Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جشع شركات الأغذية الملام الوحيد في ارتفاع الأسعار في بريطانيا

الشركات التي تلقي باللوم على الحرب في أوكرانيا وبريكست تخدع الرأي العام

الشركات الغذائية في خطر حقيقي يتمثل في أن ينكشف أمرها فتبدو فاشلة (رويترز)

ملخص

بين الحقيقة والمخادعة، أزمة غلاء السلع الغذائية لم تسببها فقط الحرب على أوكرانيا ولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

قد تكون الشركات في بعض الأحيان مغرضة للغاية بما يضر بمصلحتها الخاصة. والأسوأ من ذلك أنها تبدأ في معاملتنا نحن الآخرين كحمقى. هي تعتقد نفسها ذكية لكنها في خطر حقيقي يتمثل في أن ينكشف أمرها، فتبدو فاشلة بشكل غير مقبول.

والحال أن هذه الشركات تتظاهر بأن شيئاً ما يجعلها تسلك طريقاً مؤلمة في حين بعض التفكير بالوضع يفضي إلى خلاصة أنه غير صحيح. هناك سبب آخر يدفعها إلى التصرف بهذه الطريقة، وعادةً ما يكون السعي إلى جني الأرباح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه هي الحال مع محال الأغذية والسوبرماركت. ارتفع سعر الحليب بنسبة 38.4 في المئة خلال السنة الماضية، وفق تقرير أعده ويل دان ونشرته "نيو ستايتسمان". لا شيء يبرر هذه الزيادة. لا الحرب في أوكرانيا، ولا فواتير الطاقة والوقود، ولا الأجور، ولا مشكلات سلاسل التوريد الناجمة عن كورونا، ولا بريكست. لكن تحت مظلة هذه العوامل وغيرها، ارتفعت التكلفة بالنسبة إلينا كمستهلكين.

نحن نقبل بأن التكاليف وبالتالي الأسعار قد قفزت على خلفية ما تقوله لنا وسائل الإعلام، والمزارعون أيضاً يوماً بعد يوم. نحن ندفع مزيداً من المال في مقابل الحليب الذي نستهلكه ونعزو ذلك إلى التضخم. بمعنى ما، ليس لدينا خيار بالطبع – الحليب ضروري – لكننا لا نشتكي، ولا نتوقف لنسأل عن سبب بلوغ الارتفاع هذه المستويات، فنحن حرفياً نبتلع الأمر.

وفي صفوف الاقتصاديين، يُعرَف ذلك باسم "التضخم المدفوع بالربح". ما يجري في الممارسة العملية هو أن الشركات تستفيد من جو من الضغط الاقتصادي لجني أرباح أكبر. إن الرغبة في مزيد من الأرباح هي التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع، وليس ارتفاع التكاليف أو أي شيء آخر. يقول بول دونوفان، كبير الاقتصاديين لدى "يو بي أس لإدارة الثروات"، إن السبب الدافع الرئيسي هو "قدرة الشركات على ترويج القصة التي تقول إن رفع الأسعار ليس ذنبها – لقد ارتفع سعر القمح، لذلك علينا الآن رفع سعر الخبز".

تجدر الإشارة إلى أنه ثمة زيادات حقيقية في التكاليف في أنحاء الاقتصاد كله، لكن ليس بالمستوى الذي يبرر الأسعار المرتفعة لبعض المنتجات. لقد تضاعفت أسعار الحبوب. ومع ذلك، انخفضت أسعار النفط بنسبة 30 في المئة منذ سنة، وانخفضت التكاليف الزراعية بنسبة 20 في المئة، وبقيت أجور عاملي المزارع على حالها منذ سنتين. يجب أن تنخفض أسعار الحبوب، لا أن ترتفع.

على خلفية جائحة تلتها حرب، كان من الممكن أن يُغفَر لكم تخيلكم أن العديد من الشركات ستتوقف عن العمل. توقف البعض عن العمل؛ لقد عانى من انخفاض كارثي في الطلب رافقه ارتفاع في الأجور وفواتير الطاقة. ومع ذلك، لم يتوقف العديد من الشركات عن العمل، وهي تحقق أرباحاً مزدهرة. لقد رفعت "ماكدونالدز" سعر البرغر بنسبة 17 في المئة وهي تكسب، والأرباح تزيد. ورفعت "ستاربكس" سعر فنجان القهوة بنسبة 11 في المئة وشهد هامش التشغيل الخاص بها ارتفاعاً بنسبة 19.1 في المئة. وزادت أرباح "تايت أند لايل" بنسبة 22 في المئة.

والبعض يجني من المال كثيراً إلى درجة أنه أطلق خططاً لإعادة شراء الأسهم – اشترت "تيسكو" ما قيمته 1.8 مليار جنيه استرليني (2.45 مليار دولار) من أسهمها الخاصة، أما "شل" فبأرباح لثلاثة أشهر سجلت 9.6 مليار دولار تشتري أسهماً بقيمة أربعة مليارات دولار.

ويدفع هذا البعض أرباحاً سهمية لم يسبق لها مثيل. لقد وصلت مدفوعات الأرباح السهمية إلى المساهمين إلى مستويات قياسية – عام 2022، بلغ مجموعها 94.3 مليار جنيه، بزيادة ثمانية في المئة عن عام 2021. وبالمثل، رأى رؤساء الشركات المدرجة في مؤشر "فايننشال تايمز 100" مكاسبهم تتفوق كثيراً على معدل التضخم. وفق "ديلويت"، ارتفع متوسط أجر الرئيس التنفيذي لشركة مدرجة في المؤشر بنسبة 12 في المئة العام الماضي، إلى 4.15 مليون جنيه.

لا يشكو هؤلاء، ولا المساهمون في شركاتهم. لكن الشركات تشكو من أنها لم تشهد قط ظروفاً بهذه الصعوبة وأن بريكست و"كوفيد" والحرب في أوكرانيا قد لقنتها ضربة تلو أخرى يجب تمريرها إلى العميل. هذا هراء. هي مخادعة إلى حد بعيد.

ليس جشع مثل هذا جديداً. لقد أصبح من قبيل المزاح كيف أن المصارف تسارع للاستجابة إلى زيادات معدلات الفائدة فتنقلها إلى الرهون العقارية لكنها تفعل ذلك في شكل أبطأ بكثير عندما تنخفض معدلات الفائدة.

غير أن المرحلة الحالية تبدو فظيعة في شكل خاص. ولهذا السبب، يجب على الشركات أن تكون حذرة. لقد تنبه السياسيون من الأحزاب كلها على ما يحدث مع غرق مراكز توزيع الطعام في دوائرهم الانتخابية. يدعو الديمقراطيون الليبراليون إلى إجراء هيئة المنافسة والأسواق تحقيقاً يطاول محال السوبرماركت وموردي الأغذية ويطالبون بتحديد الأسعار. ويضغط حزب العمال، بواسطة وزير المالية السابق في حكومة الظل جون ماكدونيل، من أجل فرض ضوابط على الأسعار لخنق هذا "التضخم بسبب الجشع".

وبالنسبة إلى المحافظين، عقد وزير المالية جيريمي هانت اجتماعاً مشتركاً في "داوننغ ستريت" في 23 مايو (أيار) ضم شركات الأغذية وهيئة المنافسة والأسواق.

ويضج النواب. بدأت لجنة البيئة والأغذية والشؤون الريفية في مجلس العموم تحقيقاً في إنصاف أسعار الأغذية.

لقد جنت الشركات على نفسها ومن الصعب التعاطف معها. نعم، كان عليها التعامل مع مجموعة استثنائية من الظروف، كما فعلنا جميعاً، لكن تلك المسائل تتضاءل. ظنت أنها تستطيع اغتنام فرصتها، والآن تواجه احتمال التدخل الرسمي، وهو أمر لا بد من أن يكون محرجاً. لو لم تكن جشعة إلى هذا الحد، لكان من الممكن لها الإفلات. وليس عليها أن تلوم إلا نفسها.

© The Independent

اقرأ المزيد