ملخص
أجواء الحرب في قطاع غزة أتت على إثارة انطلاق الدعاية الانتخابية والغضب والحزن الشعبيين قبل انتخابات الرئاسة المصرية
خفوت وسكوت وسكون تكتنف حملات الدعاية الانتخابية للمرشحين على منصب رئيس مصر. ساوى السكون بين المرشح صاحب الحظ الأوفر، والمرشحين أصحاب الحظوظ القليلة، والتوقعات شبه المؤكدة بعدم الفوز.
أجواء حرب القطاع أتت على إثارة انطلاق الدعاية الانتخابية، والغضب والحزن الشعبيين على ما يطاول أهل غزة من موت وخراب ودمار لا يتركا مساحة كافية لمتابعة حملة هذا أو دعاية ذاك. حتى من كانوا ينتظرون بفارغ الصبر الانطلاق الرسمي للدعاية بغرض الترويج والتسويق لمرشحهم، أو من كانوا يسنون الأسنان ويشمرون الأكمام استعداداً للانقضاض على المرشح الفلاني عبر التدوينات والتغريدات والتشكيكات الشفهية، أو للتشكيك في العملية من ألفها الإجرائي انتهاء بيائها الدعائي والاستحقاقي، جلسوا أمام شاشاتهم يتابعون حرب القطاع على مدار الساعة، ولا يسمع لمعظمهم صوت في سياق السباق الانتخابي.
وبدأت الدعاية
الخميس الماضي، بدأت الدعاية الانتخابية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية المصرية 2024، تزامناً مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة ورموزهم. قبل يوم الخميس بأسابيع، تحديداً منذ الـ7 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حين شنت "حماس" عمليتها ضد إسرائيل، بدا المشهد الحراكي والنقاشي والجدلي والصراعي والانتقامي والدفاعي والهجومي المرتبط بأجواء الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وكأن أحدهم وضعه على خاصية "صامت". حتى انطلاق الماراثون الانتخابي رسمياً وفعلياً لم يغير وضعية الصمت كثيراً.
الصمت الشعبي تجاه الانتخابات ليس خرساً بقدر ما هو ترشيد لطاقة الجدل وجهود النقاش وتوتر الخلاف واستعدادات التراشق لما بدا للبعض أنه الأولى بالاهتمام والأجدر بالقلق والوجل. البعض الآخر عبر بأساليب مختلفة عن اقتصار القدر المتاح من الوقت والجهد على متابعة حرب القطاع، وتوزيع القلق المتفجر بين قلب مفطور على أهل غزة المدنيين وعقل مشغول بما يجري تدبيره لسيناء المصرية.
أنين الاقتصاد خفت
أنين المصريين من الأوضاع الاقتصادية بالغة الصعوبة لم يقل، لكن خفت. وتوقعاتهم لمستقبلهم المعيشي لم تتحسن، لكن صمتت. ومطالباتهم الكثيرة للرئيس المقبل، سواء كان الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي أو غيره من المرشحين الثلاثة، لم تقل أو تتبدد أو تتفتت، لكنها فترت.
المرشحون الثلاثة الذين تحولوا من محتملين إلى مؤكدين يوم الخميس الماضي، إضافة إلى المرشح الرئيس عبدالفتاح السيسي وحملاتهم الانتخابية وقواعدهم الشعبية يعرفون جيداً أن لا صوت يعلو على حرب القطاع حالياً، وعلى الأرجح على مدار الأسابيع القليلة (أو الكثيرة المقبلة). والجميع يعلم في قرارة نفسه أن الانتخابات مقدر لها أن تمضي قدماً حلوها بمرها، ومتوقع أن يجري الإعلان عن رئيس مصر القادم 2024 – 2030، بينما الغالبية مستمرة في انشغالها بحرب القطاع، إضافة إلى آثارها على الأوضاع في مصر، سواء فازت "النجمة" أو "الشمس" أو "النخلة" أو "السلم".
"السلم" وصاحبه المرشح الرئاسي عن حزب "الشعب الجمهورية" حازم عمر ظهرا على لافتات هنا وهناك في المدن المصرية. وبعد أسابيع، وربما أشهر، من الإعداد والتجهيز لبرنامج انتخابي ومحاور تقنع الناخب وأهداف تؤثر في اختياره، يتركز حديث الحملة حالياً على أمور تتعلق بغزة وسيناء، أو في الأقل يتركز اهتمام كل من الإعلام والمتلقي على ما يتصل بغزة وسيناء.
نجم البرنامج
حتى أسابيع قليلة مضت، كان المرشح حازم عمر وحملته والمساعدون والمستشارون يخطون الأهداف الخمسة في البرنامج الانتخابي، تخفيف حدة الاستقطاب السياسي، وفتح المجال العام، ودعم الأحزاب، والتداول السلمي للسلطة، والمعالجة الناجزة للأزمات الاقتصادية، والارتقاء بملف حقوق الإنسان، والمضي قدماً في بناء علاقات مصر الخارجية، والحفاظ على مؤسسات الدولة مكتسبات الماضي.
المكتسبات الجانبية لحرب القطاع تعبر عن نفسها في أجواء الانتخابات، لكن بطرق غير مباشرة، هي أشبه بالآثار الجانبية التي تطبب عللاً أخرى من دون قصد. المرشح حازم عمر قال في لقاءات إعلامية إنه توقع ما يجري في غزة قبل عملية "حماس" بثلاثة أسابيع، مستشهداً بتغريدة كتبها على منصة "إكس" (تويتر سابقاً). ملخص التغريدة أن الحكومة الإسرائيلية كانت تبحث عن تصعيد مع الفلسطينيين، مشيراً إلى أن ما جرى يوم 7 أكتوبر الماضي كان مفاجئاً وأكبر من تخطيط الجانب الإسرائيلي.
وأضاف عارضاً وجهة نظره في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أن "الإسرائيليين عندما يرغبون في التصعيد يدفعون الفلسطينيين إلى التصعيد". وأضاف أن حماية الحدود المصرية هو التحدي الاستراتيجي الأكبر لأي رئيس، لا سيما أن التهديدات محدقة بالحدود الجنوبية والغربية والشمالية والشرقية، كما دان قصف مستشفى الأهلي العربي أو "المعمداني"، وتهجير أهل غزة، وقصف المدنيين، والعقاب الجماعي، وقتل الأطفال والنساء وغيرها.
ظروف أهل غزة
وعلى رغم ذلك، فإن المرشح الرئاسي حازم عمر لم يصقل آراءه وإداناته برؤية واضحة للحل، أو في الأقل تصوره للموقف المصري، لا سيما أن تعامل مصر مع ملف غزة والصراع الدائر فرض نفسه بنداً بارزاً، إن لم يكن الأبرز في برامج المرشحين الرئاسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تصريحات وبيانات حملته قامت بعملية صقل مختلفة، لكنه صقل من بوابة الترشيد. فبعد إعلان تعليق أنشطة الحملة لمدة يومين في منتصف الشهر الماضي تنديداً رمزياً بـ"أعمال الاعتداء الوحشية على المدنيين في غزة وحداداً على أرواح الضحايا"، خرج المتحدث باسم الحملة زاهر الشقنقيري يقول إن "خطة الحملة وضعت في الاعتبار الظروف الصعبة التي يمر بها الأشقاء في قطاع غزة، والحالة الإنسانية شديدة التعقيد، وكذلك الإمكانات المتاحة مادياً"، مضيفاً أنه ترشيداً للنفقات، ولعدم الإثقال على كوادر الحزب ومؤيدي المرشح، قررت الحملة أن يكون هناك مسار مختلف للدعاية.
مسارات الدعاية كلها باتت مختلفة. حرب القطاع في القلب من الأجواء، إن لم يكن في قلوب وعقول غالبية الناخبين، سواء انتخبوا أو لم ينتخبوا، ففي مسارات الجولات والدعايات واللقاءات الانتخابية للمرشحين ومسؤولي حملاتهم.
ظرف مغاير للحرب
حملة المرشح رئيس حزب المصري الديمقراطي فريد زهران، رمز الشمس، تقول إنها أعلنت ترشحه في ظرف مغاير لما يجري حالياً (في إشارة إلى حرب القطاع). المتحدثة باسم حملته أميرة صابر قالت في المؤتمر الصحافي المخصص للإعلان عن برنامج زهران الانتخابي قبل أيام إن ما يجري في غزة طغى على الحملة بأكملها. تحدثت كثيراً عن المعايير المزدوجة التي يدار بها العالم والتي كشفت عنها حرب غزة، وعن هذا العالم الذي يغض الطرف عن جرائم "الإبادة الجماعية"، وكيف أن "هم القضية الفلسطينية همنا، وأن أمن مصر الاستراتيجي متعلق بها"، وكيف أن العاملين في الحملة فقدوا الكثير من الحماسة والشغف، لأن الحزن يخيم على الجميع، لكنها في الوقت نفسه قالت إنه على رغم كل تلك الأحداث، "لدينا أيضاً معركة ديمقراطية مهمة، وهي الانتخابات الرئاسية المقبلة التي قررنا خوضها استمراراً لموقفنا في بناء فضاء ديمقراطي حقيقي ومحاولة إيجاد قنوات سياسية جادة".
طرق فرضتها الحرب
جدية التهديدات الحالية التي تتعرض لها القضية الفلسطينية وغزة في القلب منها وكذلك مصر وأمنها القومي والاستراتيجي دفعت المرشحين وحملاتهم دفعاً لنهج طرق ما كانوا طرقوها أو اقتربوا منها لو لم تحدث حرب القطاع.
الوقوف على طرف نقيض من المنافس من بديهيات الدعاية الانتخابية، حتى لو لم يكن موقف المتنافسين شديدي التنافر فعلياً. إنها قواعد السباق وأساسات جذب الناخبين، لكن في أجواء كحرب القطاع، من الوارد أن يخرج مرشح ليشيد ويدعم ويؤيد موقف المرشح المنافس، لا سيما لو كان المرشح هو الرئيس.
المرشح فريد زهران لم يجد حرجاً، وربما لم يجد بداً، من أن يعلن قبل أيام عن دعمه "كل الدعم للنظام الحالي في تعامله مع الموقف في غزة". قال زهران في مؤتمره الانتخابي الأول، "أحيي القيادة السياسية المصرية والرئيس السيسي على موقفه مما يحدث في غزة، وعلى رغم خلافي السياسي معه لكن إصراره على إرسال معونات الإغاثة لقطاع غزة على رغم كل التحديات وكل التعنت الإسرائيلي، أمر يستوجب أن أحيي النظام عليه، بل ويجب أن يستمر فيه".
استمرار النظام الحالي، وعلى رأسه المرشح الرئاسي الرئيس عبدالفتاح السيسي، في النهج الحالي في التعامل مع غزة في حكم المؤكد. وفي حكم المؤكد أيضاً أن المرشحين الثلاثة في الانتخابات، إضافة إلى المرشح عبدالفتاح السيسي، سيستمرون في الدق على وتر حرب القطاع لحين انتهاء العملية الانتخابية، أو حرب القطاع، أيهما أقرب.
اقتراب مباشر
اقتراب مرشح حزب الوفد عبدالسند يمامة من حرب القطاع في حملته الانتخابية حتى اللحظة هو الأكثر مباشرة. وهل هناك ما هو أكثر مباشرة من شعار "غزة في قلب الوفد" ليستهل به المرشح يمامة حملته؟ البعض أعتقد أنه شعار يقتصر على المؤتمر الأول للمرشح، أو أن الفعاليات التالية ستحمل شعارات مختلفة، أو ستتسع لتكون "غزة في قلب مصر" وليس (حزب) الوفد فقط، لكن الحزب قرر أن تكون مؤتمرات مرشحه للرئاسة متماشية مع الظروف التي تمر بها الأمة العربية ومتلاحمة مع قضايا الأمة.
حرب القطاع حالياً في القلب من قضايا الأمة الحالية من جهة، وفي أجواء الانتخابات الرئاسية من الجهة نفسها. وفي هذه الأجواء، استهل يمامة وحزب الوفد المؤتمر الدعائي الأول بفيلم تسجيلي عن تاريخ حزب الوفد العريق، أو مسيرة الحزب في السياسة المصرية الحديثة، أو مشاهير الحزب أصحاب المحطات البارزة في مسيرة مصر الحديثة أمثال سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وفؤاد سراج الدين وغيرهم، بل بالوقوف دقيقة على أرواح "شهداء" فلسطين، ثم فيلم تسجيلي عن معاناة الفلسطينيين.
انتقاد خفيف
نهج يمامة في حملته الرئاسية لم يكن الأكثر مباشرة فقط فيما يتعلق بحرب القطاع، بل عرج إلى "انتقاد" خفيف للتعامل مع الأحداث، وإن أبقى انتقاده عربياً عاماً لا مصرياً خاصاً. قال "كان لا بد أن يتم اتخاذ أفعال وردود أقوى من ذلك تجاه القضية الفلسطينية، لكنها لم تحدث، ولم يكن دور الأمة العربية على المستوى المطلوب".
وعلى رغم أنه لم يستطرد أو يسهب أو حتى يقترب من تحديد وشرح المقصود بـ"المستوى المطلوب"، لكن انتقاده أثلج صدور الحاضرين وأسعد غير الحاضرين ممن سمعوا بأمر الانتقاد، وإن ذيل البعض سعادته بالسؤال، "ومن يكون فلان؟"
وإذا كانت أسماء وسير وبرامج وخطط وفرص مرشحي الرئاسة الثلاثة، حازم عمر وفريد زهران وعبدالسند يمامة غامضة أو غير معروفة أو لا يبحث عنها كثيرون من المصريين لأسباب تتراوح بين شبه يقين مسبق بنتائج انتخابات تصب في مصلحة الرئيس السيسي، أو لعدم اقتناع بقدرة أي منهم على إدارة البلاد، أو لفقدان الشغف بالسياسة والإيمان بالتغيير، أو بسبب الإغراق المفرط في تفاصيل الحياة اليومية الصعبة بفعل الأوضاع الاقتصادية الضاغطة، وذلك قبل اندلاع حرب القطاع، فإن الأسماء والسير والبرامج بقيت على حالها في علاقتها بالناخبين، وربما أكثر بعد الاندلاع.
بيانات نارية
لكن ما اندلع بشكل لافت هو البيانات المتواترة النارية الصادرة عن المرشح الرئاسي الذي لم يعد محتملاً أحمد الطنطاوي على إيقاع حرب القطاع. في اليوم التالي لعملية "حماس"، دأب الطنطاوي على إصدار بيانات وكتابة تغريدات وتدوينات على صفحاته على "السوشيال ميديا" بلغة خطاب شعبوية تدغدغ مشاعر الغاضبين، وتدق على أوتار المطالبين بفتح الحدود لاقتحام المعابر والانضمام لـ"المقاومة"، وليست نبرة دبلوماسية تأخذ المعاهدات في الحسبان والتوازنات في البال، وما يمكن وما لا يمكن عمله على أرض الواقع لا الخيال أو الأثير.
أثير صفحات المرشح الذي لم تكتمل مسيرته مليئة ببيانات الشجب والتنديد. شملت نقاطا مثل، ممارسة السيادة الكاملة على معبر رفح وفتحه بشكل دائم لإدخال المساعدات والحاجات الضرورية لسكان قطاع غزة، ودعم الشعب الفلسطيني، والرفض التام والكامل والنهائي لأي حديث عن تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة إلى أي مكان خارج أرضهم، والسماح للشعب المصري بالتعبير عن كل صور التضامن للشعب الفلسطيني، وطرد السفير الإسرائيلي واستدعاء السفير المصري من تل أبيب، ومنها ما يدعم الشعب الفلسطيني مع الدق على النظام المصري، وعلى رأسه منافسه السابق الرئيس السيسي.
شعب عظيم بلا تفويض
في أحد بيانات الطنطاوي الكثيرة، أشاد بـ"جموع شعبنا العظيم الذي خرج لنصرة الشعب الفلسطيني البطل" (في إشارة إلى تظاهرات مصريين تأييداً لأهل غزة والتنديد بالاعتداءات الغاشمة). وعرج على جزئية التفويض، فكتب أن "أصحاب الإرادة الحرة من أبناء الشعب المصري العظيم لم يخرجوا تفويضاً لأحد، فالشعب لا يفوض، وإنما يلزم مسؤوليه بالقيام بمهامهم التي يفرضها عليهم الدستور والقانون، ويحاسبهم على فشلهم أو تهاونهم".
وكان الرئيس المصري قد قال في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتز يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إنه يمكن للمصريين الخروج للتظاهر ضد محاولة توطين الفلسطينيين على الأراضي المصرية، وطلب من المصريين تفويضاً لمواجهة الأخطار الناجمة عن حرب القطاع.
وفي الأيام التي لم يصدر فيها المرشح الذي كان محتملاً بيانات حول حرب القطاع، أعاد نشر تدوينات سابق له تتعلق بالقضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين وأن "الكيان الصهيوني" إلى زوال، وأن "يوماً ما، طال الزمن أو قصر، ستعود لنا أرضنا وبحرنا وسماءنا، سيعود مسرى رسولنا ومهد مسيحنا، سنسترد عزنا ومجدنا وشرفنا".
لكن بيانات المرشح غير المحتمل الطنطاوي توقفت قبل أيام قليلة، وذلك عقب تقديمه وعدد من أعضاء حملته إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تداول أوراق الانتخابات من دون إذن السلطات، وذلك بعد أيام من إعلان عدم استيفائه شروط خوض الانتخابات.
تخفيض لمصلحة غزة
توقفت بيانات المرشح غير المحتمل الطنطاوي حول حرب القطاع، لكن بيانات بقية المرشحين تمضي قدماً في القلب من العملية الانتخابية، والمرشح الرئيس عبدالفتاح السيسي وحملته الانتخابية ليسا استثناء. فهو من جهة يقود مصر في مواقفها الرسمية والأمنية، ومن جهة أخرى يخوض حملة انتخابية للترويج والتسويق لانتخابه رئيساً لفترة جديدة.
قبل أيام قليلة، أعلن رئيس الحملة محمود فوزي أنه تقرر، وفقاً لتوجيه المرشح (الرئيس السيسي) تسخير كل الإمكانات والجهود وتخفيض أوجه الدعاية الانتخابية إلى حدودها الدنيا، وذلك دعماً "لأشقائنا في فلسطين"، وذلك "نظراً إلى الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد وخصوصاً في ظل تطور القضية الفلسطينية"، على حد قوله، كما تم توجيه دعوة للأحزاب والجهات المؤيدة (للرئيس السيسي كمرشح للرئاسة) بالتبرع في حساب المؤسسات والجمعيات الأهلية، وعلى رأسها مؤسسة "حياة كريمة" لخدمة القضية الفلسطينية.
القضية الفلسطينية، وتحديداً حرب القطاع، لم تطغ فقط على حملات الدعاية الانتخابية وبرامج المرشحين وبيانات مسؤولي الحملات وفعاليات المؤتمرات الصحافية المرتبطة بالانتخابات، لكنها تظهر واضحة جلية في الشارع المصري. عدد لافتات الدعاية قليل مقارنة بما كان متوقعاً قبل اندلاع الأحداث. المحتوى الإعلامي المخصص للانتخابات محدود في ضوء الأيام القليلة المتبقية قبل فترة الصمت الانتخابي. حتى الحراك العنكبوتي وخلافات الشارع واختلافاته وجهود الاستقطاب ومحاولات التشكيك ورواج نظريات المؤامرة التي تقف وراء هذا أو التي تدعم ذاك جميعها يشهد خفوتاً وفتوراً.
الزاوية الوحيدة التي لم تشهد فتوراً حقيقياً في أجواء الانتخابات هو لافتات الدعاية التي يدشنها داعمون لمرشح على سبيل توثيق التأييد وإثبات الدعم وربما إيجاد حظوة لدى المرشح حال فوزه. فمن كان ينوي طباعة لافتات داعمة مضى قدماً في طباعتها، ولكن بعد إضافة عبارة أو عبارتين عن تأييد المرشح في تعامله مع "أشقائنا في غزة". وأغلب هذه اللافتات من نصيب المرشح الرئيس عبدالفتاح السيسي، رمز النجمة.