يواجه المفاوضون صعوبات في تجاوز الخلافات في شأن الحرب بأوكرانيا للتوصل إلى توافق في الآراء في قمة العشرين التي تستضيفها الهند وتسعى إلى إنجاحها.
وتنعقد قمة الـ "20" هذه المرة في ظل انقسامات حادة في شأن حرب روسيا في أوكرانيا وسط حضور مكثف للغرب يقابله غياب صيني – روسي، مما يخاطر بإخراج القمة عن مسارها بما يعوق إحراز تقدم على صعيد قضايا مثل الأمن الغذائي وأزمة الديون والتعاون في مكافحة تغير المناخ.
الهيمنة الغربية على قمة دلهي واضحة، إذ تنعقد في ظل حضور الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، وآخرين، ولكن في المقابل سيغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي أرسل بدلاً منه رئيس مجلس الدولة (رئيس الوزراء) لي تشيانغ، كما سيفوتها أيضاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
انتقاد مباشر وعلني لروسيا
إلى ذلك، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، أول من أمس الخميس، إن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك سيحث رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على توجيه انتقاد مباشر وعلني لروسيا بسبب هجومها على أوكرانيا واستغلال نفوذه للمساعدة في إنهاء الحرب.
وحال الموقف المتشدد من الحرب دون التوصل إلى اتفاق حتى على بيان واحد في الاجتماعات الوزارية للقمة حتى الآن خلال فترة رئاسة الهند لها هذا العام، وترك للزعماء أمر إيجاد طريقة للتغلب على هذه المشكلة إن أمكن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهتها قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين التي توجهت إلى نيودلهي قبل وصول بايدن، أمس الجمعة، إن "واشنطن مستعدة للعمل مع الهند على صياغة البيان الختامي للقمة، لكن ذلك سيشكل تحدياً"، مضيفة "أتفهم أن صياغة مثل هذا البيان تمثل تحدياً"، مستدركة "لكنني أعلم أن المفاوضين يناقشون الأمر ويعملون جاهدين على إتمامه، ونحن على استعداد بالتأكيد للعمل مع الهند على محاولة صياغة بيان يعالج هذا القلق بنجاح".
وأضافت جانيت يلين أن "أهم شيء يمكن القيام به لدعم النمو الاقتصادي العالمي هو دفع روسيا لإنهاء حربها الوحشية في أوكرانيا".
ويتوقع صندوق النقد الدولي تسجيل نمو اقتصادي أقل لمعظم دول قمة الـ "20" هذا العام مقارنة بما كان عليه في عام 2022.
الصياغة المتعلقة بالحرب
وأيد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ما قالته وزيرة الخزانة الأميركية، إذ قال في مؤتمر صحافي في نيودلهي إنه "من الصعب التنبؤ بما إذا كان الزعماء سيتوصلون إلى توافق في الآراء على إعلان"، مستدركاً "لكن الاتحاد الأوروبي سيدعم الجهود التي تبذلها الهند للتوصل إلى بيان ختامي"، مشيراً إلى أن موسكو تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن تتوقف عن مهاجمة المدن الأوكرانية.
في غضون ذلك، قالت أربعة مصادر حكومية هندية لـ"رويترز" إن مفاوضي قمة الـ"20" حققوا تقدماً في معظم القضايا، لكن النقطة الشائكة الرئيسة هي صياغة إعلان الزعماء في شأن الحرب، إذ تريد الدول الغربية إدانة قوية للهجوم الروسي كشرط للموافقة على إعلان دلهي، بينما اقترحت الهند بجانب إدانة المعاناة التي تسبب فيها الهجوم الروسي أن يعكس أيضاً وجهة نظر موسكو وبكين عن أن هذه القمة ليست مكاناً للقضايا الجيوسياسية، وأضافوا أن هناك أيضاً بعض الخلافات التي تتعلق بالتعاون في مجال تغير المناخ.
وانقسمت المجموعة في شأن التزامات الاستغناء التدرجي عن استخدام الوقود الأحفوري وزيادة أهداف الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وترى حكومة مودي أن رئاسة الهند للمجموعة والقمة هي فرصة لتسليط الضوء على اقتصاد البلاد سريع النمو وموقعها الآخذ في التنامي في المشهد الجيوسياسي في العالم.
قمة بالي
وتوصلت قمة العام الماضي برئاسة إندونيسيا إلى توافق في الآراء على بيان مشترك في اللحظة الأخيرة، على رغم أن روسيا كانت تسقط صواريخ على البنية التحتية الأوكرانية الرئيسة، حتى في الوقت الذي جلس فيه زعماء العالم لتناول العشاء. ولم يحضر بوتين هذا الاجتماع. وأشار إعلان بالي الذي صيغ بعناية إلى أن "معظم الأعضاء"، وليس جميعهم، ينددون بشدة هجوم روسيا على أوكرانيا.
في المقابل، قالت روسيا والصين إن ما وقعتاه في إندونيسيا لم يعد مقبولاً الآن لأن زيادة مشاركة البلدان الغربية في تسليح الجيش الأوكراني وتدريبه غيرت الوضع الراهن على الأرض.
إلى جانب التغيرات في النزاع الأوكراني، يتلخص الفارق الكبير بين قمة هذا العام وقمة إندونيسيا عام 2022 في دور الصين، وهناك مخاوف من أن بكين ستكون سعيدة لرؤية قمة قمة الـ "20" تفشل تماماً أثناء استضافتها من قبل العملاق الآسيوي المنافس لها، والذي تنخرط في نزاع حدودي نشط معه منذ عام 2020.
وانطلقت القمة عام 1999 في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، وتقول الهند إن قمة هذا العام تمثل فرصة كبيرة في وقت من المتوقع أن ينخفض فيه النمو العالمي إلى ثلاثة في المئة، في حين يواجه أكثر من 50 بلداً في أنحاء العالم كله أزمات ديون.