Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتبت مقالاً عن قريبين يؤيدان ترمب بقوة… فكشف الإعلام اليميني عن وجهه البشع

لقطة من برنامج "فوكس أند فريندز" التلفزيوني الأميركي (غيتي)  

نشرت الأسبوع الماضي مقالاً شخصياً عن والديّ زوجي، اللذان بلغا السبعين من العمر ومرا بنوع من الصحوة السياسية بعد سنتين من الاضطراب السياسي في الولايات المتحدة.

كان عنوان المقال الذي انتشر على نطاق واسع فور نشره، هو "ربما حان الوقت لإخراج والدي زوجي اليمينيّين اللذين يحبان ترمب من حياة  طفلَيّ".

كتبت في  المقال أنّ حمويّ أصبحا أكثر تعصّباً منذ استلام ترمب مقاليد الحكم. وصارا يتفوهان بأقوال تمثل، برأيي، وجهة نظر تثير الخلاف لا يمكن تبريرها حول الأقليات والمجموعات المهمشة.

شكّل هذا الوضع معضلة لزوجي ولي. فنحن نربي طفلين صغيرين ولا نريد لهما سماع أفوال جديّهما. تناولت في  المقال هذه المشكلة التي لا تتعلق بالسياسة : فالتعصب لا يقف عند حدود السياسة.

أخذت أكبر الوسائل الإعلامية في البلاد مقالي لتعيد نشره آلاف المرات. وردتني على أثر ذلك رسائل لا تعد ولا تحصى كان العديد منها لطيفاً. تجاوب كثيرون من مواطنيّ الأميركيين مع رأيي برفض التواطؤ مع الظلم وبعثوا لي سيلاً من قصصهم الشخصية. تأثّرت بعدد الأشخاص الذين أطلعوني على قصصهم وحياتهم رغم أنني غريبة عنهم، لمجّرد أنّي كتبت قصتي ونشرتها.

لكنني بالطبع كنت محط الغضب والانتقادات أيضاً. أراد لي البعض الإصابة بافظع المصائب. وهدّدتني مجموعات شتى بالاتصال بوكالة حماية الأطفال. حتى أنّ أحدهم بعث إلي رسالة بالبريد الإلكتروني تمنى لي فيها الموت بالسرطان. واضطررت إلى تغيير مستوى خصوصية صفحاتي على وسائل التواصل الاجتماعي فيما أرسل محرّضٌ يمينيٌّ أحد منشوراتي على إنستغرام إلى جهاز الخدمة السرية. 

كانت ردة الفعل بمعظمها متوقعة. فأنا أعلم جيداً أنّ نشر مقال من هذا النوع في وقت مشحون كهذا لن يمرّ مرور الكرام بالنسبة للناس. ولكنني لم أتوقع أن يحظى ما كتبته باهتمام ثلاثة وسائل إعلامية كبيرة مثل برنامج راش ليمبو الإذاعي، وموقع غلين بيك الإلكتروني "ذا بلايز"، والبرنامج التلفزيوني الصباحي  على قناة فوكس الوطنية "فوكس أند فريندز"، التي أبرزت المقال بعدما تلاعبت بمحتواه والهدف منه بالطريقة التي فعلتها. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما كتبت المقال، قدّمت حجّة للانفصال عن أفراد عائلتي المتعصبين ودعّمتها باقتباسات محددة وفظيعة تفوّه بها والدا زوجي. لكن مصادر الإعلام اليمينية حورت سياق الحديث وحذفت كل هذه الاقتباسات وصوّرتني على أنني ليبرالية هائجة مجنونة تريد أن تبعد حمَويها عن عائلتها لا لسبب سوى أنهما صوّتا لمنافس سياسي في الانتخابات.

عرفت هذه الوسائل الإعلامية تمام المعرفة أن مستمعيها وقرائها ومشاهديها لن يقرؤوا 2600 كلمة على موقع يساريّ الميول. ووضع الكاتب المكلّف بإخراج كلماتي على موقع "ذا بلايز" لائحة من نقاط عدة بقالب مثير فأفقدها عمداً برأيي الكثير من المعاني والتلميحات الأساسية.

وفي المقابل بدا لي مستبعداً أن يكون راش ليمبو ومقدمي برنامج نهاية الأسبوع الثلاثة الذين ناقشوا مقالي لدقائق معدودة يوم السبت ضمن برنامج فوكس أند فريندز قد قرأوا مقالي حتى، لأنهم أمضوا الوقت في مناقشة ردود فعل المحافظين عليه وأصبح الحديث بالتالي منقسماً لاصدق فيه.   

ما تعلمته في أعقاب نشر مقالي الشخصي هو طريقة عمل الأجندة اليمينية وافتقارها للنزاهة. حين بدأت الرسائل تأتيني بكثافة من جديد، بعد مرور أيام على نشر مقالي للمرة الأولى لاحظت أنّ الردود التي كانت تصلني مليئة بالكراهية ومضلَّلة بشكل كبير. بعد سؤالي إحدى النساء إن قرأت مقالي بالأساس، ردت عليّ في رسالتها "شاهدتك على برنامج فوكس أند فريندز". لكنها لم تشاهدني بالطبع، بل تابعت فقرة يقدمها دين كاين، الممثل السابق ومقدم البرامج البديل حالياً تحت عنوان "امرأة تكشف في مقال أنها تريد إبعاد طفليها عن جدّيهما المؤيديّن لترمب". والحقيقة هي أني لم  أخلص إلى نتيجة في مقالي حول المنحى المستقبلي للعلاقة مع أفراد العائلة المتعصبين، ولكن  بدا أن الحقيقة لا علاقة لها بالموضوع إطلاقاً. 

ليتني أستطيع أن أقول إن سوء نية هذا الإعلام أمراً لا قيمة له  فعلياً،  لكن حين يصل عدد متابعيه إلى الملايين، يصبح الأمر مهماً حقاً. لو تساءلنا في المستقبل كيف وصل الحال بأميركا إلى هذا الدرك حيث يتقاطع الواقع مع الخيال، يمكننا عندها أن نلقي باللوم  على الآلة الدعائية هذه.

بعد انتشار مقالي على نطاق واسع أيقنت أن الآلة الإعلامية اليمينية أقوى وأبرع وأخطر مما يبدو عليها. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء