Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظر ألعاب الفيديو في العراق لم يفلح بل أثار حنق الشباب

لعبة ’بوبجي - ساحات معارك اللاعبين المجهولين’ هي أحد المساحات القليلة التي تسمح للشباب بالالتقاء والتواصل الاجتماعي بعيداً عن تطفل عائلاتهم وريتشارد هول يستطلع الأمر من بغداد

شبان منهمكون في منافسات عالمية خلال مهرجان الرياضة والألعاب الالكترونية و الموسيقى في هونغ كونغ 28 يوليو 2019 (غيتي)  

خلال الساعات الأولى من الصباح، وبينما يكون جميع أفراد أسرته نائمين، وعندما يفترض أن يكون هو نائماً أيضاً، يستعد الشاب مصطفى ماجد البالغ من العمر 18 عاماً وأصدقاؤه لخوض الحرب.

مثلهم مثل آلاف الشباب الآخرين في العراق، يجتمعون على الإنترنت في العالم الخاص بلعبة ’ساحات معارك اللاعبين المجهولين’ المعروفة اختصاراً بـ بوبجي (PUBG)، وهي لعبة قتالية متعددة اللاعبين، اجتاحت البلاد برمتها.

في مجالس الإنترنت والمقاهي والمدارس والحدائق العامة، يتمسك العراقيون بهواتفهم وكأن مصائرهم مرتبطة بها وهم يتنافسون ضد لاعبين من جميع أصقاع الأرض في ساحات قتال عملاقة افتراضية.

أثارت الشعبية الهائلة للعبة بين الشباب العراقي قلق المؤسسات السياسية والدينية في البلاد، لدرجة أن الحكومة صوتت مؤخراً على حظرها بسبب "آثارها السلبية على الصحة والثقافة والأمن". لم يكن من الصعب على ماجد إدراك تلك المفارقة. إذ يقول لي الطالب في المدرسة الثانوية وهو يقضي على أعدائه الافتراضيين: "الوضع هنا أسوأ من أي لعبة بالفعل. قد اُقتل في انفجار في أي لحظة أثناء حديثي معك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ’بوبجي’ هي أكثر من مجرد لعبة بالنسبة للعديد من الشباب العراقي. يعد عالم اللعبة على الإنترنت أحد الأماكن القليلة التي تمكنهم من الالتقاء والتواصل اجتماعياً بعيداً عن أعين عائلاتهم المتطفلة. إنها منصة للتواصل الاجتماعي بقدر ما هي لعبة.

حيث يمكن للاعبين التحدث مع بعضهم البعض من خلال الميكروفونات والعثور في اللعبة على أصدقائهم من فيسبوك. في بلد تعاني منه المجتمعات منذ زمن طويل من الحروب والانقسامات الطائفية، جمعت اللعبة العديد من الشباب سوياً.

يقول ماجد: "لقد كوّنت صداقات مع عراقيين من مدن لم أذهب إليها من قبل، من البصرة والعمارة - وأشخاص من دول أخرى... وقد التقيت ببعض الأشخاص في بغداد بعد لعب بوبجي".

 

وكان البرلمان العراقي قد صوّت بالإجماع تقريباً لحظر مجموعة من الألعاب المماثلة على الإنترنت في أبريل (نيسان)، مدعياً أنها تضر بصحة وسلامة الشباب العراقي. وجاء قرار البرلمان بعد وقت قصير من مناشدة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الشباب بالتوقف عن لعب بوبجي.

لكن اللاعبين الشباب لم يقتنعوا بالأسباب الرسمية وراء الحظر. وبدا الأمر بالنسبة للكثيرين، وكأنه هجوم على جيل بأكمله.

وتقول سارة اللامي البالغة من العمر 18 سنة: "إنها طريقة لإقناع الشباب بأن عليهم الانصياع. إنهم يحاولون السيطرة على الشباب ...  لا نتمتع بحرية الخيار في مناح شتى، لكن هذه اللعبة تجمع شمل الشباب".

جدير بالذكر أن الفجوة العمرية بين الأجيال في العراق واضحة جداً. إذ ما يقارب 60 في المئة من السكان هم تحت سن الخامسة والعشرين. وبعد عقود من النزاع وسوء الإدارة والفساد، يشعر العديد من الشباب أنهم مهمَلون. ويقترب معدل البطالة بين الشباب من 40 في المئة، وفقاً للبنك الدولي.

لا يمكن إنكار أن اللعبة مسببة للإدمان، لكن يرى الكثيرون أن تلك الخطوة البرلمانية بمثابة ضعف في ترتيب الأولويات.

تقول غدير رشاد، وهي صيدلانية بعمر السابعة والعشرين وتلعب مع أصدقائها:" صديقاتي في العمل يتذمرن من لعب أزواجهن طوال الليل، ويقلن إنهم لا يصغون إليهن أثناء اللعب ... لكن اللعبة تخلق تواصلاً بين الناس. نحن نتحدث كثيراً خلالها".

وتقول صديقتها وزميلتها المقاتلة في بوبجي، رُسُل محمد، من المحتمل أن يحقق الحظر عكس الهدف المطلوب منه على المدى الطويل. موضحة: "يتعلق الأمر بالحرية ... عندما تحظر شيئاً فإنك تزيد من الرغبة في الحصول عليه، خاصة بين أوساط الشباب".

وفي واقع الأمر، لم يكن الحظر فعالاً جداً. إذا لا يزال ماجد يلعب لمدة أربع ساعات في اليوم. ويقول: "عندما حظر البرلمان اللعبة، توقفتْ لعدة ساعات، ثم عادت. يمتلك جميعنا شبكات خاصة افتراضية (VPNs)، وبالتالي لن يتمكنوا من إيقافها بكل الأحوال".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي