ملخص
هناك مخيمات عشوائية غير مسجلة تقطن بين حقول الزيتون في الشمال السوري
زخات المطر المنهمرة على الأرض وإن كانت نعمة من السماء لأهل الأرض، إلا أنها في كل شتاء تتحول إلى نقمة تحل على خيم النازحين المتوزعة على امتداد الشمال الغربي في سوريا، وفي أعقاب عاصفة مطرية شهدتها البلاد انقشعت الغيوم الداكنة عن كارثة إنسانية حلت بأهل الخيم الذين أغرقت الأمطار العشرات منها.
وتعرضت مخيمات عدة لأضرار مادية متنوعة منها جزئية داخل 11 مخيماً في محيط سرمدا وأطمة ومعرة مصرين وعفرين، كما تضررت الطرقات الداخلية لأكثر من 47 مخيماً، إضافة إلى الطرق الواصلة إلى تلك المخيمات، وفق ما وثقه فريق الاستجابة السريعة في سوريا.
خلل في المشاريع
وتطرق الفريق عبر تقرير رصد الأضرار إلى الخلل الكبير في تنفيذ المشاريع من قبل المنظمات داخل المخيمات المتضررة، أبرزها عمليات العزل وتعبيد الطرقات، مما دعا منظمة الاستجابة السريعة إلى المطالبة بضرورة إعادة النظر في جدوى تلك المشاريع، إذ أظهرت الإحصاءات أن نسبة 75 في المئة من الأضرار سببها رداءة الطرقات وعدم تحسينها.
وفي مقابل ذلك تحدث مركز الدفاع المدني في الشمال الغربي (الخوذ البيضاء) عن استجابته لنداءات إصلاح أضرار لحقت بالمخيمات والمدن والبلدات جراء العاصفة التي ضربت أكثر من 54 خيمة في تسع مخيمات في ريفي حلب وإدلب، تسربت إليها الأمطار وأدت إلى تشكيل برك كبيرة من المياه الوحول ما عرقل حركة التنقل.
وفي هذه الأثناء أشار منسقو الاستجابة في سوريا إلى ضرورة تقديم المساعدة العاجلة والفورية للنازحين القاطنين في المخيمات والتجمعات العشوائية، لاسيما وأن معظم المنظمات الإنسانية لم تبدأ بأي تحرك فعلي في تقديم مستلزمات الشتاء.
ويأتي ذلك بالتزامن مع انخفاض شديد في عمليات تلبية الحاجات الإنسانية، وقد طالب منسقو الاستجابة في بيان المنظمات الإنسانية "بالعمل على تأمين حاجات النازحين ولاسيما الأشد ضعفاً من أطفال ونساء وكبار سن، ومحاولة عدم تكرار الأخطاء الماضية من حيث الانتظار حتى حلول الكوارث للبدء بعمليات الاستجابة".
ويناشد العاملون في المجال الإغاثي بضرورة حل مشكلة العائلات المقيمة في المخيمات، ويرى موظف إغاثي في الشمال باسم السيد عمر أن السيناريو ذاته يتكرر في كل عام مع دخول فصل الشتاء حيث تغرق عشرات المخيمات في الأمطار.
وأضاف، "المنطقة التي يقطنها النازحون غزيرة بالأمطار والصعوبة أن معظمها يتموضع بمناطق سهلية، وهناك مخيمات عشوائية غير مسجلة تقطن بين حقول الزيتون، وبالتالي فمع انهمار الأمطار يغرقون بالوحول مما لا شك فيه أن الحاجة كبيرة إلى حل المشكلة بصورة جذرية عبر بيوت مسبقة الصنع أو إمدادهم بخيم مخصصة لمقاومة العواصف المطرية، مع ملاحظة أن الإمدادات من الأغطية الشتوية تتناقص بصورة لافتة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خفض المساعدات
وفي المقابل تواصل الشحنات الإنسانية التدفق من معبري باب السلامة والراعي إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود التركية، إذ جرى تجديد تفويض العبور مدة ثلاثة أشهر جديدة تنتهي في الـ 13 من فبراير (شباط) الماضي، ويعد هذا التفويض الرابع لإدخال المساعدات ويأتي بالتزامن مع خفض المساعدات الواصلة، وسط مخاوف من ارتفاع نسبة العائلات التي تعيش على المساعدات الإنسانية فقط، إذ تصل نسبتها حالياً 84 في المئة التي ليس بمقدورها تأمين عمل.
وفي غضون ذلك ترجح الناشطة الحقوقية جوانا بكر تضاؤل المساعدات الإنسانية الواصلة للشمال الغربي كما في السابق، وتعزو الأمر إلى خفض برنامج الأغذية العالمي الدعم وإيقاف أو تقليص منظمات إنسانية رعايتها لبرامج تهتم بالصحة والتعليم وغيرها من الحاجات، وهذا الأمر عكس بصورة سلبية على أحوال المهجرين قسراً، إذ يقبع 1.9 مليون نازح في مخيمات ناهز عددها 1500، تتقطع بهم سبل العيش بحياة كريمة.
وتلفت الناشطة جوانا إلى أنه ليس لدى معظم العائلات معيل سوى الإعانات المالية من أقاربهم أو من المنظمات الإنسانية، فضلاً عن عدم توفر فرص عمل أو مصادر رزق يعتاشون منها.
وتشير المعلومات إلى وصول نسبة العجر في عمليات تمويل الاستجابة الإنسانية في الشمال إلى 70.4 في المئة، وفق منظمة الاستجابة السريعة في سوريا، مما ينعكس سلباً على واقع النازحين في المخيمات، وهم أصلاً يعانون أزمات عدة منها صحية وغذائية.
وترجح الناشطة بكر خفضاً جديداً ونقصاً حاداً في المساعدات الإنسانية، مؤكدة أنه "قبل حرب غزة التي تدور رحاها حالياً بدأت المنظمات الإنسانية الدولية خفض المساعدات على خلفية الأزمة الإنسانية في أوكرانيا، ومن المتوقع انخفاض الإعانات إلى مستوى متدن مع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، علاوة على تململ الدول المانحة بعد طول أمد الحرب السورية ورحلة النزوح داخل البلاد وخارجها".
الحاجة إلى 11.1 مليار دولار
ودعمت الدول المانحة في بروكسل في منتصف يونيو (حزيران) هذا العام بـ 10.3 مليار دولار للسوريين المتضررين من الجوع والفقر، في حين شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي على الحاجة إلى 11.1 مليار دولار لإيصال المساعدات عبر الحدود من دون انقطاع.
ومع كل هذا تحاول الجهود الفردية ترميم الخيم ومد يد العون إلى الأهالي الغارقين بوحل الإهمال والنسيان قبل غرقهم بوحل الشتاء القارس مع انعدام وسائل التدفئة والغذاء المناسب، ونقص النقاط الطبية وحليب الأطفال مما يؤدي إلى تزايد الأمراض والأوبئة.