Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة تلفزيون المستقبل... الموظفون ينتظرون قرارا

تدور حالياً مفاوضات جديدة مكثفة ويتوقع أن يصدر بيان رسمي في الأيام القليلة المقبلة

تأسس تلفزيون المستقبل في عام 1993 (أ.ف.ب)

ليست الأزمة التي يمر بها تلفزيون المستقبل حديثة العهد، بل تعود إلى سنوات عديدة مضت. إلا أن الأمور ازدادت سوءاً بشكل واضح من عام 2014، فدخلت المحطة ومعها موظفوها في نفق عجزت عن الخروج منه، إلى أن أعلن الموظفون الإضراب المفتوح أخيراً، على أمل تأمين حقوقهم التي طال انتظارها. وكان هذا مؤشراً واضحاً إلى تفاقم الأزمة، فطُرحت التساؤلات حول ما إذا كان إقفال المؤسسة بات قريباً وما إذا كان القيّمون عليها سيتمسكون بها بقدر ما تمسّك بها موظفوها الذي يتخطى عددهم الـ 400، طوال الفترة الماضية. وينتظر الموظفون اليوم صدور أي قرار ينتج من المفاوضات الجارية ليعرفوا على إثره مصير المؤسسة ومصيرهم.

غابت النشرة المسائية

في 30 يوليو (تموز) الماضي وللمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1993، غابت نشرة الأخبار المسائية عن محطة تلفزيون المستقبل، فبدأت الشاشة تعيش مرحلة حزينة مؤسفة، تُعاد فيها حلقات سابقة من برامجها.

وأتى إعلان موظفي تلفزيون المستقبل الإضراب المفتوح احتجاجاً على عدم دفع مستحقاتهم وأجورهم منذ أشهر عدة، وعلى التعامل المجحف معهم، بمثابة ضربة قاضية للمحطة التي تمر بأزمة منذ سنوات، إلا أنها كانت قد استفحلت في الأشهر الأخيرة ومرّ الموظفون بمراحل دراماتيكية يصعب عليهم ذكرها، إلى أن اتخذوا قرار الإضراب الذي كان قد تأجل مرات عديدة، كما أوضحت إحدى الموظفات في التلفزيون، على إثر الوعود التي كانت الإدارة تقدمها والتي علّق عليها الموظفون آمالاً لم يتحقق شيء منها. لذلك، اتُخذ قرار لا عودة عنه، هو بمثابة التحدي لهذا التهاون بحقوقهم، لكن فوجئ الموظفون بغياب أية ردة فعل في الأيام الأولى حيال هذا القرار المصيري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مفاوضات مكثفة

ومرت أيام عديدة بانتظار أية مفاوضات أو قرارات إيجابية تُتخذ، أما اليوم، فتدور مفاوضات جديدة مكثفة على أن يصدر بيان رسمي في الأيام القليلة المقبلة، بحسب المدير العام للمؤسسة السيد رمزي جبيلي الذي فضّل عدم الإدلاء بأي تصريح إلى حين صدور البيان قريباً. وبانتظار هذا القرار المصيري، يظهر الموظفون تخوفاً واضحاً بغياب أية بوادر إيجابية، فيفضل كثر منهم عدم ذكر أسمائهم في أي حوارات أو عدم الإدلاء بأي تصريح عبر وسائل الإعلام، خوفاً من أن ينعكس ذلك سلباً على مصيرهم في المؤسسة أو في حصولهم على حقوقهم.  

وتؤكد إحدى الإعلاميات في المؤسسة أن الازمة التي يمر بها التلفزيون ليست حديثة أبداً، إلاّ أنّ الاوضاع تحسنّت في مرحلة ما. لكن ابتداء من عام 2015، بدأ عدم الانتظام  في تسديد الرواتب، وأصبحت الأجور تسدد من وقت إلى آخر أو يُسدد نصف راتب أحياناً، إلا أن قرار الإضراب في 30 يوليو اتُّخذ، لأن الأمور ازدادت سوءاً وبات واضحاً أنه ما من مؤشرات تدعو إلى التفاؤل. وقالت الإعلامية "كنا نقوم سابقاً بتحركات معينة، خصوصاً على صعيد نشرة الأخبار، كما كنا نتخذ أحياناً قرارات بوقف العمل، لكن الاجتماعات التي كانت تُعقد والوعود التي كانت تُعطى لنا كانت كفيلة بعدولنا عن قراراتنا وإن لم ينفذ منها شيء ولم تكن الأوضاع تتحسن".

طريق مسدودة

وتابعت "وللمرة الأولى، اتخذنا هذا القرار النهائي بوقف البرامج والأخبار إلى حين حصولنا على حقوقنا، خصوصاً أن المفاوضات كانت تصل دوماً إلى طريق مسدودة، ولم نلق أي تجاوب من الإدارة، مع الإشارة إلى أن تفانينا في العمل ليس إلا نتيجة هذا الارتباط العاطفي والمعنوي بالمؤسسة التي نعيش فيها كعائلة. ثمة علاقة قوية تربطنا بالمحطة وبقينا أوفياء لها حتى اللحظة وعجزنا عن مغادرتها، بخاصة أننا بدأنا العمل فيها في سن مبكرة وكبرنا معها وثمة علاقة وثيقة تربطنا بها مهما كانت الظروف، إلى اليوم. لا أتخيل ألا يكون برنامجي الذي أقدمه ضمن الروتين اليومي في حياتي، نأمل حتى هذه اللحظة أن تحلّ المشاكل ويتحسن الوضع على الرغم من أن المنطق يحدُّ من آمالنا".

آمال وأحلام على الرغم من الواقع المر

وكان موظفون من قسم الأخبار قد أصدروا بياناً أكدوا فيه تمسّكهم برئيس الحكومة سعد الحريري، مطالبين بإنشاء هيئة طوارئ لإدارة الأزمة، لكن في الوقت ذاته، عبّر الموظفون عن أسفهم لعدم التعاطي مع مطالبهم بجدية لمعالجتها بالشكل المطلوب، بل يبدو وكأنه يجري التقليل من أهميتها على الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعيشونها كأفراد وكعائلات. وما يزيد على قلقهم، ما يُتداول من أخبار حول إمكان إقفال المحطة بشكل نهائي أو تقليص موظفيها إلى حد كبير أو تحويلها إلى محطة إخبارية، وقد يكون وضع المؤسسة هذا، مشابهاً لوضع مؤسسات إعلامية عدة تمر بأزمات مماثلة، خصوصاً في حال تراجع التمويل الخارجي، إضافة إلى التراجع اللافت في سوق الإعلانات الذي زاد من الأعباء على مؤسسات إعلامية عدة، يبذل بعضها جهوداً للصمود بوجه الأزمة المالية، بينما فضل بعضها الآخر الإقفال التام لعجزها عن المتابعة. ويزيد الوضع سوءاً طبعاً مع مؤسسات إعلامية، كتلفزيون المستقبل، تعتمد على المال السياسي ويرتبط مصيرها به، فكيف لها أن تستمر في ظروف مماثلة؟

اليوم ومع تراكم الديون المستحقة للموظفين، والتي تعود إلى أشهر عدة، قد يصعب تصور سيناريو يتعلق باستمرارية المؤسسة، يحمل طابعاً إيجابياً على الرغم من أن آمال الموظفين لا تزال معلّقة على قرار الإدارة الذي سيصدر قريباً، وعلى الرغم من لهفتهم لسماع أخبار إيجابية.

الانتظار سيد الموقف

وتؤكد الإعلامية زينة جانبيه أن ثمة علاقة قوية تربطها، كما بالنسبة إلى زملائها، بالمؤسسة التي شهدت بداياتها في الإعلام، مضيفةً "أتفانى في العمل ولا أوفر جهداً لأقدم عملاً لائقاً. أعشق عملي ولا أتصور حياتي من دونه، وهي حالنا كلنا في المؤسسة التي لم نستغنِ عنها، وتحمّلنا تلك الأوضاع الصعبة لعشقنا لها، والمسألة بالنسبة إلينا لم تكن مسألة مال، بل إن تعلّقنا بها كان يحفزنا على الاستمرار على الرغم من الصعوبات".

حال جانبيه هي حال موظفي تلفزيون المستقبل الذين تمسكوا طويلاً بعملهم بوفاء، على الرغم من الإجحاف الذي قوبلوا به، وحتى اليوم هم ينتظرون القرارات التي ستصدر علّها تنصفهم أخيراً بعد المراحل الصعبة التي مروا بها.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون