Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يحمي انتخابات مجالس المحافظات العراقية من المال السياسي؟

محللون يحذرون من خطورته على نزاهة الاقتراع وفرص القوى الناشئة في المنافسة

يخشى برلمانيون من استغلال موارد الدولة في الانتخابات المزمعة عبر الدعاية والترغيب وحتى التهديد (أ ف ب)

ملخص

يحذر متخصصون في الشأن العراقي من خطورة استخدام المال السياسي في هذه الانتخابات، فالقوى الناشئة لا تستطيع مجاراة ما تمتلكه الكتل السياسية المشكلة لنظام ما بعد 2003.

يشكل المال السياسي العلامة الفارقة في كل انتخابات تقام في العراق الذي يستعد لإجراء انتخابات مجالس المحافظات (ما عدا محافظات إقليم كردستان العراق) في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وستكون هذه أول انتخابات تجري منذ أبريل (نيسان) 2013، إذ تملك مجالس المحافظات صلاحيات واسعة.

ويقوم عشرات من المرشحين في سباق الانتخابات والمدعومين من القوى والأحزاب السياسية المسيطرة على النظام السياسي بعد 2003 بصرف مبالغ طائلة قبيل إجراء الانتخابات لكسب مزيد من الأصوات.

ويحذر متخصصون في الشأن السياسي العراقي لـ"اندبندنت عربية"، من خطورة استخدام المال السياسي في انتخابات مجالس المحافظات، مؤكدين بأنه سبب رئيس في خراب العراق، مشددين على ضرورة الحد من تدخل المال الفاسد في الانتخابات لنحظى بانتخابات نزيهة، موضحين أن القوى الناشئة غير قادرة وليس في استطاعتها مجاراة المال السياسي الذي تمتلكه الأحزاب والكتل السياسية المشكلة للنظام بعد 2003.

استغلال موارد الدولة

وفي هذا السياق حذر عضو لجنة النزاهة البرلمانية هادي السلامي من استغلال موارد الدولة في انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها نهاية العام الحالي، وقال في تصريح صحافي "نحذر ونخشى من استغلال موارد الدولة في انتخابات مجالس المحافظات بالدعاية الانتخابية والترويج والترغيب وحتى التهديد، فيجب أن تكون هناك رقابة شديدة على أي مسؤول ينوي خوض الانتخابات".

وشدد أن "الجهات الرقابية مطالبة بتشديد الرقابة على كل مسؤول في الدولة، ينوي خوض الانتخابات، لمنعه من ارتكاب جرائم فساد من خلال استغلال السلطة ومالها وموارد الدولة للحصول على الأصوات، فيجب أن تكون الانتخابات نزيهة وعادلة".

زيارات لمناطق منكوبة

وفي موسم الانتخابات تصرف مبالغ طائلة من المرشحين تصل إلى مئات آلاف الدولارات لتقديم الخدمات إلى المواطنين لغرض كسبهم حتى وصلت في بعض الأحيان إلى شراء الأصوات في مقابل مبالغ معينة توزع على أفراد العائلة الواحدة، في حين تكثر زيارات المرشحين إلى المناطق ميدانياً للاستماع إلى آراء الناس وتقديم الخدمات.

وفي إحدى مناطق اطراف العاصمة بغداد، التي تعاني ضعفاً في الخدمات المقدمة للأهالي، يشير المواطن سالم شامل إلى أن "منطقتنا في موسم الانتخابات تشهد زيارات ميدانية للمرشحين، إذ يلتقون بالأهالي ويشرحون برامجهم، ومن ثم يوزعون بعض الهدايا كأغطية أو تأهيل مدرسة أو ملعب خماسي أو أجهزة كهربائية وتبليط الشوارع ومد خطوط الكهرباء أو تبديل محول كهربائي وغيرها من الأمور البسيطة التي يقوم بها المرشح في منطقة تكاد تكون منكوبة وتفتقر لأبسط الخدمات ومقومات الحياة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف شامل بأن آلاف الدولارات تنصرف في أوقات الانتخابات بشكل غير مسبوق ومن بعدها لا نرى المرشح، إلا بعد قدوم دورة انتخابية جديدة، مبيناً أن هذا الأمر "تعودنا عليه منذ أول دورة انتخابية في 2005".

وتستخدم بعض القوى السياسية نفوذها لتمويل الحملات والدعايات الانتخابية واستغلال موارد الدولة العراقية في تحقيق غايات انتخابية وكسب مزيد من الجمهور لغرض المنافسة في الانتخابات المقبلة، في حين تتزايد المطالبات الشعبية بتفعيل قانون الأحزاب وتشديد الرقابة على استخدام المال السياسي في العملية الانتخابية، إذ تغطي شوارع بغداد والمحافظات قبل أسابيع من إجراء الانتخابات صور المرشحين وبرنامجهم الانتخابي.

كسب مزيد بواسطة المال السياسي

في سياق متصل يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إن "التحضيرات واقعية بشكل كبير جداً بخاصة إذا ما علمنا بأن القوى التقليدية تخطط لكسب مزيد من الأصوات وهذا الكسب يكون عبر المال السياسي". وأوضح أنه تبرز الحاجة إلى تفعيل قانون الأحزاب، ويكون دور المفوضية العليا أكثر فاعلية على عمليات توظيف المال السياسي وحتى توظيف موارد الدولة الأخرى، ولا بد من الشفافية في الانتخابات للحصول على معايير النزاهة.

 

 

في المقابل يرى المحلل السياسي مجاشع التميمي أن تحذيرات برلمانية من المال السياسي في انتخابات مجالس المحافظات لم تكن جديدة لأن المال السياسي بات يستخدم بشكل كبير، معتقداً بأن ظاهرة استخدام المال العام تشهد لأغراض سياسية تصاعداً واضحاً قبيل الانتخابات المحلية، التي ستسفر عن اختيار حكومات محلية في 15 من المحافظات العراقية، وهو أمر يكون من خلال "سرقات تجري في الوزارات".

وأقر التميمي بأن المال السياسي سبب رئيس في خراب العراق، ويرى أنه لم يرد في أي قانون متعلق بالعملية الانتخابية نص حول تحديد سقف للدعاية الانتخابية، لكي تلزم المفوضية المرشح بذلك.

وعبر التميمي عن أسفه حول قانون الأحزاب على رغم أنه يخضع لضوابط وموارد الأموال والتمويل واستخدام موارد الدولة ونفوذها، كل هذه الأمور تتابع، مبيناً أن معظم السياسيين في العراق الآن أثرياء بشكل فاحش وكبير على رغم أنهم لم يكونوا أثرياء قبل 2003، والقانون لا يحاسبهم، متسائلاً كيف يلزمهم القانون في الدعاية الانتخابية؟

وكان رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكد أن الفاسدين يتربصون لسرقة المال العام ويجب التصدي لهم، إذ أشار إلى أن هناك مجموعة من الفاسدين تنتظر الانقضاض على التخصيصات المالية كما فعلت مع الموازنات الانفجارية للدولة سابقاً، وهم من يتحدثون عن العفة ومكافحة الفساد لكنهم فاسدون، محذراً من غايات لهم لغرض الحصول على مزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة.

ماذا عن سقف الدعاية؟

من جهته قال المحلل السياسي فاضل البدراني، إن التحذيرات واردة ومهمة، وقد تسبق التحذيرات الشعبية التحذيرات البرلمانية، وفي الحالين ينبغي أن يكون هذا الصوت مسموعاً من الحكومة لخلق بيئة آمنة للعمل في مفوضية الانتخابات.

ونوه بأن إجراءات الحكومة الحالية في مواجهة الفساد كأولوية في برنامجها ستكون واحدة من الخطوات المهمة للحد من تدخل المال الفاسد في الانتخابات المقبلة، مؤكداً "سنحظى بانتخابات نزيهة وممثلين نزيهين فقط إذا قطعنا دابر المال الفاسد ومنعنا تدخله في عملية التصويت".

حول سقف الإنفاق المالي في انتخابات مجالس المحافظات، قالت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلالي إن المفوضية شكلت لجنة برئاسة المدير العام لدائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات لدراسة هذا الموضوع، وعقدت اجتماعات لبحث آلية العمل من أجل ضبط سقف الإنفاق المالي للحملات الانتخابية، مؤكدة أن القرار يبقى بيد رئيس وأعضاء مجلس المفوضين.

المزيد من العالم العربي