Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تحول سيث روغن من شخصية الكسول الأشعث إلى منقذ للكوميديا السائدة

بالتزامن مع تحقيق فيلم سيث روغن الكوميدي الجديد "صبيان جيدون" أرباحا بقيمة 20 مليون دولار مع حلول عطلة نهاية الأسبوع الأول من بدء عرضه، يتابع آدم وايت صعود وبروز أنجح ربيب للمنتج والمخرج جاد أباتو.

سيث روغن (غيتي)

في فيلم "صبيان جيدون"، هذه الكوميديا الحلوة والمشاكسة التي تركز على مرحلة ما قبل المراهقة، وتحتل المرتبة الأولى في شباك التذاكر في الولايات المتحدة، يجد أبطال العمل الصغار الثلاثة أنفسهم متورطين في حيازة زجاجة يفترض أنها لوصفة طبية، لكنها مملوءة مادة مخدرة. إنها قطعة مجموعة تستحضر على الفور صور المراهقين المشاكسين الذين يفقدون عقلهم تماماً وهم تحت تأثير المخدرات. لكن تلك اللحظة لا تحدث، لأنهم مهما بذلوا من مجهود لمحاولة فتح الزجاجة، لا يستطيعون إزالة غطائها المُحكم بطريقة تجعل فتحها عصياً على الأطفال.

إنها واحدة من أطرف النكات في الفيلم، ولكنها تعبر أيضاً عن شغف منتج الفيلم سيث روغن كي يتطور من شخصية الرجل - الطفولي الذي يدخن الحشيش التي كوّنها خلال المرحلة الأولى من مسيرته المهنية،  عندما كانت مشاهد الهلوسة وتعاطي المخدرات ضرورات لا بد منها. لو كان كسولاً أكثر، لاستطاع أن يستنزف تلك الاستعارات والصور البلاغية قبل سنوات، لكن روغن كان يقوم بكل هدوء بإنقاذ الكوميديا ​ لأكثر من عقد من الزمان في تلك المرحلة، وتطوير حس الفكاهة الخاص به والارتقاء بمواهب جديدة تتوافق مع ما نطالب به نحن كثقافة. حتى عندما لا ندرك أننا نريد ذلك.

يتضح ذلك جلياً في رد الفعل غير المتوقع على نجاح فيلم "صبيان جيدون" الذي قدمه روغن  كعمل سينمائي بالتعاون مع إيفان غولدبيرغ الذي يشاركه الإنتاج لمدة طويلة، وخلال عطلة نهاية هذا الأسبوع بلغت إيرادات العمل 21 مليون دولار في شباك التذاكر الأميركي وأصبح أول كوميديا ​​يحتاج مشاهدوها ممن هم تحت سن السابعة عشرة إلى رقابة الوالدين، تحتل المرتبة الأولى في القائمة منذ عام 2016. وصفت قدرة الفيلم على جمع الكثير من الأموال بالمفاجأة المرحب بها، ولكن في الحقيقة لم يكن ينبغي أن يكون الأمر كذلك، لأنه يندرج بشكل مباشر ضمن أعمال روغن الحديثه - السخيفة وذات الحوار البذيء، لكن تتخلله صراعات إنسانية وحميمة للغاية مع نكات حول التقلبات الجنسية، والاستمناء واستخدام اللعب الجنسية.

قبل عقد من الزمان، قامت سلسلة من الأعمال الناجحة، ومنها "سيء جداً" و"حُبلى" و"قطار الأناناس السريع" و "بتول في سن الأربعين" رسخت روغن على أنه الشخصية السينمائية الكسولة التي يعتمد عليها، وجسدت صورته كشخص محاط دائماً بسحب من دخان الماريخوانا بينما تتكئ على ذراعه شقراوات فاتنات مثل كاثرين هيغل و آمبر هيرد.

لقد كانت شخصية ممتعة على الشاشة ساعد على تكوينها ورعايتها منتج الأفلام الكوميدية الكبير جاد أباتو قبل ثماني سنوات، بعدما تمكن روغن، الذي كان حينها مراهقاً يعمل كستاند أب كوميدي في حلبة فانكوفر الكوميدية، من خوض اختبار أجراه ​​أباتو لاختيار ممثل لسلسلة كوميديا اليافعين "منحرفون ومهووسون"، وانتقاله فيما بعد إلى لوس أنجلوس.

لقد تم تقديم 18 حلقة فقط من "منحرفون ومهووسون"، كانت كل واحدة منها تحفة صغيرة بحد ذاتها  مدفوعة بمشاعر حقيقية للغاية من كونك شخصاً غريباً وتحاول فوق المستطاع كي تصبح جزءً من محيطك وكي تكتشف نفسك. ولكن على الرغم من قلة عدد حلقاتها، ولّدت سلسلة "منحرفون ومهووسون" قاعدة جماهيرية وعدداً مذهلاً من النجوم، بدءًا من الممثلين الذين كان لهم حضور دائم في العمل مثل جيمس فرانكو، وليندا كارديليني وجاسون سيغل وبيزي فيليبس، وصولاً إلى ضيوف الشرف من أمثال النجوم رشيدة جونز و بن فوستر و ليزي كابلان.

كان هناك ميل لكتابة شخصياتهن كنساء متوترات متذمرات يجدن صعوبة في إبقاء رجالهن تحت المراقبة، وكما هو واضح في تعليقات مثيرة للجدل بلا شك قدمتها كاثرين هيغل نجمة فيلم ’حُبلى’ في ذلك الوقت، حيث قالت: "إنه يصور النساء على أنهن ناشزات ومتوترات وليس لديهن حس الفكاهة، بينما يقدم الرجال كأشخاص محبوبين، وبلهاء ومحبين للمرح." بينما حظي العديد من نكاتها بمساندة غير محدودة من رهاب المثلية العارض. لقد ضحكنا حينها، وإذا استمرينا بالضحك اليوم، فلا بد أن نعلم أن الكثير من الأعمال باتت متقهقرة ووضيعة في السنوات التي تلت ذلك.

ولكن بدلاً من التذمر من حقيقة أن أعمال روغن التي باتت بمثابة "علامة تجارية" خاصة به قد تقادمت مع الزمن، أو أن يقوم بإقحام الحس الفكاهي نفسه، بصرف النظر عما إذا كانت قد فقد شعبيته، فإن روغن قد نضج.  وقال لمجلة جي كيو في شهر مايو (أيار): "أعتقد أن الأمر سهل إذا كنت مهتماً فعلاً ... لا نريد أن يشعر الناس بالاستياء عندما يشاهدون أفلامنا. لقد جاء بعض الناس إلي وقالوا لي "لقد جعلنا هذا نشعر بالاستياء الشديدعندما كنا في صالة العرض بينما كان الجميع يضحكون على ذلك. [مثل عبارة "كيف أعرف أنك شاذ" [من فيلم "بتول في سن الأربعين"] ، إنه شيء جعل الناس يشعرون أنه "ليس من المضحك أن تكون في قاعة السينما بينما يضحك الناس على ذلك، وأنت تعرف على الأرجح على ماذا يضحكون". وأنا لا أريد لأحد أن يعيش تلك التجربة بينما يشاهد أفلامنا."

مع أن فيلم "بعيدة المنال - لونغ شوت" الكوميدي الرومانسي الذي شاركته بطولته  تشارليز ثيرون وصدر في شهر مايو (أيار) لم يحقق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر، لكنه أظهر مدى تصميم روغن على تحسين نقاط ضعفه التي كانت لديه قبل عقد من الزمن. في الفيلم، يسير الأداء الكوميدي لـثيرون و ​​روغن على قدم المساواة، مع تمتعها بتفخيم درامي وشخصية أبرز من غالبية أدوار محبوبات روغن على الشاشة في الماضي.

يمكننا رؤية تطوره بسهولة خلف الكاميرا  أيضاً. حيث كان فيلم "محاصرون" الذي أنتجه السنة الماضية، وهو النسخة الأنثوية من فيلم "الفطيرة الأمريكية"، تلعب بطولته ثلاث فتيات مراهقات تواقات إلى فقدان عذريتهن في الليلة التي يقام فيها حفل المدرسة الموسيقي، بينما يستميت آباؤهن الذين يولون أهمية كبيرة للقيل والقال من أجل منعهن. كان لا يزال عملاً قذراً وفيه شتائم كثيرة و فاحشاً في بعض الأحيان، لكنه كان أيضاً يتمتع بجوهر حقيقي من خلال عرضه لقصة بأسلوب حساس واحتوائه على فهم حقيقي لمعنى أن تكون فتاة مراهقة. يعود الفضل في هذا الأمر إلى حد كبير إلى المخرج كاي كانون، الذي أحضره روغن لتحويل سيناريو كئيب قيل إنه كان يرتكز على الآباء ويحمل اسم "حبات الكرز".

لم يكن روغن بحلته الجديدة مدرّاً للأرباح على الدوام - في الحقيقة، اقتصر فشل فيلم ’"بعيدة المنال" على مقارنته بمنافسه "بوكسمارت" الذي صدر بالتزامن معه، وفقط من حيث المقالات التي تحدثت عن "المعنى الذي يضيفه هذا العمل لهوليوود"، أما بالنسبة لروغن فقد مثّل بداية حقبة إبداعية جديدة ومثيرة للنجم، الذي يبدو أنه وجد أخيراً سبيله في صناعة تحولت بشكل كبير منذ الوقت الذي كانت مبيعات أفلامه في ذروتها.

من ناحية أخرى، لم تكن تلك المنعطفات المهنية ناجحة دوماً. جاء أحد أكثر الفصول المثيرة للاهتمام في مسيرة روغن في بداية هذا العقد، عندما أدت محاولاته لاقتحام أنواع فنية جديدة إلى سلسلة من الإخفاقات النقدية والتجارية. مثلاً، كان فيلم ’الدبور الأخضر’ وهو النسخة الفاشلة التي قدمها روغن لسلسلة تحمل الاسم نفسه كانت مشهورة في ثلاثينيات القرن الماضي، كارثة باهظة الثمن، حيث تلقى أسوأ تقييمات في تاريخ روغن المهني، بينما لم يكن فيلم "رحلة الذنب" الذي جمعه في ثنائي غير متناغم أبداً مع باربرا سترايسند، فيلمَ أعياد الميلاد اللطيف والمذهل كما توقع له الكثيرون. لكن المشروعين على حد سواء كانا درسين قيّمين، ولاسيما "الدبور الأخضر".

وقال في حديث لمجلة فولتشر الفنية العام الماضي: "لقد كان الأمر سيئاً كما تتخيل، لكل الأسباب التي تستطيع أن تتخيلها، ونحن ندرك الآن أن العمل لم يكن مناسباً لنا ... الحياة المهنية للكثيرين تندثر في امتيازات الأفلام العملاقة هذه، لكننا تعلمنا أن الأمر سيكون أشبه بكابوس مقيت عندما تقوم بصناعة أعلى فيلم تكلفة للاستوديو. لا تستحق مشاركة الاستوديو في مشروع بهذا الحجم العناء. من الأفضل أن تصنع الفيلم الأقل تكلفة للاستوديو."

من الصعب أن نجد إخفاقات بهذا الوزن خلال السنوات التي تبعت ذلك. الفيلم الكوميدي "المقابلة" المتمحور حول كيم جونغ أون الذي قدمه روغن كان فيلماً سيء السمعة بشكل فادح ولم يشاهده كثيرون في الواقع، متورطاً تماماً مثلما حصل مع اختراق سوني بيكتشرز انترتينمنت الذي وقع عام 2014 (حيث زعمت مجموعة من القراصنة الإلكترونيين تابعة لكوريا الشمالية أنهم قاموا باختراق الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني لموظفي شركة سوني بيكتشرز وسيقومون بتفجير دور السينما التي تعرض الفيلم انتقاماً من وجوده)، ولكنه كان فيما عدا ذلك ذكياً في اختياراته. أعمال مثل "الجيران السيؤون" الكوميدي الذي يدور حول صراع بين زوجين وأخوية صاخبة في الجوار، وفيلم الرسوم المتحركة المخصص للبالغين فقط "حفلة النقانق"، وفيلم "هذه النهاية" الذي يقدم شخصيات متخيلة للمشاهير وهم يواجهون كارثة أدت إلى نهاية العالم، حصلت على تقييمات رائعة وجنت مبالغ هائلة من المال، ما يؤكد أن روغن لا يزال يدرك ما الذي نجده مضحكاً.

كان روغن وغولدبرغ منشغلين في بناء إمبراطورية تلفزيونية، حيث قاما بإنتاج مسلسلات من بينها "الاثنين الأسود"، و"الواعظ" و "رجال المستقبل" و الكوميديا السوداء حول البطولات الخارقة "الصبيان". تعد نسبة النجاح المذهلة لأعمالهم التلفزيونية من الإنجازات البارزة الأخرى، لكنها ليست بنفس أهمية نجاح فيلم "صبيان جيدون" - في مشهد تلفزيوني مزدحم، ليس من الصعب على المنتجين الكبار المشهورين جداً تحويل الشخصيات المستمدة من القصص المصورة والسلاسل الكوميدية الغريبة إلى أعمال ناجحة شعبياً.

لقد كان "الصبيان الجيدون" نجاحاً صارخاً مفاجئاً، حيث استعاد للتو ميزانيته البالغة 20 مليون دولار في عطلة نهاية أسبوع واحدة، ما يساعد على تأكيد أن أفلام الكوميديا السائدة لم تمت - وأن سيث روغن، على أقل تقدير، هو ملكها الجديد.

© The Independent

المزيد من فنون