Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليست كل مواقف ترمب إزاء الشرق الأوسط... مخطئة

خلال إحدى فعاليات صحيفة الإندبندنت أبديت رأياً قد لا يعجب كثيرين.

صورة للرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحفيين خارج البيت الأبيض (رويترز)

لماذا يتحدث الجميع عن دونالد ترمب؟
إن كونه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية ليس ما يجعله محطّاً للحديث والاهتمام، بل سياسته الخارجية التي يسيء كثيرون فهمها.
كنت أجيب عن بعض الأسئلة المتعلّقة بمستقبل الشرق الأوسط خلال اجتماعٍ أجرِيَ مساء يوم الثلاثاء للمشتركين في صحيفة الاندبندنت عندما طرح عليّ أحدهم سؤالاً عن أثر سياسة الرئيس ترمب في المنطقة، وهو سؤالٌ غير مفاجئ.
وقد لا يكون انطباعي في محله، ولكنني أعتقد أنّ الشخص الذي طرح هذا السؤال المهم والمنطقي كان ينتظر إجابةً ساخرة تدين ترمب وسياسته.
فهذا ما اعتدناه، أليس كذلك؟

فبمجرّد كتابة الرئيس الأميركي لتغريدةٍ، بغض النظر عن موضوعها، ستبدأ وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم بالسخرية منه. فسواء تحدّث عن كندا أو أفغانستان سيتلقى ترمب كمّاً هائلاً من الهجوم والانتقادات للسياسة الخارجية التي يتبعها. وغالباً ما يكون سيل الانتقاد والتنديد في محله، ولكنه لا يصح في الأحوال كلها.
فعلى الرغم من أنّ ترمب كان محقّاً في العديد من الأمور والمواقف السياسية، فإنّ النقاد ينسون هذه المواقف بسبب حكمهم المسبق عليه واستبعادهم احتمال أن يكونوا هم المخطئين في نقدهم...

فمثلاً، سياسة ترمب في عدد من الدول، منها كوريا الشمالية وروسيا وسوريا تبرهن أنّ لسياسته الخارجية جانباً إيجابياً لا يمكن إنكاره، بغض النظر عن الطريقة غير التقليدية التي يعبّر فيها عن رأيه.
فعلى سبيل المثال، مع أن المفاوضات التي أجراها ترمب مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون لم تجرِ كما يريد الرئيس الأميركي تماماً، فإن احتمال الحرب في شبه الجزيرة الكورية تراجع خلال ولايته الرئاسية عما كان عليه في عهد سلفه.
وتصوِّر وسائل اعلامية إخبارية كثيرة أيّ تواصلٍ بين ترمب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أنه خيانةٌ للغرب، لكن من المهم ألا ننسى أن روسيا تملك أسلحةً نووية قادرة على تدمير العالم برمته. وعليه، لا شك في أن رفض ترمب التحدّث إلى الرئيس الروسي، وهو يستطيع الضغط على الزر النووي وتدميرنا في أيّة لحظة، يفتقر الى الحكمة.

لنسلّط الضوء قليلاً على قرار ترمب في ديسمبر (كانون الأول) المنصرم، سحب القوات الأميركية من سوريا، وهو أمر استنكره الجميع، من أكثر الديمقراطيين ليبرالية إلى أكثر الجمهوريين تطرفاً. وأشاروا من عليائهم الى افتقار القرار الى الاخلاق، لكنّ أياً منهم لم يقدم حلّاً بديلاً، زاعمين أن الوضع الراهن مستقّر ومستدام، على خلاف واقع الحال.
فدور أميركا صغير في سوريا حيث هزمت، إلى حد كبير، القوّات الكردية التي تدعمها واشنطن تنظيم داعش. وعلى الرغم من أن مناصب السياسة الخارجية في واشنطن تنكر هذه الهزيمة فإن داعش يسيطر الآن على جزءٍ صغير من مدينة هجين الواقعة في شرق سوريا، فيما كان يحكم في السابق دولة قوية يعيش فيها 8 ملايين نسمة تمتد من أطراف بغداد إلى البحر الأبيض المتوسّط. أجل، من الواضح أنّ تنظيم داعش لن يرفع راية الاستسلام، لكن ما حصل هو أقرب الى الهزيمة.
وبعض الأهداف الأميركية في سوريا، على غرار تقويض النفوذ الإيراني وإضعاف الرئيس بشار الأسد، لا يمكن بلوغها وهي ليست سوى ذريعة لمواصلة هذه الحرب المدمرة. ومن الواضح أن مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن وهي تتحدر من الحرب الباردة على الاتحاد السوفياتي، سعيدة بما يجري (الردّ السلبي على خطوة ترمب)، وتدين نجاح ترمب في الخروج من الطريق المسدود.
وتمس الحاجة إذ تنسحب أميركا، إلى منع تركيا من شن هجومٍ على القوات الكردية في سوريا. والسبيل الوحيد الى ذلك، إذا ما حصل، هو إبرام الأكراد صفقة مع دمشق وعودة الجيش السوري الى الحدود السورية- التركية.  
ومع أن الأمور قد لا تسير على المنوال هذا، فإن مقاربة ترمب أكثر واقعية من مقاربة الأطراف الأخرى التي ترفض قراره وترى أنه غبي وخطير.

وقد يكون الهجوم اللفظي الذي يتعرّض له ترمب شديداً، إلّا أنه رئيس انعزالي أصيل لم يشن أي حرب - وهذا إنجاز لا يُستخف به.
 

© The Independent

المزيد من آراء