّفاق بين واشنطن وطهران"، حيث تقود باريس جهود مكثفة لخفض التصعيد وتقريب وجهات النظر بين البلدين.

وعلى مدار اليومين الأخيرين، هددت طهران عبر أكثر من قناة رسمية، كان أخرها بيان للرئيس حسن روحاني أمس الأربعاء، بأن بلاده ستعلن عن تخفيض جديد في التزاماتها تجاه المجتمع الدولي في المجال النووي، ما لم تتخذ الأطراف الأخرى خطوة "مهمة" تجاه بلاده، وذلك في إشارة إلى المساعي الأوروبية التي تقودها فرنسا لتخفيف حدة العقوبات المفروضة على إيران.

جهود مكثفة

ومع مواصلة التهديدات الإيرانية، والتي اعتبرها دبلوماسي فرنسي مطلع "جزءا من اللعبة من قبل إيران والتي نتعامل معها بسلاسة"، تقود باريس جهوداً على صعيد الملف النووي، حيث يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولات إقناع الولايات المتحدة بأن تعفي إيران من بعض العقوبات المشددة التي فرضتها عليها مقابل وفاء طهران بالتزاماتها النووية. وناقشت 3 دول أوروبية، هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا، مع إيران خلال الساعات الأخيرة سبل الحفاظ على هذا الاتفاق الدولي.

ووفق الرؤية الفرنسية، بحسب مصدر مطلع، فإنه "لا يوجد ما يمنع طهران من امتلاك السلاح والقدارت النووية سوى الاتفاق الحالي، وإن كان قصير الأجل (من المقرر انتهاؤه عام 2025)، وأن فرنسا ستواصل جهودها لتقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة، التي نجحت، على حد وصف المصدر، في تهدئة التصعيد الذي شهدته منطقة الخليج في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، حيث استهدف الحرس الثوري الإيراني عددا من ناقلات النفط في مياه الخليج، تبعه إرسال قطع بحرية أميركية إلى المنطقة لضمان حرية الملاحة في أحد أهم المضايق الاستراتيجية في العالم.

وقال المصدر إن "فرنسا تبني خطوات ثقة من خلال الاتصالات المتواصلة بين الرئيسين ماكرون وروحاني، والتي يمكن القول إنها كل أسبوع تقريبا، وكذلك نقاشات وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف بشكل مستمر من أجل التوصل لشيء ما وخلق مناخ للعمل على المشتركات"، مشيراً إلى أن التحرك الفرنسي لخفض التصعيد في المنطقة قائم على 3 محاور رئيسة، هي: "عدم السماح لإيران بامتلاك قدرات نووية، ولا حتى قدرات بالستية، فضلا عن ضرورة وقف تدخلاتها المثيرة للاضطرابات وعدم الاستقرار في العديد من دول المنطقة، وعلى رأسها العراق وسوريا ولبنان واليمن، وانتهاج سياسة جوار مناسبة لجيرانها والتصرف كدولة طبيعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب دبلوماسي غربي مطلع، فإن باريس تنسّق خطواتها تجاه الملف الإيراني مع كل من بريطانيا وألمانيا، وأن هناك توافقا بين الدول الثلاث على الحفاظ على الاتفاق النووي في صيغته الحالية لحين الوصول إلى اتفاق جديد، مشددا "لا نتوافق مع سياسة واشنطن المتبعة تجاه إيران والقائمة على التشديد الأقصى للعقوبات الاقتصادية"، معتبراً أنه "إذا ما نظرنا للتطورات في المنطقة فإن سياسة العقوبات الأميركية لن تؤتي أكلها، وتواصل طهران استخدام وسائلها ونفوذها في المنطقة للعب دور مزعزع للاستقرار ومفجّر للتوترات، كما يحدث في لبنان واليمن وسوريا، وهو الأمر الذي يؤثر بالسلب على حرية التجارة في منطقة الخليج العربي، لا سيما مرور النفط".

وقال المصدر الأول "لدينا اتفاق، وإيران جزء منه، وعلى الرغم من قصر مدته، إلا أنه الوثيقة الوحيدة الحالية التي يمكن من خلالها منع طهران من امتلاك قدرات نووية"، مضيفاً "لذلك فرنسا نشطة ومنخرطة في هذا الملف، وبين الحين والأخر يتواصل الرئيس ماكرون مع نظيريه الإيراني والأميركي"، معتبرا أن هذه الجهود لا يمكن إطلاق "وساطة عليها ولكن محاولة لإحداث توازن في الملف".

وتابع "قبل افتتاح قمة السبع الكبار في بياريتس بفرنسا (كانت في الفترة ما بين 24 إلى 26 أغسطس الماضي)، كان هناك لقاء غير معلن أو غير مرتب مسبقا تم بين الرئيس ماكرون ونظيره الأميركي دونالد ترمب للتأكيد على سير الأمور بسلاسة خلال أعمال القمة، وخلال عشاء قادة السبع في مساء اليوم الأول، تم بحث الملف الإيراني، وكان هناك إجماع على نقطتين محوريتين، الأولى عدم سماح قادة السبع والمجتمع الدولي لإيران أن تمتلك قدرات نووية عسكرية، والثاني العمل على أخذ كل الإجراءات من أجل خفض التصعيد والتوترات وعدم الاستقرار في الأوضاع الإقليمية بسبب سلوك ودور إيران"، مشيرا في الوقت ذاته "ما لم يتم مناقشته هو الحديث عن وساطة فرنسية".

ووفق المصدر نفسه، فإن "الجهود الفرنسية في الملف الإيراني، قادت إلى نزع فتيل التصعيد العسكري في مياه الخليج العربي والذي وصل ذروته في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، على وقع مهاجمة إيران لناقلات النفط في الخليج وإسقاطها لطائرة مسيّرة أميركية (درونز)".

انفراجة متوقعة

وبحسب مصادر دبلوماسية غربية تنخرط بلادهم في المباحثات الجارية مع إيران، فإن هناك توقعات أو ترجيحات أن تشهد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر والمقررة بعد نحو أسبوعين "انفراجة كبيرة بين واشنطن وطهران"، دون تسمية أو تعريف طبيعة هذه الانفراجة.

وذكر المصدر المطلع "من المبكر الحديث عن اجتماع بين روحاني وترمب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هناك شيء يلوح في الأفق، وبات أمامنا فجوة صغيرة نحو التوصل لاتفاق".

وتابع "باريس تبني خطوات ثقة، وما نحاول إيجاده هو شروط إيجابية، بحلول نهاية سبتمبر (أيلول)، وخلق ظروف إيجابية كي يتفق الإيرانيون والأميركيون على أمر ما، لملء الفجوة بين البلدين"، مضيفاً "ما تعمل عليه فرنسا، ومن ورائها أوروبا، هو عدم خرق إيران لتعهداتها في الاتفاق النووي والتعهد في المقابل بإيجاد وسيلة لجعل إيران تصدّر بعضا من نفطها لحاجات الغذاء والدواء لديها".

وتستمد إيران 80% من مواردها بالعملات الأجنبية من مبيعات النفط أو المشتقات النفطية. وتُسبب إعادة العقوبات عزلاً شبه كامل لطهران عن النظام المالي الدولي وتخسرها تقريباً كل زبائنها للنفط.

دبلوماسي غربي أخر، تحدث على ذات المنوال، وقال، إن وجود وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بياريتس على هامش قمة مجموعة السبع حيث حضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، "أكد احتماليات تقليل الفجوة بين طهران وواشنطن".

وتابع "ما نسعي لإيجاده هو تعهد واضح وميثاق من قبل إيران بعدم اللجوء إلى تخصيب اليورانيوم والمضي قدما نحو امتلاك قدرات عسكرية نووية، فضلا عن التأكيد على منع تدخلاتها في دول المنطقة المثيرة للاضطراب وعدم الاستقرار".

الدبلوماسي الثالث أوضح أن "ما يعرقل بعض الشيء مسار الوصول إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، هو الرسائل الخاطئة التي تصدر من إيران بشأن انتهاك الاتفاق النووي وتقليص التزاماتها، لكن تبقى المشتركات وحالة الضرورة التي تعيشها المنطقة مهمة لنزع فتيل أي تصعيد أو الوصول إلى ذروته في المنطقة"، متوقعا أن "يحدث شيء ما إيجابي يخصّ الملف الإيراني في الأمم المتحدة هذا العام"، من دون تسميته.

وأمس الأربعاء، منح الرئيس الإيراني القوى الأوروبية شهرين أخرين لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، لكنه حذر من أن طهران لا تزال تُعد العدة لمزيد من الإخلال ببنود الاتفاق في خطوة قال إنها ستحدث "آثارا هائلة".

وجاءت تصريحات روحاني بعد مؤشرات متضاربة من جانب مسؤولين إيرانيين ردا على اقتراح من فرنسا بفتح خطوط ائتمان بنحو 15 مليار دولار حتى نهاية العام إذا عادت طهران إلى الالتزام الكامل بالاتفاق.

وقال روحاني، خلال انعقاد مجلس الوزراء الأربعاء، إن الإعلان سيركز على "تفاصيل المرحلة الثالثة" من الاستراتيجية الإيرانية للحد من الالتزامات التي بدأتها في مايو (أيار)، وفق ما جاء في بيان للرئاسة الإيرانية، وذلك بعدما اعتبر أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها فرنسا لمحاولة تجنب التدابير الإيرانية الجديدة لن تنجح على الأرجح قبل الموعد النهائي الذي حددته طهران.

وأضاف البيان أن روحاني تطرق في جلسة مجلس الوزراء إلى سير المفاوضات مع أوروبا، وقال "على سبيل المثال إذا كانت هناك خلافات على عشرين نقطة، فاليوم انحصرت هذه الخلافات في ثلاث، لكننا لم نصل حتى الآن إلى الحل النهائي ومن المستبعد التوصل إلى هذا الحل على مدى اليوم وغداً، وبالتالي سنخطو الخطوة الثالثة في خفض التزاماتنا النووية"، كما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

وكانت "إرنا" نقلت، في وقت سابق عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قوله إن بلاده مستعدة للعودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي في مقابل حصولها على خط ائتماني بنحو 15 مليار دولار يتم التفاوض عليه حاليا مع الأوروبيين. لكن عراقجي أعرب عن شكوكه حيال إمكانية الموافقة على مثل هذه الخطة بحلول الموعد النهائي الذي حددته إيران لتخفيف العقوبات.

وردّت إيران بتدابير مضادة على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق فيينا الذي خفف العقوبات المفروضة عليها مقابل الحدّ من برنامجها النووي.

في الأول من يوليو (تموز) الماضي قالت إيران إنها رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى أكثر من 300 كيلوغرام، وهو الحد الذي يسمح به الاتفاق. وبعد أسبوع أعلنت أنها تخطت سقف تخصيب اليورانيوم المحدد بـ3.67%.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 30 أغسطس (آب) أن مخزون إيران من اليورانيوم يبلغ نحو 360 كيلوغرام، وأن فقط ما يزيد بقليل على 10% منه، تم تخصيبه بنسبة 4.5%.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات