ملخص
حامل في الاعتقال: كابوس كلّ امرأة في المملكة المتحدة.
عندما دخلت آنا* مرحلة المخاض في زنزانتها حوالى الساعة الخامسة فجراً، قرعت جرس النداء خمس مرات من دون أن يلتفت إليها أحد، بحسب ما قالت.
وروت ما حصل لصحيفة "اندبندنت": "لم يفتحوا باب زنزانتي إلا عندما قرروا فتح باقي الممر وسمحوا [للسجينات الأخريات] ببدء الحركة الصباحية".
كانت [آنا] حاملاً في شهرها السادس عندما أوقفت وزجت في السجن الاحتياطي، وبقيت معتقلة فيه إلى أن وضعت ابنها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"قرعت الجرس للمرة الأولى قرابة الخامسة فجراً، ولم أصل إلى المستشفى إلا عند الساعة 11 صباحاً. لقد أبصر ابني النور في أولى ساعات صباح اليوم التالي. ولم أتلق أية رعاية بعد أن أنجبت ابني، وبقيت في السجن أسبوعاً كاملاً بعد ولادته، قبل أن يطلق سراحي بكفالة. لم أحصل على رعاية قابلة قانونية تتفحص جرح الولادة إلا عند عودتي للمنزل بعد أسبوع".
بعد أن اكتشف طبيب شرعي أن وفاة الرضيعة عائشة كليري، المولودة في زنزانة والدتها البالغة من العمر 18 سنة، كانت نتيجة إخفاقات متراكمة في رعايتها، قررت صحيفة "اندبندنت" التحدث إلى سجينات سابقات، ليشاركن تجربة حملهن في السجن.
أشارت إحصاءات جديدة إلى احتجاز 196 امرأة حاملاً في السجون عام 2022-2023، وسجل أكبر عدد من النساء الحوامل المحتجزات (58) في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي.
وكشفت [بيانات] منظومة السجون الصادرة السنة الماضية عن أن عدد الحوامل السجينات وصل إلى 39 في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ووصل العدد الإجمالي للنساء اللاتي أنجبن أثناء فترة احتجازهن إلى 44 ولادة في فترة 2022-2023، من ضمنها ولادة تمت إما على الطريق إلى المستشفى أو داخل الزنزانة، في حين تمت الولادات المتبقية في المستشفى.
وأكدت آنا أن الدعم الوحيد الذي حصلت عليه وصل إليها من جمعية "بيرث كومبانيونز" Birth Companions الخيرية التي تعمل مع السجينات الحوامل، وبين الحين والآخر من قابلة قانونية.
"حددوا لي مواعيد معاينة مع قابلة قانونية، لكنها كانت مقتضبة، وفاتني بعض منها، لأن الوقت المتوفر لدى القابلة القانونية كان محدوداً، وكان عليها معاينة عدد كبير جداً من النساء".
"ظل الشعور بالأمان غائباً طوال فترة وجودي في السجن. فالإجراءات كانت بطيئة، وكان العاملون في السجن غير مكترثين على الإطلاق. إلى ذلك، كان الوضع مضطرباً جداً، وتخلله شجار كثير، وغيره من الأمور التي عادة ما تحصل في السجون، فكنت أحجز نفسي في زنزانتي وأمتنع من الخروج في كثير من الأحيان".
قبل إصدار الحكم بالسجن، ينبغي أن يطلع القاضي على تقرير مسبق حول ظروف الشخص [المتهم]، فيعرف مثلاً إن كانت امرأة حاملاً ويأخذ ذلك في الحسبان. لكن [تقارير كهذه] غالباً ما تكون غير متوفرة، وفق ما أكدت كيرستي كيتشن من جمعية "بيرث كومبانيونز" الخيرية.
وتابعت قائلة: "تتوفر عوامل مخففة، ولا بد أن يأخذها القاضي في الحسبان. لكن التباين [للأسف] كبير بين المستشارين والقضاة".
"نشهد على اعتقال نساء كل أسبوع - قبل صدور حكم في حقهن - بتهمة السرقة، أو عدم تسديد ضريبة البلدية، أو عدم تسديد ثمن ترخيص التلفزيون، أو لجنحة متصلة بالمخدرات، فيخضعن للقمع والإكراه. وفي العالم 11 دولة أخرى تمنع سجن النساء الحوامل، ومع ذلك، ما زلنا نزج نساء حوامل في السجن بتهمة السرقة في متجر".
في السجن الاحتياطي أيضاً، سجل ارتفاع في عدد الموقوفات [الحوامل]، بسبب تراكم في ملفات المحاكم ونقص في الأحكام التي تتناول الأشخاص المستضعفين، وفق ما كشفت عنه لجنة العدل في مجلس العموم [البريطاني]. وبين عامي 2021 و2022، سجلت زيادة بنسبة 11 في المئة في عدد الأشخاص المحتجزين في السجن الاحتياطي.
في سياق متصل، اكتشفت سوزان* أنها حامل يوم صدور قرار بسجنها احتياطياً. وروت مصابها لصحيفة "اندبندنت": "لقد أخضعوا الجميع لاختبار حمل، وأصابني الذهول مثلما أصاب الشخص الذي كان يقرأ النتيجة".
وتابعت قائلة: "اكتفت السيدة بتسليمي نشرة تتناول موضوع الإجهاض. وفي البداية، لم يصدق أحد مسألة حملي على الإطلاق".
بعد منحها، في البداية، سريراً علوياً في زنزانة السجن، نقلت سوزان لاحقاً إلى جناح الحوامل والسجينات الضعيفات. وأفادت: "مع تقدم فترة حملي، ظهرت بعض الأمور الصغيرة التي لم تكن على ما يرام"، قبل أن تضيف: "إن عدم معرفتي بموعد ذهابي إلى المستشفى جعلني أشعر بقلق شديد".
"فرضوا على والد ابني إجراءات صارمة للغاية، ليتسنى له حضور جلسة التصوير الطبي. فخضع لتدقيق جنائي وأرغم على توقيع اتفاق يمنعه من تقديم أي طعام أو شراب لي أو من إعطائي أي أغراض خلال زيارته إلى المستشفى. ولم يكن بإمكاننا لمس بعضنا بعضاً، وكان عليه أن يبقي يديه إلى جانب جسمه. وبالتالي، لم يتسن له لمس بطني إلى أن أطلقوا سراحي".
"لم نملك الحق باختبار مراحل الحمل الطبيعية لأنني كنت سجينة".
في ليلة سبت مرعبة خلال الفصل الأول من حملها، بدأت سوزان تعاني آلاماً حادة في معدتها. "قرعت الجرس لمناداة ضباط السجن وإخبارهم، لكنهم أمضوا وقتاً طويلاً في مناقشة إمكان نقلي إلى المستشفى، بالنظر إلى ضرورة أن يرافقني ضابطان [إلى هناك]."
"عند وصولي إلى قسم الطوارئ، توجب إخضاعي للتفتيش والتدقيق. فكان عليهم التأكد من أنني لم أتصل بأي شخص - مع أنني كنت أعاني آلاماً حادة، ولم يسمح لنا آنذاك بالوصول إلى أي هاتف داخل الزنزانة".
"قاموا بتكبيلي بالأصفاد، وكانت الساعة متأخرة في المساء. وبالتالي، راح كثيرون يحدقون بي، وملأ الرعب عيونهم، فانتابني شعور شديد بالإحراج".
بدأت سوزان تنزف، فأبلغوها بأنه نظراً إلى عدم وجود وحدة للحمل المبكر آنذاك، سيكون عليها أن تعود يوم الإثنين.
"شعرت بالاستياء الشديد حيال آلية عمل السجون، والاستياء يؤدي إلى عقوبات. لقد اختبرت في بعض الأحيان أوقاتاً صعبة خلال الزيارات، فكنت أعود لزنزانتي وأبكي، ويسجلون اسمي على قائمة مراقبة الأشخاص المعرضين للانتحار، وهذا فعلاً غريب، لأنني أخبرتهم بأنني بخير، وبأنني حزينة لأن جميع مشاعري وانفعالاتي تتفاقم أثناء الحمل".
"أثناء عودتي من قسم الطوارئ بالسيارة، قال أحد ضباط السجن: ’لعل ذلك لم يكن مقدراً لك‘، فشعرت باستياء كبير، وازداد شعوري بالقلق والتوتر. وفي تلك الليلة، سمح لي الاتصال بشريكي، لكنني لم أجد حتى الكلمات لأعبر عما يزعجني".
"عندما فتح الباب الساعة السابعة من صباح اليوم التالي، لم أتمكن من النهوض من فراشي، إذ كنت حزينة للغاية، وكانت تتخبط في رأسي أفكار كثيرة حول احتمال أن أخسر جنيني. كان ضابط السجن يهددني بتطبيق الإجراءات الأساسية علي، أي بسحب جميع الامتيازات التي أحظى بها في السجن".
مع تقدم فترة حملها، زاد شعور سوزان بالجوع، لكنه لم يسمح لها بتناول حصص طعام أكبر.
"كانت في جناحي سيدات لطيفات، تعاطى بعضهن الميثادون الذي يقمع الشهية. وبالتالي، كن ينتظرن حتى يقفل باب الزنزانة. وبما أنهن كن مسؤولات عن تنظيف الجناح، كن يمررن ساندويشاتهن عبر النافذة كي أتناولها فلا أشعر بالجوع".
"لم يسمح لي بشراء وسادة حمل أو بطانية لأشعر بالدفء، وكان غياب قابلة قانونية بدوام كامل في السجن أكبر ضرب من الجنون سمعت به في حياتي. وبالتالي، [أؤكد أن السجن] ليس مكاناً آمناً أبداً للنساء الحوامل."
"كم يخيفني التفكير في عدد الأطفال الذين يحرمون من فرصة القدوم [إلى هذه الدنيا] بطريقة آمنة، وفي عدد النساء المحرومات من فرصة الإنجاب من دون التعرض لصدمات".
في سياق متصل، صرح وزير السجون داميان هايندز قائلاً: "كانت وفاة عائشة بمثابة كارثة. ونحن نستمر في تقديم أصدق التعازي وأعمقها لوالدتها وعائلتها."
"لقد أجرينا منذ ذلك الحين تحسينات مهمة في الرعاية المقدمة للنساء الحوامل، بما في ذلك توفير طاقم متخصص للأم والطفل في كل سجن للنساء، وزيادة عمليات التدقيق الاجتماعي وتقديم الدعم الصحي والرعاية السابقة للولادة. ومع أنه ينبغي فعل مزيد لضمان حصول الأمهات الحوامل في السجون على الرعاية نفسها المقدمة للمجتمع، إلا أن هذه التغييرات ستقلل من فرص تكرار مأساة من هذا القبيل."
*تم تغيير الأسماء
© The Independent