قال مسؤول أميركي لـ"رويترز"، اليوم الإثنين، إن قرار إسرائيل سحب بعض قواتها من غزة هو على ما يبدو بداية تحول تدريجي إلى عمليات أقل كثافة في شمال القطاع الفلسطيني، على رغم استمرار القتال هناك.
وسحبت إسرائيل دباباتها من بعض أحياء مدينة غزة، اليوم، في الوقت الذي أعلنت فيه خططاً لتغيير أساليبها وتقليص عدد جنودها، لكن القتال احتدم في أماكن أخرى من القطاع وسط قصف مكثف.
وأضاف المسؤول "يبدو أن هذا هو بداية التحول التدريجي نحو عمليات أقل كثافة في الشمال، والتي كنا نشجعها، وهو ما يعكس النجاح الذي حققه الجيش الإسرائيلي في تفكيك القدرات العسكرية لحماس هناك. غير أنني أود أن أحذر من استمرار القتال في الشمال، وهذا لا يعكس حدوث أي تغيير (للوضع) في الجنوب".
من جهته قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري ليل الأحد / الإثنين إن الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة ستستمر طوال عام 2024.
وأضاف هاغاري "على الجيش الإسرائيلي أن يضع مخططاته مسبقاً لأنه سيطلب منا تنفيذ مهام ومعارك إضافية طوال هذه السنة".
وشدد على الحاجة المستقبلية إلى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين لمواصلة القتال، إلا أن عدداً منهم سيأخذ فترة استراحة من الحرب للاستعداد "لعمليات قتالية مطولة".
وأكد هاغاري أن "بعض جنود الاحتياط سيعودون إلى عائلاتهم ووظائفهم خلال هذا الأسبوع"، مما "سيمكنهم من استعادة قواهم للمشاركة في الأنشطة المستقبلية خلال العام المقبل (2024)". وأشار إلى أن الجيش يخطط لنشر قواته في الأشهر المقبلة للقضاء على "حماس".
ومنذ بدء العملية البرية في غزة في الـ27 من أكتوبر (تشرين الأول) قتل 172 جندياً إسرائيلياً داخل قطاع غزة، وفق الجيش، بينما أوقعت العمليات العسكرية الإسرائيلية حتى الآن 21822 قتيلاً في القطاع، معظمهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس".
وتشير إسرائيل أشارت إلى تحول وشيك في الخطط، إذ قال مسؤول اليوم الاثنين إن الجيش سوف يقلص قواته في غزة هذا الشهر وينتقل إلى مرحلة تستمر لشهور من عمليات "التطهير".
وقال المسؤول إن خفض القوات سيسمح لبعض جنود الاحتياط بالعودة إلى الحياة المدنية، مما يدعم الاقتصاد الإسرائيلي المتضرر من الحرب، مع توفير وحدات تحسبا لنشوب صراع أوسع في الشمال مع جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران.
على صعيد الجبهة اللبنانية قالت جماعة "حزب الله" على "تيليغرام"، اليوم الإثنين، إن ثلاثة من عناصرها قتلوا في جنوب لبنان.
ولم يذكر البيان تفاصيل عن كيفية مقتل الثلاثة، لكنه أشار إلى أنه مرتبط بالحرب الدائرة في غزة.
مرحلة جديدة للحرب
وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل تسحب بعض قواتها من غزة في إطار التحول إلى عمليات أكثر استهدافاً ضد حركة "حماس"، وتعيد قدراً من جنود الاحتياط إلى الحياة المدنية لمساعدة الاقتصاد مع دخول البلاد العام الجديد، الذي قد تستمر فيه الحرب لفترة طويلة.
وأضاف المسؤول إن الحرب ستستمر في القطاع الفلسطيني حتى القضاء على "حماس"، مضيفاً أن بعض الألوية الخمسة المنسحبة ستستعد لاحتمال احتدام القتال على جبهة ثانية ضد جماعة "حزب الله" في لبنان.
ومنذ شن الهجوم على غزة بعد هجوم "حماس" عبر الحدود في السابع من أكتوبر الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم خططوا لشن الهجوم على ثلاث مراحل رئيسة. وتمثلت المرحلة الأولى في القصف المكثف لفتح طرق لدخول القوات البرية ودفع المدنيين إلى الإخلاء والثانية في الغزو البري الذي بدأ في الـ27 من أكتوبر.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر هويته نظراً إلى حساسية الموضوع، إن الجيش الإسرائيلي يتجه صوب المرحلة الثالثة من الحرب بعد اجتياح الدبابات والقوات في الوقت الراهن جزءاً كبيراً من قطاع غزة، وتأكيد سيطرته إلى حد كبير على رغم استمرار المسلحين الفلسطينيين في نصب الأكمنة من الأنفاق والمخابئ المخفية.
وتابع المسؤول لـ"رويترز"، "سيستغرق ذلك ستة أشهر في الأقل، وسيتضمن عمليات تطهير مكثفة ضد الإرهابيين. لا أحد يتحدث عن إطلاق حمام السلام من الشجاعية"، في إشارة إلى منطقة في غزة دمرها القتال.
وإضافة إلى 1200 شخص قتلوا في هجوم السابع من أكتوبر احتجزت "حماس" نحو 240 رهينة. وتقول إسرائيل إنها عازمة على استعادة الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة وعددهم 129. وحفزت جهود الهدنة التي تتوسط فيها قطر ومصر احتمال إطلاق سراح بعضهم.
ويبدو أن هذا التحول يأتي استجابة للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، لمراجعة التكتيكات وبذل مزيد من الجهد لحماية غير المقاتلين.
تعزيز الاقتصاد
وعبأت إسرائيل 300 ألف جندي احتياط للحرب، أي ما يتراوح بين نحو 10 و15 في المئة من قوتها العاملة. وتم تسريح البعض بسرعة، لكن مصادر حكومية قالت إن ما بين 200 و250 ألف شخص ما زالوا يؤدون الخدمة العسكرية ويتغيبون عن الوظائف أو الدراسة.
وقال المسؤول إن اثنين من الألوية التي سيتم سحبها يتألفان من جنود احتياط. ووصف الخطوة بأنها تهدف إلى "إعادة تنشيط الاقتصاد الإسرائيلي". وذكرت وسائل إعلام محلية أن فرقاً عسكرية عدة منتشرة في أنحاء قطاع غزة.
وأضاف المسؤول أن بعض القوات التي انسحبت من غزة في الجنوب ستكون مستعدة للخدمة على الحدود الشمالية مع لبنان، حيث يتبادل مقاتلو جماعة "حزب الله" اللبنانية إطلاق النار مع إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين.
وحذرت إسرائيل من أنه إذا لم يتراجع "حزب الله" فإن حرباً شاملة تلوح في الأفق في لبنان. وتحظى كل من "حماس" و"حزب الله" بدعم إيران التي تنفذ جماعات مسلحة متحالفة معها في سوريا والعراق واليمن أيضاً هجمات بعيدة المدى ضد إسرائيل.
وقال المسؤول "لن يسمح للوضع على الجبهة اللبنانية بالاستمرار. إن فترة الأشهر الستة المقبلة هي لحظة حرجة"، مضيفاً أن إسرائيل ستنقل رسالة مماثلة إلى مبعوث أميركي يقوم برحلات مكوكية إلى بيروت.
طموح مبالغ فيه
وفي غزة، أحدثت الحرب بين إسرائيل و"حماس" دماراً غير مسبوق، وأعلنت وزارة الصحة عن مقتل ما يقارب 22 ألف شخص، كثير منهم من المدنيين. وتقول إسرائيل إنها قتلت أكثر من 8 آلاف مقاتل فلسطيني، وهو ما يشير إلى أن "حماس"، وفقاً لروايتها الخاصة، تحتفظ بعناصرها الأساسية. وكان التقدير الإسرائيلي قبل الحرب هو أن الجماعة تضم نحو 30 ألف مقاتل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت الماضي أنه سيسحب بعض جنود الاحتياط في إطار ما وصفه قائده الأعلى هرتسي هاليفي بأنه "إعادة تشكيل" للقوات.
وقال هاليفي للجنود الثلاثاء الماضي "منذ اللحظات الأولى لهذه الحرب قلنا إنها ستستغرق وقتاً طويلاً". وأضاف "هل سنتمكن في نهاية المطاف من القول إنه لم يعد هناك أعداء حول دولة إسرائيل؟ أعتقد أن هذا طموح مبالغ فيه، لكننا سنحقق وضعاً أمنياً مختلفاً آمناً ومستقراً قدر الإمكان أيضاً".
وقالت إسرائيل إن 174 جندياً - كثير منهم من جنود الاحتياط - قتلوا خلال المعارك في غزة فيما قتل تسعة آخرون على الحدود اللبنانية.
صواريخ تل أبيب
واستهدفت صواريخ عدة أطلقت من قطاع غزة تل أبيب ومحيطها وكذلك جنوب إسرائيل، تزامناً مع حلول العام الجديد الإثنين، بحسب ما أفاد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية.
ودوت صافرات الإنذار في المدينة الإسرائيلية، وتمكن الصحافيون في تل أبيب من رؤية صواريخ تعترضها أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية.
وسارع أشخاص كانوا يحتفلون بالعام الجديد في أحد الشوارع إلى الاحتماء، فيما واصل آخرون الاحتفال.
ووقع الهجوم على جنوب إسرائيل عند الساعة 00.00 بالتوقيت المحلي (22.00 بتوقيت غرينتش)، وعلى تل أبيب عند الساعة 00.01 (22.01 بتوقيت غرينتش)، وفقاً لصحافيي الصحافة الفرنسية.
وقال غابرييل زيملمان (26 سنة) للصحافة الفرنسية أمام حانة في تل أبيب إلى حيث أتى للاحتفال مع رفاقه "شعرت بالرعب، كانت أول مرة أرى فيها صواريخ، إنه أمر مرعب. هذه هي الحياة التي نعيشها، هذا جنوني".
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، مسؤوليتها عن الهجومين في شريط فيديو نشر على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنها استخدمت صواريخ أم 90 "رداً على المجازر الصهيونية في حق المدنيين".
وأكد الجيش الإسرائيلي الهجوم، من دون الإبلاغ في البداية عن وقوع إصابات أو أضرار.
يأتي ذلك في وقت لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البرية بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "حماس"، فيما يسود اليأس بين سكان قطاع غزة المحاصر الذين يعانون تداعيات الحرب اليومية.
تشجيع على الهجرة
ودعا وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الأحد إلى عودة المستوطنين اليهود إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، معتبراً أن فلسطينيي القطاع يجب أن يتم "تشجيعهم" على الهجرة إلى دول أخرى.
رداً على سؤال حول احتمال إعادة إقامة مستوطنات في قطاع غزة، قال سموتريتش في مقابلة مع الإذاعة العسكرية "لتحقيق الأمن، علينا السيطرة على القطاع. وللسيطرة عليه على المدى الطويل، نحن بحاجة إلى وجود مدني".
سحبت إسرائيل عام 2005 جيشها ونحو 8 آلاف مستوطن من قطاع غزة المحتل منذ عام 1967 في إطار خطة الانسحاب الأحادية التي قدمها رئيس الوزراء حينذاك أرييل شارون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر سموتريتش الذي يرأس حزب "الصهيونية الدينية" المنضوي في التحالف الحكومي الحاكم، أن على إسرائيل أن "تشجع" فلسطينيي غزة البالغ عددهم 2.4 مليون تقريباً على مغادرة القطاع.
وأضاف "في حال تحركنا بطريقة صحيحة استراتيجياً وشجعنا الهجرة وفي حال كان هناك 100 ألف أو 200 ألف عربي في غزة وليس مليونين، سيكون خطاب اليوم التالي (للحرب) مختلفاً تماماً".
وتابع "سنساعد في إعادة هؤلاء اللاجئين إلى حياة طبيعية في دول أخرى بطريقة مناسبة وإنسانية بالتعاون مع المجتمع الدولي ودول عربية مجاورة".
ودانت حركة "حماس" تصريحات سموتريتش باعتبارها "استخفافاً ممجوجاً، وجريمة حرب". وقالت في بيان إن الشعب في غزة "سيقف صامداً ومرابطاً في وجه كل محاولات تهجيره عن أرضه ودياره".
الأعلى منذ النكبة
في ظل استمرار القصف والمعارك البرية بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي حركة "حماس" في غزة أمس الأحد، ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع إلى 21822 قتيلاً منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأشارت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أمس الأحد إلى أن عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة هو "الأعلى منذ نكبة عام 1948".
وقال الجهاز في بيان له عشية بدء العام الجديد "مع نهاية عام 2023 وصل عدد السكان في قطاع غزة إلى 2.3 مليون فرد منهم 1.06 مليون طفل دون سن الـ18 يشكلون ما نسبته 47 في المئة من سكان القطاع".
وأضاف "بلغ عدد القتلى في فلسطين منذ بداية عام 22404 قتلى، منهم 22141 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر 2023، 98 في المئة منهم في قطاع غزة، منهم نحو 9 آلاف طفل و6450 امرأة".
وتابع البيان "بلغ عدد القتلى في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 319 قتيلاً، منهم 111 طفلاً وأربع نساء، كما قتل أكثر من 100 صحافي وفقاً لسجلات وزارة الصحة الفلسطينية، في حين بلغ عدد المفقودين الذين أبلغ عنهم في قطاع غزة أكثر من 7 آلاف، منهم 67 في المئة من الأطفال والنساء، كما نزح ما يقرب من مليون و900 ألف مواطن داخل القطاع بعيداً من أماكن سكنهم".
وتواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي بعد هجوم نفذته حركة "حماس" على البلدات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي على حدود القطاع قتل فيه 1200 شخص.
وشنت إسرائيل حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية طاولت آلاف المواطنين قالت إن معظمهم من داعمي وأعضاء حركة "حماس".
وذكر بيان الجهاز المركزي للإحصاء أنه "وفقاً لبيانات هيئة شؤون الأسرى والمحررين حتى نهاية عام 2023، بلغ عدد الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية نحو 7800 أسير حتى نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، من بينهم 76 أسيرة، و260 طفلاً، كما بلغ عدد المعتقلين الإداريين (المعتقلون من دون تهمة) 2870 معتقلاً".
وتستند إسرائيل إلى قانون بريطاني قديم يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة لمدة تتراوح ما بين ثلاثة وستة أشهر تكون قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.
واستعرض البيان أعداد الفلسطينيين وأماكن وجودهم حول العالم، مشيراً إلى أن عدد الفلسطينيين المقدر في نهاية عام 2023 بلغ نحو 14.63 مليون.
وأضاف البيان أن هناك 5.55 مليون داخل الأراضي الفلسطينية، يقيم أكثر من ثلثهم في قطاع غزة، ونحو 1.75 مليون فلسطيني في أراضي 1948، وما يقارب 6.56 مليون في الدول العربية ونحو 772 ألفاً في الدول الأجنبية.
دفاع إسرائيلي
من ناحيته دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "أخلاقية" الحرب في غزة، رافضاً اتهامات جنوب أفريقيا للدولة العبرية أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب "إبادة ضد الشعب الفلسطيني".
وأكد لدى بدء اجتماع لحكومته في تل أبيب أمس "سنواصل حربنا الدفاعية التي لا مثيل لعدلها وأخلاقيتها"، مؤكداً أن الجيش الإسرائيلي يتصرف "بأكبر قدر ممكن من الأخلاقيات" في قطاع غزة.
وكان نتنياهو قال في كلمة بثها التلفزيون أول من أمس السبت إن إسرائيل تقاتل على "جميع الجبهات" في حرب ذكر أنها "ستستمر أشهراً عدة حتى تحقيق النصر". وأضاف نتنياهو أن منطقة "محور فيلادلفيا" الحدودية بين غزة ومصر ينبغي أن تكون تحت سيطرة إسرائيل، معتبراً أنه "يجب إغلاقها، من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في تهديد نادر إنه قد يهاجم إيران مباشرة بسبب تبادل إطلاق النار شبه اليومي عبر الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، وأضاف من دون الخوض في تفاصيل "إذا وسع ’حزب الله‘ هذه الحرب، سيتلقى ضربات لا يمكنه تخيلها، وكذلك إيران".