Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتهجم إعلام فرنسا على قائد أركان الجيش الجزائري ويتجاهل فساد "العصابة"؟

جنوح قيادة الجيش إلى الخيار الشعبي أدخل باريس في دوامة كبيرة

متظاهرون جزائريون يرفعون لافتة كتب عليها "الجزائر الحرة" في أحد شوارع العاصمة في 9 أغسطس 2019 (أ.ب)

تواصل دوائر فرنسية التهجم على قائد أركان الجيش الجزائري، واتهامه بخدمة مصالحه تارة، وبحماية نفسه تارة أخرى، في محاولة منها لإثارة الحراك ضد أحمد قايد صالح ومنه توتير العلاقة بين الشعب وجيشه. وكان الدور هذه المرة لصحيفة "لوبينيون" الفرنسية التي نشرت "تقريراً مثيراً"، اتهمت فيه قائد الأركان بإغراق الجزائر في أزمة سياسية واقتصادية خانقة، بسبب اتباعه سياسة غامضة ولعبه على الحبلين مع الشعب.

الصحف الفرنسية "تثور" ضد قايد صالح... لماذا؟

ففي وقت يعتبر الرأي العام الدولي أن فرنسا وبالتزامها الصمت، تتخذ موقفاً طبيعياً تجاه ما يحدث في الجزائر باعتباره شأناً داخلياً، يرى الشعب الجزائري أنها تواصل التدخل في "ما لا يعينها"، باعتمادها سياسة "الحرباء"، وهذا ما كشفه قائد الأركان الذي تحدث عن علاقة فرنسا بـ "العصابة" وأذرعها العسكرية والمالية والإعلامية والسياسية والاقتصادية وخطورة شبكتها التي عاثت في الجزائر فساداً، بعد أن سخرت أطراف فرنسية معروفة وسائل الإعلام للتهجم على قايد صالح والوقيعة بين الشعب وجيشه.

بعد "لوموند" و"لوفيغارو" و"لوبوان" وصحف أخرى، وعدد من المواقع الإلكترونية، جاء دور صحيفة "لوبينيون" التي قالت في أحدث تقرير لها، إنه "بعد ستة أشهر من بداية الاحتجاجات الشعبية، تمكن الشارع الجزائري من إسقاط رأس النظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتأجيل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، لكن المطالب بعملية ديمقراطية شفافة وحكم رشيد، تبقى بعيدة المنال"، وتابعت أن "بن صالح المريض والمنهك، ما هو إلا موظف تحت إمرة قائد الجيش والرجل القوي في الدولة الجنرال أحمد قايد صالح"، لافتة إلى أن "قائد الأركان يواصل السعي إلى إعادة تدوير النظام القديم، ويقوم بتصعيد لهجته في مواجهة الشارع".

واتهمت الصحيفة الفرنسية قايد صالح، بمواصلة "اللعب على الحبلين تجاه الشعب الجزائري، باتباعه سياسة غامضة أغرقت البلد في أزمة سياسية واقتصادية خانقة". كما حذرت الصحيفة من مغبة التداعيات الاقتصادية لهذا الوضع السياسي المتأزم، الذي أدى إلى انخفاض احتياطات العملة الأجنبية، واستمرار تراجع قيمة العملة المحلية، وتراجع القوة الشرائية للمواطن.

فرنسا تنتقم لـ "أذنابها"

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي كمال بن يوسف، في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، إن "فرنسا لن تهدأ ما دامت الجزائر تسير نحو كتابة عهد جديد لاستقلال حقيقي، برجال بعيدين كل البعد من الدولة الاستعمارية"، مبيناً أن "فرنسا التي تغيّر منطقها اليوم، من الضغط على الجزائر بملفات أو بمساومات، تجد نفسها عاجزة عن فك شيفرة جزائر الحراك، بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقص أجنحة كل أذنابها وعملائها، بتعاون من الشعب ومؤسسة الجيش الحامي الأول للسيادة الترابية والشعبية، ولم يعد لها من تحرك غير تحريض إعلامها لتذكية نار الفتنة بين أبناء الشعب الجزائري، وخلق فجوة بينه وبين الجيش".

وتابع بن يوسف قائلاً إن "فرنسا تعمل عبر أجنحتها الإعلامية على جر الجزائريين إلى العنف والفوضى والدفع بمؤسسة الجيش إلى الوقوع في المحظور حتى يتسنى لها ترتيب أوراقها من جديد، فهي تهاجم قائد الأركان قايد صالح، وتروج لعسكرة النظام، وهي نفسها التي كانت تؤيد العهدة الخامسة والرئيس المخلوع لحماية مصالحها الاقتصادية والثقافية في الجزائر". وخلص إلى أن "جنوح قيادة الجيش على رأسه الفريق قايد صالح إلى الخيار الشعبي، أدخل فرنسا في دوامة كبيرة، يترجمها إعلامها الذي لم يكن يوماً في صف الجزائريين".

كسر الحراك

في المقابل، يشدد الأمين العام لحزب "جبهة التحرير"، على أن "مخلفات فرنسا هي من تريد كسر الحراك، وهذه المخلفات تخاطب الجزائريين بلسان غير لسانهم"، مؤكداً أن "هذه المخلفات كلما أتيحت لها الفرصة تتهجم على التيار الوطني الأصيل وعلى رأسه جبهة التحرير"، لافتاً إلى أن "الحزب مطلع على كل المخاطر، بما فيها ما يطالبه دعاة المراحل الانتقالية".

وزيرة فرنسية تهاجم المحجبات

من جهة أخرى، تهجمت وزيرة التكوين المهني الفرنسية السابقة نادين مورانو على النساء المحجبات، وطالبتهن بالرحيل إلى الجزائر، في خطوة عنصرية تؤكد الحالة "الهستيرية" التي باتت عليها فرنسا إزاء الجزائر، على اعتبار أن المحجبات أو الملتحين ليسوا بالضرورة جزائريين، ففرنسا تضم أعداداً كبيرة من مختلف الجاليات المسلمة.

وقالت الوزير الفرنسية إنه "على النساء اللواتي يردن فرض ثقافتهن، التي لا نريدها في فرنسا، أن يأخذن طائرة ويغادرن إلى الجزائر"، مضيفة أن "هؤلاء النساء يمثلن إهانة لنضال الأمهات في سبيل الحرية".

وجاءت تصريحات نادين مورانو، رداً على تغريدة نشرتها امرأة جزائرية محجبة، قالت فيها إنها طُردت من متنزه مائي بسبب ارتدائها "البوركيني"، على الرغم من أن قوانين المتنزه لا تنص على منع مرتادي هذا اللباس من السباحة. وتساءلت بعد نشرها صورة من قوانين المتنزه المائي "هل يمكن لأحدكم شرح الفئة التي أنتمي إليها؟ هل من الطبيعي بالنسبة لي أن أعامل كحيوان أو شخص يمكن أن يكون خطيراً على الآخرين، فقط لأني أرتدي ملابس سباحة متماهية مع معتقدي الديني؟".

الحراك... هو السبب

الحراك وبعدما أسقط "رؤوس الفساد" و"أذناب الدولة العميقة الموالية لاستعمار الأمس"، أسقط أيضاً تلك المؤامرات التي تُحاك هنا وهناك بدعم فرنسي، وعرّى حقيقة البلد الديمقراطي الذي لا يؤمن بذلك حتى مع شعبه وبين حدوده، بدليل أن فرنسا لم تنتقد حجم الفساد الذي استشرى في الجزائر ولم تهاجم "العصابة" و"أذنابها"، فهل الديمقراطية وحماية حقوق والإنسان تسمح بالفساد والاستبداد؟

المزيد من العالم العربي