Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقلاب المشهد السياسي في لبنان… هذا ما حصل في الساعات الماضية

رفض رئيس الجمهورية ميشال عون قبل أيام قليلة عقد لقاء مصالحة في القصر الجمهوري

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي في بعبدا (دالاتي ونهرا)

بسحر ساحر ضغوط عربية وأوروبية وأميركية، انقلب المشهد السياسي في لبنان من التعطيل إلى الحلحلة. فصار الذي أوقف البلد ومؤسسته التنفيذية من أجله فريق 8 مارس (آذار) مدعوماً من رئيس الجمهورية ميشال عون وراءنا، وبات ما كان مرفوضاً بالأمس مقبوﻻً اليوم.

قبل خمسة أيام

قبل خمسة أيام على اجتماع المصالحة الذي عقد الجمعة في قصر بعبدا، كان عون يرفض اعتماد المبدأ العشائري على حساب الدولة، رافضاً رعاية أي مصالحة في القصر الجمهوري. فإذا به يستقبل بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري خصمي حادثة الجبل وليد جنبلاط وطلال إرسلان، ويرعى بينهما مصالحة مهدت لعودة جلسات مجلس الوزراء بعد استبعاد المجلس العدلي عن جدول أعمالها وعن النقاش.

وقبل خمسة أيام نقل رئيس الجمهورية مشكلة الجبل من المختارة- خلدة إلى المختارة- القصر الجمهوري، عندما اعتبر أن ما حصل في قبرشمون كان كميناً معداً لصهره رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، رافعاً سقف المواجهة إلى أبعد حدودها. لكن الرئيس عون نفسه عاد ورعى مصالحة كان الغائب الأبرز عنها الوزير باسيل.

وقبل خمسة أيام، ﻻ بل قبل ساعات قليلة، كان حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني يشدون باتجاه المعالجة في القضاء العسكري، متخطين ما كشف عنه الحزب اﻻشتراكي من معطيات خطيرة تتهم وزراء وقضاة من فريق رئيس الجمهورية بالتدخل في عمل المحكمة العسكرية لتأمين محاكمة سياسية لجنبلاط، فوافقوا على حل سياسي ما عاد للقضاء اﻻنتقائي مكان فيه.

فما الذي أدى إلى هذا التراجع المفاجئ؟

صيغة ميتة

مساء الخميس، خرج الرئيس الحريري بعد لقاء مقتضب مع رئيس الجمهورية معلناً تفاؤله باقتراب الحل، وسربت معلومات عن جلسة وزارية ستعقد الجمعة. تفاؤل الحريري استند إلى صيغة اتفق عليها مع رئيس الجمهورية، لكنها افتقرت إلى الضمانات المطلوبة ﻻنجاحها، فتعثرت قبل أن تولد.

تكشف مصادر سياسية لـ"اندبندنت عربية" أن الصيغة، الميتة، نصت على عقد جلسة لمجلس الوزراء، يتولى في نهايتها الرئيس عون وحده طرح حادثة قبرشمون من دون ترك الباب للنقاش، تفادياً لأي اصطدام داخل الجلسة قد يفجرها مجدداً، على أن ينهي الرئيس النقاش في هذه المسألة بالقول إن القضاء وحده يبت فيها. هذه الصيغة رفضها جنبلاط، متوجساً من كمين سياسي يعد له في الجلسة وهو المتخوف من مسار المحكمة العسكرية، فغرد ليلاً "لم تعد القضية قضية مجلس وزراء ينعقد أم ﻻ ينعقد. السؤال المطروح هل التحقيق سيجري مع الذين تسببوا بالحادثة أم سيبقى هؤﻻء يسرحون خارج المسألة لأن رئيس البلاد ومن خلفه يريد اﻻنتقام؟".

ضغوط متعددة

صمد جنبلاط بعدما تمكن من تحقيق فرز سياسي لم يعد من السهل تجاوزه، هو الذي استطاع بمساعدة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن يحدد المعركة تحت عنوان كسر ما تبقى من المشروع السيادي في لبنان، في وجه محور إيران وحلفائها، فتحركت الدول العربية والدولية. فتح خط مباشر بين السعودية وبيروت، وبقي المستشار في الديوان الملكي المكلف بالملف اللبناني نزار العلولا على تواصل مع الرئيس الحريري برسالة واضحة تدعوه إلى عدم التراجع عن دعم جنبلاط.

وفي الموازاة، دخلت الدول الأوروبية على الخط، مهددة بالانضمام إلى الولايات المتحدة اﻷميركية بفرض عقوبات على الدولة اللبنانية، فيما كانت أميركا وبخطوة لافتة أصدرت من خلال سفارتها في لبنان بياناً حذرت فيه من التدخل السياسي في القضاء، مشددة على أن "أي محاولة ﻻستغلال الحادث المأسوي في قبرشمون بهدف تعزيز أهداف سياسية يجب أن ترفض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الضغط الدولي والعربي معطوفاً على معلومات تتحدث عن مخاوف أمنية قد تضع البلاد أمام واقع خطير لا تحمد عقباه، إضافة إلى الضغط المالي والاقتصادي، كل ذلك دفع حزب الله إلى التراجع. فأقنع رئيس الجمهورية بضرورة الحلحلة. وعمد عون إلى الاتصال بالرئيس بري، الذي تولى طرح صيغة جديدة بدأت بلقاء المصالحة والمصارحة على أن تستكمل في جلسة لمجلس الوزراء، السبت، تم اﻻتفاق أن ﻻ تتطرق إلى حادثة قبرشمون ﻻ من قريب وﻻ من بعيد.

في الخلاصة، انتصر جنبلاط وما يمثله من مبادئ "14 آذار" (مارس)، وتمكن زعيم المختارة من إرساء قواعد جديدة لمرحلة ﻻ تشبه سابقتها، التي أرست التسوية الرئاسية.

في جدول أعمال المرحلة المقبلة الكثير من التطورات، منها العقوبات على شخصيات جديدة غير شيعية تدور في فلك رئيس الجمهورية، وفي الأفق أيضاً زيارة مرتقبة لجنبلاط إلى واشنطن للمشاركة في الاحتفال الذي ينظمه الحزب اﻻشتراكي في أميركا للسفير السابق جيفري فلتمان بمناسبة تقاعده. وهذه الزيارة لن تخلو من برنامج حافل من اللقاءات.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط