ملخص
علمت "اندبندنت" أن آلاف النساء في إنجلترا معرضات لخطر الأذى الشديد، نتيجة فشل قوى الشرطة في تسليم معلومات قد تنقذ حياتهن من مجرمين عنيفين.
علمت "اندبندنت" أن آلاف النساء في إنجلترا معرضات لخطر الأذى الشديد، نتيجة فشل قوى الشرطة في تسليم معلومات قد تنقذ حياتهن من مجرمين عنيفين.
وفي أحدث مثال معيب على تقاعس قوى الشرطة عن حماية النساء، تظهر بيانات رسمية أن أكثر من نصف الطلبات البالغ عددها 20,226 - التي يريد أصحابها إجراء تدقيق في خلفية مرتكبي اعتداءات أسرية محتملين - جرى رفضها خلال فترة ستة أشهر.
ويقول ناشطون إن الضحايا يواجهن تفاوتات في التعامل مع طلباتهن بما يشبه "يانصيب الرمز البريدي" Postcode Lottery، وذلك خلال بحثهن عن إجابات، بحيث حذر أحد الخبراء من أن الحجم الهائل لحالات الرفض في الإفصاح عن المعلومات، يعرض حياة نساء للخطر.
روبرت باكلاند، عضو البرلمان عن حزب "المحافظين"، طالب بإجراء مراجعة مستقلة على وجه السرعة، لمخطط الإفصاح المعروف بـ"قانون كلير"Clare’s Law (يتيح الاطلاع على سجل العنف الأسري للشريك)، الذي سمي على اسم كلير وود الامرأة التي قتلت في عامها الـ36 على يد صديقها السابق جورج أبلتون في عام 2009. وكان لأبلتون تاريخ غير معلن من العنف لم تعلم به كلير وود.
ومع تبلور صورة أكثر وضوحاً لنظام غير ملائم، تسبب في ترك آلاف النساء عاجزات عن الحصول على معلومات تتعلق بشركائهن، يمكن لـ"اندبندنت" أن تكشف عن الآتي:
• رفضت 56 في المئة من الطلبات المقدمة بموجب "قانون كلير"، والمتعلقة بمعرفة الخلفية الجنائية لأفراد، في الفترة الممتدة ما بين أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، ومارس (آذار) عام 2022، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن "مجلس قادة الشرطة الوطنية" National Police Chief’s Council (NPCC) .
• بعض قوى إنفاذ القانون تجعل نساء ينتظرن أشهراً بدلاً من أيام، لمعرفة ما إذا كان شريكهن لديه تاريخ في ارتكاب عنف ضد المرأة.
• انتقدت والدة امرأة قتلت على يد صديقها السابق الذي أساء معاملتها، أجهزة الشرطة لأنها خذلت ابنتها.
قالت هيلاري ستينشكومب لـ"اندبندنت" إن الإفصاح عن المعلومات بموجب "قانون كلير"، كان من الممكن أن ينقذ حياة ابنتها لورا مورتيمر البالغة من العمر 31 سنة، وحفيدتها إيلا دالبي، البالغة من العمر 11 سنة.
المرأة والطفلة تعرضتا لـ 42 طعنة داخل منزلهما في غلوستر في مايو (أيار) عام 2018، على يد كريستوفر بون، شريك لورا مورتيمر وزوج أم إيلا، الذي كان حكم عليه سابقاً بالسجن مع وقف التنفيذ من دون علمهما، وذلك قبل أشهر، بتهمة الاعتداء على شريكته السابقة ووالدتها، أمام طفلين.
السيدة ستينشكومب قالت إن الأسرة طلبت معلومات عن بون بموجب "قانون كلير"، لكن أجهزة الشرطة رفضت طلبها، مدعية على نحو غير صحيح أن طلباً من هذا النوع يجب أن يأتي مباشرة من الضحية.
ووصفت ما حصل بأنه "مثير للاشمئزاز"، قائلة إن "الشرطة أساءت فهم القواعد وحجبت عنا هذه المعلومات. ولو كنت أعرف أن في حقه إدانات سابقة، لما كنت سمحت له بالاقتراب من أطفال (لورا)، ولما كنت لأسمح له بالدخول إلى المنزل".
في مراجعة لحالات الوفاة هذه، تبين أن الشرطة فشلت في اتخاذ أي إجراء عندما هاجم كريستوفر بون لورا مورتيمر في عام 2014، على رغم علمها [الشرطة] بجرائمه السابقة. وكانت مورتيمر أبلغت الشرطة في البداية بأن بون اعتدى عليها، لكنها "لم تشأ التعاون مع الشرطة في اتخاذ إجراءات قانونية ضده".
وتدعي السيدة ستينشكومب أن ابنتها الأخرى توجهت بعد الهجوم إلى مركز الشرطة، طالبة الكشف عن معلومات تتعلق به بموجب "قانون كلير"، لكن طلبها رفض. وتقول والدتها إن ابنتها "كانت متأكدة من أن لديه إدانات سابقة - كما قال لها أحدهم - لكن أحداً منا لم يعلم ذلك حتى موعد المحكمة".
لكن شرطة غلوستر أشارت إلى أن مراجعة لجرائم القتل المنزلي والحالات الخطيرة كشفت أن أخصائية اجتماعية قد أبلغت السيدة مورتيمر بتاريخ زوجها في العنف المنزلي لكنها لم تبد أي قلق بشأن ذلك.
يشار إلى أن مخطط الإفصاح عن المعلومات، الذي قسم إلى نصفين، يمنح الضحايا وأحباءهم الحق في سؤال الشرطة عن الخلفية الجنائية للشخص المعتدي. ويعطي الجزء الثاني منه الهيئات العامة الحق في طلب معلومات عن الأفراد الذين يشعرون بأنهم يشكلون خطراً على النساء.
وفي تعليق على ما تقدم، أوضح متحدث بإسم "مجلس قادة الشرطة الوطنية"، أنه رفض طلبات بموجب "قانون كلير" يحدث عندما لا تكون هناك معلومات متاحة للكشف عنها حول المعتدي المحتمل.
لكن السير روبرت طالب الحكومة البريطانية بأن تتعاون مع "مجلس قادة الشرطة الوطنية" في تحديد شروط المراجعة، لضمان عدم رفض الطلبات المشروعة بشكل غير عادل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقوم أحد أجهزة الشرطة - وهو جهاز شرطة مقاطعة ويلتشير - بمراجعة آلاف الطلبات المتعلقة بعدم الإفصاح عن معلومات، التي كان من الممكن أن تحمي نساء تعرضن لخطر العنف الأسري. وأجريت المراجعة بعدما أثيرت مخاوف في شأن أحد الموظفين لديها. وقال متحدث باسم "المكتب المستقل لمراقبة سلوك الشرطة" Independent Office for Police Conduct (IOPC) (الذي يحقق في أخطر الشكاوى ضد أجهزة إنفاذ القانون، ويضع المعايير التي ينبغي للشرطة أن تتعامل بموجبها مع الشكاوى)، إن المراجعة المستقلة ما زالت مستمرة.
السير روبرت قال لـ"اندبندنت": "لدي بعض التحفظات على النظام القائم، وأسعى إلى الحصول على تطمينات بأن هذه الطلبات لا يجرى الاستهتار بها أو رفضها على عجل، وأنه ينظر فيها بجدية وبالدقة المطلوبة حتى لو لم يكشف عنها".
وأضاف: "أرى أن هناك ضرورة لإجراء مراجعة، من أجل ضمان اتباع العمليات بشكل صحيح، خصوصاً في ضوء ما حدث في ويلتشير. إن أي شيء يمكن أن يقوض الثقة في النظام، سينعكس سلباً على الذين يبذلون قصارى جهدهم لتجنب وقوعهم ضحايا للانتهاكات وسوء المعاملة".
وشدد على أن "الهدف الرئيس من هذا النظام هو تعزيز ثقة الأفراد، وإن أي انحراف عن هذا الهدف يأتي بنتائج عكسية، ويتعارض مع الهدف المقصود من النظام".
أليكس ديفيز جونز، وزيرة شؤون العنف الأسري في حكومة الظل "العمالية"، أعربت عن قلقها الشديد من الفرص الضائعة التي أدت إلى خسائر في الأرواح، ورفض نصف عدد الطلبات المقدمة بموجب مخطط الإفصاح عن المعلومات. وطالبت "مجلس قادة الشرطة الوطنية" بالتعاون مع قوى الشرطة من أجل ضمان "تطبيق نهج ثابت وصارم في هذه القضايا".
وأكدت جونز على وجوب أن "يضمن المخطط اغتنام كل فرصة لحصول الأفراد على حماية مبكرة ووقاية لهم، عندما يتعلق الأمر بالعنف المنزلي وسوء المعاملة"، مضيفةً أن "الفرص الضائعة تكلف أرواحاً، وضاع بالفعل كثير منها حتى الآن".
مفوضة العنف المنزلي في بريطانيا نيكول جاكوبس، رأت أن القانون يمكن أن يوفر معلومات من شأنها أن تنقذ حياة أشخاص، لكن رفض الطلبات يعني "إهدار فرص" لحماية الضحايا.
