Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعاطف عراقي مع جيش البلاد بعد المطالبة بحله

قيادي في حركة مقربة من إيران أطلق تصريحات تبعها جدل سياسي

 نائب رئيس حركة النجباء أركان الكعبي مع وزير الدفاع نجاح الشمري في مقر وزارة الدفاع (المكتب الإعلامي للكعبي)

أطلقت مطالبة قيادي في مجموعة عراقية مسلحة في الحشد الشعبي، بحل الجيش، تحذيرات سياسية من "التذويب التدريجي" للمؤسسة العسكرية الرسمية، وسط تعاطف شعبي واسع مع الجيش العراقي.

عبر تصريحات اعتبرت على نطاق واسع "إهانة للجيش"، دعا القيادي في حركة "النجباء"، يوسف الناصري، وهي جزء من تشكيلات الحشد الشعبي، إلى حل الجيش العراقي، واصفاً إياه بـ "المرتزق".

جاء هذا الإعلان المتسفز، في وقت يشهد جدلاً واسعاً، حول قدرة الجيش على ضبط تحركات الحشد الشعبي، في إطار الصراع الذي تشهده المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران.

ردود شعبية غاضبة

أثارت هذه التصريحات ردود فعل شعبية غاضبة، وفسرت على نطاق واسع بأنها محاولات إيرانية لابتلاع المؤسسة العسكرية العراقية، لا سيما أن هجوم الناصري على الجيش العراقي، تضمن مقترحاً بتحويل الحشد الشعبي إلى "جيش العراق الأول"، و"تشكيل وزارة خاصة به".

وتناقل مدونون في وسائل التواصل الاجتماعي العراقي، تعليقاً سابقاً للمرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، بشأن الجيش.

يقول السيستاني إن "جيش العراق هو الجيش الوطني الذي يقوده العراقيون، ومهمته الدفاع عن العراق أرضاً وشعباً ومقدسات، ولا محلّ لجيش آخر إلى جنب هذا الجيش".

استخدم المدونون هذا التعليق، للرد على مقترح استبدال الجيش العراقي بالحشد الشعبي. وتحت وسم "جيش العراق سور الوطن"، كتب رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، في حسابه بـ "تويتر"، "السلام على جيش العراق"، من دون إشارة إلى تصريحات الناصري.

دور الحشد

وتنظر أطراف عراقية، وأخرى دولية، إلى الحشد الشعبي، بوصفه أداة إيرانية في الصراع مع الولايات المتحدة، فيما شكلت سلسلة انفجارات في مخازن السلاح التابعة للحشد الشعبي، آخرها في بغداد، مساحة لجدل متزايد، بشأن نوايا هذه القوة، وإصرارها على تخزين صواريخها في محيط المدن العراقية.

في مقابل، تجنب رئيس الوزراء العراقي، بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة، الخوض في هذا الجدل، تعددت استجابات المؤسسة العسكرية لتصريحات الناصري، ففي حين  أعلنت وزارة الدفاع، أنها ستقاضيه، قالت قيادة العمليات المشتركة، وهي أرفع إدارة ميداينة في العراق، إنها لن تسمح بالتطاول على الجيش.

النجباء تتحرك

سعت حركة النجباء، إلى البراءة من تصريحات الناصري، وقالت إنه غادرها منذ شهور. وأرسلت الحركة لاحقاً، مسؤولاً كبيراً فيها، للقاء وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري.

وعلى الرغم من أن مسؤول النجباء، لم يقدم اعتذاراً واضحاً عن تصريحات الناصري، إلا أنه قال إن "الجيش العراقي هو السور والسد المنيع لحماية بلادنا وشعبنا العزيز، إضافة إلى بقية المؤسسات الأمنية الرسمية التي بتضامنها وتضحيات مقاتليها تحققت الانتصارات العظيمة".

العبادي وعلاوي

حفلت الأيام القليلة التي تلت تصريحات الناصري، بسلسلة من التعليقات السياسية، إذ قال رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إن الجيش العراقي لم ينحز "لحاكم أو طائفة أو حزب"، في رد غير مباشر على القيادي في النجباء.

وقال النائب السني في البرلمان محمد الكربولي، إن الجيش العراقي، "لا يدعو إلى حله إلا عميل للأجنبي، ولا يزايد عليه إلا مرتزق".

ودعا رئيس الوزراء السابق، إياد علاوي، الذي ينسب إلى حقبته في عام 2005، بدء عملية بناء جيش جديد، بعد حل الجيش السابق من قبل الولايات المتحدة إثر اجتياح العراق عام 2003، إلى "حماية المؤسسة العسكرية من بعض الجهلة الذين لا يمتلكون الوعي السياسي والأمني اللازم"، مطالباً بـ "اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضع حد لأي تطاول على جيشنا الباسل وبطولاته وتضحياته مع الحشد المقاتل والشرطة الوطنية".

ويرى علاوي أن "هبّة أبناء الشعب العراقي لنصرة جيشهم وردود الأفعال التي تشهدها الساحة المحلية منذ يومين كانت خير رد على التخرصات التي تريد للعراق أن يكون بلا قوات مسلحة أو جيش يذود عن الوطن وحدوده وشعبه الكريم".

أنصار الحشد يردون

لم يتوقف أنصار الحشد الشعبي أمام هذه الموجة الناقمة مكتوفي الأيدي، إذ أطلقوا تصريحات غاضبة ضد "من يدافعون عن الجيش اليوم، بعدما طعنوه بالأمس".

وتدور فكرة أنصار الحشد حول تصريحات سياسية، اتهمت بعض صنوف الجيش العراقي بممارسات طائفية ضد المكون السني في البلاد، خلال الحقبة الثانية من إدارة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بين 2010 و2014، حيث اعتبرت مقدمات لبروز تنظيم داعش، واستيلائه على أراض عراقية شاسعة، خلال حقبة المالكي نفسه.

يعتقد مراقبون أن المزاج السني في العراق، بشأن الجيش، تحول بشكل جذري، خلال ولاية رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي بين 2014 و2018، عندما استعادت المؤسسة العسكرية هيبتها، عبر سلسلة انتصارات على تنظيم داعش، قادت إلى طرده من معظم المناطق التي سيطر عليها خلال حقبة المالكي.

ولا يزال المالكي حتى الآن، يقدم ذكر الحشد الشعبي على الجيش العراقي، عندما يشيد بـ "بطولات القوات العراقية"، إذ يفخر رئيس الوزراء الأسبق، بأنه هو من أسس الحشد الشعبي، عام 2014.

الناصري يعود

اللافت، أن الناصري انتظر نحو يومين، قبل أن يشن هجوماً جديداً على الجيش، مؤكداً أن من أسسه هو الحاكم المدني للعراق، بعد الاحتلال الأميركي عام 2004، بول بريمر، مستذكراً تعليقات سياسية تعود إلى تلك الحقبة، تتحدث عن فساد مالي تورط فيه نصف ضباط الجيش.

بالنسبة إلى مراقبين في العراق، فإن تكرار الظهور لتجديد الحديث عن ملف أثار كل هذا الجدل، هو دليل على الحماية الخاصة التي يتمتع بها الناصري، وانعدام فرص تطبيق القانون عليه.

وينص القانون العراقي، على عقوبات قاسية، بحق كل من يتورط بإهانة المؤسسة العسكرية، وهو ما طالب نشطاء بتطبيقه على الناصري، فيما يستبعد كثيرون وجود جهة عراقية قادرة على إنفاذ القانون بحق قيادي في حركة النجباء.

المزيد من العالم العربي