Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجوع يصيب مزيدا من أطفال بريطانيا... فهل أصبح الأمر مقبولا؟

لا يندرج فقر الأطفال في لائحة "أولويات الشعب" الخمس الحالية التي يرفع ريشي سوناك رايتها، ولا يظهر كثيراً في أجندة كير ستارمر. بعد أكثر من قرن من الجهود الرائدة التي بذلها أمثال إدوين تشادويك وتشارلز ديكنز، هل يصبح ظاهرة ستستمر في المجتمع؟

اتخذت صحيفة "اندبندنت" قرار دعم جمعية "زاراتش" الخيرية (ويليام لايلي SWNS)

ملخص

عن أزمة الفقر التي تقض الأطفال حتى في مضاجعهم: هل يجوز أن يساق المجتمع إلى مزيد من الفقر بعد؟

ليس الفقر ظاهرة جديدة - هو مذكور في الكتاب المقدس، وفي نصوص قديمة أخرى - بل هي ظاهرة مستمرة. ربما لا يمكن القضاء عليه، لكن من الواضح أنه قابل للتخفيف، من خلال اتخاذ إجراءات صغرى وكذلك من خلال إجراءات حكومية كبرى. والفقر، قبل أي شيء، لا يزال غير مفهوم بصورة جيدة في تجلياته كلها.

إنه أحد الأسباب التي تقف وراء اتخاذ صحيفة "اندبندنت" قرار دعم جمعية "زاراتش" الخيرية، وتسليط الضوء على جانب معين من فقر الأطفال يحظى باهتمام أقل من معظم الجوانب: فقر السرير. أياً كان الموقف السياسي، يجب أن ينظر المرء إلى واقع مدهش، لا بل ومخز، ألا وهو افتقار نحو مليون طفل في المملكة المتحدة إلى سرير ينامون فيه واضطرارهم إلى مشاركة أحد أفراد الأسرة سريره أو النوم على الأرض.

إنها ظاهرة يمكننا معالجتها، وثمة تدابير أخذت بالفعل للتصدي لها. ومع ذلك، هي تثير السؤال التالي: بعد مرور أكثر من قرن على الجهود الرائدة التي بذلها أمثال إدوين تشادويك، وتشارلز ديكنز، وسيبوم راونتري، وعقود من الاهتمام، لماذا لا يزال فقر الأطفال منتشراً على نطاق واسع اليوم، وفي شكل فقر نسبي مقارنة بارتفاع مستويات المعيشة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعض الأسباب واضحة ومباشرة، فقد أدت المراحل الدورية من التقشف في ظل الحكومات كلها بغض النظر عن الحزب الذي شكلها إلى تآكل دولة الرفاه، وتقييد الحصول على منافع الضمان الاجتماعي، وخفض القوة الشرائية النسبية لتلك المزايا. كان أحد أكثر الأدلة العملية دراماتيكية على ذلك في السنوات الأخيرة هو إضافة 20 جنيهاً استرلينياً (25.5 دولار) إلى الائتمان الشامل الأسبوعي الذي دفع أثناء الجائحة، قبل إلغاء الزيادة، من دون مقاومة كبيرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

كثيراً ما هدف الائتمان الشامل إلى أن يكون موقتاً واستجابة خاصة على الكلف الإضافية الناجمة عن حالة طوارئ، تشير دراسة دقيقة أجراها معهد دراسات المالية العامة إلى أثره الفوري والواسع النطاق: "تمثل أثر الزيادة التي عمل بها لستة أشهر بين عامي 2021 و2022 في الحد من الفقر المدقع بين السكان جميعاً بنسبة 0.3 نقطة مئوية تعادل 0.6 نقطة مئوية إذا احتسبت على أساس سنوي (ما طاول 379 ألف فرد)".

