على وقع تقدّم قوات النظام السوري وحلفائه في محافظة إدلب شمال غربي سوريا على حساب الفصائل المسلّحة المعارضة، أعلن الجيش الروسي الجمعة 30 أغسطس (آب) الحالي، وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد في هذه المنطقة، سيلتزم به الجيش السوري على أن يدخل حيّز التنفيذ صباح السبت 31 أغسطس.
وذكر المركز الروسي للمصالحة في سوريا، في بيان، أنه تمّ التوصّل إلى اتفاق "لوقف النار أحادي الجانب من قبل القوات الحكومية السورية اعتباراً من الساعة السادسة صباحاً في 31 أغسطس". ودعا المركز "قيادات المجموعات المسلّحة إلى وقف الاستفزازات والانضمام إلى عملية التسوية".
تقدّم جديد للنظام
ميدانياً، حقّقت قوات النظام والمسلّحون الموالون لها مدعومين من روسيا، تقدّماً عسكرياً جديداً في إدلب، حيث سيطرت على ثمانية مواقع تضم بلدات وقرى وتلالا ومزارع، في مناطق تل غبار والسكيات وتل سكيات والتمانعة ومزارعها الشرقية والغربية وتل تركي وتل السيد علي وتل السيد جعفر، وذلك عقب السيطرة على قرية الخوين جنوب شرقي إدلب، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة.
وأفاد المرصد بأن قوات النظام تتقدّم في مناطق مفتوحة خالية من التحصينات، وسط مقاومة شرسة من قبل الفصائل المعارضة المدعومة من تركيا، والتي "تستميت للدفاع عن مناطقها التي أصبحت في دائرة الخطر".
في سياق متصل، أشار المرصد السوري إلى تناوب خمس مروحيات على قصف تلال كبانة بريف اللاذقية الشمالي، مع استمرار المعارك والاشتباكات والقصف المكثّف على المحاور في المنطقة.
ضمانات روسية لتركيا
من جهة أخرى، تحدث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال زيارته العاصمة النرويجية أوسلو الجمعة، عن حصول تركيا على تأكيدات روسية بعدم استهداف نقاط المراقبة التابعة لها في شمال غربي سوريا، وذلك بعدما حاصرت قوات سورية أفراداً من المعارضة ونقطة مراقبة عسكرية تركية في بلدة مورك، الأسبوع الماضي.
وقال جاويش أوغلو إن "روسيا قدّمت ضمانات لنا بأن النظام لن يهاجم مواقعنا. ليس لدينا خطط لسحب العسكريين من تلك المواقع"، مضيفاً أن "استمرار الجيش السوري في مهاجمة إدلب قد يدفع مزيدا من اللاجئين السوريين إلى أوروبا"، إذ دفع التصعيد المستمرّ في إدلب، منذ نحو أربعة أشهر، أكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة، بينما قُتل أكثر من 950 مدنياً، وفق المرصد السوري.
قتلى في معرّة النعمان
وكانت دمشق بدأت حملةً عسكرية ضد آخر معاقل المعارضة في إدلب منذ أبريل (نيسان) الماضي، وكثّفت حملتها في أغسطس (آب)، إذ بدأت في الثامن من الشهر الحالي هجوماً برياً في المحافظة، ترافق مع قصف كثيف من الطيران السوري والروسي. وتمكّنت قوات النظام قبل نحو 10 أيام من السيطرة على مدينة خان شيخون، لتصعّد بعد ذلك الطائرات الروسية والسورية غاراتها على مدينة معرة النعمان.
في هذا السياق، قُتل ما لا يقل عن 12 مدنياً، من بينهم خمسة أطفال، خلال غارات على مدينة معرة النعمان ليل الخميس-الجمعة، علماً بأن المدينة خلت من سكّانها بعدما فرّ أكثر من 140 ألف شخص منها في الأسابيع القليلة الماضية. ووفقاً لناشطين يرصدون حركة الطائرات الحربية، ألقت طائرات تحلّق على ارتفاع شاهق، يُعتقد أنها روسية، قنابل على مشارف مدينة إدلب المكتظة بالسكان وعاصمة المحافظة.
الحرس الجمهوري في المعركة
وذكر منشقون عن الجيش السوري وسكان، الجمعة، أن روسيا والجيش السوري كثفا هجومهما على إدلب بغارات جوية وتعزيزات برية، شملت فصائل مدعومة من إيران، وسيطروا على بلدة التمانعة بعد السيطرة في وقت سابق على بلدة خوين وقريتَي زرزور ومزارع التمانعة في جنوبي إدلب. وأضاف منشقو الجيش والسكان أن الهجوم تلقى تعزيزات من فصائل مدعومة من إيران ومن وحدات الحرس الجمهوري، الذي يقوده ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، وانتشرت مئات من عناصر هذه الوحدات على خطوط القتال في جنوب إدلب.
وقال قائد جماعة "جيش العزة" المعارضة، العقيد مصطفى بكور، لوكالة "رويترز"، إن تعزيزات يومية تصل من الفصائل الإيرانية ووحدات من الحرس الجمهوري والفرقة المدرّعة الرابعة. وأضاف بكور أن "الروس تحولوا إلى الاعتماد على الإيرانيين وتشكيلات من الحرس الجمهوري في هذه الحملة"، مشيراً إلى أن ذلك كان بمثابة "تحول بعيد عن الاعتماد على ما يسمى بقوات النمر"، التي كانت تتقدّم سابقاً معظم القوات البرية للجيش السوري.