ملخص
نحو 7000 جريح وصلوا إلى مستشفيات غزة في أيام الحرب الستة
لم يجد العاملون الصحيون في غزة مكاناً لوضع جثامين قتلى الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة والمتلاحقة سوى صفهم على الأرض وتكديسهم إلى جانب بعضهم خارج أبنية "مجمع الشفاء الطبي".
ومع وصول نحو 200 قتيل إلى المستشفى عند الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي (17:00 بتوقيت غرينيتش)، نتيجة قصف أبراج سكنية غرب مدينة غزة، اضطرت فرق الطوارئ إلى نصب خيام داخل أسوار المجمع الصحي، ونقل القتلى إليها ووضع الجثامين بعضها فوق بعض، خصوصاً أن أعداد القتلى تتزايد بسرعة، فيما يقضي آخرون متأثرين بجروحهم.
جثث في الطريق
وأودت الحرب المدمرة بين حركة "حماس" وإسرائيل والمستمرة ليومها السادس بأكثر من 1400 فلسطيني، فيما جرح ما يزيد على 7 آلاف آخرين بجروح متفاوتة، ومع تواصل القصف الأقرب إلى العشوائي على قطاع غزة يتوقع أن ترتفع هذه الأعداد.
ويعد عدد القتلى في غزة ضخماً عند مقارنته بعدد الذين سقطوا خلال العمليات العسكرية السابقة التي دارت بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ومن المستحيل أن تستطيع مستشفيات القطاع التعامل مع هذه الحالات في مدة زمنية لم تتجاوز أسبوعاً، ويعزى هذا الارتفاع في عدد القتلى والجرحى إلى شن إسرائيل غاراتها فوق رؤوس السكان وداخل المناطق ذات الكثافة العالية وعدم اتباعها سياسة التحذير والإنذار المسبق.
ولم يستطع العاملون الصحيون في القطاع التعامل مع عدد الجرحى الضخم، نظراً إلى عدم توافر مقومات العمل من أدوية ومستلزمات طبية بالأساس.
ويقول مدير عام وزارة الصحة منير البرش "في المستشفيات فظائع غير مسبوقة، ولا توجد ثلاجات تتسع للقتلى ويتم وضع الجثث في الطريق ويجري دفنهم من دون تشريح، لقد استقبلت طواقمنا أكثر من 7 آلاف جريح، ولم يجدوا مكاناً يضعونهم فيه، لذلك بات الجرحى ينامون على الأرض في ممرات أقسام المستشفى، وكثر منهم ما زالوا ينزفون ولا نستطيع تطبيبهم نتيجة ضغط الحالات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعد مستشفى الشفاء المركز الطبي الرئيس والمركزي لسكان غزة، وهو أكبر المستشفيات في القطاع ويستقبل معظم الحالات الخطرة في أوقات الطوارئ القصوى.
الجرحى يفترشون الأرض
ويضيف البرش أنه "نتيجة عدد الإصابات الضخم، لم يعد هناك سرير واحد فارغ في المستشفيات، وبات الجرحى يفترشون الأرض، وهذا أمر خطر ويسبب كوارث صحية، يجب وقف الغارات الإسرائيلية حتى لا تزيد أعداد القتلى".
ويتابع أن "في المستشفى 1200 سرير، ورفعنا القدرة الاستيعابية إلى أقصى حد وأصبح العدد 2000 سرير، لكن ذلك قليل جداً، فهناك 7 آلاف جريح، ولم نعد نتابع الحالات المتوسطة والطفيفة ونرفعها عن أسرّة المتابعة لنتمكن من تقديم الرعاية والعلاج لعدد آخر".
ويشير البرش إلى أنهم توقفوا عن تشريح الجثامين بسبب تزايد عدد القتلى وباتوا ينقلونهم بشكل مباشر إلى خيام استعداداً لمواراتهم الثرى، لكنه يلفت إلى أن "ذلك لا يمكن من معرفة نوع السلاح والمتفجرات التي استخدمتها إسرائيل ضد الأعيان المدنية التي تقصفها".
ويؤكد أن المنظومة الصحية انهارت بشكل فعلي، بسبب العدد الكبير للجرحى الذي يفوق القدرة الاستيعابية للمشافي، وعدد الإصابات الخطرة أكبر من قدرات غرف العمليات، وأسرة العناية المركزة امتلأت تماماً والجرحى الذين يحتاجون إلى أسرّة العناية لا مكان لهم ويفترشون الأرض.
نفاد المستلزمات
وبحسب البرش فإن مقدمي الرعاية الصحية 700 عامل فقط، مطالباً بفتح ممر آمن بسرعة يضمن وصول الوفود الطبية من الخارج، إضافة إلى ضمان دخول المواد الطبية والأدوية.
وأشار إلى أن مخزون مواد تشغيل المختبرات أصبح صفراً، وكذلك المحاليل والمضادات الحيوية ومستلزمات الجراحة والعناية المركزة ونفدت مستلزمات الإسعاف وغرف الطوارئ، مضيفاً أنه بسبب انقطاع الكهرباء عن غزة، بات من المستحيل توفير خدمات بنوك الدم وتشخيص الإصابات وتعقيم الأدوات الصحية، ناهيك عن توقف محطات الأوكسجين ومحطات التحلية وإمداد الأقسام بالمياه داخل المستشفيات.
500 جريح
داخل ممر قسم الطوارئ ينام على الأرض نحو 500 جريح بعضهم ينزف، فيما يصرخ آخرون مناشدين الممرضين الاستجابة لأوجاعهم، لكن الجميع منشغلون في علاج حالات أكثر صعوبة.
وفي السياق، يقول الممرض أشرف محسن "نسمع صراخ الجرحى ونتقطع من داخلنا، لا يمكننا فعل شيء فالأمر مهول جداً، ولا نستطيع ترك تطبيب الجريح الذي نتعامل معه ونذهب لعلاج آخر ملقى على الأرض وينزف، كلاهما بحاجة إلى رعاية صحية".
وهو يحاول قطب جريح ينزف من قدمه يضيف أن "أعداد العاملين الصحيين قليل ولا يمكن تغطية هذا العدد من الجرحى، وتصلنا حالات جديدة كل ساعة. هذا كارثي، ففي أفضل مستشفيات العالم لا يمكن استيعاب أكثر من 100 حالة، ونحن نستقبل آلاف الجرحى".