ملخص
تتدخل المنظمات الدولية بصورة محدودة جداً في تخفيف حدة الأوضاع الكارثية داخل غزة
مع دخول الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل على غزة يومه الـ 14ونفاذ جميع مقومات الحياة البشرية، وسط تزايد أعداد النازحين الذين أصبحوا بلا مأوى، بات أمل سكان القطاع معلقاً على المنظمات الدولية لمساعدتهم في التخفيف من حدة الأوضاع الكارثية.
ويعيش جميع سكان غزة حالياً بلا ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا وقود ولا إنترنت منذ أكثر من أسبوع، فيما توقفت بعض المرافق الصحية والإغاثية بعد أن نفذت الأدوية والمستهلكات الطبية بسبب الأعداد الهائلة من الجرحى الذين يزيدون على 12 ألف مصاب.
الأكثر هشاشة
ويتفاقم الوضع الكارثي عند النازحين المدنيين الذين وصلت أعدادهم إلى 1.1 مليون شخص من إجمال عدد السكان البالغ 2.2 مليون نسمة، ويفتقد هؤلاء المأوى الآمن حيث لجأ 600 ألف شخص إلى مدارس الـ "أونروا"، فيما توزع الباقون في الأراضي الزراعية أو في منازل مدنيين فتحوا أبواب بيوتهم لاستقبال النازحين.
ويعد النازحون أكثر الفئات هشاشة في غزة ويعيشون من دون مأوى، إذ لا تعتبر المدارس مكاناً مناسباً، وبلا مأمن غذائي إذ لا توزع عليهم الجهات المسؤولة أي صنف من الطعام، كما أنهم لا يستطيعون الحصول على الطاقة فلا يوجد في القطاع إمدادات كهرباء، إضافة إلى أنهم يواجهون تردياً في الخدمات الصحية.
وفي ظل هذه الأوضاع المؤسفة بات سكان غزة المشردون غير قادرين على مواصلة الحياة، ويعلقون الآمال على المنظمات الدولية لتخفيف معاناتهم، على اعتبار أن هذه المؤسسات لديها خط تواصل مع إسرائيل أو تمتلك مخزوناً من المواد التموينية والإغاثية.
"أونروا" عاجزة
وتضم غزة عدداً لا بأس به من المؤسسات الدولية التي تقدم خدماتها لسكان القطاع عادة وفي أوقات الطوارئ، وأهمها المنظمات والبرامج المتخصصة للأمم المتحدة، لكن معظم هذه المنظمات باتت لا تستطيع تقديم أي نوع من المساعدة في ظل اشتداد وطيس الحرب وعدم وجود ممر إنساني آمن لدخول المساعدات والإمدادات الإنسانية والغذائية.
وأكبر هذه المنظمات هي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي أصبحت عاجزة عن تقديم أي نوع من الخدمات للنازحين، فهي تعاني أساساً أزمة مالية صعبة تجعلها تقف عاجزة أمام مسؤولياتها.
ويقول المستشار الإعلامي لـ "أونروا" عدنان أبو حسنة إنه "كان لدينا مخزون تمويني وغذائي يكفي لإيواء 250 ألف شخص لمدة 12 يوماً، لكنه نفذ باكراً بسبب شراسة القتال وكثرة أعداد النازحين، ونحن اليوم عاجزون عن مساعدة الناس ولا نقدم لهم حاجاتهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الأغذية في الطريق
وعلى رغم عدم قدرة الـ "أونروا" على مساعدة سكان غزة إلا أن أملهم لم ينقطع، إذ بقي هناك بصيص أمل للتخفيف من حدة الأوضاع من خلال برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة المنوط به تقديم الطعام للفقراء النازحين، ويعمل منذ فترة طويلة على توزيع معونات غذائية على السكان.
ويقول مدير برنامج الأغذية العالمي سامر عبدالجواد إنهم تواصلوا مع دول العالم لحشد المعونات واستجابت لهم أقطار عدة، وفور دخول هذه المساعدات إلى غزة ستعمل الفرق الميدانية على توزيعها للنازحين وأشد المحتاجين للطعام، لكنه يشير إلى أن "هذا الحل موقت ولا يوفر مأمناً غذائياً في ظل فرض الإغلاق الكامل على غزة". ويضيف، "غزة في الحرب باتت منطقة جائعة لا مخزون فيها، لذلك قد لا تكفي المعونات لسد رمق الفقراء النازحين، كما أنه في ظل استمرار القتال ورفع الحماية عن جميع فرق الاستجابة قد نواجه مشكلات كبيرة"، لافتاً إلى أن "مؤشرات انعدام الأمن الغذائي تزايدت أربعة أضعاف معدلها الذي كان قبل الحرب والذي يصل إلى 60 في المئة".
مياه مأمونة لمرة
وفي ظل تحذير حكومة غزة من أن سكان القطاع والنازحين يشربون مياه غير مأمونة وملوثة، دخلت على الخط منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والتي من ضمن مهماتها توفير المياه المأمونة والصرف الصحي، وقال مسؤول الإعلام في مكتب "يونيسف" سليم عويس "عملنا على تسيير شاحنات مياه مأمونة نحو المنطقة الإنسانية التي أعلنتها إسرائيل ووزعنا المياه على غالبية البيوت التي لم تصلها المياه منذ أكثر من أسبوع"، مضيفاً "حصلنا على المياه المأمونة بصعوبة فلا توجد طاقة كهربائية في غزة، وكان توزيعها معقداً جداً إذ جرى تحت إطلاق النار، ووزعت المياه لمرة واحدة ومن غير الواضح ما إذا كنا نستطيع القيام بذلك مرة أخرى".
وبحسب عويس فإن "توزيع المياه لمرة واحدة غير كاف لأن بيوت سكان غزة وأماكن اللجوء لا تصلها المياه على الإطلاق"، موضحاً أنه "من الصعب تقديم هذه الخدمة باستمرار في ظل عدم توفر طاقة كهربائية واستمرار إسرائيل في قطع الماء عن القطاع من طريق إغلاق خط المياه الواصل إليها".
مخيم لجوء
ومن بين المؤسسات الدولية الأخرى العاملة في القطاع منظمة الصحة العالمية، ويقول مدير مكتبها الإقليمي أحمد المنظري إن "ما يحدث في غزة جريمة شنعاء هزت الإنسانية، وبخاصة رفض إسرائيل إدخال المستهلكات الطبية والأدوية، وفي ضوء ذلك نعمل على تسهيل وصول هذه الأساسات إلى القطاع لكن ذلك يجري بصعوبة كبيرة".
وفي إطار مساعدة النازحين تؤكد رئيسة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية إيفا توميتش أنهم شيدوا مع شركائهم في الأمم المتحدة مخيماً للنازحين في منطقة إنسانية آمنة، ويضغطون على إسرائيل من أجل فتح ممر إنساني، لكن على أرض الواقع فإنه من الصعب تنفيذ أي شيء بصورة سهلة لأن القتال يعقد الأمور كثيراً.
وهناك مؤسسات دولية أخرى تقدم خدماتها في غزة ومن بينها منظمة "أطباء بلا حدود"، ويقول منسق الاتصال الدولي إنهم يجرون جراحات معقدة ويقدمون خدمات طبية مهمة للجرحى في غزة، لكن ذلك يجري بصعوبة لعدم وجود معدات طبية مساعدة لذلك الأمر.