Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيادة السيولة النقدية... هل تعيد ثقة العملاء بالمصارف السودانية؟

ضخ أكثر من 70 في المئة من المبالغ المحددة يومياً في المصارف

سكان الخرطوم خارج أحد البنوك لسحب الأموال في 12 يونيو 2019 (أ.ف.ب)

بدأت أزمة السيولة النقدية في السودان في الانفراج نتيجة زيادة ضخ أكثر من 70% من كميات السيولة المحددة يومياً في المصارف، وذلك بهدف معالجة هذه الأزمة من خلال توفير حاجة العملاء من العملة المحلية، بعد أن قاطع آلاف العملاء المصارف السودانية منذ قرابة العام، بسبب عجز المصارف عن الإيفاء بمستحقاتهم الموجودة في حساباتهم، وتعمد كبار التجار الاحتفاظ بأموالهم في المنازل والمتاجر بدلاً عن إيداعها في الحسابات البنكية.

وبحسب عضو مجلس السيادة، اللواء مهندس إبراهيم جابر، فإن البنك المركزي قام بزيادة ضخ كميات السيولة النقدية للبنوك يومياً، بتسليم المصارف مبلغ 350 مليون جنيه بدلاً من 200 مليون، لتغذية الصرافات الآلية، إلى جانب الصرف عبر "الكاونتر" لتأمين احتياجات المواطنين والعملاء، مؤكداً استمرار ضخ السيولة في المصارف لتغطية طلبات الناس وحل أزمة السيولة.

زيادة الإنتاج

وشدد الخبير الاقتصادي، عز الدين فضل، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، على "أهمية إعادة الثقة للجهاز المصرفي ليقوم بدوره على أكمل وجه"، لافتاً إلى اعتماد القطاع الخاص على الجهاز المصرفي في التعاملات المالية كافة. وحمّل النظام السابق مسؤولية ما حدث من شح السيولة وتفاقمها، معتبراً أن "الإجراءات الاقتصادية الضاغطة التي اتخذتها حكومة الرئيس السابق عمر البشير، بإشراف مباشر من مؤسسة الرئاسة وبتنسيق مع البنك المركزي، لجذب المزيد من الأموال للقطاع المصرفي وتحجيم السيولة النقدية خارج القطاع، أسهمت في تعميق جراحات الاقتصاد وإحداث هلع وسط المواطنين، للنأي بأموالهم بعيداً عن أعين الحكومة والجهاز المصرفي، خوفاً من عدم استعادتها مرة أخرى".

وأكد على ضرورة تنشيط الدورة الاقتصادية في البلاد من خلال زيادة الإنتاج، لتعزيز عائدات صادرات البلاد مع فتح أسواق جديدة، من خلال اتّباع سياسات توسعية مثل تشجيع التمويل والإنفاق الاستهلاكي مع وضع سياسات تهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة في توزيع المدخول لمنع الازدواج في الاقتصاد، مع تنشيط الطلب الفعال وخلق فرص عمل للقضاء على ظاهرة البطالة والفقر وضبط حركة رؤوس الأموال.

قوانين متقلبة

وفي السياق ذاته، أشار وكيل أكاديمية المصارف للعلوم المصرفية والمالية، الدكتور علي خالد الفويل، إلى أن "القطاع المصرفي السوداني صاحبته كثير من العثرات والقوانين المتقلبة والسياسات العوجاء، التي أثرت بشكل تراكمي على العملاء، ما أدى إلى فقدان ثقتهم في الجهاز المصرفي"، وتابع "صحيح أن انكماش السيولة يؤدي إلى معالجة التضخم لكن ليس بهذا الشكل، فليس صحيحاً أنه كلما قللت العرض النقدي انخفضت الأسعار، إنه علاج خاطئ، لأن هذا الإجراء تسبب في ظاهرة سلبية أخرى هي أن السيولة النقدية أصبحت لها أفضلية في السوق، وبالتالي ساعدت في مقاطعة التجار وأصحاب الأموال للمصارف"، معتبراً أن "الحل يكمن في إعادة الثقة إلى المتعاملين تدريجياً، وذلك بأن يكون بنك السودان المركزي ضامناً وملتزماً بأي اجراء يصدره، من أهمه أن يتعهد تسليم أي عميل حقه من النقد في أي وقت يطلبه، ومنح حوافز مشجعة للمستثمرين والمصدرين الذين يتعاملون مع البنوك، ومنح تخفيض في الخدمات الحكومية والضرائب التي تُسدد من الحسابات النقدية في البنوك، فضلاً عن إطلاق حملات توعية توضح مخاطر الاحتفاظ بالعملات داخل المنازل والمحلات التجارية"، متوقعاً أن يكون هناك تفاؤل في الحقبة الجديدة التي ستنطلق مطلع الأسبوع المقبل، بإعلان تشكيل الحكومة الانتقالية.

انتعاش وارتياح

وكشفت جولة ميدانية على عدد من فروع المصارف والصرافات الآلية العاملة في العاصمة الخرطوم، حدوث انتعاش وانفراج وحركة معقولة في السيولة في الفروع التي تمنح العملاء مبالغ ما بين ألفين إلى عشرة آلاف جنيه، فضلاً عن اختفاء ظاهرة الازدحام والتدافع منذ الصباح الباكر، وهو ما أوجد ارتياحاً وسط العملاء الذين أكدوا أن هناك "تحسناً بشكل يومي في وفرة السيولة".

ضعف الودائع

وفي المقابل، أشار متخصصون اقتصاديون في تناولهم تشخيص هذه الأزمة، إلى "ضعف الودائع الادخارية والاستثمارية في البنوك السودانية، بسبب تأثير التضخم عليها وتسببه في تآكل المدخرات"، مبينين أن "نسبة أرباح هذه الودائع التي تقدمها البنوك ضعيفة ولا تتناسب مع معدلات التضخم"، وأشاروا إلى أن "أرباح البنوك الكبرى على الودائع الادخارية والاستثمارية لا تتعدى 15%، مقارنة بمعدل تضخم يبلغ 56%، وأن كمية النقود خارج الجهاز المصرفي كبيرة جداً، بسبب ضعف التعامل مع هذا الجهاز"، لافتين إلى أن "المشكلة تفاقمت بعد تحجيم السيولة وتحوّل المودعين إلى تجارة العقارات والذهب وشراء الدولار وتخزينه في خزنات حديدية في منازلهم ومكاتبهم الخاصة".

احتواء الأزمة

وكان النظام السابق الذي شهد في عهده تفجّر هذه الأزمة، عرض محاولات لاحتواء أزمة شح السيولة النقدية إلا أنها باءت بالفشل، منها إطلاق بنك السودان المركزي مبادرة "إيداع" بالتعاون مع اتحاد المصارف واتحادات الغرف التجارية وأصحاب العمل. وتنص المبادرة على أن "تلتزم المصارف توفير تلك الأموال عند الطلب، بحيث إن أي مبالغ تورّد نقداً من قبل أصحاب العمل للمصارف، ستوضع كأمانات تسدد عند الطلب".

واندلعت هذه الأزمة بسبب النقص الحاد في احتياطات البلاد من النقد الأجنبي، وعزوف الكثير من المودعين عن الإيداع، خوفاً من عدم القدرة على سحب الودائع، فضلاً عن تحديد سقف للسحب من الودائع لا يتعدى الـ 2000 جنيه (نحو 42 دولاراً).

المزيد من العالم العربي