Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تستعد الجزائر لخلافة بوتفليقة؟

هيئة الحوار تتحضر لتقديم مشروعي نصين حول السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات والقانون العضوي

أحد المتظاهرين يلوح بالعلم الجزائري خلال تظاهرة مناهضة للطبقة الحاكمة في العاصمة يوم 30 أغسطس 2019 (أ.ف.ب)

 

تستعد هيئة الحوار والوساطة في الجزائر لإطلاق ورشتي عمل هيئة الإشراف على انتخابات الرئاسة أو القانون العضوي للانتخابات بشكل يجعل هيئة الإشراف مسؤولة عن دراسة ملفات المرشحين بدلاً من المجلس الدستوري.

ومن منظور الغالبية العددية، تفاخرت هيئة الحوار والوساطة بعدد الشخصيات والمنظمات المدنية التي التقتها منذ بدء مشاوراتها حول كيفية تنظيم الرئاسيات المقبلة، وقالت إنه "جرى اللقاء مع حوالى 300 تنظيم جمعوي، ومبادرات وجلسات حوار من قبل أفراد شارك فيها ما يقارب ثلاثة آلاف شخص".

وقال مدير ديوان لجنة الحوار والوساطة السعيد مقدم، خلال مؤتمر صحافي، إن "الهيئة تستعد لتقديم مشروعي نصين حول السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات والقانون العضوي للانتخابات".

وأضاف في السياق ذاته، "من خلال لقاءاتنا المختلفة أجمعنا على ضرورة التوصل إلى التوافق الوطني حول مخرجات الأزمة، والتعجيل في إضفاء الشرعية على السلطة من خلال التعجيل في تنظيم الانتخابات الرئاسية بأقرب وقت، هذه النتائج الأولية من جولات الحوار والوساطة".

الغالبية بدل الإجماع

كثيرون هم من شبهوا منطق هيئة الحوار والوساطة، بلجنتي حوار سابقتين أطقلهما الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لكنه اعتمد منطق الأغلبية وفق حسابات الأحزاب والمنظمات التي نشأت في عهده، وفي الغالب يقودها منطق الولاء، في غياب إجماع حول تلك الإصلاحات السياسية التي أثبتت قصورها لاحقاً.

ولعل القول بـ "استنساخ هذه التجربة" هو رفض أحزاب علمانية ضمن "قوى البديل الديمقراطي" أي اقتراب من عمل هيئة الحوار والوساطة. ويختلف الرأي هنا بين مراقبين على أساس أن كثيراً منهم يقول إن هذا التكتل "البديل الديمقراطي" لا يمثل إلا أقلية منتخبة في البرلمان والمجالس المحلية.

الترشح أمام لجنة الإشراف

من باب التبعات التي ورثها الجزائريون عن المجلس الدستوري الذي "تغافل" متعمداً، بحسب هؤلاء، الوضع الصحي للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حينما قبل ملفي ترشحه للانتخابات على التوالي عام 2014 و2019، وتعهدت هيئة الحوار بدراسة مدى مطابقة ملف الترشح مع الدستور بين أيدي لجنة مستقلة للإشراف على الرئاسيات، وسحب ذلك من اختصاص المجلس الدستوري.

وعلمت "اندبندنت عربية" أن الترشح للرئاسيات سيجري مراجعته بشكل جذري، وفق تصور هيئة الحوار والوساطة، أمر فرضته "مهازل" سابقة أمام بوابة وزارة الداخلية إثر تقدم "من هب ودب" بملف ترشحه، ليكتفوا فقط بشرط تجاوز الـ 40 سنة والجنسية الجزائرية.

وذكر بوزيد لزهاري، وهو متخصّص قانوني يشارك في قيادة هيئة الحوار والوساطة أن "الهيئة متمسكة بهذا المطلب، لأنه سيعطي ثقة ومتنفساً كبيراً للمرشحين في نزاهة نتائج الرئاسيات وحتى للشعب. فمن بين أهم المطالب الشعبية التي رفعت طيلة الأشهر الستة من الحراك، هي محاربة الفساد ونزاهة الانتخابات". وكشف أن "اللجنة القانونية للهيئة بدأت في إعداد هيكل القانونين، قانون السلطة المستقلة وتداعياته على القانون العضوي للانتخابات".

ويعتقد أن الهيئة قد تقترح استباق توافر شروط الترشح قبل إبداء النية وليس بعدها، بمعنى أن يظهر المرشح المفترض جمعه حوالى 60 ألف توقيع من 25 محافظة على الأقل، وهو شرط كان يعقب إبداء نية الترشح ويُجسد على مستوى المجلس الدستوري، لذلك فإن بداية العملية الانتخابية ستكتفي ببضع عشرات من المرشحين القادرين على توفير هذا الشرط بدل المئات، كما حدث في رئاسيات أبريل (نيسان) 2019.

المعاملة المتساوية

ويشكل موضوع "الرئيس المرشح" أو "مرشح الإجماع" ملف نقاش لم يجرِ الفصل فيه بعد بين أعضاء الهيئة ولا بين الأحزاب السياسية. فالأمر يخص المعاملة "التفضيلية" التي كان يحظى بها "الرئيس المرشح" في الحملات الرئاسية السابقة، سواء بانخراط أجهزة الدولة في دعمه، أو حصوله على تمويل "غير مراقب" من كبار رجال الأعمال، بل وأيضاً تفضيل حملته من قبل وسائل الإعلام الحكومية وحتى الخاصة منها.

لذلك، يجري نقاش آلية مراقبة حدود التمويل المذكورة في قانون سابق لكنها لم تُطبق بتاتاً، ويفرض القانون حداً معيناً من التمويل لا يمكن تجاوزه.

البرلمان في الموعد

ويمكن توقع انتقال هذه النقاشات القانونية إلى داخل البرلمان بدءاً من يوم الثلاثاء الثالث من سبتمبر (أيلول) 2019، إذ سيفتتح المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة أشغال دورته السنوية، وليس على أجندته غير القوانين التي ستنظم الرئاسيات، لجنة الإشراف والقانون العضوي للانتخابات، وأيضاً قانون المالية لعام 2020، وهو ضرورة ملحة لضبط موازنة البلد للعام المقبل.

وتسيطر الموالاة (التحالف الرئاسي سابقاً) على الغالبية في المجلس، لذلك سيكون لها دور كبير في إنجاح أو إفشال القوانين المعروضة عليها، مع أن مجرد ذكر اسم التحالف الرئاسي هو عامل مقوّض ضد وعود النزاهة الانتخابية.

ويمكن ملاحظة "عملية تسريع" واضحة لعمل هيئة الحوار والوساطة بالتوازي مع تحضيرات البرلمان، لإنهاء النقاشات القانونية سريعاً. كل هذا يوحي بـ "قرار ما" يقول بضرورة إجراء الرئاسيات قريباً. وتأمل السلطة الحاكمة حالياً في أن "تتخلص" من عبء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام الحالي، ففي حال طي ملف القوانين الناظمة فيكون لرئيس الدولة متسع من الوقت لا يتجاوز الثلاثة أشهر قبل نهاية العام، لاستدعاء الهيئة الناخبة.

المزيد من العالم العربي