Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنتزع الصين لليوان حصة في التداول العالمي؟ 

الإحباط الدولي المتزايد بسبب سقف الديون المتكررة وتصورات الحمائية الأميركية سيوجه التمويل العالمي بعيداً من الدولار

الصين ثاني أكبر حائز للديون الأميركية بعد اليابان بما قيمته 869.3 مليار دولار (اندبندنت عربية)

ملخص

اليوان يمثل 12.28 في المئة في سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ويشكل 2.29 في المئة من المدفوعات الدولية و4.72 في المئة لتمويل التجارة

في الوقت الذي حبس فيه المستثمرون حول العالم أنفاسهم الشهر الماضي في انتظار التوصل إلى تسوية سياسية في شأن سقف ديون الولايات المتحدة البالغ 31.4 تريليون دولار، كانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا من بين أولئك الذين يأملون في تحقيق نتيجة جيدة للمفاوضات.

كان الشهر الجاري هو التاريخ الذي كان من الممكن أن ينفد فيه النقد من الحكومة الأميركية لسداد ديونها، وهو سيناريو كان سيضعف بشكل كبير التصنيف الائتماني السيادي لأميركا والثقة العالمية بالدولار الأميركي، مما يفتح مزيداً من الفرص للصين.

وقالت غورغيفا يوم 26 مايو (أيار) الماضي بعد التقييم السنوي لصندوق النقد الدولي للاقتصاد والنظام المالي في الولايات المتحدة "العالم يراقب". 

ويتجه الصندوق المؤلف من 190 عضواً، وهو جزء رئيس من النظام المالي العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، إلى الشرق بشكل متزايد، ففي مارس (آذار) الماضي أشادت غورغيفا بالصين لإمكانية إسهامها بنسبة 30 في المئة في النمو الاقتصادي العالمي هذا العام، وهو ما فعلته باستمرار منذ الأزمة المالية العالمية 2007-2008. 

على غرار تلك الأزمة التي دفعت إلى بدء جهود تدويل اليوان في بكين في عام 2009، قال المحللون إن المواجهة التي دامت لأشهر في شأن سقف الديون الأميركية، جنباً إلى جنب مع تعاقب زيادات أسعار الفائدة الأميركية، قد تكون لحظة حاسمة بالنسبة إلى العملة الصينية. 

ويقول المتخصص في الشأن الاقتصادي بجامعة ويلاميت بولاية أوريغون الأميركية البروفيسور ليانج يان، لـصحيفة "ساوث تشاينا مورننغ بوست"، "يميل الاستقرار المالي الدولي لصالح الصين، لكنه يتساءل إن كان يجب أن تقوده الولايات المتحدة؟".

ويضيف "لقد ثبت أن الولايات المتحدة ليست زعيمة عظيمة في هذا النظام". 

سيف على الأسواق الناشئة 

وكانت الزيادات الصارمة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) - التي بلغ مجموعها 500 نقطة أساس في الأشهر الـ14 الماضية - بمثابة سيف على عديد من الأسواق الناشئة، وكان عليهم أن يتباروا لتعزيز احتياطاتهم من العملات الأجنبية للتغلب على ارتفاع معدلات التضخم. 

ومع تعافي الصين من التأثير الاقتصادي لوباء "كوفيد-19"، قال المحللون إن البلاد لديها عديد من الأدوات، بما في ذلك الاستثمار باليوان في مشاريع مبادرة الحزام والطريق، وتسوية اليوان مع الشركاء التجاريين الرئيسين، وتعزيز اليوان الرقمي وتنويع الاحتياطي بغير الدولار، مما قد يقوض النظام المالي العالمي المدفوع بالدولار الأميركي. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في وقت يبتعد الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عن نموذج يعتمد على التصدير إلى نموذج أكثر تركيزاً على الاستهلاك المحلي والاعتماد الكبير على واردات السلع مثل النفط والمواد الغذائية، يستلزم ذلك تحولاً من الآلية المالية المتمركزة في الولايات المتحدة والتي شهدت جذب الصين لاستثمارات بالدولار الأميركي في المصانع الموجهة للتصدير ثم استخدام الدولار الذي كسبته للاستثمار في سندات الخزانة الأميركية منخفضة العائد. 

وقال مدير برنامج الصين في مركز "ستيمسون" بواشنطن سون يون للصحيفة "تعتقد الصين أن النظام الذي تقوده الولايات المتحدة، وبخاصة هيمنة الدولار الأميركي يتضمن قواعد تلعب ضد مصالحها الشخصية"، لذلك فإن تقويض صدقية الولايات المتحدة تدريجاً ومراجعة هذا النظام يصب في مصلحة الصين على المدى الطويل، ومع ذلك يقر سون بأنه لا يمكن لليوان أن يحل محل الدولار الأميركي في المستقبل المنظور. 

تدويل اليوان

في حين يعكس النهج التدرجي الذي اقترحه عديد من المحللين إلى حد كبير مخاوفهم في شأن ضوابط حساب رأس المال في بكين، والتي تحد من قابلية تحويل اليوان، يرى مدير شؤون الصين بمركز "مانسفيلد" بجامعة مونتانا ديكستير روبرتس "إن أكبر عقبة منفردة أمام هذا الهدف ليست فقط الدور الراسخ للدولار الأميركي، ولكن المفتاح أيضاً هو عدم رغبة بكين في رفع يدها عن نظامها المالي وتخفيف حساب رأس المال".

وأضاف روبرتس "إلى أن تفعل ذلك - وهي خطوة تعني بحكم تعريفها تقليل سيطرة الحزب الحاكم على الاقتصاد والسماح على سبيل المثال للبنوك المستقلة بتحديد مكان الإقراض، وقد يؤدي ذلك إلى هرب رأس المال - لن تكون البلدان الأخرى على استعداد للاحتفاظ باحتياطات كبيرة من اليوان".

وقال المحللون في "بينغ آن سيكيوريتيز" إن الحكومة الصينية تتخذ موقفاً متحفظاً في إصلاح نظامها النقدي، وهو ما يمكن أن يمنح اليوان مزيداً من المرونة في الاستخدام الدولي. 

وأضاف المحللون في نهاية الشهر الماضي "في ما يتعلق باليوان أكدت الحكومة الصينية دائماً الترويج المنظم لتدويل اليوان، كما أن الصين لن تسعى بنشاط إلى استبدال الدولار الأميركي على المدى القصير، وستكون أكثر حذراً في شأن المخاطر الناجمة عن الانفتاح السريع لسوقها المالية". 

طموحات مشروعة

ومع عدم إصدار بكين خريطة طريق أو جدول زمني لطموحات اليوان فإن الهدف الأكثر واقعية من استبدال الدولار الأميركي، الذي كثيراً ما يستشهد به الباحثون ومستشارو السياسة الصينيون، هو الاستخدام الدولي لليوان ليعكس حصة الصين البالغة 18 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ومن بين المعايير الرئيسة التي تقيس ما إذا كان اليوان عملة دولية فإن وزنه البالغ 12.28 في المئة في سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي هو الأقرب إلى تلك العلامة، بالمقارنة بـ2.29 في المئة للمدفوعات الدولية و4.72 في المئة لتمويل التجارة.

في حين قد تجد الصين الآن دعماً أوسع لطموحاتها في موازنة النظام المالي الذي تقوده الولايات المتحدة، قال المحللون إنهم يتوقعون أن الإحباط المتزايد خارج الولايات المتحدة بسبب قضايا سقف الديون المتكررة وتصورات الحمائية الأميركية ستوجه التمويل العالمي بعيداً من العملة الأميركية، ولكن ليس بشكل كامل أو على الفور. 

شوهدت علامات على التقدم في التسويات التجارية بين الصين وشركائها في التنمية، وهو مجال تمكنت فيه بكين من الاستفادة من ميزتها التجارية لزيادة استخدام العملة الصينية بسرعة. 

وكانت هناك ثماني دول، بما في ذلك روسيا والبرازيل والأرجنتين والمملكة السعودية وتايلاند، منفتحة على اليوان كمدفوعات للنفط والغاز، ومن المقرر أن ينمو هذا الزخم بفضل الاتفاقيات التجارية الرئيسة ومشاركة الصين في مجموعة "البريكس"، الكتلة التي تضم أيضاً البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا. 

ومن شأن هذا التدويل المتزايد لليوان أن يقلل في الوقت نفسه من تراكم احتياطات الصين من الدولار الأميركي. 

كما قادت بكين أيضاً مشاريع خارجية مثل الطرق والسكك الحديدية والمطارات في إطار مبادرة الحزام والطريق التي مضى عليها 10 سنوات كوسيلة لتسهيل التجارة والاستثمار، وتسريع تدفقات اليوان إلى أكثر من 60 دولة في آسيا وأفريقيا والشرق والأوسط وأوروبا وأميركا الجنوبية. 

وقال ليانج يان "تريد الصين بالتأكيد التنويع وهذا ما زال في طور التكوين". 

أيضاً تدرس الصين زيادة نسبة الأصول المقومة باليورو أو الين الياباني في حيازاتها من العملات الأجنبية، في حين أن سندات الدين ذات معدلات الفائدة القابلة للتعديل يمكن أن تعوض سندات الخزانة الأميركية.

وفي أواخر الأسبوع قبل الماضي، أقر مجلسا الكونغرس الأميركي صفقة بين الرئيس الأميركي جو بايدن وكيفين مكارثي، الزعيم الجمهوري لمجلس النواب، والتي تضمنت تعليق سقف الديون حتى يناير (كانون الثاني) 2025 مقابل تخفيضات في الإنفاق التقديري للأعمال غير الدفاعية ونمو في العام المقبل بنسبة واحد في المئة فقط في عام 2025. 

لا بديل عن الدولار الأميركي

وعلى رغم الانتقادات الواسعة لهيمنة الدولار الأميركي، قال نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة رينمين وانج جين بين، للصحيفة، إنه لا يوجد حالياً بديل قوي لسندات الخزانة الأميركية بالنسبة إلى المستثمرين الدوليين على رغم المخاوف من تكرار أزمات الديون الأميركية.

وقال جين بين في مدونة جامعية الشهر الماضي "سيتغير الطلب على ديون الولايات المتحدة مع التغيرات في الجغرافيا السياسية والأنماط الاقتصادية والتجارية". 

وتعتبر الصين ثاني أكبر حائز للديون الحكومية الأميركية بعد اليابان، إذ احتفظت بما قيمته 869.3 مليار دولار من هذه الديون في مارس (آذار)، ارتفاعاً من 848.8 مليار دولار في فبراير (شباط)، وشكلت السندات الحكومية الأميركية نحو 27 في المئة من احتياطات الصين من النقد الأجنبي. 

وكان شهر مارس الماضي هو المرة الأولى التي ترفع فيها الصين حيازاتها من الديون الأميركية بعد سبعة أشهر من التخفيضات التي شهدت انخفاضاً في تعرضها إلى أدنى مستوى في ما يقرب من 13 عاماً، وكانت استثمارات الصين في سندات الخزانة الأميركية بلغت ذروتها في عام 2014 وتراجعت ببطء منذ ذلك الحين. 

وقال نائب الرئيس المساعد لأبحاث الماكرو في "موديز إنفيستورز سيرفيس" نهاية الشهر الماضي "نتوقع ظهور نظام عملات متعددة الأقطاب خلال العقود القليلة المقبلة، ولكن سيقودها الدولار الأميركي لأن منافسيه سيكافحون لتكرار نطاقه وسلامته وقابليته للتحويل بالكامل". وأضاف "وجهة نظرنا يمكن أن تتغير، إذا تراجعت الثقة في المؤسسات الأميركية، وتضاعفت العقوبات الاقتصادية وزادت الحمائية". 

اقرأ المزيد