Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة داعش من جديد إلى الميدان السوري

قدرات التنظيم الإرهابي تنامت بعمليات متناثرة على امتداد البادية

استهداف داعش مجموعة مقاتلة من "قسد" شرق سوريا (اندبندنت عربية)

ما أن أعلنت قوى التحالف بزعامة الولايات المتحدة الأميركية نصرها على أكبر تنظيم متطرف ظهر بعد القاعدة وأسقطت آخر معقل من معاقل داعش في الباغوز، شرق سوريا في مارس (آذار) الماضي، حتى أعادت دولة "الخلافة" بعد أشهر تنظيم صفوفها المنهكة من جديد.

التنظيم الهارب والمتناثر في أرجاء البادية السورية يرسم خريطة طريق نحو إعادة أمجاده، حين ضم حوالى 30 ألف مقاتل على امتداد سوريا والعراق.

وتداعى بعد ضربات موجعة تلقاها في الرقة مع الإطباق عليه من جهة الحدود العراقية، وتواجه آخر جيوبه الضعيفة وخلاياه النائمة خطر التصفية أو ترتيب صفوفه من جديد.

خلايا نائمة

في تطور آخر، ترجح مصادر مطلعة على واقع العمليات الميدانية في الشمال السوري لـ "اندبندنت عربية" عودة داعش عبر الخلايا النائمة في البادية السورية، ومع إعادة ترتيب صفوفه يأمل في فتح ثغرة لمساندة هيئة تحرير الشام (النصرة) سابقاً.

وتهدف الثغرة إلى اشتراك التنظيم في الحرب ضد الحملة العسكرية لجيش النظام السوري عبر إلهائه، بعد إحرازه تقدماً في الأيام القليلة الماضية عقب انهيار هدنة وقف إطلاق النار، أُعلن عنها في الثاني من الشهر الحالي وخُرقت في وقت يواصل دخوله بلدات استراتيجية منها الهبيط واللطامنة وغيرها.

فلول التنظيم

من جهته، ألقى مصدر من وحدات حماية الشعب اللوم على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قوات بلاده في أبريل (نيسان) الماضي والإبقاء على أعداد محدودة تصل إلى 400 مقاتل في إطار الانتهاء من عملية تصفية داعش. ورمت وقتها واشنطن بمهمة ملاحقة فلول التنظيم إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الشريك الأساسي في انتصارها على داعش في معركة لم تتكلل بالنجاح، ويعود السبب فيها لانشغال "قسد" بحرب استنزاف طويلة الأمد مع الجارة التركية وتحضيرها لحربها المقبلة ضدها.

وفي السياق ذاته، يرى المصدر أن المعركة مع التنظيم تزداد شراسة حتى بعد إعلان سقوطه، ومن اللافت أنه يحتفظ بشيء من قوته المتناثرة، إذ سُجلت أول عملية استهداف لقوات "قسد" شرق البلاد في لغم زرعه داعش بمجموعة أسفرت عن سقوط أربعة من عناصرها (الصورة1) وتزداد خطراً في حال أُتيحت له فرصة إعادة تنظيم نفسه من جديد قبل سحقه بشكل نهائي.

الأمر الذي أيدته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بتقرير صادر في أغسطس (آب) عن مفتشها العام غلين فاين يكشف فيه عن عودة ظهور تنظيم داعش من جديد مع سحب الولايات المتحدة قواتها من البلاد وتعزيز قدراته في العراق مجدداً واستئناف أنشطته في سوريا خلال الربع الحالي من العام.

عمليات داعش

في غضون ذلك، تنامت قدرات جيوب داعش في الشهرين الأخيرين بعمليات متناثرة على امتداد البادية السورية، مستهدفة بضربات خاطفة خطوط الطاقة من النفط والغاز لمعامل تابعة النظام السوري، وآخرها مصرع أحد العاملين في قطاع الاستكشاف النفطي في منطقة أبو الشامات، بريف دمشق وإصابة أربعة عاملين في الثامن من الشهر الحالي.

وسبق هذا الاستهداف تفجير خط نقل الغاز بين حقل الشاعر ومعمل غاز إيبلا في ريف حمص الشرقي في 14 يوليو (تموز) الماضي، وإخراج مرابط نفطية في بانياس في الساحل السوري عن العمل في 23 يونيو (حزيران) في توقعات تشير إلى أصابع تنظيم داعش.

ضربات موجعة

وتزداد ضرباته غير الموجعة بخلاف سابق عهد التنظيم عبر زجه بانتحاريين وبعمليات نوعية في مؤشر نحو كسر الذراعين، أي في مجال العمليات الميدانية والعقل المدبر والمخطط، وهو الآن يعتمد على ضربات واستهداف الاقتصاد أو خطوط الإمداد والطاقة ليس إلا، في إشارة منه إلى وجوب عدم نسيانه. ومن عملياته أيضاً، تسلله من البادية السورية إلى السويداء جنوب سوريا، منفذاً عملية استهداف سابقة بدراجة نارية أسفرت عن مصرع خمسة أشخاص مدنيين، فضلاً عن عدد من التفجيرات، كتفجير عربة نقل سككي تشحن الفوسفات وغيرها.

وفي جهة مقابلة، لا تود دمشق على الرغم من هذه الضربات المتفرقة أن تعلن أو حتى تُلمِح إلى وجود خلايا التنظيم وبقائه، حتى لا تعطي، حسب ما يرى مراقبون، الذرائع لإعادة التموضع الأميركي العسكري من جديد وتوسع رقعته في وقت بدا متحمساً لإثارة قضية عودة داعش إلى الواجهة.

عودة الخطر

وفي مستهل ذلك، حذر تقرير أميركي من عودة التنظيم من جديد على الرغم من خسارته للأراضي، وأورد تقرير أعده معهد دراسات الحرب (ISW) مقره واشنطن أن "التنظيم سيستعيد قوته بشكل أسرع بكثير وإلى مستوى أكثر خطورة". وأشار التقرير إلى أن داعش ما زال يحتفظ بشبكة دعم مادي عالمية، موّلت عودته مجدداً إلى التمرد، وتمكّن من إعادة بناء قدراته الإعلامية الرئيسة والحفاظ على الأسلحة.

وفي سياق متصل، كشفت الأمم المتحدة عن حجم ثروة داعش، محذرةً من إمكان قيامه وعبر هذه الأموال بدعم أعمال إرهابية داخل العراق وسوريا وغيرهما، وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "تنظيم داعش يمتلك مبالغ تصل إلى 300 مليون دولار بقيت معه بعد زوال الخلافة في العراق وسوريا". وأشار تقرير البنتاغون إلى أن قرار الرئيس الأميركي ترمب بسحب القوات الأميركية بسرعة من سوريا ساعد عن غير قصد في عودة داعش من جديد، كما كشف التقرير أن التنظيم يضم ما بين 14 إلى 18 ألف مقاتل ويسعى إلى جني موارده عبر طرق ابتزاز المدنيين والاختطاف للحصول على الفدية وفرض الخوات من عقود إعادة الإعمار.

القنابل الموقوتة

وعلى الرغم من احتجاز "قسد" حوالى 10 ألاف مقاتل من داعش، ألفان منهم أجانب، إلاّ أنّ تحديات تواجه أميركا وقوات سوريا الديمقراطية في إدارة هذه السجون، وهي تفتقر إلى القدرات في التعامل مع سجناء لأجل غير مسمى في ظل تحذيرات القيادة المركزية للجيش الأميركي من نشاط داعش في مخيم الهول الذي يضم عدداً من عناصره وعائلاتهم، يسعى إلى تجنيدهم من جديد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي