Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جميعنا معنيون بالهجمات الروسية على موانئ أوكرانيا

في البداية علقت موسكو اتفاقية حيوية تسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب والآن تشن هجمات متتالية على موانئها

تغير روسيا على موانئ أوكرانيا منذ أيام (دائرة الطوارئ القومية في أوكرانيا عبر رويترز)

ملخص

سوف تخلّف الهجمات على الموانئ تبعات على الجميع بدءاً بأفقر سكان مصر ووصولاً إلى مطابخ بريطانيا.

عندما تهاجم روسيا مزارعي أوكرانيا، فهي تضرب العالم أجمع.

هذه هي الرسالة المدوّية التي سمعتها من المزارعين الأوكرانيين، من دونباس حتى دنيبرو، على مدار العام الماضي من الغزو الذي تشنّه موسكو. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ فترة قريبة، سمعت هذا التحذير قرب مدينة نيكوبول الجنوبية. إذ قال لي فيتالي، 29 سنة، وهو يقف وسط حقل متداعٍ "لسنا سوى مزرعة واحدة، وهناك الآلاف مثلنا. إن عجزنا عن إنتاج الغذاء، سيعاني العالم بأسره من مشكلة".

في السابق، كانت هذه المنطقة تواجه من الخلف خزان كاخوفكا، أحد أكبر خزانات المياه في أوروبا. إنما بعد انفجار سد كاخوفكا في يونيو (حزيران)، في هجوم حمّلت كييف موسكو مسؤوليته، جفّ الخزّان، فتحوّلت الحقول المجاورة له إلى أراض قاحلة مغبرة. 

لم يكن فيتالي يبالغ عندما تكلّم عن أثر هذه الخسائر المحتملة، نظراً لموقع أوكرانيا الفريد في سوق الأغذية العالمية، هي التي لطالما لُقّبت بسلة خبز العالم. وهذا الأسبوع، أصبح التحذير أكثر واقعية بعد أربعة أيام من القصف المتواصل على موانئ جنوب أوكرانيا المستخدمة لتصدير الحبوب، في أعقاب انسحاب موسكو من اتفاقية كانت تضمن المرور الآمن لهذه الصادرات عبر البحر الأسود.

تعليقاً على ذلك، قال ماركيان دميتراسيفيتش، نائب وزير الزراعة الأوكراني، لصحيفة "اندبندنت" إن أوكرانيا كانت تُطعم 400 مليون شخص حول العالم قبل الحرب. وهي خامس أكبر مصدّر للقمح ومصدّر رئيسي للذرة والشعير. كما أنها تمدّ سوق زيت دوار الشمس العالمي بـ 50 في المئة من حاجته. 

وبحسب تقديرات الخبراء، تشكّل هذه الصادرات مجتمعة 6 في المئة من التبادل التجاري الزراعي حول العالم.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة في ميكولاييف إن برنامج الأغذية العالمي يبتاع السلع الغذائية من أوكرانيا عادة من أجل تصديرها إلى دول نامية في الشرق الأوسط وأفريقيا.

لكن أوكرانيا واجهت صعوبات من أجل زراعة وحصاد وتصدير محاصيلها منذ اجتياح فلاديمير بوتين للبلاد في فبراير (شباط) الماضي. في بداية الحرب، فرض الكرملين حصاراً طيلة أربعة أشهر على موانئ البحر الأسود الحيوية، وتسبّب بزيادة في أسعار السلع الغذائية حول العالم.  

لكن هذه التبعات خفّت بفضل اتفاق تصدير الحبوب الذي أُبرم بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا الصيف الماضي. ووصولاً إلى يوليو (تموز) من هذا العام، أتيح تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية بفضل الاتفاق، وفقاً للاتحاد الأوروبي.

وصُدّرت نحو 60 في المئة من هذه الكمية إلى البلدان النامية من أجل التصدي للجوع العالمي. أما البقية فأُرسلت إلى الدول المتقدمة، ومنها المملكة المتحدة التي تعتمد هي الأخرى على المواد الغذائية الأوكرانية.

لكن روسيا انسحبت من الاتفاق، قائلة إن الغرب لا يحترم الجزئية الثانية من الاتفاقية، ألا وهي السماح بتصدير كمية أكبر من المواد الزراعية الروسية.

وحذّر مارتن غريفيث، منسّق شؤون الإغاثة في الأمم المتحدة، من كارثة وشيكة، قائلاً إن المواد الغذائية والأسمدة الروسية والأوكرانية "أساسية" بالنسبة إلى الأمن الغذائي العالمي.

وقال لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة إن "أسعار الحبوب ارتفعت كثيراً هذا الأسبوع، مما يهدد بتقويض التقدم الذي تحقق بصعوبة"، مضيفاً أنّ أسعار المحاصيل المستقبلية من القمح والذرة ارتفعت بنحو 9 في المئة يوم الأربعاء وحده.

وأضاف أن "هذا (الوضع) قد يسبب بالجوع وأسوأ من ذلك لملايين الأشخاص".

وختم بقوله إن قرار روسيا ليس "محزناً" و"مخيباً للآمال" فحسب، بل يمثّل بالنسبة لمئات ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على الإعانات الغذائية حول العالم "خطراً على مستقبلهم ومستقبل أُسرهم".

وإلى جانب انسحابها من الاتفاق، تقوم روسيا بدكّ البنى التحتية الأوكرانية الأساسية لتصدير الحبوب على طول الساحل الجنوبي الاستراتيجي في خطوة قالت الأمم المتحدة إنها قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب. 

نسفت الصواريخ مباني المزارع ومنشآت الموانئ ومستودعات تخزين الأغذية في منطقة أوديسا على البحر الأسود. ليلة الخميس، ضرب صاروخان يحلقان على مستوى منخفض صومعة وهرعت فرق الإطفاء إلى المكان لإخماد الحريق.

وصف المسؤولون المحليون هذه الغارات بالـ"جهنمية"، مضيفين أنها أسوأ ضربات تشهدها المنطقة منذ بداية الغزو.

خلال اليومين الماضيين فحسب، قُضي على 60 ألف طن من الحبوب و100 طن من البازلاء و20 طناً من الشعير.

ويخشى المسؤولون الأوكرانيون أن تكون هذه البداية فحسب، وأن تسعى روسيا إلى استهداف المنطقة الحدودية مع رومانيا، حيث تصدّر الحبوب عبر البرّ، وهي نقطة ذات أهمية حيوية حين تُقفل الطرق البحرية.

في هذه الأثناء، قالت موسكو يوم الجمعة إنها تقوم بتدريبات على مصادرة السفن الأوكرانية- عبر إطلاق الصواريخ على "الأهداف العائمة". وحذّرت أنها بدءاً من يوم الخميس، سوف تعتبر السفن المتوجهة نحو المياه الأوكرانية ناقلة محتملة للأسلحة. وقالت واشنطن إن ذلك إشارة إلى احتمال مهاجمة روسيا للسفن المدنية.

وقعت كل هذه الأحداث بعد تعهّد روسيا بالرد على ضربة أوكرانية استهدفت جسراً شيّدته روسيا ليربطها بمنطقة القرم المحتلة، أي شبه الجزيرة الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود، والتي استولت عليها موسكو بشكل غير شرعي في عام 2014. وهي تتهم أوكرانيا باستخدام الممر البحري من أجل شنّ "هجمات إرهابية".

لا يبدو المستقبل مشرقاً إذن.

وفي هذا الإطار، صرّح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين يوم الجمعة أن موسكو مستعدة للبحث في خيارات متعلقة بتصدير الحبوب، مضيفاً أن لا محادثات تجرى حالياً لإيجاد بديل لصفقة البحر الأسود لتصدير الحبوب.

ويستمر الاعتداء على البنى التحتية للمرافئ الأوكرانية وصوامعها.

وإن تواصلت الهجمات في ظل عدم التوصّل إلى اتفاق جديد، سوف تشهد أوكرانيا أزمة غذائية تمتد تبعاتها إلى العالم أجمع.

وسوف ترفع أسعار المواد الغذائية للجميع، وقد ترمي أكثر المناطق عرضة للمعاناة والخطر في أفريقيا وغيرها من بقاع الأرض في براثن الجوع.  

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات