بعد 83 سنة من الحياة، قضت معظمها في عالم الفن، نزلت أمينة رشيد عن خشبة المسرح للمرة الأخيرة، وخرجت أيضا من استوديوهات التصوير بشكل نهائي، بعد أن تركت وراءها رقما قياسيا من التمثيليات الإذاعية والأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية التي شاركت فيها خلال ستة عقود من الحياة الفنية. رحلت أمينة عن عالمنا مساء أمس الإثنين بعد فترة من المرض، وقبل أن تحلّ الذكرى الأولى لرحيل زوجها ومكتشفها الكاتب المسرحي والإعلامي المعروف عبد الله شقرون، الدعامة الأساسية لأمينة رشيد في مختلف المجالات التي اشتغلت فيها، هو الذي ألّف عنها سنة 2011 كتابا مرجعيا بعنوان "أمينة رشيد.. ممثلة في الإذاعة والمسرح والتلفزيون والسينما".
وتعتبر الراحلة من رواد المسرح والدراما والسينما في المغرب، إذ تنتمي إلى جيل التأسيس، وإلى نخبة قليلة جداً من الممثلات اللاتي صعدن الخشبة ووقفن أمام الكاميرا في زمن صعب، لم تكن غالبية المجتمع المغربي فيه تقبل آنذاك بوجود امرأة ممثلة، وكان الذكور ينوبون عنهن عبر تقديمهم لأدوار نسائية بدلا منهن، أمثال الفنانين الراحلين البيضاوي والزياني ومحمد الدغمي.
بدأت أمينة رشيد حياتها الفنية عبر التمثيل المسرحي الإذاعي منذ بداية الخمسينات، حيث دخلت وهي في عامها الرابع عشر مقر الإذاعة برفقة صديقتها الفنانة حبيبة المذكوري للمشاركة بصوتها في تمثيلية إذاعية، هي التي اعتادت على تقديم البرامج الثقافية في مدرستها الابتدائية والإعدادية. وكانت أول مشاركة سينمائية لها سنة 1955 في فيلم "دكتور بالعافية" وهو عمل فرنسي مغربي مصري، شارك فيه من المغرب العربي الدغمي والبشير لعلج والطيب الصديقي إلى جانب كمال الشناوي وأميرة أمير من مصر. والفيلم عمل مقتبس من مسرحية موليير "طبيب رغماً عنه". ثم تعاقبت أعمالها السينمائية التي كانت تؤدي فيها أدواراً متميزة اشتهرت لدى المغاربة: "غداً لن تتبدل الأرض" لعبد الله المصباحي سنة 1975، "إبراهيم ياش؟" لنبيل لحلو سنة 1982، "البحث عن زوج امرأتي" لمحمد عبد الرحمان التازي 1993، "سارق الأحلام" لحكيم نوري 1995، "للّا حبي" لمحمد عبد الرحمان التازي، "سوزانا" للمخرج الإسباني أنطونيو تشافارياس 1996، "مصير امرأة" لحكيم نوري و"زنقة القاهرة" لعبد الكريم محمد الدرقاوي 1998، "كيد النساء" لفريدة بنليزيد 1999، "قصة وردة" لمجيد رشيش 2000، "ملائكة الشيطان" لأحمد بولان و"القلوب المحترقة" لأحمد المعنوني 2007، "وداعا أمهات" لمحمد إسماعيل و"حجاب الحب" لعزيز السالمي 2008، "القدس باب المغاربة" لعبد الله المصباحي 2010، "أياد خشنة" لمحمد عسلي 2011، "زينب، زهرة أغمات" لفريدة بورقية سنة 2013، "عايدة" لإدريس المريني سنة 2014 وغيرها.
أما أعمالها المسرحية فقد تجازوت 60 عملاً، فضلاً عن عدد كبير من التمثيليات الإذاعية. غير أن الراحلة عُرفت بشخصية تكاد تكون متكررة في معظم أعمالها، وهي صورة المرأة المتسلطة، هذه الشخصية التي كانت تظهر غالبا في دور الحماة.