Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح عبد المهدي في استعادة قصور صدام حسين من السياسيين العراقيين؟

مجمعات حكومية فخمة أنشئت قبل عام 2003 واستولى عليها ساسة ومسؤولون بلا مقابل

رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي (المكتب الإعلامي)

لا يفوّت معظم الساسة العراقيين فرصة للعن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ودكتاتوريته، لكنهم بعد مرور نحو 17 عاماً على إسقاطه، ما زالوا يسكنون في القصور التي شيدها، بعدما استولوا عليها إثر عودتهم إلى العراق في أعقاب الغزو الأميركي الذي أطاح النظام البعثي السابق.

لم يدع صدام حسين موقعاً سياحياً في العراق إلا وأنشأ فيه منتجعاً متكاملاً، يشتمل على قصور رئاسية ومنازل لكبار مسؤوليه ومواقع بديلة لإدارة الدولة. وعلى الرغم من تعرض كثير من هذه المنتجعات إلى القصف خلال حربي 1991 و2003، إلا أن كثيراً من منشآتها خرجت سالمة، لتتحول إلى مجمعات مغلقة يسكنها مسؤولو النظام الجديد.

تعود ملكية جميع هذه القصور والمباني إلى الدولة. بالتالي، على شاغليها أن يدفعوا لقاء استخدامها، لكن عملية وضع اليد، غير القانونية، أتاحت للمسؤولين بعد عام 2003 الاستفادة من هذه القصور، بلا مقابل.

يعد هذا الملف أحد مصادر الجدل الشعبي المستمر. إذ تتعرض الأحزاب والقوى السياسية، التي تسيطر على أملاك حكومية خلافاً للقانون، لانتقادات جماهيرية مستمرة، وتتهم باستغلال المال لتحقيق مصالح خاصة.

تحرير بغداد من الكتل الكونكريتية

منذ توليه المسؤولية العام الماضي، تبنى رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي حملة واسعة لتخليص العاصمة بغداد من الكتل الكونكريتية العملاقة التي نشرت حول المباني الحكومية ودور المسؤولين والمواقع الحساسة منذ عام 2003 لحمايتها من الهجمات التي شاعت في البلاد.

لم يكن أحد من سكان بغداد يعتقد أن هذه الحملة ستطاول المنطقة الخضراء المحصنة، وسط العاصمة العراقية. لكن عبد المهدي وفى بعهوده، إذ أزيلت هذه الكتل من محيط أشد المجمعات الحكومية حساسية، حتى بات بإمكان السكان أن يمروا بجانب مبنى البرلمان أو مجمع ضيافة رئاسة الوزراء، ويشاهدوا ولو من بعد، جدران السفارة الأميركية.

سمحت هذه الحملة الواسعة، لسكان بغداد بالتعرف إلى بعض أجمل وأفخم القصور الرئاسية التي شيدها صدام، وصارت في ما بعد منازل لكبار مسؤولي النظام الجديد.

على سبيل المثال، يقتطع رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري جانباً حكومياً ساحراً من المنطقة الخضراء، يدعى "البندقية"، نسبة إلى مدينة فينيسيا الإيطالية. وعلى الرغم من أن الجعفري لم يخدم في موقع رئيس الوزراء سوى أشهر عدة، إلا أنه لا يزال يسيطر على الموقع نفسه، الذي يطل على دجلة، من دون أن يدفع فلساً واحداً للدولة.

وليس بعيداً من "البندقية"، يقيم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي حكم العراق بين عامي 2006 و2014، في مجمع حكومي فخم، مكون من أجنحة عديدة، قسمت بين مكاتب للعمل السياسي، وأخرى للسكن الشخصي. وعلى الرغم من أن هذا المجمع خصص لرئيس الوزراء، إلا أن المالكي رفض مغادرته، حتى بعد خروجه من المنصب.

وفي موقع مجاور، لا يزال رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي يحتفظ بالقصر الرئاسي الذي كان يشغله عندما كان في موقع المسؤولية. وحاول رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي إخراج العبادي من هذا القصر، لتحويله إلى مكتب للعمل، إلا أن جهوده باءت بالفشل، بسبب وساطات سياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يتوقف الأمر عند رؤساء الوزراء السابقين، بل يمتد إلى رؤساء مجلس النواب السابقين أيضاً. إذ يرفض رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري مغادرة المجمع الحكومي الواسع وسط المنطقة الخضراء. ما دفع خلفه محمد الحلبوسي إلى البحث عن مكان آخر للإقامة.

في الجانب المقابل للمنطقة الخضراء، حيث تقع منطقة الجادرية الراقية، تبرز مجموعة من القصور الفارهة، تعود إلى حقبة صدام كذلك، حيث يقيم زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، إلى جوار زعيم منظمة بدر هادي العامري. بل إن رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي، يقيم هو الآخر في قصر حكومي فخم، على الرغم من أنه قضى سنوات عديدة خارج الخدمة العامة.

ينطبق هذا الحال على كثير من الساسة البارزين والوزراء السابقين، الذين سيطروا على مبان عائدة للدولة ولكنهم يرفضون إخلاءها أو دفع مقابل إشغالها.

لجنة رفيعة لإزالة التجاوزات

مؤخراً، عاد عبد المهدي إلى فتح هذا الملف وشكل لجنة حكومية رفيعة المستوى، يرأسها سكرتيره العسكري الخاص.

تقول مصادر حكومية مطلعة إن عبد المهدي يسعى إلى استكمال خططه بشأن تحرير العاصمة العراقية من المناطق المغلقة، وهو ما يتطلب تفكيك مجمعات حكومية كبرى، يشغلها مسؤولون وساسة.

تضيف المصادر أن رئيس الوزراء طلب مفاتحة الشخصيات الحكومية والسياسية التي تشغل المباني العائدة للدولة بشكل غير أصولي، لإخلائها أو التعاقد مع الجهات المختصة على استمرار البقاء فيها لقاء مبالغ تحدد وفق السائد في السوق.

ويمكن أن يشكل العائد من تأجير هذه المباني رافداً إضافياً كبيراً للخزينة العامة، لكن المضي في تنفيذ هذا التعهد يتطلب شجاعة خاصة من رئيس الوزراء.

ويرى مراقبون أن جميع الساسة والمسؤولين الذين سيطلب منهم إخلاء عقارات الدولة أو الدفع لقاء إشغالها سيفسرون الأمر على أنه استهداف شخصي.

ويرتبط مستقبل هذا الملف بتوقعات متشائمة. إذ ينظر إلى الدولة على أنها عاجزة عن مجاراة النفوذ الهائل الذي تتمتع بها أحزاب وشخصيات سياسية وحكومية، عملت على تعزيز مواقعها طيلة أعوام.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي