Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الجزائرية تجهد في نزع "الألغام الاجتماعية" مع عودة العام الدراسي

تسعى وزارة الداخلية إلى إبعاد فئة "متقاعدي الجيش" عن الحراك الشعبي

في سباق مع الزمن قبل الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، تحاول الحكومة الجزائرية التي يرأسها نور الدين بدوي تفكيك ألغام "الدخول الاجتماعي" (عودة الدراسة بالمدارس والجامعات والملفات الاقتصاديَّة والنقابات والإضرابات)، في مقابل رهانات على تعاظم مطالب "الحراك الشعبي" الاجتماعيَّة، ما يعني احتمال عودة وهج التظاهرات إلى سابق عهدها. وحيّدت الحكومة ملف نحو 30 ألف عامل في مجمعات يعاني ملّاكها تحفظات قضائيَّة.
ورفع القضاء التجميد عن الحسابات المصرفية لثلاثة مجمعات استثمارية كبرى، ملّاكها ملاحقون في ملفات فساد، ويقبعون في السجن المؤقّت منذ بضعة أشهر.
واتُخذ قرار رفع التجميد عن تلك الحسابات الخميس، أي بعد أسبوع على تعيين ثلاثة متصرفين إداريين لتسيير مجمعات رجال الأعمال الثلاثة: علي حداد، ومحيي الدين طحكوت، ورضا كونيناف.
وجاء في بيان سابق لمجلس قضاء الجزائر وقّعه النائب العام، أن "ثلاثة متصرفين إداريين كُلفوا بتسيير مؤسسات (طحوكت، وحداد، وكونيناف)".
وأوضح البيان أن "المتصرفين الثلاثة خبراء ماليون معتمدون"، ويهدف هذا الإجراء إلى "الحفاظ على استمرارية المؤسسات وضمان الوظائف".

تحييد أول ملفين

وبتعيين متصرفين إداريين، سمح القضاء الجزائري للمجمعات الثلاثة برفع التجميد المالي عن الأرصدة المالية التجاريَّة، ما يعني دفع أجور نحو 30 عاملاً لشهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) على التوالي، في محاولة لتحييد هذا الملف عن الجبهة الاجتماعيَّة مع بدء فترة "الدخول الاجتماعي" هذا الأسبوع.
ويبدو أن فئات اجتماعيَّة عدة تحاول استغلال الظرف السياسي من أجل لفت الانتباه إليها مع حلول هذا الوقت الدقيق من السنة، إذ تعي محاولات الحكومة إطفاء الحرائق الاجتماعيَّة المشتعلة هنا وهناك، رغم افتقارها للسند المالي الكافي، كما كان الحال في فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حين كانت تلجأ إلى الخزينة سنوياً، عقب لقاء "الثلاثية" الذي ضم كلاً من رئيس الحكومة، والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل.
وتعمل وزارة الداخلية على إبعاد فئة "متقاعدي الجيش" عن الحراك، خصوصاً بعدما شلّ آلاف المتقاعدين مداخل العاصمة منتصف الشهر الحالي، وسارع وزير الداخليَّة صلاح الدين دحمون إلى محاولة احتواء غضبهم، تزامناً مع تهديد نقابات مستقلة، وعمال مؤسسات رجال الأعمال المسجونين بالخروج إلى الشارع وتصعيد احتجاجاتهم بغية تسوية أوضاعهم العالقة.
واستقبل دحمون ممثلين عن الجمعية الوطنية لمتقاعدي الجيش الوطني الشعبي، في مقر الوزارة بالعاصمة بعد مرور أسبوع على احتجاجهم، إذ استمع إلى مطالبهم، ووعدهم بالحرص شخصياً على متابعتها.
وأوضحت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، في بيان، أن لقاءً جمع وزير الداخلية وممثلين عن متقاعدي الجيش، عبّر خلاله دحمون عن "فائق العرفان والتقدير لهذه الفئة"، مؤكداً "حرص السلطات العامة الدائم على الاستماع إلى انشغالاتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النفخ في الملف الاجتماعي

ويمتزج الجدلُ السياسيُّ بالملف الاجتماعي بشكلٍ واضحٍ مع دخول العام الدراسي الحالي، بالتزامن مع استمرار الحراك الشعبي ولو بالحد الأدنى من المشاركين، كما كان الحال هذه الجمعة. وشكَّلت المسيرات، أمس، صورةً عن الجمعة المقبلة التي تصادف الـ6 من سبتمبر (أيلول) في ظل دعوات ناشطين سياسيين إلى "حراكٍ اجتماعي قوي" مع فتح أبواب المدارس والجامعات.
ووجّه النداء الأول الناشط الحقوقي المحامي مقران أيت العربي، الذي قال "بعد مرور عشرات الجمعات على الثورة الشعبيّة السلميّة وخروج عشرات ملايين الجزائريات والجزائريين إلى شوارع العاصمة وكل المدن الجزائرية، ما زالت السلطة تتجاهل مطالب الشعب الواضحة، المتمثلة بتغيير النظام وبناء الجزائر الجديدة بوجوهٍ جديدة".
وتابع، "بفضل الشعب أُلغيت العهدة الخامسة، واستقال رئيس الجمهورية، وتمت ملاحقة بعض رؤوس الفساد. لكن العمليَّة يجب أن تستمر في كل القطاعات ليتبيّن بوضوح أنها تعني حقيقة محاربة الفساد دون انتقائيَّة". وأضاف أيت العربي، "نحن مقبلون على دخول اجتماعي، والثورة السلميَّة مستمرةٌ، يجب أن تستمر الثورة الشعبيَّة السلميَّة، وأن تضغط أكثر فأكثر، خصوصاً ابتداءً من الـ6 من سبتمبر (أيلول) المقبل. ودون هذه الثورة سيبقى النظام بطريقة أو بأخرى، ما سيؤدي إلى أزمات جديدة يصعب التحكّم فيها".
 

ابعدوا الناقمين عن "المحرقة"

في المقابل، وصف الكاتب الصحافي حسَّان زهار هذا الخطاب بأنه يصدر عن "الأطراف الرافضة الانتخابات كمبدأ للخروج من الأزمة، لأنها ستعريها في المنعرجات الحاسمة، ولأن تلك الأطراف أدركت سلفاً أن رهانها سيكون خاسراً من البداية على نجاح العصيان في ظل التفاف نسبة كبيرة من الشعب حول الجيش، فعملت على تأجيل الأمر، والتمهيد إليه عبر خلق الأزمات الحياتيَّة المرتبطة مباشرة بمعيشة الناس وراحتهم".
وتابع زهار، "إذا ما استمرّ الوضع على حاله من الغموض والفوضى وعدم القدرة على إعادة روح التفاؤل إلى المواطنين عبر رسم طريق واضحة وسريعة للحل خارج دائرة التسويف فإن المراهنين على تاريخ الـ6 من سبتمبر (أيلول) كبداية للتصعيد، مع الدخول الاجتماعي، سيجدون إلى جانبهم جحافل من الغاضبين والناقمين لكي يدفعوا بهم إلى المحرقة".
وبدأت مشاهد الناقمين التي تحدَّث عنها الكاتب بالظهور عبر المحافظات، إذ يمكن يومياً متابعة أخبار اقتحام مواطنين مقرات حكوميَّة صحيَّة وخدماتيَّة، وتعج صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بصور مواطنين أغلقوا مقرات رسميَّة بـ"الأسمنت المسلَّح" كنوع جديد من التعبير عن الغضب.
وبلغ الأمر حداً غريباً في محافظة ميلة (شرقي الجزائر)، حين اقتحم غاضبون مكتب مدير مستشفى حكومي، وأخرجوه بالقوة بدعوى سوء التسيير. وتذكّر هذه المشاهد الجزائريين بسوء الملف الاجتماعي بعد أشهر أمضوها في رفع مطالب سياسيَّة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي