Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القروض في تونس... كابوس التعثر ينهي أحلام التمويل الميسر

تراجع لافت في إسنادها للأشخاص الطبيعيين مع أواخر مارس 2023 بسبب ارتفاع نسب الفائدة 

سعر الفائدة استقر عند 8 في المئة في ديسمبر الماضي (اندبندنت عربية)

ملخص

بات من الواضح أن ارتفاع نسب الفائدة جعل الأشخاص والعائلات التونسية تراجع حساباتها وتفكر مرات عدة قبل التوجه إلى المصارف للحصول على قرض

يجد تاجر الغلال التونسي سالم الوصايفي صعوبة كبيرة في الحصول على قرض بنكي بسبب ما وصفه تشدد جل المصارف التجارية في تونس في إسناد القروض البنكية، بخاصة قروض الاستهلاك منها لمجابهة النفقات المتزايدة.

وعلى رغم أن ملاءة تجارته المالية، إلا أنه احتاج إلى قرض بنكي من أجل سداد بعض النفقات الطارئة ومنها سداد رسوم الدروس الخصوصية لطفليه، غير أن المسؤول عن الفرع البنكي رفض طلبه وتشدد في إسناده القرض.

سالم الوصايفي واحد من آلاف التونسيين الذن يحتاجون إلى القروض البنكية في ظرف مالي صعب تمر به البلاد وسط ارتفاع لافت لنسب التضخم جعل أسعار معظم المنتجات تنفلت وتزيد بطريقة يومية.

تؤكد الأرقام والبيانات التي نشرها البنك المركزي التونسي أخيراً أن حجم القروض البنكية غير المهنية للأشخاص الطبيعيين تراجع بشكل واضح وملحوظ.

تراجع لافت

بلغ مجموع القروض البنكية غير المهنية المسلمة من طرف البنوك التونسية إلى الأشخاص الطبيعيين بحلول نهاية مارس (آذار) من العام الحالي، ما قيمته 27 مليار و830 مليون دينار (9276.6 مليون دولار) مقابل 27 مليار و853 مليون دينار (9284.3 مليون دولار) بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي بانخفاض قيمته 22.7 مليون دينار (7.5 مليون دولار).

عزا المتخصص المالي بسام النيفر تراجع مجموع قروض الأفراد إلى ارتفاع نسب الفائدة البنكية، الأمر الذي عزف معه الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية عن الحصول على قرض بنكي.

وأوضح في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن ارتفاع مجمل القروض البنكية بنحو 320 مليون دينار (106.6 مليون دولار) خلال الفترة بين مارس 2022 وديسمبر 2021 لأسباب تتعلق بثبات سعر الفائدة الرئيسة، إذ لم تكن أسعار الفائدة صعدت بعد.

ارتفاع الفائدة

لاحظ المتحدث أن البيانات التي نشرها البنك المركزي التونسي أظهرت ان إجمالي القروض التي تسلمها الأشخاص الطبيعيون خلال الربع الأول من العام الحالي تراجع بشكل واضح بالمقارنة مع نهاية العام الماضي.

وأضاف "بات من الواضح أن ارتفاع نسب الفائدة للبنك المركزي وما نتج منها من زيادة مهمة في نسب الفائدة في السوق النقدية، جعلا الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية تراجع حساباتها وتفكر مرات عدة قبل التوجه إلى المصارف للحصول على قرض".

ويروي سالم الوصايفي في هذا الإطار أن مدير فرع مصرفه أبلغه بأنه في حال موافقة المصرف على القرض البالغ 10 آلاف دينار (3.3 ألف دولار) فإنه سيجبر على إرجاع 15 ألف دينار (5 آلاف دولار) مما اعتبره أمراً مكلفاً ودفعه إلى صرف النظر عن القرض واللجوء إلى الاقتراض من عائلته بدلاً من ذلك.

ويردف بسام النيفر أن من أهم أهداف رفع المركزي التونسي لنسب الفائدة ومن ورائها رفع نسبة الفائدة في السوق النقدية، كبح جماح الاقتراض والاستهلاك للضغط على الأسعار والتحكم أكثر في نسبة التضخم المرتفعة.

سجل التضخم في تونس خلال شهر مايو (أيار) الماضي نسبة بلغت 9.6 في المئة لتظل في مستويات مرتفعة، الأمر الذي دفع البنك المركزي التونسي إلى إقرار رفع نسبة الفائدة في ديسمبر الماضي في خطوة منه لتطويق نسب التضخم الآخذة في الارتفاع.

وقرر البنك المركزي التونسي في نهاية ديسمبر 2022 رفع نسبة الفائدة الرئيسة بـ75 نقطة أساس لتصل إلى مستوى ثمانية في المئة بعد تقييم الأخطار التي تحف بمسار التضخم.

بات من الواضح أيضاً أن السياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي التونسي قلصت من منح القروض البنكية الموجهة للاستهلاك وأدت إلى تراجعها في الربع الأول من هذا العام، كما يستنتج المتخصص المالي.

تراجع قروض السكن

وفي خصوص توزيع مجمل القروض البنكية غير المهنية المسلمة بنهاية مارس الماضي، انخفض إجمالي قروض السكن بقيمة 70.8 مليون دينار (23.6 مليون دولار) لتبلغ 12 مليار و457 مليون دينار (4152.3 مليون دولار) مقابل 12 مليار و528 مليون دينار (4176 مليون دولار) في ديسمبر الماضي.

وبات جلياً بحسب بسام النيفر أن قروض السكن بصدد التراجع، عازياً ذلك إلى أن هناك قروض سابقة قد تم خلاصها بالمقارنة مع حجم القروض الجديدة التي تسير بنسق ضعيف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "يستشف من البيانات المنشورة من البنك المركزي أن هناك طلباً ضعيفاً على السكن في تونس لأسباب عدة أهمها ارتفاع نسب الفائدة في السوق النقدية وثانياً صعود كلفة بناء المساكن".

وأوضح "القروض السكنية المرتبطة بادخار السكن البالغة 1616 مليون دينار (538.6 مليون دولار) أواخر ديسمبر الماضي تراجعت إلى مستوى 1600 مليون دينار (533.3 مليون دولار)"، شارحاً أن تدني هذه القروض مؤشر إلى تراجع الطلب، بالتالي هبوط المقدرة الشرائية للتونسيين.

أما بالنسبة إلى القروض البنكية الموجهة لتحسين المسكن، فلفت المتخصص المالي إلى أنها يتم تمنح للأشخاص الطبيعيين في حال تقديمهم فواتير البناء والمواد الأولية للحصول على هذه القروض. وارتفع هذا النوع من القروض بقيمة 5 ملايين دينار (1.6 مليون دولار) إلى نهاية مارس 2023 مقارنة بأواخر ديسمبر 2022 .

تقلص قروض السيارات

ومن جانب آخر هوت القروض البنكية الموجهة لاقتناء سيارات بقيمة 2.9 مليون دينار (1 مليون دولار)، إذ بلغ إجمالي القروض في حدود 390 مليون دينار (130 مليون دولار) بين مارس 2023 وديسمبر 2022.

وإجمالاً، أكد بسام النيفر أن هناك تراجعاً في الحصول على القروض البنكية جراء ارتفاع نسبة الفائدة البنكية وصعوبة القدرة على الخلاص والسداد بسبب تدهور القدرة الشرائية، فضلاً عن أن القطاع البنكي صار متشدداً أكثر في تطبيق معايير الأخطار بما يجعل الطلب على الحصول على قرض بنكي يقل بشكل ملحوظ.

البنك المركزي لن يرفع الفائدة

وعن توقعاته عما إذا سيقوم البنك المركزي التونسي بتحريك سعر الفائدة الرئيسة، قال "طالما أن مسألة رفع الدعم عن المحروقات وتحريك أسعار الكهرباء وبقية المواد الغذائية لم تتضح، فإن المركزي التونسي لن يخفض في نسبة الفائدة وهدفه الأسمى هو خفض الأسعار للتحكم قدر الإمكان في نسب التضخم التي تظل مرتفعة في مايو الماضي.

وختم "حتى في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وعلى رغم التراجع الملموس في الأسعار، فإن البنوك المركزية في هذين العملاقين الاقتصاديين تفكر في زيادة الفائدة الرئيسة".

اقرأ المزيد