Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لإنقاذ ما تبقى من البيئة الفلسطينية... مبادرات شابة للتخلص من البلاستيك

معدل استهلاك الفرد بين 400 و500 كيس سنوياً

تجنب وضع الخبز في كيس بلاستيك يخلص البيئة الفلسطينية من نحو مليون كيس يومياً (اندبندنت عربية)

وسط أكثر المناطق الفلسطينية فقراً وتهالكاً في البنية التحتية، في مخيم شعفاط شرق القدس وسط الضفة الغربية، تجتمع نورا مجاهد وعدد من رفيقاتها وجاراتها، ليقمن بخياطة حقائب مصنوعة من القطن الذي يعرف بقماش المنصوري. ولا تسعى المجموعة إلى بيع تلك الأكياس للمحال التجارية بغرض الربح المادي، بل هي خطوة ضمن مبادرة جديدة تدعم التوجه العالمي للتقليل من استخدام البلاستيك من خلال مشروع سيستمر لـ 3 سنوات سيساعدهنّ في زيادة دخلهنّ المادي وتعلم الخياطة والتصميم.

مشروع ممول من ائتلاف ضم مؤسسات دولية بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، يهدف لتحسين النظام البيئي، عبر استبدال الأكياس البلاستيكية التي يستخدمها أهالي مخيم شعفاط بأكياس أخرى قطنية، فالمخيم يجمع يومياً من 12 إلى 13 طناً من النفايات، عدا تلك التي تأتيه من خارج.

تروي مجاهد لـ "اندبندنت عربية" أن في "بداية المبادرة، كنت أهتم بمردودها المادي الذي سيحسن وضعي الاقتصادي، لكن بعدما تعرفت إلى مخاطر أكياس البلاستيك في حياتنا، ومدى خطورتها أصبحت أشعر أن لا بد من المشاركة في توعية المحيطين بي على تلك المخاطر. ولم يقتصر الأمر على تعلمي حرفة الخياطة وحياكة الأقمشة، بل أصبحت أهتم بتقليل استخدامي البلاستيك واللجوء إلى البديل منه، ومنح بيئة المخيم الذي يعاني من تكدس النفايات الصلبة، ظروفاً صحية يمكنني أنا وأولادي العيش فيها بأمان".

مبادرة "خليك صديقة للبيئة، بيكفينا بلاستيك" التي انطلقت من مخيم شعفاط أطلقتها شبكة المنظمات البيئية، بالشراكة مع سلطة جودة البيئة، بهدف التوعية بأهمية التقليل من استخدام الأكياس البلاستيكي، والتوجه كما دول العالم المتقدم نحو أكياس صديقة للبيئة بعد إدراك مخاطر البلاستيك الكيماوية، والمضرة للبيئة وما تسببه من أضرر للتربة والنباتات.

مبادرات ملهمة نحو التغيير

الأشهر الخمسة الأولى للمبادرة، وفق عبير البطمة منسقة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية، "تمكنت ثماني نساء في مخيم شعفاط من حياكة 5 آلاف كيس من القماش، منهنّ من تولّت مهمة الحياكة وأخريات احترفنَ قص الأقمشة وخياطتها، وبعدما كان إنتاجهنّ يومياً 50 كيساً فقط، ها هنّ بحبهنّ فكرة المبادرة وأهميتها، ينتجنَ أكثر من 250 كيساً من القماش يومياً، ناهيك بأنهنّ في كل يوم عمل يشعرنَ بأنهنّ منتجات في تحسين الظروف البيئية للمجتمع الفلسطيني، وعززن ثقتهنّ بأنفسهنّ، وأصبحنَ مستقلات اقتصادياً".

تتابع بطمة لـ "اندبندنت عربية" مبادرة أكياس القماش البديلة من البلاستيك وضمن مشروع تحسين الظروف الصحية والبيئية لمجتمع مخيم شعفاط، تم توزيعها على المحال التجارية مجاناً، "لحث وتوعية المواطنين على الابتعاد عن أكياس البلاستيك واستبدالها بأكياس صديقة للبيئة".

خطورة البلاستيك وضرره على البيئة والصحة، كانا الدافع لطبيبة الأسنان رند أبو شلبك (24 سنة)، لإطلاق مبادرة مماثلة بداية عام 2019، سمتها "احملها"، وتختلف عن غيرها من المبادرات بأنها تملك طابعاً جمالياً، يحث الجيل الشاب وخصوصاً الفتيات لاقتناء أكياس قماش بدلاً من البلاستيك، فهي مزيّنة برسومات وأشكال جميلة وبألوان زاهية تغريك باقتنائها.

تتحدث رند لـ "اندبندنت عربية" كيف "توسعت الفكرة، من توفير حقائب قماش جميلة للطالبات الجامعيات، إلى حقائب تهدف لأن تكون جزءاً من الحياة الاستهلاكية اليومية، والاستغناء عن أكياس البلاستيك، وأطمح اليوم لتسجيلها كعلامة تجارية فلسطينية، وأكثر ما يميز مشروعي بأنه برسومات يدوية، وليست رسومات جاهزة، وهي تعكس الذوق الخاص لكل من يريد اقتناءها، ولي صديقة فنانة في المشروع هي من يقوم بالرسم على تلك الأكياس التي تخرج في النهاية قطعة فنية تخدم البيئة".

مليون كيس بلاستيك يومياً

الاستهلاك المتزايد لأكياس البلاستيك في فلسطين، كان الدافع لسلطة جودة البيئة لدعم الجهود والحملات التي من شأنها الحفاظ على الصحة العامة والبيئة، إذ يقدر معدل استهلاك الفرد الفلسطيني لتلك الأكياس بين 400 و500 كيس سنوياً، فيما أظهرت بيانات وزارة الحكم المحلي الفلسطينية أن البلاستيك يشكل ما نسبته 14.6 في المئة من مجمل النفايات الصلبة البلدية في الضفة الغربية، وهي ثاني أعلى نسبة بعد النفايات العضوية.

ويعلن مدير التوعية والتعليم البيئي في سلطة جودة البيئة أيمن أبو ظاهر، عبر "اندبندنت عربية"، عن تنظيم حملات وأنشطة في الضفة الغربية حول الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وذلك للتوعية السليمة على طرق التخلص من النفايات الصلبة، وبالأخص أكياس البلاستيك التي تستخدم بكثرة لا سيما في المخابز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول "عندما اكتشفنا في عام 2000 أن أكياس البلاستيك ذات اللون الأسود تصنع من مخلفات زراعية أوقفنا تداولها، لكن غياب القرارات الرسمية حال دون التزام كثير من المخابز بقرار سلطة جودة البيئة، ونحن على وعي تام مثبت بالدراسات العلمية أن هناك مواد مسرطنة وسامة ستنتج من حرق الأكياس البلاستيكية، إضافة إلى ضررها الكبير على خصوبة التربة والمياه بسبب طول المدة التي تأخذها تلك الأكياس للتحلل، وتجنب وضع الخبز في كيس النايلون سيجنب البيئة الفلسطينية مليون كيس بلاستيك يومياً".

خطط قيد التنفيذ

في الوقت الذي تبحث المؤسسات الفلسطينية الرسمية عن حلول للمشكلات البيئية، مؤسسة المواصفات والمقاييس ووزارة الصحة الفلسطينية وسلطة جودة البيئة واتحاد الصناعات الغذائية كانت قد طرحت مجتمعةً أن الحد من الاستهلاك المتزايد لأكياس البلاستيك في الضفة الغربية سيحل بتحويل ثمن الكيس على المستهلكين، لكن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية وفق مسؤولين ستؤجل تنفيذ الخطة.

ويلفت حيدر حجة مدير مؤسسة المواصفات والمقاييس لـ "اندبندنت عربية" إلى "أهمية الصناعات البلاستيكية في فلسطين كونها ثاني أكبر قطاع صناعي في فلسطين، ولهذا ستكون القرارات في ما يتعلق بالحد من استخدام أكياس البلاستيك تدريجية، وسنعمل على وضع خطط عملية لإنتاج أكياس صديقة للبيئة من منطلق توقيع فلسطين لاتفاقية بازل (اتفاقية للتحكم بنقل النفايات الخطرة والتخلص منها)".

في 1 يناير (كانون الثاني) 2017، فرضت إسرائيل رسوماً نقدية على الأكياس البلاستيك في المتاجر والحوانيت، وعلى المستهلكين دفع 10 أغورات (نحو 0.03$) مقابل كل كيس، ومنعت توزيع أنواع معينة من الأكياس، ووفقاً لوزارة حماية البيئة الإسرائيلية، يستخدم كل إسرائيلي نحو 275 كيساً بلاستيكياً سنوياً، ما يعني استخدام بين مليارين و3 مليارات كيس بلاستيك سنوياً. ما دفع ببعض نشطاء البيئة في إسرائيل إلى المطالبة برفع الرسوم، على اعتبار أن 0.03$ ليست كافية لإحداث تغيير.

أصوات أخرى نادت بضرورة فرز النفايات البلاستيكية أو إعادة تدويرها بطرق سليمة للحد من ضرر البلاستيك والأكياس النايلون على البيئة الفلسطينية، بدلاً من فرض ثمن الأكياس على المستهلكين، فقطاع الصناعات البلاستيكية في الضفة الغربية، يضم قرابة 10 آلاف عامل، في 140 شركة مُصنعة، تورد 90 في المئة من منتجاتها للبلاستيك إلى إسرائيل وما تبقى للسوق المحلية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات