Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجمعة الـ 24 تحت حصار أمني... وحراك اجتماعي في الجزائر العميقة

الاحتجاجات الاجتماعية تكشف مدى الضرر الذي ألحقه نظام بوتفليقة بمعيشة الشعب

شهدت الجمعة الـ 24 من الحراك الجزائري أجواءً مشحونة بعد إقدام قوات مكافحة الشغب على إغلاق الشوارع والطرقات المؤدية إلى ساحة "البريد المركزي" رمز الحراك، ما أدى إلى مشادات بين المتظاهرين والشرطة خلصت إلى اعتقال شبان من الحراك. أتى ذلك في ظل اندلاع احتجاجات اجتماعية في مناطق مختلفة من البلاد بسبب مشاكل السكن وانقطاع التيار الكهربائي وغياب المياه الصالحة للشرب في عز فصل الصيف الحار، الذي رفعت درجاته الحرائق التي تتوسع بسبب الرياح.

الجمعة الـ 24 تحت التضييق الأمني

ورفع المتظاهرون في العاصمة الجزائرية في الجمعة الـ 24، شعارات تطالب برحيل بقية رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وأخرى ترفض الحوار مع السلطة والمؤسسة العسكرية، بينما راحت أطراف تطالب بدولة مدنية لا عسكرية، وسط إجراءات أمنية مشددة على غير العادة، منعت وصول قوافل الشباب إلى جوار "البريد المركزي"، بعد سيطرة الشرطة على الشوارع والأزقة، في إستراتيجية جديدة تهدف إلى تقليص مساحات التظاهر.

ويعتبر المحلل السياسي أنس الصبري أن "ما حدث اليوم من تضييق غير معهود، بعد طلب لجنة الحوار ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح، تشديد الإجراءات الأمنية خلال المسيرات وعلى مستوى مداخل العاصمة. ويُعدّ ذلك بداية مرحلة جديدة من تعاطي النظام مع الحراك. وتابع أن المؤسسة العسكرية أقلقها الحراك الشعبي بعد "فشل" وشيك للحوار. وأضاف أن "الأمور قد تتجه إلى استعمال القوة لإنهاء الحراك".

حراك اجتماعي في الريف؟

في خضم "الكباش" بين النظام المؤقت والحراك، يتحرك السكان عبر مختلف مناطق البلاد وعلى مدار أيام الأسبوع، في احتجاجات بلغت حد قطع الطرق وإغلاق مقرات البلديات، بسبب التشكيك في عمليات توزيع المساكن التي تشهد تجاوزات، وقطع التيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب. وتجمهر الناس في بلدية "سيدي إمحمد بن علي" بمحافظة غليزان (غرب)، أمام مقر الدائرة وأغلقوا المدخل الرئيس، وتكرر المشهد في منطقة الإدريسية بمحافظة الجلفة (وسط)، بعد إقدام مواطنين على قطع الطريق الوطني وشل حركة المرور، إثر "اعتداء" شرطي على تاجر. كما عرفت بلدية "تاويالة" بمحافظة الأغواط في الصحراء، احتجاجات واسعة بلغت حد إغلاق مقر البلدية، حيث عُلقت لافتة تطالب برحيل المجلس البلدي وإيفاد لجنة للتحقيق في تسيير شؤونها، وذلك على خلفية وفاة أب لطفلين، بلسعة عقرب، بسبب غياب خدمات صحية في العيادة المحلية.

"العصابة" استولت على الحقوق

في السياق ذاته، أوضح الصبري أن "ما يحدث في الجزائر العميقة من احتجاجات يومية يكشف مدى الضرر الذي ألحقه النظام السابق بالسكان، حيث غابت التنمية والمشاريع وأدنى ضروريات الحياة. وقال إن "نظام بوتفليقة اهتم بالاختلاس وتحقيق المصالح الشخصية بعيداً من تحمل المسؤولية والاستجابة لمتطلبات السكان"، مبرزاً أن "استمرار الانسداد السياسي يهدد بثورة اجتماعية قد تزعزع استقرار البلاد".

وواصل المحلل أنس الصبري، قائلاً إن "حملة محاربة الفساد يجب أن تتوسع إلى المحافظات والبلديات، على اعتبار أن العصابة وأذرعها المالية والاقتصادية، عمدت إلى اللجوء إلى المناطق النائية للاستيلاء على المشاريع والصفقات بغير وجه حق على حساب السكان"، مضيفاً أن "ما يحدث في المناطق الجزائرية من احتجاجات تحصيل حاصل وكان منتظراً، بسبب الفساد الكبير الذي كشفته العدالة وقد سيطر على عقول المسؤولين والوزراء". وخلص إلى أن "حقوق السكان هضمها الوزراء ورجال المال".

محاولات انتحار قطع طرقات وإغلاق مقرات محافظات

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحاول 11 شخصاً منذ 3 أيام، الانتحار بإضرام النار في أجسادهم فوق مبنى مقر دائرة "تنيرة" بمحافظة سيدي بلعباس (غرب)، بعد إقصائهم من الاستفادة من حصة سكنية. كما شهدت بلدية "المعاضيد" في محافظة المسيلة (وسط)، احتجاجات بسبب غياب الربط بشبكة الغاز الطبيعي وانعدام الإنارة.

كما أغلق سكان منطقة "السوقر" في محافظة تيارت (غرب) مقر البلدية، بسبب التهميش والإقصاء والعزلة وغياب المرافق الصحية والحرمان من الكهرباء الريفية، في ظل غياب كلي لرئيس البلدية. وتتواصل بمحافظة الطارف، أقصى شرق البلاد، موجة الغضب الاجتماعي وقطع الطريق الرئيس، مع إشعال عجلات المطاط، ما أدى إلى فوضى عارمة، في مشاهد باتت تطبع الحياة اليومية في مختلف مناطق الجزائر.

تنازلات من أجل الوصول إلى بر الأمان

ومع عجز كل الجهات والمبادرات والطروحات في إيجاد حل للانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، وظهور احتجاجات اجتماعية بسبب غياب التنمية وتجاهل ضروريات سكان المناطق الداخلية والنائية، لا يبشر الوضع العام في الجزائر بالخير، ما يستدعي تظافر جهود كل الفعاليات وتنازل كل الأطراف عن بعض النقاط من أجل الوصول بالبلاد إلى بر الأمان.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي