Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان... رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على طرفي نقيض

تنصل عون من الإستراتيجية الدفاعية سيترك انعكاسات محلية ودولية

من حديقة قصر بيت الدين نسف الرئيس عون المداولات في مزرعة الحريري الاميركية مع بومبيو (دالاتي ونهرا) 

في لبنان ﻻ تزال ترددات زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الولايات المتحدة الأميركية حاضرة وبقوة.
اختلفت التحليلات والتفسيرات وانقسمت الآراء حولها ولفت الانتقاد الذي تعرض له الحريري من فريق الثامن من آذار بالوكالة عن حزب الله الذي التزم الصمت. انتقادات دفعت البعض إلى التذكير بالحملات التي كانت تتعرض لرئيس الحكومة (والده الذي اغتيل) رفيق الحريري كلما تحرك دولياً أو عربياً وبتخطيط من الوصاية السورية آنذاك.
التعليق السلبي الأعنف كان لنائب التيار الوطني الحر زياد أسود الذي غرد على حسابه كاتباً "إذا رحت إلى أميركا واستقبلت وتقابلت ﻻ يمكنك أن تتعهد بشيء وإذا رجعت إلى لبنان ﻻ يمكنك أن تنفذ شيئاً... ما كتب قد كتب دولتك".

المفاجأة

أما المفاجأة فكانت أن النائب العوني تبين أنه مهّد لكلام جديد قاله رئيس الجمهورية ميشال عون بالأمس، وشكّل إحراجاً للرئيس الحريري الذي لم يكن بعد قد غادر أميركا، حيث كان أعلن من هناك ثقته بالانتقال في شأن القرار الدولي 1701 من وقف الهجمات العدائية إلى البند الثاني الذي يتحدث عن وقف إطلاق النار على الحدود مع إسرائيل. والتقى في مزرعته هناك وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، في بادرة تحمل دلالات سياسية.
ومن المقر الصيفي الرئاسي في بيت الدين، وخلال لقاء مع الإعلاميين هو الثاني له في أقل من 24 ساعة، قال الرئيس عون كلاماً جديداً ومفاجئاً في توقيته عن الإستراتيجية الدفاعية (البحث في مسألة سلاح حزب الله)، كلام بدا وكأن الحوار الذي حُدد مع الإعلاميين كان مخصصاً فقط لتمريره. فالرئيس عون وبعدما كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمح في آخر إطلالة إعلامية له إلى أن الإستراتيجية الدفاعية تحت أمرة الدولة أمر غير وارد، قطع رئيس الجمهورية الأمل بشأن إمكان البحث بسلاح حزب الله في حوار أو بأية طريقة أخرى، وهو أكد للمرة الأولى "أن كل مقاييس الإستراتيجية الدفاعية تغيرت" وسأل "على ماذا سنرتكز اليوم؟" وقال "حتى مناطق النفوذ تتغير، وأنا أول من وضع مشروعاً للإستراتيجية الدفاعية ولكن هل لا يزال صالحاً إلى اليوم"؟
كلام الرئيس عون فُهم استبعاداً لاحتمالات البحث بالإستراتيجية الدفاعية، وإبقاء لسلاح حزب الله غير الشرعي على حاله. وهو كان تعهد في خطاب القسم برعاية حوار للبحث بالإستراتيجية الدفاعية في عهده، ووافق على نقاط عشر كانت الإستراتيجية الدفاعية إحداها، حددها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مع الرئيس عون كورقة ضامنة لعودة الحريري عن استقالته التي كانت أُعلنت من السعودية.

وفي وقت لاحق، صدر بيان عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اعتبر أن كلام الرئيس عون كان "توصيفاً للواقع الذي استجد بعد عشر سنوات على طرح هذا الموضوع، خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، لاسيما التطورات العسكرية التي شهدها الجوار اللبناني خلال الأعوام الماضية والتي تفرض مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية".

قرار الحرب والسلم

في كل دول العالم ينحصر قرار السلم والحرب في يد الدولة ومؤسساتها المعنية إلا في لبنان.

منذ العام 1969 استولت منظمة التحرير الفلسطينية على قرار الدولة اللبنانية في المواجهة أو المهادنة، وفي العام 1992 انتقل قرار الحرب والسلم إلى الرئيس السوري حافظ الأسد باستسلام تام من الدولة اللبنانية ورؤسائها ومؤسساتها، واستولى نظام الأسد على قرار الأمن والعسكر وترك الاقتصاد لرئيس الحكومة رفيق الحريري ولو صورياً.

عام 2006 وكنتيجة أولى لـ"حرب تموز" كان القرار الدولي 1701 الذي أعاد نظرياً إلى حكومة لبنان قرار الحرب والسلم، وتبين في الممارسة أنه انتقل ليصبح في عهدة الجمهورية الإيرانية وحليفها حزب الله، ومرة جديدة صار الأمن والقرار العسكري في يد النظام الإيراني.

في مجلس النواب وقف الرئيس المنتخب ميشال عون متعهداً أمام الذين انتخبوه، استعادة قرار السلم والحرب ليكون فقط في يد الدولة اللبنانية، لكن الأمر لم يحصل.

بالأمس وقف رئيس الحكومة سعد الحريري على منبر الخارجية الأميركية متعهداً استعادة قرار السلم والحرب عن طريق تنفيذ القرار الدولي 1701 لا سيما الشق المتعلق بوقف إطلاق النار ساحباً قرار تحريك الجبهة الجنوبية من يد حزب الله وإيران، فأتاه الرد سريعاً من رئيس الجمهورية برفض البحث في الإستراتيجية الدفاعية.

من العاصمة الأميركية عاد الحريري إلى بيروت وأمامه خياران من اثنين إما الاستمرار في ما صرّح وتعهد به أمام الصحافيين العرب والأجانب، أو التراجع بحجة الأمر الواقع، وتجنب الخلاف مع رئيس الجمهورية. الخيار الثاني سيترك لبنان في مهب عواصف جديدة... وللأيام الآتية الكلمة الفصل.

المزيد من العالم العربي