إيلي بات، من منظمة "ريفيوج" Refuge - وهي مؤسسة خيرية بارزة في مجال مكافحة العنف الأسري، وتتعاون بشراكة مع "اندبندنت" في هذا الإطار - لاحظت أن هناك كثيراً من الثغرات في مخطط الإفصاح عن المعلومات، منبهة إلى أن "قانون كلير" يمكن أن يعطي "انطباعاً زائفاً بالأمان عندما تحجب معلومات حيوية، أو يتغاضى عن تقديمها".
وقالت ريتشيل هورمان براون، المحامية في قضايا العنف المنزلي، إن عدم الكشف عن المعلومات المطلوبة بموجب "قانون كلير"، يمكن أن يعرض حياة نساء عدة للخطر. ولفتت إلى أنه في حين يحصل بعض من اللاتي يتلقين مساعدتها، على معلومات بموجب هذا القانون، فإن كثيراً من النساء الأخريات يواجهن الرفض في طلباتهن.
وأضافت: "يقال لهن في بعض الأحيان، ’بما أنه حصل انفصال عن الشريك، فلا حاجة لأن تعرفن أي شيء عنه‘. لكن في سياق العنف المنزلي، فإن الانفصال لا يكون سهلاً في الغالب، بحيث تعود النساء في كثير من الأحيان إلى الجناة".
وأوضحت أن "السبب يرتبط بالطبيعة المتلاعبة للجناة، مما يجعل الضحايا يشعرن بالإذعان لهم، والخوف منهم. لكن من غير المرجح أن يعود كثير من الضحايا للعيش مع شريك عنيف إذا كن على علم بتاريخه الإجرامي. إن التبرير من جانب الشرطة المتمثل في رفض تقديم معلومات، هو واه وغير مقنع".
الدكتورة شارلوت بارلو، المتخصصة في "قانون كلير" وقضايا العنف المنزلي، رأت أن تشريعاته تعمل بمثابة "يانصيب الرمز البريدي"، بحيث تخصص بعض المناطق أموالاً للمخطط أكثر بكثير من غيرها.
وذكرت الأكاديمية أن ضحايا العنف الأسري اللاتي تقابلهن ينتظرن أحياناً أشهراً قبل أن يكشف عن خلفية شركائهن، مشيرة إلى أن امرأة اضطرت إلى الانتظار خمسة أشهر، على رغم اتصالها بالشرطة مرات عدة.
يشار إلى أن أوقات الانتظار الموصى بها للإفصاح عن المعلومات المطلوبة، هي 28 يوماً. لكن الدكتورة بارلو ترى أنه، حتى هذه المدة، تعد طويلة للغاية.
لويزا رولف، مساعدة مفوض "شرطة العاصمة البريطانية" Metropolitan Police والمسؤولة عن قضايا العنف المنزلي في "مجلس قادة الشرطة الوطنية"، أشارت إلى أن "أجهزة إنفاذ القانون تحتاج إلى استشارة الوكالات المعنية بحماية المعلومات قبل الكشف عن أي بيانات. وفي حال أبلغت إحدى الضحايا عن تعرضها لإساءة محتملة أثناء العملية، ولم تكن هناك سجلات، فإن الشرطة تتعاون مع وكالات أخرى ذات صلة، لاتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية لهن".
متحدث باسم "شرطة غلوستر" أفاد بأن المراجعة التي أجريت في وفاة لورا مورتيمر وابنتها إيلا، خلصت إلى أن سياسة قوة الشرطة في ما يتعلق بتطبيق "قانون كلير"، كانت في السابق تسمح بالكشف عن الإدانات السابقة، للأفراد الذين ما زالوا ضمن العلاقة فقط.
وختم بالقول: "مع ذلك - منذ اعتماد التوجيه الحكومي القانوني في عام 2022 - قامت الشرطة الآن بتوسيع اعتباراتها، وبات في إمكانها الكشف عن المعلومات لشخص آخر، في ظروف معينة".
الخط الهاتفي الوطني للمساعدة في حالات العنف المنزلي، يقدم الدعم للنساء اللاتي يمكنهن الاتصال على الرقم 08082000247، أو زيارة الموقع الإلكتروني لمنظمة "ريفيوج" Refuge. ويوجد خط مخصص لتقديم المشورة للرجال من خلال الاتصال بالرقم 08088010327. ويمكن للمقيمين في الولايات المتحدة الاتصال بالخط الساخن الخاص بحالات العنف المنزلي على الرقم 7233-799-800-1. كما يمكن العثور على خطوط المساعدة الدولية الأخرى عبر الموقع الإلكتروني الآتي www.befrienders.org
© The Independent