Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سيدة في البحيرة" لـ لورا ليبمان: استعراض أدبي آسر لخفايا جرائم قتل حقيقية تسبر أغوار بالتيمور الستينيات

رواية الجريمة التاريخية المفعمة بالحيوية هذه، تحكي حكاية مادي التي تجد نفسها بعد تجربة طلاقها ساعية وراء حل جريمة

رواية سيدة في البحيرة (عن الإندبندنت و ليزلي أونرو)

في عام 2018، أصدرت لورا ليبمان رواية   Sunburn(لفحة شمس)، وهي قصة بوليسية مثيرة حظيت بإشادة باعتبارها كتاباً "لا تستطيع التوقف عن قراءته"، و"مُصاغاً بشكل رائع" و "ساحراً بشكل فتاك".

إن إصدارها الجديد، Lady in the Lake (سيدة في البحيرة) - يستحق نفس الثناء وأكثر. هذه الرواية التاريخية المفعمة بالحيوية المستوحاة من حادثتي قتل حقيقيتين (تم حل لغز إحداهما، وبقيت الثانية معلّقة) تعزز مكانة ليبمان كواحدة من أمهر مؤلفي رواية الجريمة الأميركية وأغزرهم إنتاجاً - وتقدم تجربة غوص ساحرة لا ترحم في بالتيمور، أكبر مدن ولاية ميريلاند، في ستينيات القرن الماضي.

الحكاية التي تتناولها رواية ’سيدة في البحيرة‘ سبقت في مناح عديدة إصدار الكتاب بخمسة عقود من الزمن، أي سنة 1969. ففي شهر يونيو (حزيران) من ذلك العام، عُثر في نافورة إحدى المنتزهات في المدينة على جثة شيرلي لي ويغون باركر، وهي مطلّقة سوداء البشرة بعمر الخامسة والثلاثين. وبعد حوالي ثلاثة أشهر، في سبتمبر (أيلول)، تعرضت ـ إستر ليبوفتز الفتاة اليهودية ذات الأحد عشر ربيعاً - للضرب حتى الموت داخل متجر للأسماك، في جريمة قتل شنيعة ومروعة أثرت بعمق على المجتمع اليهودي في بالتيمور.

تتصادم هاتان القصتان في ’سيدة في البحيرة‘ من خلال مادي شوارتز وهي سيدة تطلّقت حديثاً وتبلغ من العمر 37 عاماً وكانت ربة منزل في السابق، التي تصادف جثة تلميذة قتلت مؤخراً تدعى تيسي فاين (التي تعكس قصتها قصة إستر ليبوفيتز). إن ’مادي‘ ، التي تحتاج إلى الحصول على عمل، والأهم من ذلك، على هوية جديدة تحدد كيانها أكثر من مجرد كونها الزوجة السابقة لزوجها، ، تقوم أولاً بتحويل الحادثة إلى قصة، ثم تمكّن نفسها من الحصول على وظيفة متدنية (لكنها واقعية بشكل مبهج) في قسم القصص الخيالية في صحيفة ’بالتيمور ستار‘.  عندها، يستحوذ عليها اختفاء وغرق كليو شيروود - وهي النسخة الروائية لـ ’لشيرلي لي ويغون باركر’ والشخصية التي يرمز إليها عنوان الكتاب ’سيدة في البحيرة‘. تستعرض الأحداث التالية تصميم ’مادي‘ الشجاع على اكتشاف ما حدث لـكليو قبل أيام من وفاتها، ورغبتها القوية بنفس الدرجة  في أن تجتث لنفسها مكاناً في الصحيفة.

في حين أن تَحوّلَ ’مادي‘ من ربة منزل ماهرة ولكن قانطة إلى مراسلة صاعدة هو القلب النابض للرواية، تدعونا ليبمان، مرة تلو الأخرى، لرؤية رحلة ’مادي‘ كجزء من صورة أكبر - كعنصر متحرك ضمن حركيات بالتيمور المعقدة. تقوم بهذا بصورة أساسية، من خلال إحياء عدد كبير من الأصوات، بما في ذلك كليو التي تتحدث من تحت قبرها - وليست سعيدة بشكل خاص بجهود ’مادي‘ لكشف الحقيقة وراء اختفائها. نسمع صوت القاتل  المفترض لـتيسي فاين، وصوت تيسي نفسها (في لحظاتها الأخيرة)، وشرطي عنصري متغافل، و نجم صاعد لرياضة البيسبول، ومراسلة خبيرة اعتادت كتابة مقالاتها في حمامات النساء.

ليبمان، وهي من سكان بالتيمور ومراسلة سابقة في صحيفة ’بالتيمور صن‘ تتأنى في رسم صورة كاملة لمدينتها، وسرورها الواضح عند قيامها بذلك ينتقل بسهولة. فهي ليست صورة مريحة دائماً، فكروا في ذلك - بعد مرور عقد كامل على نهاية الفصل العنصري في الولايات المتحدة، تُصوّر رواية ليبمان العنصريةَ الصارخةَ المتبقيةَ في مرحلة الستينيات. لا يُسمح لضابط شرطة أسود باستخدام سيارة الدورية. وتتجاهل معظم الصحف اختفاء شيروود، وهي امرأة ملونة. يقع أحد أكثر المشاهد إثارة عندما ترافق ’مادي‘ ضابط الشرطة الأسود آنف الذكر، بعد أن بدأت تتواصل معه سراً، لحضور مباراة بيسبول وتوجّب عليها التظاهر أنها لا تعرفه.

(للتذكير، فإن الزواج بين الأعراق لم يُشرَّع في الولايات المتحدة حتى عام 1967، وحدث ذلك المشهد بالتحديد في شهر يوليو (تموز) من عام  1966).

وكتبت ليبمان عن ’مادي‘ وحبيبها: " في حينها فقط، كادت أن تلمس ’فردي‘ـ، لكنها أدركت في الوقت المناسب أنها لا تستطيع ذلك ... كانت لديها تذكرة، وكان لديه واحدة. من قبيل المصادفة، أنهما كانا يجلسان جنباً إلى جنب. لقد تجاذبا أطراف الحديث مثلما يفعل الغرباء في الملعب، هادئين وبعيدين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يتم التطرق أيضاً إلى حقوق المثليين ومزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسية - من خلال ذكر "عُزّاب بالتيمور"، أولئك الرجال المثليون المتخفّون الذين كُتب على حياتهم الجنسية أن تبقى سراً. قد تستوقف القراء إحدى نقاط الحبكة الدرامية التي تتحدث عن واحد من ’عزّاب بالتيمور’ هؤلاء، لكن إعطاء الكثير من التفاصيل هنا قد يكون إفساداً للحكاية.

’سيدة  البحيرة’ بالطبع، هي رواية صحفيّة عظيمة. ما الذي يمكن أن يتوقعه أي شخص من ليبمان غير ذلك، وهي مراسلة من الجيل الثاني، حيث عمل والدها أيضاً في صحيفة ’بالتيمور صن‘ في منتصف الستينيات - وكذلك زوجها، ديفيد سايمون، مبتكر سلسلة دراما الجريمة التلفزيونية  ’ذا واير‘ ( السلك The Wire) - و زملاؤها الذين توجه لهم ليبمان الشكرَ في كلمات التقدير الخاصة بكتبها؟ من المستحيل ألا تستمتعوا بوصفها لغرفة الأخبار الفوضوية في صحيفة ’استار‘، وللسياسات القاسية المتبعة فيها، وأحياناً عن الصحافيين المخضرمين المخذولين فيها.  تكتب ليبمان في بعض الأحيان بدقة المراسلة، رغم أنها تنبّه إلى أن نسختها الخاصة برواية حادثتي القتل اللتين تشكلان المحور الرئيسي للحكاية ليست واقعية تماماً. بينما "تم بدقة تقديم" السباق لتعيين حاكم ولاية ميريلاند عام 1966، الذي يتكشف في خلفية القصة، "بما في ذلك حالة الطقس في اليوم التالي للمرحلة التمهيدية".

على امتداد الرواية، تتطور ’مادي‘ من امرأة تتلخص مهارتها الرئيسية للبقاء على قيد الحياة في قدرتها المدهشة في جعل الرجال يُعجبون بها - إنها امرأة تقول لنفسها في أحد المواقف: "كان خطأي الأول هو محاولة طلب المساعدة من امرأة. أبلي بلاء أفضل مع الرجال. حظوظي دائماً أفضل مع الرجال"- وتتحول إلى امرأة تدرك أنها ستضطر إلى خوض معاركها بنفسها. "لقد وضع الرجال القواعد، وخرقوا القواعد، وتخلصوا من الفتيات" تقول ’مادي‘ متفكرة عندما وصل تحقيقها في موت ’كليو‘ إلى طريق محبط مسدود.  في بداية الرواية، لم يكن لدى ’مادي‘ أي فكرة عما ستجلبه لها الحياة بعد الطلاق. من الرائع رؤيتها عندما يتحتم عليها تقرير ماذا ستفعل بحياتها.

صدرت رواية ’سيدة في البحيرة’ في 23 يوليو (تموز) عن دار ’وليام مورو للنشر‘ في الولايات المتحدة (بسعر 26.99 دولاراً)، وفي 25 يوليو عن دار ’فيبر آند فيبر‘ في المملكة المتحدة (بسعر 12.99 جنيهاً استرلينياً).

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب