Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحو العائلة الواحدة... كيف يؤثرون في نتيجة الانتخابات الرئاسية التونسية؟

هل يحسم تشتت أصوات الناخبين النتيجة لصالح العائلة السياسية الأكثر انضباطاً؟ 

ملصقات وصور المرشحين للرئاسة التونسية في شوارع العاصمة مع انطلاق الحملة الانتخابية في 2 سبتمبر 2019 (أ.ف.ب)

حتى يوم السبت 31 أغسطس (آب) 2019، تاريخ استنفاد آخر آجال لسحب الترشيحات للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، كان أغلب المراقبين للمسار الانتخابي الرئاسي في تونس ينتظرون أن تسفر المفاوضات والمشاورات الجارية بين المرشحين وأحزابهم والمبادرات التي أطلقت من قبل عدد من قوى المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والمستقلين، عن تنازلات بين المرشحين، خصوصاً المنتمين منهم للعائلة السياسية ذاتها، وسحب ترشحاتهم لصالح المرشح الأقرب سياسياً وفكرياً، والذي تتوفر فيه شروط النجاح.

ومن دون أي تنازلات تذكر، انطلقت اليوم الثاني من سبتمبر (أيلول) 2019، الحملة الانتخابية بـ26 متنافساً للوصول إلى قصر قرطاج، على أن تستمر حتى 13 سبتمبر.

العائلة الوسطية

وفي هذا السياق، يرى الصحافي والمحلل السياسي، خليفة شوشان، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "ما يطلق عليها العائلة الوسطية الديمقراطية، والتي أغلب رموزها انتموا سابقاً إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المحلول، يعلنون اليوم انتماءهم إلى المدرسة الدستورية، ولهم نصيب الأسد من المرشحين الذين وصل عددهم إلى ثمانية، وهم كلٌ من رئيس الحكومة المفوض لصلاحياته يوسف الشاهد، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، ووزيري الصحة والتربية السابقين سعيد العايدي وناجي جلول، يضاف إليهم كل من رئيس حزب البديل مهدي جمعة، وحزب مشروع تونس محسن مرزوق، ومستشارة رئيس الجمهورية السابق سلمى اللومي، ورئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي".

العائلة الإسلامية

ويضيف شوشان "العائلة الإسلامية أيضاً، وعلى خلاف ما تحاول إظهاره من تماسك وتوحد حول مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو، لم تسلم من التشتت، إذ نجد ترشحات موازية لكل من رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، وعضو مجلس الشورى المستقيل حاتم بولبيار، والقيادي النهضاوي السابق ورئيس حزب الرحمة الهاشمي الحامدي، ليصل العدد إلى أربعة مرشحين. وليس بعيداً عن العائلة الإسلامية يوجد ما يمكن أن نُطلق عليه التيار الثوري الذي يقاسمها القاعدة الانتخابية ذاتها، وقد عصفت به الانقسامات والتشتت، وهو ما عكسه تعدد الترشحات، ممثلة في الرئيس السابق محمد منصف المرزوقي، ورفيقه السابق في حزب المؤتمر الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو، والمحامي والناشط في روابط حماية الثورة المحلولة سيف الدين مخلوف، وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد".

العائلة اليسارية

كما يفيد المحلل السياسي بأن "العائلة اليسارية تعيش التشتت نفسه في الترشحات، فإلى جانب المرشح المتوقع للعائلة اليسارية حمة الهمامي، وجد جمهور الجبهة الشعبيّة المفككة نفسه أمام مرشحين اثنين، هما النائب في البرلمان عن الجبهة المنجي الرحوي، ورئيس حزب (تونس إلى الأمام) عبيد البريكي، ويمكن أن نضيف إليهم كلاً من الصافي سعيد ممثل اليسار العروبي والمدعوم من (حركة الشعب)، وإلياس الفخفاخ ممثل اليسار الاجتماعي والمرشح عن (حزب التكتل)".

مناخ ديمقراطي "مهتز"

وعلى خلاف ما يراه البعض، يعتقد الصحافي بدر السلام الطرابلسي أن "تعدد الترشيحات للرئاسة لا يعبّر بالضرورة عن مناخ ديمقراطي صحي، بل هو أقرب إلى المناخ الديمقراطي المهتز غير الثابت، وفي أفضل أحواله يمكن اعتباره إطاراً ديمقراطياً في مراحله الأولى".

وتابع الطرابلسي "كثافة الترشحات لن تكون نتائجها في صالح الرهان الديمقراطي، الذي تسعى البلاد لكسبه منذ حدوث الثورة، لأنها ببساطة ستعطي انطباعاً سلبياً، لا بل سيئاً للرأي العام الداخلي والخارجي، بأن تونس لم تستوعب جوهر الديمقراطية التي يدور رحاها على التنافس حول البرامج لا حول الأشخاص"، وأضاف "ستعطي أيضاً انطباعاً بأن المنافسة الديمقراطية في تونس هي في أساسها منافسة زعامات ومصالح لا منافسة برامج ورؤى لتنمية البلاد وإصلاحها، والأهم من ذلك إيجاد حلول لأزماتها المتراكمة".

تشتت الأصوات

أما النتيجة الثانية لكثافة الترشيحات للانتخابات الرئاسية من داخل العائلات السياسية ذاتها، ستكون "تشتت الأصوات الانتخابية"، بحسب الصحافي "خصوصاً داخل ما يسمى العائلة الوسطية الحداثية الدستورية أو العائلة الحداثية الديمقراطية، إذا ما أردنا توسيع نطاقها لتشمل المرشحين عن التيارات اليسارية، في مقابل طبعاً عائلة الإسلام السياسي"، وهي تعتبر عائلة انتخابية بامتياز إذا ما حسبنا عليها المنصف المرزوقي وسيف الدين مخلوف وقيس سعيد، إلى جانب مرشحيها عبد الفتاح مورو وحمادي الجبالي.

كما يعتقد الطرابلسي أن "النتائج الانتخابية ستكون وخيمة منذ الدور الأول، خصوصاً بالنسبة إلى العائلة الوسطية التي تضم مرشحين عن النظام السابق وعن أحزاب جديدة ولدت في فلكهم".

"هذا الأمر ممكن أن يحسم نتيجة الانتخابات في الدور الأول لصالح الإسلاميين، العائلة السياسية الأكثر انضباطاً في مثل هكذا مناسبات انتخابية"، على حدّ قول الصحافي التونسي، "وربما أيضاً، وهو احتمال أضعف، أن يؤثر هذا التشتت على هذه العائلة السياسية لتذهب نتائج الانتخابات في صالح اليمين المتطرف الشعوبي، الذي تمثله عبير موسي أو لصالح مرشح التيار الشعبوي نبيل القروي".

المقبولية و"الكاريزما"

من جهة أخرى، يقول القيادي في "الجبهة الشعبية" وأمين عام "حزب الطليعة"، أحمد الصدّيق "قناعتي أن تعدد المرشحين من العائلة نفسها ليس له التأثير الكبير في الانتخابات الرئاسية، على الرغم من أنه لن يسمح بتجميع عدد هائل من الأصوات"، موضحاً أن "المحدد ليس فقط اللون السياسي أو الفكري أو الأيديولوجي بل المقبولية والكاريزما لدى الشخص، أي العوامل المختلفة المحددة في اختيار رئيس الجمهورية"، وتابع "في كل دول العالم ليس الانتماء إلى عائلة سياسية معينة وإنما الشخص في حد ذاته يسهم في تحديد نتيجة الانتخابات، لذلك يجب ترشيح الأفضل من حيث الكفاءة والقدرات الاتصالية والمقبولية عند كل عائلة سياسية، لضمان أصوات أكثر".

كما يعتقد الصدّيق أن "أسطورة تشتيت الأصوات في الانتخابات الرئاسية خاطئة تماماً، على الرغم من خسارة بعض الأصوات المتمسكة بشخص معين مثل التمسك بمرشح اليسار السابق (حمة الهمامي)، المرشح الذي لم يعد محل إجماع".

واعتبر أمين عام "حزب الطليعة" أن "تشتت الأصوات يمكن أن يؤثر أكثر في الانتخابات التشريعية أو الانتخابات البلدية"، ورأى أنه في "الانتخابات الرئاسية الشخص المرشح هو المحدد حتى لو تعدد مرشحو التوجه الواحد".

وبخصوص عدم اتفاق اليسار التونسي على مرشح واحد، يقول القيادي في "الجبهة الشعبية"، "في الأساس، الأزمة التي تعيشها الجبهة الشعبية منذ أشهر، سببها إصرار المرشح السابق (حمة الهمامي) على الترشح، وكان هناك تقييم وتقدير بين مختلف مكونات الجبهة بأنه لا يمكن أن تسلم الجرة كل مرة، نظراً لتصور الناخب بأنه من الأفضل أن يتقدم مترشح آخر باسم (اليسار) أو (الجبهة الشعبية)، يكون أصغر سناً وأكثر تجربة، وبالتالي اخترنا منجي الرحوي".

المزيد من العالم العربي