وكان الأثر في فقر الأطفال أكبر من ذلك - نحو 0.9 نقطة مئوية، مما جعل الحياة أسهل للآلاف. وذهبت الـ20 جنيهاً الإضافية في الأسبوع إلى الأسر كلها، أي بما في ذلك العاطلون من العمل أو غير القادرين على العمل، واستفاد منها بصورة خاصة أولئك الذين لديهم أسر أكبر، بمعنى أن الجولات السابقة من التخفيضات كانت تميل إلى الإضرار بهم أكثر من غيرهم.

من ناحية، ساعدت الزيادة البالغة 20 جنيهاً، في شكل افتقر إلى الدقة لكنه كان فاعلاً، في تصحيح بعض التخفيضات السابقة في المزايا التي استهدفت الأطفال الذين يعيشون في المنازل الأكثر فقراً.

من الأمثلة على التخفيضات اتخاذ حكومة حزب العمال عام 1998 قراراً مخالفاً لروح الحزب بتخفيض علاوة الوالدين العزاب وإلغائها تدريجاً. ومن الأمثلة الأخرى قرار وزير المالية المحافظ جورج أوزبورن في موازنة عام 2015 بقصر الإعفاءات الضريبية المخصصة للأطفال على طفلين بالنسبة إلى الأطفال الذين يولدون بعد السادس من أبريل (نيسان) 2017 (ما لم تنطبق بعض الاستثناءات)، فلا تشمل كل طفل أو كل شاب.

تنطبق حجج مماثلة على تلك التجربة الأخرى في مرحلة كوفيد: تمديد تقديم الوجبات المدرسية المجانية إلى العطل المدرسية الذي اشتهر ماركوس راشفورد بمناصرته. وكان للخطوة أيضاً أثر مباشر في رفاه الأطفال، وإن كانت من الناحية التقنية لا تندرج من ضمن نظام المزايا، وتواصلت بعض التغييرات في الأهلية للتمديد.

على غرار فقر السرير، يعد فقر الأطفال إلى الأغذية - كماً ونوعاً - جانباً مهماً من الظاهرة القابلة للتخفيف بإجراءات مباشرة - الوجبات المجانية ونوادي وجبات الإفطار وكذلك من خلال مراكز توزيع الطعام والجمعيات الخيرية الأخرى المكرسة للحد من هدر الطعام (مثل "مشروع فيليكس" المبتكر، برعاية صحيفة "اندبندنت" أيضاً). يمكن أن تؤدي منافع الشبع لدى الطفل، على غرار النوم الجيد ليلاً، إلى مكاسب واسعة النطاق للغاية - يقظة أكبر في المدرسة، وصحة أفضل في شكل عام، وقوة أزيد.

يصف المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، وهو ليس جزءاً من جماعات الضغط التي تكافح الفقر، كيفية تحقيق التوازن الصحيح: "تنفق وزارة التعليم حالياً 470 جنيهاً سنوياً لصالح كل تلميذ في وجبات مدرسية مجانية مخصصة وفق قدرات أسرته". من ثم سيعني توسيع البرنامج ليشمل 800 ألف طفل إضافي تمويلاً إضافياً يبلغ نحو 400 مليون جنيه سنوياً، يزاد إلى أي نفقات في رأس المال مطلوبة لتوسيع مرافق المطابخ المدرسية.

"وعلى رغم أن هذا الإنفاق كبير بلا شك، لن يشكل سوى جزء صغير مما تنفقه الحكومة سنوياً على الرعاية الاجتماعية والتعليم، وسيوفر قيمة جيدة في مقابل المال، ذلك أن المنافع الاجتماعية الأوسع للبرنامج ستوفر من خلال تحسين النتائج التعليمية والصحية في نهاية المطاف أموالاً حكومية من طريق زيادة الأرباح المحتملة في المستقبل وتخفيف الضغوط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية. ومع ذلك، لا يجري دائماً احتساب هذه المنافع البعيدة الأجل في صورة جيدة من خلال عملية اتخاذ القرارات الحكومية في الأجل القريب".

بالتأكيد لا. بالطبع، كما يشير المعهد، هناك حجج مالية عامة واقتصادية أوسع حول المزايا وإعادة التوزيع وأثر "العبء" الضريبي في النمو الاقتصادي، وإنصاف الأسر العاملة، وحوافز العمل وما إلى ذلك - لكن من الجيد أيضاً الاعتراف بأن تعزيز المزايا بطريقة مستهدفة هو وسيلة سريعة لجعل الأطفال أكثر سعادة، ويمكن أن يكون منطقياً كاستثمار.

يشير هذا التفكير كله إلى أن العقبة التي تحول دون تخفيف فقر الأطفال بطريقة مباشرة وسريعة واضحة بالقدر نفسه: المقاومة السياسية. بصراحة، عندما يحين وقت الدفع، لا يصنف الناخبون البريطانيون فقر الأطفال كأولوية قصوى، ولا يثقون في قدرة الدولة على حله بكفاءة. وتميل هذه الشكوك إلى توجيه الأحزاب الرئيسة في اتجاه مماثل. تختلف الأمور في بلدان أخرى تتمتع بقدر أعظم من التماسك الاجتماعي، ولا سيما في مجتمعات أوروبا الشمالية، لكن التفضيلات المكشوفة للناخب البريطاني (أو ربما في شكل أكثر دقة الناخب الإنجليزي) واضحة منذ عقود عدة.

حاولت الحكومات المتعاقبة وضع فقر الأطفال في صلب بياناتها، لكن الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف والحد من الفقر يبدو أنها تستمر فقط ما دام الاقتصاد ككل يعمل بصورة جيدة.

يشير التاريخ إلى أن الأهداف الجريئة والنظرة الإيجابية لا تكفيان. وهكذا، وتماشياً مع التعهدات الانتخابية، أعلن رئيس الوزراء آنذاك، توني بلير، في مارس (آذار) 1999 التزامه "استئصال" فقر الأطفال في المملكة المتحدة بحلول عام 2020. كانت النية جدية للغاية، ولا شك في أنها كانت صادقة، إلى درجة أن وزير المالية، غوردون براون، أعلن نية حزب العمال تكريسها في القانون، على رغم أن هذا لم يحدث حتى عام 2010 عندما كان الستار قد بدأ يسدل بالفعل على حزب العمال الجديد، ثم جاء عصر التقشف وائتلاف المحافظين والديمقراطيين الليبراليين، الذي ركز على المالية العامة.

كان الهدف المتمثل في معالجة فقر الأطفال بارزاً قبل عام 2020 بوقت طويل. نشرت اللجنة المتخصصة في الحراك الاجتماعي وفقر الأطفال، برئاسة ألان ميلبورن، تقريرها السنوي الأول عن "حالة الأمة" في أكتوبر 2013. وخلص التقرير إلى أن هدف معالجة فقر الأطفال عام 2020 سيفوت على الأرجح بهامش كبير، وأن التقدم المحرز في الحراك الاجتماعي يمكن أن تقوضه المشكلتان المتمثلتان في بطالة الشباب وانخفاض مستويات المعيشة. وأسقط المحافظون هدف 2020 بهدوء بعد فترة وجيزة ويجري تجاهله الآن.

مثلاً، وجدت "مؤسسة القرار" أن موازنة عام 2022، وهي الأولى بعد الجائحة وهدفت إلى إصلاح المالية العامة (مرة أخرى)، ستدفع 1.3 مليون شخص - بما في ذلك نصف مليون طفل - إلى ما دون خط الفقر.

لذلك نعلم جميعاً أن عام 2020 حل وانقضى، ولم يجر القضاء على فقر الأطفال. والواقع أن الجانب السياسي في هذا المضمار لا يقل أهمية عن الجانب الاقتصادي، ويعطي دليلاً آخر على السبب الذي يجعل فقر الأطفال، مثله في ذلك كمثل الفقر عموماً، عصياً على العمل السياسي - ولماذا تدفع المؤسسات الخيرية، بغض النظر عن كفاءتها، إلى سد الفجوات.

الأمر الأكثر وضوحاً أن الإعلان عام 1997 عن هدف يتمثل بالقيام بأي إنجاز في غضون 23 سنة أشار إلى إفراط في التفاؤل، إن لم يكن السخرية، لأنه فاق بكثير العمر المحتمل حتى لإدارة حزب العمال الجديد التي كانت قد تجاوزت العقبات كلها في ذلك الوقت. سواء كان ذلك أفضل أم لا مقارنة بعدم وجود هدف يبقى أمراً قابلاً للنقاش. لكن ما هو غير قابل للنقاش هو أن فقر الأطفال، أو الفقر من أي نوع، لا يظهر في "أولويات الشعب" الخمس الحالية التي ينادي بها ريشي سوناك.

قد يجادل سوناك، بإنصاف إلى حد ما، بأن هدفيه الرئيسين المتمثلين في خفض التضخم وتنمية الاقتصاد سيساعدان أولئك الذين يعيشون في فقر، وكذلك ستفعل الزيادة الكبيرة في مدفوعات الضمان الاجتماعي وأمله العام في توسع الفرص. لكن فقر الأطفال، بحد ذاته، لا يظهر كثيراً في خطاباته - لم يذكر في خطابه خلال المؤتمر الحزبي، ولا في خطاب "التعهدات الخمسة" الرئيس في يناير (كانون الثاني) الماضي.

ولا يظهر الفقر كثيراً في أجندة كير ستارمر، بخلاف الحديث الغامض عن العدالة الاجتماعية. وزير العمل والمعاشات في حكومة الظل وقتذاك جوناثان أشوورث، قبل استبدال شخصية أخرى به، وهو رجل كان مقرباً من براون ولا يزال يحمل بعض الأعباء الأيديولوجية، تحدث عن أن التخلص من فقر الأطفال كان بالنسبة إليه "حملة قوية". وقال إن قصر مزايا الطفل على طفلين حداً أقصى كان في نظره أمراً "شنيعاً".

موقف ستارمر من هذه السياسة، سواء كانت شنيعة أم لا، هو أنها لن تتغير. وعدت ليز كيندال، بديل أشوورث، بـ"تقديم استراتيجية جريئة وجديدة وشاملة لإدارات الحكومة في شأن فقر الأطفال". لا توجد كلمات تنم عن "الاستئصال"، حتى بحلول عام 2040.

الحذر مفهوم. في اقتصاد يبدو عالقاً في معدل نمو منخفض، واستثمار منخفض، وأجور منخفضة، ودوامة مفرغة، تضاءلت الرغبة في إعادة التوزيع الجذري إلى حد كبير وتضاءل نطاقها. يشكل إصلاح الاقتصاد تحدياً أكبر من الإصلاح بغرض مكافحة الفقر. من ثم تبدو التوقعات في الأجلين القريب إلى المتوسط ضعيفة، أياً كان الحزب الذي سيدير بريطانيا.

في أحدث دراسة لها، تتوقع "مؤسسة القرار" بأن يسجل فقر الأطفال عام 2028 أعلى مستوى منذ عام 1999، مع وقوع 170 ألف طفل إضافيين في فقر مقارنة بعام 2022. وتضيف: "هذا الارتفاع تدفعه بالكامل الأسر الكبيرة: من المقرر أن يصل معدل فقر الأطفال لدى الأسر التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر إلى 55 في المئة في 2027-2028، وسيكون 77 في المئة من أطفال الأسر التي لديها أربعة أطفال أو أكثر في فقر بحلول 2027-2028".

إذا اقترضنا عبارة، فلا بد أن وضعاً كهذا يبدو شنيعاً بالتأكيد، وسيظل كثر يتساءلون عما إذا كان من الواجب تحمله. قد يكون الفقراء دائماً معنا، لكن ليس من الضروري دائماً دفعهم إلى أن يكونوا أكثر فقراً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير