Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شعراء من بريطانيا والمغرب العربي يلتقون في مجلة الشعر الحديث الإنجليزية

ترجمات متبادلة تحتفي بها لندن ترسيخا للعلاقات الثقافية

من ورشة الترجمة المشتركة العربية البريطانية (اندبندنت عربية)

صدر حديثا في بريطانيا العدد الثّاني من مجلّة "الشّعر الحديث مترجماً" التي تعنى -كما يدلّ اسمها- بترجمة الشّعر الحديث والمعاصر من كافّة أنحاء العالم إلى اللّغة الانجليزيّة. وتعتبر المجلّة إحدى أهمّ الدّوريّات الأدبيّة في بريطانيا، التي تحتفل بالذّكرى الخمسين لتأسيسها على يد الشّاعرين الكبيرين تيد هيوز ودانيال وايسبورت. وترأَسُ تحريرها اليوم الشّاعرة والمترجمة الانجليزيّة كلير بولارد. ولعلّ ذلك هو السّبب الذي جعل المجلس الثّقافيّ البريطانيّ في تونس وبالشّراكة مع نظرائه في الدّول المغاربيّة يتعاون معها ضمن مشروع أطلق عليه تسمية "مجاز". وهو يقوم على ترجمة مختارات من الشّعر المغاربيّ المعاصر الذي يكتبه شعراء شباب يمثّلون "أصواتاً جديرة بأن يُصغى إليها" في أوروبا ودول الشّمال.

أنجز المشروع في مدينة قربة التونسية السّنة الماضية خلال شهر سبتمبر (أيلول). وقد تمثّل في المراحل التّالية: انتقاء الشّعراء المغاربة بناء على ما يمثّلونه من تجارب مهمّة مقابل حداثة سنّهم نسبيّاً. وهم على التّوالي: الشّيخ نوح وزليخة الحامد (موريتانيا)، نسيمة الرّاوي وعادل لطفي (المغرب)، فرج محمّد علي أغناية وفاطمة مفتاح حسن بلخيرت (ليبيا)، فاطمة كرومة وأشرف القرقني (تونس) وأخيرا محمّد رفيق طيبي وفضيلة بشار (الجزائر). تمّ بالتّوازي مع ذلك تحديد قائمة الشّعراء البريطانيّين المدعوّين لتُترجم قصائدهم إلى العربيّة أيضا وللمساهمة في تجويد التّرجمات الانجليزيّة خلال ما يناهز الأسبوع من الورشات المكثّفة التي أدّت إلى الصّيغ النّهائيّة المنشورة حديثا بالمجلّة. هؤلاء الشّعراء هم مارثا سبراكلاند، فيكتوريا أدوكواي بولاي، ستيوارت ساندرسن، أدهم سمارت وفيديان رافينثيران.   

وعبر الغلاف الخارجيّ يبدو جليّاً للقارئ أنّ العدد الذي خصّص نصف حجمه (ستّون صفحة) لقصائد الشعراء المغاربة يتّسم بطابع الفنّ الإسلاميّ، خطّاً ونقوشاً وألواناً، بالإضافة إلى كلمة شعر مكتوبةً بخطّ عربيّ وسط الغلاف. عنوان العدد يتضمّن كلمات الشّاعرة التّونسيّة فاطمة كرومة: "الطّرقات المضاءة" لقدرته على توجيه رسالة رمزيّة يتبنّاها القائمون على المشروع. كما أنّ تصدير المجلّة/ الكتاب عاد إلى نفس العبارة ضمن مقطع من قصيدتها "ضفاف أخرى" من ديوان "أخطاء فادحة". والذي تكتب فيه: "نزرع وردات في الطّرقات المضاءة/ وتنبت القبلات في القطارات القادمة/ من المدن السّعيدة" (ص 85).

في الافتتاحيّة تشير كلير بولارد إلى المشترَك الملاحظ بين القصائد المنشورة وهي خمس قصائد لكلّ شاعر عربيّ. ويتمثّل هذا المشترك أساسا في أنّ هذا الشّعر مسكون في مجمله، على حدّ قولها، بتحدّي ممنوعات وحواجز وهو يصارع مكبوتات وأشياء مسكوتاً عنها. ولكنّها ترى أيضا فوارق وخصوصيّات بين هذه القصائد، خصوصاً أنّ مشروع "مجاز" قد عمل على تنويع اللّغات المستعملة في كتابة القصائد. فقد شاركت فضيلة بشار (الجزائر) بقصائد مكتوبة باللّغة الأمازيغيّة. وهي اللّغة الوحيدة التي تزاول بها الشّعر. أمّا عادل لطفي وفرج أغناية فقد قدّما قصائدهما باللّهجتين المحلّيتين المغربيّة واللّيبيّة. أمّا بقيّة الشّعراء فقد عرضوا قصائد مكتوبة بالفصحى وتتنوّع من حيث شكلها الفنّيّ، بين القصيد العموديّ الكلاسيكيّ والشّعر الحرّ وقصيدة النّثر. وقد وفّر ذلك إمكانات جماليّة وفكريّة مختلفة ومتنوّعة. ولمزيد بيان خصوصيّة كلّ تجربة من تجارب هؤلاء الشّعراء، طلبت هيئة تحرير المجلّة من الشّعراء البريطانيّين أن يقدّموا شهادات عن الشّعراء المغاربة الذين عملوا معهم أثناء الورشات.

أصبحت المجلّة متوفّرة الآن في شكل كتاب موزّع ورقيّاً وإلكترونيّاً. لكنّ إدارتها بالتّنسيق مع المجلس الثقافيّ البريطانيّ في تونس ارتأت أن تجعل من صدورها حدثاً ثقافيّاً مميّزاً، قصد أن تستقدم القارئ البريطانيّ لاستكشاف هذه التّجارب العربيّة المغاربيّة. ولهذا من المقرّر أن تنظّم حفلة توقيع لكتاب العدد يقي 30 سبتمبر (ايلول) 2019 في لندن بحضور الشعراء البريطانيين والشّاعرين التّونسيّين ممثّلين للضّفّة الأخرى، في انتظار أن يتمّ نشر القصائد المترجمة إلى العربيّة حتّى يتمكّن القارئ العربيّ من اكتشاف أصوات شعريّة بريطانيّة معاصرة ومتنوّعة. فمعظمها مسكون بلقاء ثقافته الأصليّة هنديّة كانت (فيديان رافينثيران) أم مصريّة (أدهم سمارت) أم اسكتلنديّة (ستيوارت ساندرسن) بالثّقافة الانجليزيّة الحديثة. 

المزيد من ثقافة