Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المزارعون الأميركيون يعانون جراء الحرب التجارية بين ترمب والصين

"إننا نكافح... ومن الأفضل له ألا يتراجع وإلا سنبدو مغفلين"

يحارب ترمب الصين بيد، ويدعم المزارعين المتضررين منها باليد الاخرى. لحد الآن، نجح ذلك التوازن، لكن ماذا عن الآتي من الأيام؟ (أ.ف.ب)

يعمل بيل تينيجر في قطاع المزارع منذ خمسين عاماً. ويربّي الخنازير في مزرعته الواقعة شمال غرب ولاية آيوا، ويشحنها إلى من يتولون تعليب لحومها ثم يرسلوها إلى أرجاء العالم.

وبشيءٍ من النظرة التاريخية، يرى تينيجر أنّ صناعته تكافح نتيجةً للحرب التجارية التي شنّها دونالد ترمب منذ ما يقارب العام والنصف، حتّى وإن كان عديد من المزارعين ومربّي المواشي في آيوا غير مستعدّين للتخلّي عن رئيسٍ رمى نصّ خطابه الرئاسي وارتجل حرباً تجارية مع الصين جاعلاً منها نقطة التركيز الأساسية أثناء سنوات ولايته الرئاسية الأولى.

وإذ يجلس في منطقة تناول الطعام في كشك لحم الخنزير في "معرض ولاية آيوا"، يفيد تينيجر "إننا نكافح... لقد تراجعت هوامش الأرباح بشكلٍ حاد خلال سنة"، مضيفاً أنّ المزارعين يخسرون حوالي 8 دولارات في الخنزير الواحد أو ما يعادل 6 في المئة.

قرب تينيجر، يمتدّ خطّ من الأشخاص حول المنطقة المحيطة به ويصل إلى ممرّ ساحة المعرض المترامية الأطراف. وداخل سياج، وُضعت شوايات ضخمة يتوقّف عندها مرشّحون للرئاسة يطمحون بإزاحة ترمب، كي يتناولوا بعض قطع اللحم المشويّ فيما عيونهم تشخص إلى الكاميرات التي تلتقط صورهم طبعاً.

ولكن، تتّجه أفكار مزارع آيوا إلى مكانٍ آخر. يفكر في واشنطن ورئيس معروف عنه أنه يقلب الأسواق رأساً على عقب عبر تغريدات تبدو كأنها كُتبت أثناء نزوةٍ عابرة. وبعد ذلك، يفكر ذلك المزارع في الصين حيث أدّى انتشار مدمّر لانفلونزا الخنازير الافريقية إلى تكبيد أسواق الخنازير خسائر جمّة على مدار عامٍ على الأقلّ.

مع انتشار انفلونزا الخنازير الافريقية منذ السنة الماضية، شعر منتجو لحم الخنزير في آيوا، إضافة إلى تجّار العقود الآجلة، بالتفاؤل من أنّهم سيتمكنون من الاستثمار في حاجة الصين إلى لحم الخنزير المستورد بفعل هلاك خنازيرها. وفي المقابل، أدّت الحرب التجارية التي شنّها ترمب ودفعت الحكومة الصينية إلى فرض ضريبة تبلغ 62 في المئة على لحم الخنزير الأميركي، إلى تبخّر تلك الآمال على ما يبدو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا الإطار، تناول تينيجر حالة الأسواق بعد وصفه موجة صعود رافقت انتشار الانفلونزا في آسيا ثم تراجعت وأصبحت مشكّكة مع استمرار الحرب التجارية، موضحاً أنه "توصّلت إلى استنتاج أنّه حتّى وإن لم يحدث شيء، لن يقوموا بردّة فعل أكبر من ذلك."

تجدر الإشارة إلى أنّه منذ بدء ترمب تصعيد الحرب التجارية مع الصين للمرّة الأولى في 2017، واجه المزارعون والمنتجون الأميركيون توقعاتٍ عاصفة قريبة وبعيدة الأجل، بشأن أعمالهم حتّى مع إعلان الرئيس بأنّ جهوده شكّلت نعمة للولايات المتحدة، وحملت تأثيراً إيجابياً على المزارعين والمستهلكين الأميركيين على حدّ سواء.

في غضون ذلك، أشار محللون حاولوا الحصول على صورة شاملة لتأثير تصاعد الحرب التجارية، إلى أنّهم يشعرون بمؤشراتٍ مقلقة. وخلافاً لادّعاء ترمب بأنّ التأثيرات على المستهلكين الأميركيين "تكاد تكون معدومة" حتى الآن، دفع المستهلكون الأميركيون بالكامل تقريباً ثمن التعريفات المرتفعة التي فُرِضَتْ على السلع والمنتجات الزراعية المستوردة من الصين، بحسب ما أورده باحثون في "جامعة برينستون".

وتلوح في الأفق مؤشرات تنذر بالسوء. في هذا الأسبوع بالذات مثلاً، انعكس منحنى عائد سندات الحكومة الأميركية للمرة الأولى منذ العام 2007، وهو مؤشّر برز قبيل كافة حالات الركود الاقتصادي السبع التي شهدتها الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، صرّح ترمب بأنّ المزارعين لم يُصابوا بأذى جرّاء هذه الحرب التجارية في إشارةٍ واضحة إلى الدفعات الضخمة التي قُدّمَتْ لتعويض الضرر، حتّى لو عملت إدارته أخيراً على الحدّ من نطاق السلع المتأثرة بالتعريفات الأميركية.

وورد في تغريدة لترمب في 13 أغسطس (آب) الجاري، أنه "بفعل تخفيض قيمة العملة بشكل كبير وضخ مبالغ ضخمة من المال في نظامهم، فإن عشرات المليارات من الدولارات التي تتلقاها الولايات المتحدة هي هدية من الصين. لا ارتفاع في الأسعار. لا تضخم. المزارعون يحصلون على أكثر مما تنفقه الصين. لكن الأخبار الكاذبة لا تتحدث عن ذلك!"

وفي المقابل، شكّل الشكّ الذي تكشّف عبر تغريداته مصدر ضغطٍ كبير بالنسبة إلى ليون شيتس، يعمل مربّي خنازير في شمال شرق آيوا ويزرع أيضا 600 فدّان من المحاصيل الزراعية الخام التي تشمل الذرة وحبوب الصويا.

ويعتقد شيتس أنّ نظرته الشاملة تستند على استمراره في العمل وتقديمه أفضل إمكانيّاته لأنّه يدرك أنّه لا يتحكّم بالتعريفات والحرب التجارية التي تُدار من واشنطن. وكذلك يعيش حياته معتمداً على الفلسفة نفسها التي يتبناها جاره تينيجر، وخلاصتها أن الرئيس شخص يتوجّب على الأميركيين مساندته بغضّ النظر عن اختلافات وجهات النظر والآراء بشأن السياسة الصحيحة.

وفي ذلك الصدد، يشير شيتس إلى أنّ أسلوب الرئيس الشخصي في الإعلان عن التحوّلات الجذريةّ في تفكيره عبر منصة عمومية مثل "تويتر" بواسطة نصوص لا تزيد عن مائتي حرف، أمر له عواقبه. ويضيف شيتس مبتسماً: "نودّ ألا نحظى بهذه الإعلانات المفاجئة، إلّا إذا كانت إيجابية، وسنحظى بصفقاتٍ كبيرة."

شيتس وتينيجر من بين مزارعين في آيوا يفيدون أنّهم يساندون الرئيس حتى لو اقتصر السبب في ذلك على مجرد الشعور بالواجب الوطني. في المقابل، لا يبرز الموقف نفسه عند باقي المزارعين لدى التطرّق إلى مسألة حساسة كالحرب التجارية التي شنّها ترمب. وفي هذا الصدد، يصرح جورج نايلور، مزارع فول صويا في آيوا، إنه "لا أعرف حتّى ما الذي يتذمّر بشأنه."

ويشير نايلور إلى أنّ أسعار فول الصويا منخفضة إجمالاً، والتسعيرة الحالية ليست بعيدة عن القاعدة المعياريّة، وحتى مع أخذ الاتجاه العام بعين الاعتبار. وبحسب البيانات التاريخية، يبلغ السعر الحالي للبوشل (27 كلغ) حوالى 8,84 دولاراً، الأمر الذي يتناغم إلى حدّ كبير مع الأسعار التي ظلت سائدة في الماضي وصولاً إلى حقبة السبعينيات من القرن العشرين. ومن ناحية اخرى، ارتفعت الأسعار للغاية خلال ولاية سلف ترمب مع تسجيل مستوى بلغ 17,36 دولاراً في منتصف ولاية باراك أوباما.

ولدى سؤاله عن الحرب التجارية، يقول نايلور الذي عمل مزارعاً منذ 42 عاماً، "إنّ كلّ ذلك هراء... مجرد حيلة سياسيّة اخرى كي يبدو بمظهر القوميّ العظيم".

وفي مقلب آخر من الصورة نفسها، وباستثناء نايلور، يبدو أنّ عديداً من المزارعين يساندون الرئيس، في الأقل حتّى الساعة. لعله قد أضرّ بمكاسبهم حاضراً لكنّه على الأقلّ مصمّم على الذهاب بعيداً بما يؤمن به، حتّى لو كانت خطّته غير واضحة بالنسبة إلى من هم خارج المعركة.

إضافة إلى ذلك، يشير تينيجر إلى أنّ ترمب قنّاص مباشر، وتلك صفة يحبّها المزارعون في القائد. ويضيف، "يسمّي ترمب الأشياء بأسمائها. وإذا قال "إنّها الطريقة التي سأفعل بها ذلك"، فسينفّذ ما يقوله. لا أراه يراوغ، وأنا أقدّر ذلك فعلاً."

ويضيف أنّه في جميع الحالات، ابتعد ترمب بأكثر مما يسمح له بأن يتراجع الآن، "من الأفضل له عند هذه النقطة ألا يتراجع وإلّا سنبدو مغفلين".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات