ملخص
زيادة سنوية على الرسوم بواقع 10 في المئة بالمدارس الخاصة... والحكومية تفتقر للمرافق والظروف الملائم.
يتحول موسم عودة المدارس في الأردن كل عام لهاجس يؤرق الأهالي مادياً بسبب ارتفاع أسعار الأدوات والرسوم المدرسية، وما يلحقها من مصاريف للكتب والزي والمستلزمات الأخرى.
فبعد نحو شهرين من العطلة الصيفية تعود حافلات المدارس لتمارس صخبها الصباحي المبكر، وتدب الحياة مجدداً في شوارع استسلمت لهدوء إجباري موقت، فيما يعلن الطابور الصباحي بداية فصل دراسي جديد مفعم بالأمل، لكنه ثقيل بالمسؤوليات والأعباء المالية على أولياء الأمور.
وتوجه الأحد الماضي نحو مليون و700 ألف طالب وطالبة إلى مدارسهم التابعة لوزارة التربية والتعليم ووكالة الغوث ومدارس الثقافة العسكرية، في حين يتوجه الأسبوع المقبل نحو نصف مليون آخرين إلى مقاعد الدراسة في القطاع الخاص.
هجرة من الخاص إلى الحكومي
يرى مراقبون وتربويون أن أكبر مؤشر على ارتفاع كلفة الموسم الدراسي عاماً بعد آخر هو انتقال آلاف الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية، ففي العام الحالي قدر عدد هؤلاء بـ15 ألف طالب وطالبة، ممن عجز أهاليهم عن الاستمرار في تحمل كلف تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة.
أما العام الماضي فسجل انتقال 137 ألف طالب من المدارس الخاصة إلى الحكومية جراء ارتفاع أسعار الرسوم المدرسية التي تقدر بما بين ألفين إلى 10 آلاف دولار سنوياً بحسب مستوى المدرسة ونوعية النظام التعليمي الذي تقدمه، وهذا يشمل الكتب والزي المدرسي والأدوات المدرسية.
فيما يسعى أردنيون من الفئات الفقيرة للتغلب على الغلاء الذي يشهده العام الدراسي عبر شراء الكتب المستعملة أو استعارتها وحياكة الزي المدرسي بدلاً عن شرائه، والحصول على القرطاسية والمستلزمات الأخرى بأسعار رخيصة من الأسواق الشعبية أو مواسم الخصومات، فضلاً عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة مع وجبات طعام مصنوعة منزلياً والاستغناء عن كثير من النشاطات المدرسية غير المنهجية كالرحلات، سعياً إلى التوفير.
لكن في المقابل يضطر آخرون إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، بسبب تراجع مستوى المدارس الحكومية من ناحية المستوى التعليمي والخدمات وتوفير الظروف المناسبة، إذ إن أغلب مباني المدارس الحكومية مستأجرة وقديمة وبعضها متهالك أو تحتاج إلى صيانة، وتخلو من الخدمات والمرافق الأساسية كوسائل التدفئة أو المكتبات أو حتى مختبرات الحاسوب.
مجانية المدارس الحكومية
على رغم هذا الانطباع السلبي يقول الأمين العام لوزارة التربية والتعليم نجوى قبيلات إن وزارتها أنفقت نحو 11 مليون دولار على صيانة المدارس الحكومية العام الماضي، وإن الكلفة التشغيلية للمدارس تبلغ للطالب الواحد ما بين 700 دولار إلى 1500 دولار سنوياً تتكفل بها الحكومة، مما يجعل من المدارس الحكومية خياراً أفضل للأسر ذات الدخل المنخفض.
وتحت عنوان "مهرجان العودة للمدارس" تنتشر خيم في الأحياء الأردنية، تكتظ بالأهالي الذين يقبلون على شراء الحقائب والقرطاسية على رغم ارتفاع أسعارها وتعدد أشكالها وألوانها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يحاول بعضهم الاقتصاد ما أمكن وشراء الأساسيات، لكنهم يستسلمون أمام رغبات أبنائهم وهم يشاهدون مغريات المستلزمات بألوانها الزاهية والجاذبة وأشكالها الفريدة.
يقول عاملون في قطاع القرطاسية إن معدل إنفاق الأسر الأردنية على هذه المستلزمات ينخفض عاماً بعد آخر، في مؤشر على تراجع الأولويات والقدرة الشرائية، إذ يفضل كثيرون شراء حقيبة واحدة طوال العام الدراسي بدلاً عن شراء حقيبة في كل فصل دراسي على سبيل المثال، بينما تتراجع معدلات شراء المستلزمات غير الأساسية كالألوان والمعجون وكراسات الرسم.
ويواجه أهالي آخرون مشكلة أخرى مع بدء العام الدراسي وهي تأمين مصاريف المواصلات ذهاباً وإياباً لأبنائهم، في ظل حال من فوضى النقل المدرسي.
وتبلغ رسوم المواصلات في المدارس الخاصة أرقاماً كبيرة تصل في بعضها إلى ألفي دولار سنوياً، في حين لا تتعدى الكلفة بالنسبة إلى المدارس الحكومية 300 دولار لكنها أقل أمناً وجودة وأكثر فوضوية، إذ يعتمد على سائقين مستقلين يشغلون حافلات معظمها قديمة ولا تتوفر فيها شروط السلامة العامة.
زيادة سنوية للرسوم
على رغم إقرار وزارة التربية والتعليم نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية لضبط كثير من الممارسات كالزيادة السنوية للرسوم، إلا أن ذلك لم يمنع رفع المدارس الخاصة الرسوم بشكل سنوي وبنسبة 10 في المئة بحجة ارتفاع الكلف.
تقول الوزارة إنه لا يحق للمدارس الخاصة رفع الرسوم المدرسية على الطلبة من دون محددات وشروط كنسبة التضخم ومستوى الأجور والخدمات التي تقدمها، وتحظر المادة 11 من نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية تقاضي أي مبالغ أخرى باستثناء الرسوم مهما كان اسمها أو نوعها أو مقدارها.
ويعيش الأهالي كابوساً سنوياً بداية كل عام دراسي في ظل استمرار مدارس خاصة برفع أسعارها تحت مسميات مختلفة، كحجز مقعد دراسي أو بدل رسوم تأمين أو بدل أنشطة مدرسية.
يؤكد محمد أبو عمارة، وهو مدير إحدى المدارس الخاصة في عمان، أن رفع كلف ورسوم ترخيص المدارس من الوزارة هو ما يؤدي إلى رفع الرسوم المدرسية على الطلاب والأهالي.
ويضيف "الرسوم المستوفاة من المدارس الخاصة أدت إلى تعثر بعضها، في حين تضطر أخرى إلى عكس هذا الارتفاع على الرسوم والأقساط المدرسية تجنباً للإغلاق".
ولدى نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني وجهة نظر مختلفة، إذ يعتقد أن التفاوت في الخدمات وأجور المعلمين والبنى التحتية هو ما يؤدي إلى رفع الرسوم.
ويتحدث مقرر لجنة المؤسسات التعليمية في غرفة تجارة الأردن عامر القصص عن جانب آخر من قصة رفع الرسوم، وهو أن أغلب المدارس الخاصة منيت بخسائر كبيرة خلال جائحة كورونا، كما أنها توظف أكثر من 60 ألف شخص يتقاضون رواتب وزيادات سنوية.
يشار إلى أن عدد المدارس الحكومية في الأردن يزيد على 4 آلاف مدرسة، في حين يبلغ عدد المدارس الخاصة 3 آلاف و93 مدرسة.