Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 حرب الأسماء تشتعل في الجزائر

بعد معركة المبادرات السياسية

 الحراك لم يكن ضد نظام بوتفليقة فقط بل يستهدف تغيير النظام كله (أ.ف.ب)

لا يبدو أن الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، تتجه نحو حل يرضي جميع الأطراف، ويكشف الوضع عن أن مشاكل البلد أكبر من أن تختصر في عهدة خامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو في "العصابة" التي عاثت فساداً في البلاد، أو انهيار أسعار الصرف أو تراجع القدرة الشرائية.

 فمع الدفعة القوية التي أعطتها لجنة الحوار لمسألة الحوار، ظهرت للعلن مجموعة من المعارضين معروفة لدى أوساط الشعب، تطالب بـ "مجلس الثورة السلمية" و"تخوّن السلطة"، مقدمة نقاط تقول إنها لحل الأزمة السياسية.

مبادرة تثير الجدل بسبب شخصياتها

أكد كشف الإعلامي الجزائري سعد بوعقبة، أسماء شخصيات سياسية ونقابية وحقوقية وإعلامية، تقود الحوار مع السلطة، في إطار مبادرة جديدة لإنهاء الانسداد وحل الأزمة، أن مشاكل الجزائر أعمق من ارتباطها بالديمقراطية والحريات.

 وأثارت ردود أفعال قوية على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف، بلغت حد التراشق وتبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة، تارة للسلطة والمؤسسة العسكرية وأخرى لفرنسا.

لم يكن الامتعاض والاستياء من المبادرة، بل على العكس هي خطوة تثري الوضع وتؤكد نوايا صادقة لحل المشاكل، وإنما الأمر تعلق بشخصيات لها باع طويل في انتقاد المؤسسة العسكرية الحالية، بعد أن وقفت في وجه الشعب خلال التسعينيات، وفضلت قتل 200 ألف جزائري على أن يستمر فوز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، وهي المجموعة التي تخندقت إلى جانب خالد نزار وزير الدفاع السابق، وجنرالات العشرية السوداء من ضباط فرنسا المعروفين بما فيهم محمد مدين، العربي بلخير، محمد العماري وغيرهم، وهي المجموعة أيضاً التي تدعو اليوم الحراك إلى العصيان المدني والثورة على قائد الأركان.

معركة أسماء

ومن أبرز النقاط التي تضمنتها المبادرة الجديدة، انتخاب مرشحين يمثلون الجامعات والمحافظات وسجناء الرأي، إضافة إلى الأسماء التي شملتها القائمة، واقترح الإعلامي سعد بوعقبة، تشكيل ما سماه مجلساً وطنياً للثورة السلمية يكون الممثل الوحيد للحراك الشعبي في الجزائر، مطالباً بـ"ضرورة إقصاء أي فرد يقوم بالتواصل مع السلطة قبل تكوين المجلس الوطني للثورة".

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رابح لونيسي في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إن الحراك عرف منذ بداياته معركة أسماء لتمثيله، موضحاً أن الجميع تعرض للتشويه، لأن في الحراك تيارات عدة، وكل طرف يسعى إلى فرض أسماء معينة، لكن ما يأسف له تعرض رجال معروفين بنضالاتهم ضد النظام لحملة تشويه.

 ويضيف أن القوائم يجب أن تضم شخصيات معروفة بنضالها ليس فقط ضد بوتفليقة وإنما من قبل ذلك، لأن الحراك لم يكن ضد نظام بوتفليقة فقط، بل يستهدف تغيير النظام كله الذي تأسس بعد الاستقلال في 5 يوليو (تموز) 1962.

الحراك بتيارين

ويرى لونيسي، أن قائمة الإعلامي بوعقبة، لا يمكن أخذها على محمل الجد، ولو أنها تضم أسماء مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والنضال، وتعرضت لانتقادات

واتهامات بأنه اختار زملاءه وأصدقاءه، و"نحن لا نلوم بوعقبة أو غيره، بل نلوم الإعلام الذي أصبح يصنع أسماء ويغيب أخرى"، مبرزاً أن "شعوبنا لا زالت تعيش ما قبل السياسي الذي يغلب عليه العصبيات والجهوية والطائفية والدينية واللسانية، فهي تهتم بالأشخاص بدل الأفكار".

 ويتابع أن الثورات التي لا تملك فكراً ستموت حتماً، وتعيش صراعات حادة، مشيراً إلى أنه "نعيش اليوم أمام تيارين يستورد كلاهما نماذج، في الوقت الذي تحتاج فيه الجزائر إلى من يطرح و يبدع مشروعاً جديداً لبناء الدولة".

الشخصيات التي علق عليها أحد الإعلاميين بأنها منقوصة من عراب ثورات الربيع العربي برنار ليفيي وزعيم حركة الانفصاليين القبائل فرحات مهني والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، أكد بوعقبة أنه بإمكانهم أن يمثلوا الحراك في أي مفاوضات مع السلطة أو إدارة حوار وطني أو قيادة مرحلة انتقالية حقيقية تنتهي إلى إرساء دولة المؤسسات والحق والقانون، وشرعية تحترم الشعب وإرادته وتطلق الحريات العامة والخاصة في مجالات السياسة والإعلام وتضع الأسس للانطلاقة في بناء الوطن على أسس جديدة متسمة بالشرعية الشعبية غير المطعون فيها.

محاولة خطف الحراك

ما يلاحظ في مبادرة بوعقبة، محاولة للالتفاف حول الحراك واختطافه، على اعتبار أنه أشار في النقطة الخامسة من المبادرة، إلى أن هؤلاء يشكلون المجلس الوطني للثورة السلمية الذي يكون الممثل الشرعي والوحيد لهذه الثورة المباركة، ليطرح السؤال حول من فوضهم لتمثيل الحراك أو الحديث باسمه؟

وجاءت مبادرة بوعقبة، بالتوازي مع لجنة الحكماء التي أنشأتها لجنة الحوار والوساطة من 41 شخصية سياسية وحكومية ونقابية وإعلامية وحقوقية ونشطاء بالحراك الشعبي، وافقت على الانضمام للهيئة، وذلك من أجل القيام بمهام استشارية تستعين بها لجنة كريم يونس، ولجانها المختلفة في أداء مهامها، كما تتطلع إلى اعتماد خريطة طريق تستعين بها في إعداد مسودة نهج توافقي للخروج من المأزق السياسي الذي تشهده البلاد.

قائمة الدولة العميقة وأذنابها

أثارت قائمة الإعلامي سعد بوعقبة، الكثير من الجدل بسبب الأسماء التي وردت فيها، والمطالب التي يراها كثيرون تمثل التيار العلماني بأحزابه وشخصياته، لا سيما ما تعلق بسجناء الرأي والفترة الانتقالية، وكذلك المجلس التأسيسي الذي ورد تحت مسمى المجلس الوطني للثورة، بحسب ما يقول الناشط السياسي بوعلام حزبلاوي في تصريح إلى "اندبندنت عربية".

 ويضيف أنه حدث إقصاء ممنهج للتيارين الوطني والإسلامي في هذه المبادرة، ما يعني أن الأمر يتعلق بمعركة يسارية علمانية ضد وطنية إسلامية.

ويبرز حزبلاوي، أنه يبدو أن القائمة جاءت بحسب الطلب أو بإيعاز من الدولة العميقة وأذنابها، على اعتبار أن الجزائريين سبق لهم وأن رفضوا شخصيات عدة اقترحت لتمثيلهم أو التحدث باسم الحراك، بل إن البعض ممن ورد اسمه تم طرده من الحراك، من دون الحديث عن وجود أسماء تجاهر بإقصاء التيار الإسلامي من الساحة السياسية، موضحاً أن الجماعة بمطالبتها بمجلس للثورة تريد تطبيق النموذج السوري، وحذر من محاولة تشتيت الجزائريين عوض توحيدهم في مرحلة حساسة تمر بها البلاد.

المزيد من العالم العربي