ملخص
من المنتظر أن تجري عملية انسحاب البعثة الأممية في البلاد بشكل كامل نهاية العام الحالي. فلمن ستؤول تركتها.
يبدو أن طبول الحرب بدأت تقرع في شمال مالي بين المجلس العسكري الحاكم وقبائل الطوارق التي تقطن إقليم أزواد وترفض سلطة الحكومة على الإقليم بعد انسحاب القوات الفرنسية والأممية منه.
تنسيقية الحركات الأزوادية التي تمثل إقليم أزواد وتسير شؤونه المحلية منذ سنوات أعلنت أنها "حالياً أصبحت في زمن حرب مع المجلس العسكري" الانتقالي الحاكم في مالي، داعية سكان الإقليم إلى "المساعدة والتوجه إلى الميدان للمساهمة في الجهد الحربي والدفاع عن الوطن وحمايته".
ودعت تنسيقية الحركات في بيان لها صدر الثلاثاء الماضي سكان أزواد وجميع المدنيين إلى الابتعاد عمن وصفتهم بـ"إرهابيي فاغنر".
ويمثل هذا البيان تطوراً مهماً للأحداث في الشمال المالي الذي يشهد منذ أسابيع تجدداً للتوتر بين الحركات الأزوادية والجيش المالي، بخاصة بعد إسقاط مسلحي الحركات بإقليم أزواد طائرة للجيش المالي يوم السبت الماضي، في سابقة لم تحدث منذ توقيع اتفاق السلم والمصالحة بين الحكومة المالية وحركات تحرير الإقليم عام 2015.
إسقاط الطائرة
الجيش المالي اعترف في منشور على موقع "إكس" بإسقاط مروحية تابعة للقوات الجوية المالية شمال مدينة غاو، لكنه لم يكشف عن تفاصيل أخرى حول الحادثة أو عدد الضحايا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى مراقبون أن تصاعد التوتر بين السلطة المركزية في مالي وتنسيقية حركات أزواد هو ما أدى إلى هجوم الحركة على المروحية وإسقاطها، مؤكدين أن توالي هذه التوترات بدأ مع انسحاب بعثة الأمم المتحدة قبل شهرين، إذ كانت البعثة تتوسط دائماً لحل الخلافات بين السلطة المركزية في باماكو والحركات التي كانت تنادي سابقاً باستقلال الإقليم.
ومن المنتظر أن تجري عملية انسحاب البعثة الأممية بشكل كامل نهاية العام الحالي، وهي التي بدأت عملها في البلاد عام 2013، وتعد من أكبر البعثات الأممية إذ تضم أكثر من 13 ألف شخص، كما أنها تواجه مهمات خطرة، إذ قتل منها 190 جندياً إضافة إلى إصابة عديد من الجنود بجروح.
مخاوف عودة الحرب
يقول الباحث في شؤون غرب أفريقيا محمد سعيد الشيخاني إن انسحاب البعثة الأممية بدأ يشكل نقطة خلاف بين الطوارق أو ما يطلق عليه الحركات الأزوادية وبين الحكومة المالية، فالأولى تعارض تسليم معسكرات البعثة في إقليم أزواد للجيش المالي، والثانية تصر على بسط نفوذها على كامل الإقليم بعد مغادرة قوات "برخان" الفرنسية والبعثة الأممية.
ويؤكد الشيخاني لـ"اندبندنت عربية" أن التنافس من أجل السيطرة على إقليم أزواد يثير مخاوف من استئناف الأعمال القتالية بين الطوارق وحكومة مالي، وهما طرفان سبق أن تحاربا قبل 10 سنوات.
ويقول إن "إسقاط طائرة عسكرية تابعة للجيش المالي عمل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة ويأتي في سياق توتر"، مبدياً تخوفه من أن تتطور الخلافات بين الطرفين إلى ما لا تحمد عقباه، بخاصة أن الأوضاع غير مستقرة منذ أكثر من عقد من الزمن.
ويضيف "تشكل هذه التطورات نهاية لوقف إطلاق النار الموقع عام 2015 بخاصة أن تنظيم (القاعدة) يحاول منذ زمن إثارة الخلافات بين الطرفين ليسهل عليه السيطرة على مزيد من المناطق في غرب أفريقيا، وأي خلاف بين العسكر ومسلحي الحركة الأزودية سيصب في مصلحة التنظيم الذي يسعى حالياً إلى شل القدرات الجوية للجيش المالي ومساعدة الطوارق في تأسيس جيش وليس مجرد حركات مسلحة".
وكان تنظيم "القاعدة" تبنى الهجوم الذي حدث الخميس الماضي وأودى بحياة أكثر من 100 شخص في منطقة تينبكتو، وهو أقوى هجوم مسلح يقع في مالي منذ أشهر، وتصاعد التوتر بشكل أكبر عقب محاصرة التنظيم مدينة تينبكتو قبل شهر، مما دفع الجيش المالي ومجموعة "فاغنر" لمحاولة فك الحصار عبر غارات جوية تسببت في تدمير أحياء يقطنها طوارق.
وأعلنت حركة تحرير أزواد في السادس من أبريل (نيسان) 2012 استقلال الإقليم عن جمهورية مالي، ونشبت حرب بين الطرفين قبل أن تتدخل فرنسا وتنجح الوساطات الدولية في إقناع الطرفين بتوقيع اتفاق السلام عام 2015.