Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شقة أم فيلا... هل تغيرت نظرة السعوديين إلى "بيت العمر"؟

الوحدات تشكل أكثر من 51 في المئة من إجمالي عدد المساكن بالبلاد

وحدات سكنية "شقة" متطورة في السعودية (غيتي)

ملخص

قطعت السعودية شوطاً كبيراً في علاج أزمة الإسكان بجراحة هندسية استندت إلى تغيير الفكر وصولاً إلى تقديم وحدات ومنتجات مميزة

قطعت السعودية شوطاً كبيراً في علاج أزمة الإسكان بجراحة هندسية استندت إلى تغيير الفكر وصولاً إلى تقديم وحدات ومنتجات مميزة عاماً بعد الآخر، ولا يزال كثر يستحضرون كلمات وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد الحقيل، نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، حين حصر الأزمة في طريقة تفكير المواطن وليس الموارد أو الأراضي.

حينها كان الوزير الحقيل يرى أنه من المستحيل حل مشكلة الإسكان طالما أن المواطن السعودي لا يرضى بالسكن إلا في فيلات تتجاوز مساحتها 700 متر مربع، وتتضمن ملاحق خارجية وفناءً واسعاً ومواقف سيارات، متمسكاً بأن الحل يبدأ بفكر المواطن لمعرفة حاجته الأساسية، وخيار السكن في الشقق الصغيرة، وعلى رغم عدم تقبل المجتمع في ذلك الوقت تلك الكلمات فإن الأمر أخذ منحى مختلفاً اليوم.

رسمت نتائج هيئة الإحصاء السعودية الأسبوع الماضي ملامح جديدة وتغيراً لافتاً في الثقافة السكنية لدى المواطنين، فقد أخذت الشقق نصيباً مميزاً في قائمة مساكن الأسر بنسبة تقارب 51.5 في المئة على عكس المنظور السائد الذي كان يفضل الفيلات.

هنا يبقى السؤال الأهم هل تغير الفكر السكني للسعوديين أم أن الظروف الاقتصادية وزيادة كلفة الحياة الأساسية والترفيهية التي أصبحت ضرورة عصرية والتحول الاجتماعي الذي حدث للأسر التي لم تعد راغبة في إنجاب عدد كثير من الأبناء كما كان في الماضي هما السبب؟ يشار هنا إلى أن عدد أفراد الأسرة السعودية تراجع في المتوسط إلى أربعة أفراد فقط مقارنة بالأجيال السابقة، وفق بيانات التعداد الأخيرة.

خيارات أوسع

يرى عضو الهيئة السعودية للمهندسين المتخصص في المناطق الخارجية والحدائق عبدالله الجاسر أن ثقافة السكن أخذت تتغير في الوسط السعودي، وفي القلب منه المدن الكبرى، ولم تعد المساحة تشكل هاجساً للشباب، بل على العكس، كثير منهم أصبح يرغب في شقق صغيرة ضمن مجمعات سكنية تتميز بخدمات إضافية تتميز بالأمن والخصوصية والجو الأسري.

وعدد الجاسر مزايا السكن في الشقق بدءاً من كونها أقل كلفة من ناحية التملك أو الإيجار وتناسب مصروفات أصحاب الدخل المتوسط الذين يشكلون غالبية المجتمع السعودي، مضيفاً أن تصاميم الشقق السكنية تغيرت عن السابق ولم تعد جدراناً خرسانية خالية من الجمال بل باتت تتوفر فيها خيارات أوسع مثل (وحدات الدورين والمساحات الخارجية مثل البلكونات والأسطح)، لتكون متنفساً للعائلة، علاوة على مداخل متعددة ومواقف مخصصة لكل وحدة وتوفر النوادي الرياضية وساحات لعب للأطفال مما يساعد على تطوير جودة حياة سكانها.

وقال إن شقق اليوم تتوفر بمقومات جاذبة أفضل مما كانت عليه سابقاً تحقيقاً لرغبة العملاء، والمنافسة مع تعدد شركات التطوير العقاري، مما أتاح مزيداً من خيارات الشقق وخلق مفهوماً جديداً لها، لافتاً الانتباه إلى أن الطلب على الشقق يأتي إلى اختلاف الأشكال الجمالية والموقع والمساحة وطريقة التصميم.

الحل الأول

الأكاديمي في قسم التخطيط العمراني بجامعة الملك سعود، وليد الزامل، أرجع زيادة نسب تملك الشقق السكنية والوحدات الصغيرة إلى عوامل اقتصادية بحتة أثرت في حاجاتها وليس تغيراً في الرغبات أو طريقة التفكير، على حد قوله.

أضاف "كثير من المواطنين ما زال يفضل الفيلات حتى وإن كانت بمساحة صغيرة، لكن ارتفاع أسعار العقار وصعوبة الحصول على قروض تمويل من البنوك مع ارتفاع نسبة الفائدة جعلا السكن في الشقق هو الحل الأول وربما الأخير لكثير من أفراد المجتمع".

وذهب إلى أن الشقق الصغيرة اختيار مرحلي لدى كثير من السعوديين، وهذا الاختيار أمامه عديد من التحديات حتى يكون مرغوباً لديهم، فالمواطن لا يتنازل عن خصوصيته بسهولة، "فكثير من الشقق تفتقر إلى الخصوصية الكاملة لسكانها".

ومضى في حديثه "ليس كل الشقق المناسبة تحتوي على الفراغات الوظيفية المهمة مثل الحديقة أو الفناء أو البلكونة، وهذه أمور مهمة بالنسبة إلى كثير من السعوديين ولن تكون مقبولة ما لم تحل أزمة الفراغات المشتركة بين سكان العمارة، ويقصد بها ترتيب خدمات الصيانة"، قائلاً "لا تزال مشكلة تمثل تحدياً لدى الملاك والمستأجرين... من المسؤول عن الصيانة وكيف يتم تنظيمها؟".

ويتفق المواطن السعودي محمد سعد الذي يسكن في شقة بالإيجار مع الزامل فيوضح أن تفكيره لم يتغير ولن يتغير، فهو ما زال يحلم ويتمنى أن ينتقل من "الشقة" التي يسكنها إلى "الفيلا" لأنها تمده وأسرته بالاستقلالية والمساحات الواسعة التي يجد فيها الراحة والاستقرار ولا يمكن أن يكون بيت العمر للسعوديين "شقة"، على حد وصفه.

أسعار الشقق

يبلغ متوسط أسعار الشقق المطروحة للإيجار في السعودية، خصوصاً في وسط العاصمة الرياض، ما بين 35 ألف ريال (تسعة آلاف دولار) و70 ألفاً (18 ألف دولار)، للشقق ذات الغرف الثلاث، وتختلف الأسعار باختلاف الحي والتصميم وتوفر الخدمات، أما الشقق المطروحة للتمليك فتتراوح بين 500 ألف ريال (133 ألف دولار) وأكثر من مليون ريال (266 ألف دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما أسعار تمليك الفيلات السكنية فهي ما بين مليون ونصف المليون ريال (400 ألف دولار) إلى أكثر من سبعة ملايين ريال (مليون و800 ألف دولار) بمساحات تتراوح بين 350 و500 متر مربع، وأيضاً تختلف بحسب الحي والمنطقة والخدمات والتصميم، وذلك استناداً إلى موقع عقار (أحد أشهر التطبيقات المتخصصة في بيع العقارات بالسعودية).

وعند النظر إلى أسعار العقارات السكنية في الربع الأول من العام الحالي فقد سجلت ارتفاعاً 1.6 في المئة متأثرة بارتفاع أسعار قطع الأراضي السكنية، وسجلت قيمة الشقق السكنية ارتفاعاً 2.1 في المئة. ومن ناحية أخرى انخفضت أسعار العمارات 0.1 في المئة والفيلات 0.3 في المئة.

يبدو أن ما يجري في سوق العقارات السعودية عصي على الفهم، وما كان يشار إلى أن النقص في عدد الشقق المعروضة ضمن أبرز المشكلات التي يعانيها الإسكان السعودي لم يعد واقعياً، فتقارير هيئة الإحصاء ذكرت أن عدد الوحدات العقارية 12 مليوناً و414 ألفاً و696 وحدة سكنية، بلغ المشغول منها ثمانية ملايين و174 ألفاً و674 وحدة، وهناك أكثر من أربعة ملايين وحدة شاغرة.

ويشير المتخصصون العقاريون إلى أن الأزمة ليست على مستوى توفر الوحدات السكنية، بل صعوبة وغلاء كلفة تملكها، إذ تفوق بمستويات أسعارها السوقية دخل الأسر السعودية. وهنا يشكك المطور العقاري خالد المبيض في الأرقام المعلنة، قائلاً "لا أعتقد أن هذه الأرقام دقيقة وقد يكون أدخل ضمنها الوحدات المخصصة للإيواء السياحي والفندقي الموسمي وإلا سيكون هناك معروض أكثر من الطلب وحتى يفوق مجموع كامل الطلب المسجل للتملك".

واختتم المبيض حديثه بالإشارة إلى أن مستقبل الطلب في السوق العقارية سيتركز على وحدات متوسطي الدخل سواء من الشقق أو الفيلات المقامة في الضواحي الجديد

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات