ملخص
تدعونا عصابة تايلور سويفت النسائية إلى التفكر بأن الوقت ربما قد حان لإفساح المجال للاحتفاء أكثر بالصداقة النسائية في الحياة العامة
قليلات هن من ينظمن سهرات نسائية بطريقة أفضل من تايلور سويفت. قد تكون نجمة البوب الثرية، التي يقال الآن إن ثروتها تبلغ 1.1 مليار دولار (ما يعادل 888 مليون جنيه استرليني)، مشهورة عالمياً بفضل رصيدها الموسيقي، لكن يمكن القول إنها معروفة أيضاً بإحاطتها ببعض الأصدقاء المشهورين حقاً، الصديقات على وجه التحديد، أو "عصبة فتيات" كما يشار إليهن.
وشهدت الأسابيع الأخيرة انشغال صحافة المشاهير بخروج سويفت لتناول العشاء في نيويورك مع سيلينا غوميز وبليك لايفلي والأخوات هايم الثلاث والعارضتين جيجي حديد وكارا ديليفين، والوافدة الجديدة الأقل شهرة إلى دائرة صداقتها، بريتاني ماهومز. إنها زوجة لاعب دوري كرة القدم الأميركي باتريك ماهومز، الذي يلعب لصالح فريق كانساس سيتي تشيفز إلى جانب ترافيس كيلس الذي يشاع أنه خليل سويفت الجديد.
والأكثر شهرة هو أن سويفت شوهدت بشكل متكرر تجوب في المدينة رفقة صوفي تيرنر نجمة مسلسل "صراع العروش" Game of Thrones، مما أفسح المجال لظهور عديد من "ميمز" [صور طريفة تنتشر على الإنترنت] حول توقيت صداقتهما الجديدة: يبدو أنها وتيرنر أصبحتا صديقتين بعد فترة وجيزة من إعلان الأخيرة طلاقها من جو جوناس الذي كان يواعد سويفت في فترة ما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولدى سويفت تاريخ سابق في الخروج وقضاء وقت ممتع مع صديقاتها. في الواقع، إنه شيء حرصت على القيام به طوال حياتها المهنية، كانت هناك فترة لم يكن من الممكن خلالها إجراء محادثة واحدة حول سويفت من دون الإشارة إلى مجموعة صديقاتها المقربات. سيتذكر معجبو سويفت المخلصون المرحلة لما كانت الموسيقية تجلب صديقاتها المشهورات معها على المسرح، حتى إنها استعانت ببعضهن في مقاطع الفيديو كليب الخاصة بأغنياتها. تسع من عضوات العصابة، بمن فيهن حديد وغوميز وهيلي ستاينفيلد، حضرن حفل توزيع جوائز "أم تي في" لفيديو كليب العام سنة 2015 كمرافقات لها.
كما أنها مجموعة مؤثرة. تذكروا فقط بعض الأسماء التي شوهدت برفقتها على مر السنين: بيونسيه ولورد وكارلي كلوس ولينا دنهام وكيندال جينر وكاتي بيري وسيرينا ويليامز. كل امرأة مشهورة تقريباً هي صديقة لسويفت أو في الأقل كانت كذلك. وفي كل مرة تخرج لقضاء بعض الوقت مع أي منهن، فإنها تتصدر عناوين الأخبار. لكن الأمر الذي صار أكثر تعقيداً هو أن هذه الصداقات أصبحت مصدراً للخلاف على مر السنين.
عام 2015، عندما كانت عصبة فتيات سويفت في ذروتها، وصف البعض إظهارها الصداقة النسائية بأنه "نسوية استعراضية"، بينما نعتها آخرون بـ"النخبوية". أصبح مصطلح "عصبة فتيات" تعبيراً سلبياً باللغة العامية، إذ ادعى الناس أن سويفت كانت تقدم رؤية موحدة متجانسة للصداقة النسائية. حتى إن صحيفة "نيويورك بوست" وصفتها ذات مرة بـ"الجماعة المغلقة".
وأمضت سويفت نفسها السنوات القليلة الماضية في معالجة كل هذا. في مقدمة مكتوبة للنسخة المعاد تسجيلها لألبومها الشهير "1989" الذي صدر عام 2014، تذكرت سويفت كيف أنها "أقسمت أثناء تسجيل الألبوم على عدم الخروج مع الرجال" لتجنب إثارة الشائعات حول علاقات رومانسية. وكتبت: "أصبح من الواضح برأيي أنه، بالنسبة إليَّ، لا يوجد شيء اسمه مواعدة غرامية عرضية، أو حتى وجود صديق ذكر أمضي معه بعض الوقت بشكل أفلاطوني [من دون علاقة جسدية]... إذا شوهدت برفقته، تكون هناك افتراضات بأنني مارست الجنس معه". لكنها تضيف أن الخروج مع النساء فقط لم يوقف التكهنات أيضاً. تقول: "إذا كنت أقضي وقتي مع صديقاتي فقط، فلن يتمكن الناس من إثارة تخمينات حسية أو إضفاء طابع جنسي على الأمر - أليس كذلك؟ عرفت لاحقاً أن الناس يستطيعون ذلك وسيفعلون. لقد كانت طريقتها للتلميح إلى الشائعات القديمة حول طبيعة علاقاتها البريئة مع كل من كلوس وديانا أغرون نجمة مسلسل "غلي" Glee الكوميدي.
حتى في وقت سابق، عام 2019، تأملت سويفت في الدروس التي تعلمتها في الفترة التي سبقت عيد ميلادها الـ30. وكتبت: "عدم تمتعي بالشعبية لما كنت طفلة كان دائماً مصدر شعور بانعدام الأمان بالنسبة إليَّ... وحتى لما صرت بالغة، ما زلت أتذكر بشكل متكرر جلوسي إلى طاولة الغداء بمفردي أو الاختباء في المرحاض، أو محاولة تكوين صداقات جديدة ومواجهتي بالسخرية. في العشرينيات من عمري وجدت نفسي محاطة بفتيات يرغبن في أن يصبحن صديقاتي. لذلك هللت للحدث بأعلى صوتي، ونشرت الصور، واحتفلت بتقبلي الجديد في رابطة الأخوات، من دون أن أدرك أن أشخاصاً آخرين ربما ما زالوا يعيشون شعوري نفسه لما كنت أحس بالوحدة الشديدة. ومن المهم معالجة قضايانا التي يطول أمدها قبل أن نتحول إلى تجسيد حي لها".
لقد كانت لحظة غريبة وغير متوقعة من الوعي الذاتي، إذ اعترفت سويفت كيف أنها قد تكون بالغت قليلاً في الحديث علناً عن صداقاتها الجديدة، بينما كانت تعتذر أيضاً عن وجود أصدقاء في المقام الأول. ربما كان السماع عن صداقات سويفت العامة أمراً مزعجاً بعض الشيء أحياناً، لكنه ليس شيئاً ينبغي أن يشعرها بالذنب. هل يشير هذا إلى أن سويفت، من خلال الحديث عن صداقاتها الخاصة وإحضار هؤلاء الصديقات معها على المسرح، كانت تجعل أشخاصاً يعانون الوحدة يشعرون بها أكثر؟ أو تذكرهم بما لا يمتلكون؟ دعوني أخبركم، لأن الأشياء التي لدى سويفت ولا نمتلكها نحن لا تقتصر فقط على حشد من الصديقات المشهورات.
ربما كان هذا مثالاً على تطرف القاعدة الجماهيرية لا أكثر. لكن تعليقات سويفت أشارت أيضاً إلى شيء آخر: أن إظهارها صداقاتها مع المشاهير كان نوعاً من استجابة الصدمة لفقدانها الشعبية لما كانت طفلة. لقد أصبحت أخيراً جزءاً من عصبة الفتيات المشهورات وأرادت أن يعرف الجميع ذلك. لكن بفعلتها هذه، راحت تكرس الأيديولوجيات نفسها التي أدت إلى عزلتها في المدرسة: ها نحن الفتيات الرائعات، ولا يمكنكن الجلوس معنا لأنكن لستن في عصابتنا.
لقد كانت مادة مكتوبة مؤثرة ومدركة لذاتها على نحو غير عادي، وتوضح كيف أننا نعكس كثيراً من مخاوفنا وقضايانا على المشاهير، سواء كان ذلك يتعلق بحياتهم العاطفية أو، في هذه الحالة، صداقاتهم. بالنسبة إلى كثير منا، فإن حقيقة معرفتنا القليلة جداً عن الأشخاص المشهورين تحولهم إلى شيفرات - مجموعة من النماذج والأفكار التي يمكننا ربط تجارب حياتنا بها كي نحسن أو نقبح شعورنا تجاه أنفسنا. لسوء الحظ، تحملت سويفت العبء الأكبر من هذا بسبب مستوى شهرتها العالي للغاية.
ربما كان هذا السبب أيضاً وراء اختفاء سويفت وعصبة فتياتها لسنوات عديدة. لم نرها تتجول مع صديقاتها إلا هذا الصيف، وغالباً ما كن يشبكن أذرعهن أو يمسكن بأيادي بعضهن بعضاً كما لو كن طفلات يمرحن في ساحة اللعب.
لكن بعد كل ما تعرضت له من قبل وسائل الإعلام، هل يمكننا إلقاء اللوم عليها؟ كثيراً ما احتلت حياة سويفت الرومانسية بشكل غير منصف مكانة مركزية من شخصيتها العامة، فلا عجب أنها أرادت تحويل تركيز السردية إلى صداقاتها. مع ذلك، وحتى الآن، لا يزال نوع من الهوس الغريب محيطاً بهن.
لماذا لا يحق لسويفت التباهي بصديقاتها؟ لن يكون لدى أناس كثر دائرة مثل دائرتها أبداً لكن هذا لا يعني أنها يجب أن تخفيها خوفاً من جعل أي شخص آخر يشعر بالإهمال. ففي نهاية المطاف، مع حجم الكراهية الداخلية للنساء التي نراها تتجلى بشكل متكرر في وسائل الإعلام، فإن رؤية هذه الدرجة من التضامن النسائي محفزة، وبخاصة بين النساء الناجحات اللواتي عرفن تاريخياً بوقوفهن ضد بعضهن بعضاً. سواء كانت النساء القويات مشهورات أم لا، لا ينبغي أن تعني الصداقات بين النساء القويات بالضرورة أنهن يغرمن سراً ببعضهن بعضاً أو أنهن يحاولن أن يكن نخبويات - أو كما كان محور النكات المصورة المحيطة بسويفت وتيرنر - يسعين إلى التآمر لقتل شقيق جوناس.
لذا ربما حان الوقت لإفساح المجال للاحتفاء أكثر بالصداقة النسائية في الحياة العامة. ونظراً إلى عودة عصبة الفتيات المحيطة بسويفت وعلى رغم أننا قد لا نكون جزءاً منها، فإننا ما زلنا قادرين على تعلم درس أو اثنين من تأملها ونحن نقف خارجها.
© The Independent