Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عمر البشير أمام المحكمة بتهمة الفساد

قوى الحرية والتغيير في السودان تعيد النظر في مرشحيها إلى المجلس السيادي

أجّلت محاكمة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير إلى السبت 24 أغسطس (آب) 2019. وكان البشير وصل الاثنين 19 أغسطس 2019، إلى سجن كوبر في ضاحية أركويت شرق الخرطوم، وسط إجراءات أمنية مكثفة، للمثول أمام القضاء.

وعقدت أولى جلسات محاكمته بتهم الفساد وغسل الأموال وحيازة أموال ضخمة من دون مبررات قانونية.

وكانت صحف سودانية ذكرت أن خزنات سرية ضخمة تخص البشير وأشقاءه ضُبطت في أحد مكاتبه، في أبريل (نيسان) 2019، بعد أيام من العثور على مبالغ خيالية في منزله، وصلت قيمتها إلى أكثر من 113 مليون دولار.

جلسة بعيدة من الإعلام

وبينما أعلن سابقاً أن جلسة محاكمة البشير ستكون علنية لوسائل الإعلام والصحافة، مُنع المصورون من الدخول إلى قاعة المحكمة، وسُمح للصحافيين فقط بالدخول مع التحفظ على أجهزة هواتفهم خارج القاعة.

وكان من المقرر عقد جلسة محاكمة البشير السبت 17 أغسطس، لكنها أجّلت، لتزامنها مع مراسم توقيع الاتفاق النهائي للمرحلة الانتقالية بين المجلس العسكري وقوى "إعلان الحرية والتغيير".

أما أولى جلسات محاكمته فكان يفترض أن تكون في نهاية يوليو (تموز) 2019، لكنها أجّلت أيضاً بسبب تغيّبه عن الحضور، لدواعٍ أمنية.

الإطاحة بالبشير

ويواجه البشير جملة من الاتهامات تشمل النقد الأجنبي والثراء الحرام ومخالفة أمر الطوارئ.

وكان الجيش أطاح البشير، في أبريل 2019، بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه الذي استمر 30 عاماً، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.‎

وسبق أن سمحت السلطات للبشير بالخروج من مقر اعتقاله في سجن كوبر المركزي، للمشاركة في تشييع والدته.

وفي السياق قال أحمد إبراهيم الطاهر محامي دفاع الرئيس البشير إنه بعد تقديم الرئيس للمحاكمة، ينبغي أن "يكون في البلد حكم للقانون"، وأضاف أن المحكمة استمعت للوائح الاتهام، وردود الدفاع. مضيفاً أن التهم الموجهة للرئيس حول الفساد هو مما "يقوله الإعلام"، وأن ما يطرح داخل المحكمة مختلف عما يقال في وسائل الإعلام.

 

 

قوى الحرية والتغيير

من جانب آخر، طلبت قوى الحرية والتغيير في السودان من المجلس العسكري مهلة 48 ساعة لحسم مرشحيها للمجلس السيادي، بعد اعتراضات داخلية على بعض الأسماء المرشحة. 

وكانت قوى الحرية والتغيير قد اختارت مرشحيها الخمسة بعد مخاض ووفق نظام غالبية الأصوات مع مراعاة تمثيلهم أقاليم السودان الخمسة، وهم البروفسور صديق تاور كافي، ومحمد الفكي سليمان، وحسن شيخ الدين إدريس، وطه عثمان إسحاق، وعائشة موسى السعيد. فيما رشحت أمرأه من الأقباط المسيحيين لتكون العضو الـ 11 والذي حددته الوثيقة الدستورية بأن تكون شخصية مدنية مستقلة.

تسامح السودانيين

وأوضح القيادي بقوى الحرية والتغيير محمد وداعة لـ "اندبندنت عربية"، أن لجنة الترشيحات للمناصب الدستورية والسيادية بقوى الحرية والتغيير توافقت على أسماء المرشحين الخمسة لمجلس السيادة وأجازتها بعد فحصها ومراجعتها من كافة الجوانب والمعايير المتفق عليها، بينما رأت إسناد المقعد الحادي عشر في مجلس السيادة إلى شخصية مسيحية تمثل الأقباط السودانيين باعتبارهم مكوناً سودانياً أصيلاً لعب دوراً مشهوداً وفاعلاً في الحراك الثوري الذي أطاح بنظام الرئيس السابق عمر البشير، وهو ما يعكس تسامح السودانيين وعدم التمييز في الدين أو اللون، فضلاً عن أنه يعد تكريماً لطائفة الأقباط المسيحيين لدورهم البارز في الثورة السودانية.

وأكد أن قوى الحرية والتغيير رفعت ترشحاتها للأعضاء الخمسة إلى المجلس العسكري للمصادقة عليها، إلى جانب أسماء ثلاثة مرشحين أقباط (رجلين وامرأة) للمقعد الحادي عشر، لافتاً إلى أن قوى الحرية والتغيير التمست من المجلس العسكري اختيار امرأة لهذا المنصب حتى تتحقق شعارات ورغبات أهل السودان بتمثيل المرأة بنسبة 40 في المئة من المناصب القيادية والعامة خلال فترة الحكم المدني الانتقالي.

وحول ما حدث من مشاورات وتجاذبات بشأن الترشيحات قال وداعة، "مسألة التمثيل لجميع أهل السودان ومكوناتهم المختلفة يعد عملية رمزية، وبالتأكيد أن ما حدث من توافق لاختيار أعضاء مجلس السيادة لم يعبر بشكل كامل لكافة قطاعات ومكونات الشعب السوداني، فمثلاً مرشح شرق السودان حسن سيخ الدين ومرشح شمال السودان محمد الفكي سليمان وجدا توافقاً كبيراً في ترشيحهما لعضوية المجلس، وهذا لا يقلل من شأن الآخرين نظراً لأن كل مكون يريد أن يكون له حظ في التمثيل، لكن بشكل عام هناك قبول تام على المرشحين الخمسة وهذا هو المطلوب"، مؤكداً أنه من الصعب أن تجد في مثل هذه الحالة إجماعاً وتوافقاً 100 في المئة، وأرجع ذلك إلى أن كثرة الكفاءات والخبرات السودانية وهو أمر صعب من مهمة لجنة الترشيحات".

ويأمل وداعة أن تشهد الفترة الانتقالية المقبلة نقلة نوعية في ممارسة الحكم من خلال اتباع الشفافية والحوكمة في التعامل مع كافة القضايا الملحة والتي ستسهم المفوضيات في معالجتها، لافتاً إلى أن البلاد وفق الوثيقة الدستورية تتجه لحكم رشيد قائم على السلام والحرية والعدالة بعيداً من المحاباة والولاء وغيرها من السياسات الظالمة.

تحديات جمة

في المقابل، قال وزير الخارجية السابق والقيادي بقوى الحرية والتغيير السفير إبراهيم طه أيوب، "هناك آمال كبيرة معلقة على الحكومة الانتقالية المقبلة التي سيكون طاقمها من الكفاءات السودانية الوطنية المشهود لها بالخبرة الواسعة في المجال الذي يشغله كل عضو في مجلس السيادة أو في مجلس الوزراء".

وأكد أن هذه الحكومة تنتظرها عقبات وتحديات جمة، وهي بحاجة لمجهودات جبارة للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، لكنها تمثل الحل الوحيد الذي من شأنه أن يخرج البلاد من مأزق الأوضاع الحالية التي تعيشها، وهي تركة ثقيلة قوامها 30 عاماً عانى فيها الوطن ومواطنه من شتى أنواع الظلم والقهر والأزمات الاقتصادية المستفحلة.

 وأوضح أيوب أن طبيعة الأوضاع المعقدة الماثلة الآن تتطلب معرفة مبنية على الأداء وهذه الشروط لا تتوفر إلا من خلال حكومة تقوم على الكفاءات، مضيفاً أنه يتوقع أن تكون الحكومة متماسكة من التكنوقراط الأكفاء للتمهيد العملي للدخول في مرحلة الإصلاح الموعود، إذ سيتولى كل قطاع الشخص الذي يناسب مجال اختصاصه وتجربته ومرمى عطائه، فضلاً عن نظافة الأيدي والبعد عن المساس بالمال العام والتورط في المسائل المخلة أو المعيقة بمفهوم الدولة، منوهاً إلى أنه بتشكيل الحكومة الانتقالية تكون البلاد قد خطت أولى خطوات الحكم الرشيد بعيداً من المحاصصة والترضيات.

 ومن المقرر أن يعلن اليوم عن أعضاء مجلس السيادة ليؤدي غداً الاثنين 19 أغسطس القسم أمام رئيس القضاء والنائب العام، في حين سيتم الإعلان عن حل المجلس العسكري. ويضم مجلس السيادة من الجانب العسكري كلاً من الفريق عبد الفتاح برهان رئيساً ومحمد حمدان حميدتي نائباً وعضوية الفريق شمس الدين كباشي والفريق ياسر العطا والفريق صلاح عبد الخالق. في حين سيؤدي رئيس مجلس الوزراء الذي اختير له الدكتور عبدالله آدم حمدوك بإجماع مكونات قوى الحرية والتغيير القسم أمام رئيس القضاء بعد غد الثلاثاء. وسيتم الإعلان عن تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة في 28 أغسطس الحالي.

وتنتظر الفترة الانتقالية الواقعة بين 17 أغسطس 2019 و17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 مهام كبرى حددتها الوثيقة الدستورية في 16 مهمة، تبدأ من العمل على إنهاء الحروب وتحقيق السلام خلال فترة الستة أشهر الأولى، مروراً بمعالجة الأزمة الاقتصادية، وتفكيك بنية النظام الساقط ومحاسبة منسوبيه عن الجرائم التي ارتكبت خلال الثلاثين عاماً الماضية، سواء كانت جرائم حرب أو قتل أو تعذيب أو نهب أو فساد، والعمل على تسوية أوضاع المفصولين تعسفياً، والإصلاح القانوني، وإنشاء آليات الإعداد لوضع الدستور الدائم، وانتهاء بتعزيز دور المرأة والشباب وتوسيع فرصهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

المزيد من العالم العربي