Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتائب الظل... "بعبع" يسعى إلى عرقلة انتقال السلطة إلى المدنيين في السودان

"أُنشئت تلك الميليشيات لحماية نظام البشير وأصبحت قوة فاعلة في القمع ومراقبة المواطنين"

متظاهرون سودانيون في الخرطوم الخميس 1 أغسطس ينددون بمقتل طلاب في الأبيض (أ.ف.ب)

منذ الإطاحة بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي، تعالت أصوات المتظاهرين وسياسيين سودانيين بالدعوة إلى الإسراع في تصفية وملاحقة الميليشيات التابعة له والتي يُطلق عليها اسم "كتائب الظل" وتجريدها من السلاح وإعادة المسؤولية الأمنية في البلاد إلى الأجهزة المختصة بخاصة أن المجلس العسكري يعرف مواقع تمركز تلك الكتائب سواء داخل الأجهزة النظامية أم خارجها، وذلك تمهيداً لعزلها وإبعادها عن المشهد العام نظراً إلى خطورتها على الوضع الراهن.

وأكد خبراء عسكريون وجود هذه الميليشيات في مسرح العمليات واستخدامها العنف وقتل المتظاهرين، متهمين إياها بالوقوف وراء فضّ اعتصام القيادة العامة وأحداث الأبيض الدامية الأخيرة، متوقعين أن تحدِث فوضى وإرباكاً للحكومة الانتقالية الجديدة ما لم يتم التعامل معها بجدية تامة، لأنها تعمل بكل ما في وسعها إلى إعادة نظام البشير إلى واجهة السلطة من جديد.

حماية النظام

ويقول العميد ركن معاش محمود بشير الناير إن نظام البشير اتجه منذ تسلمه السلطة بواسطة انقلاب عسكري في عام 1989 إلى تشكيل ميليشيات خاصة لـ "الحركة الإسلامية" اتخذت مسميات عدة وأدواراً مختلفة على رأسها "قوات الدعم السريع" والتي يُطلق عليها أيضاً اسم قوات "الجنجويد" التي تمارس أعمال الإبادة ضد الحركات المتمردة وسكان دارفور وجنوب كردفان. وهناك "كتائب الظل" تتبع مباشرة لنائب زعيم حزب المؤتمر الشعبي الراحل حسن الترابي سابقاً علي عثمان محمد طه، وأخرى تابعة لوالي جنوب كردفان السابق أحمد هارون، إضافة إلى الميليشيات الطالبية في الجامعات، وميليشيات موزعة ضمن المؤسسات الحكومية، فضلاً عن "قوات الدفاع الشعبي" و"المجاهدين"، وجميعها تمارس العنف ضد كل مَن يعارض النظام السابق أو يخالفه الرأي. وتدربت هذه الميليشيات في معسكرات على مختلف أنواع الأسلحة وطرق التعذيب. ولفت العميد الناير إلى أن تلك الميليشيات أُنشئت لحماية النظام حتى أصبحت قوة فاعلة في القمع ومراقبة المواطنين، لذلك تضم عناصر ذات ولاء أعمى للحركة الإسلامية. وأضاف أن هذه الكتائب كانت تنتمي مباشرة إلى أجهزة الأمن والاستخبارات الوطنية في نظام البشير، التي كانت تسيطر عليها آنذاك القيادات العليا للحركة الإسلامية.
وبدأت تلك الكتائب كجهاز سري من الحركة الطالبية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، تقوم بمهمات جمع المعلومات وتصنيفها لاستخدامها في عمليات التعذيب واختراق الأحزاب.

وأشار الناير إلى أن هذه المليشيات مارست كل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان وأقرّت بعض قيادات النظام، على رأسها علي عثمان محمد طه نائب البشير سابقاً بوجودها في بداية الثورة الشعبية بقصد تخويف المواطنين، منوهاً إلى أن خطورة هذه الكتائب بدأت تظهر الآن من خلال اختراق المتظاهرين وتحريضهم ضد الاتفاق مع المجلس العسكري، مؤكداً أن خسائر فض اعتصام القيادة العامة وأحداث الأُبيض كانت وراءها "كتائب الظل" على الرغم من نفي لجنة التحقيق التي شكّلها المجلس العسكري لتقصي الحقائق في فضّ الاعتصام. وأضاف أن "هذه الميليشيات تملك عربات مماثلة لعربات الأجهزة الأمنية وتستخدم لوحات خاصة بالدعم السريع في محاولة لإبعاد قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي" من المشهد السياسي ليخلو لهم الجو لإجهاض الثورة"، موضحاً أن "عديد هذه المليشيات كبير جداً ولن تتم السيطرة عليها إلا بتسريع تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة لتبدأ بتصفية الأجهزة الأمنية وتصبح السلطة مدنية بالكامل، على أن تدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وتوزيعها على وحدات الجيش المنتشرة في أقاليم السودان".

إرباك المشهد

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق، أوضح العميد معاش جعفر أحمد عبدالكريم أن "ميليشيات نظام البشير بمختلف مكوناتها ومسمياتها موجودة الآن على مسرح العمليات وهي مسؤولة عن كل أعمال قتل المتظاهرين من منطلق إحداث الفوضى وقطع الطريق أمام أي تفاهمات واتفاقيات تقود إلى استقرار البلاد سياسياً واقتصادياً"، لافتاً إلى أن "هذه الكتائب أُنشئت لتمكين دولة الإنقاذ (فترة حكم البشير) ولتكون قوة موازية للقوات النظامية لإضعافها والحلول مكانها بل إن قادتها هم مَن يتخذون القرار على الرغم من عدم كفاءتهم العسكرية"، مشيراً إلى أن "عناصرها تحمل هويات تابعة لأجهزة أمنية ومعظم أفرادها من موظفي الدولة ويتحكمون في مفاصل الدولة اقتصادياً حتى أصبحت دولة أمنية بامتياز وبالتالي خطف حزب البشير الدولة بكاملها".

وحدد عبد الكريم دور هذه الميليشيات "بالعمل على إرباك الشارع وضرب المتظاهرين بعضهم ببعض وضرب العلاقة بين الثوار والأحزاب السياسية وبين الثوار وتجمع المهنيين والتشكيك في تجمع المهنيين، وضرب الناشطين وتشويه سمعتهم وإرباك المشهد بكامله"، مشدداً على أهمية نزع السلاح من هذه المجموعات المسلحة المعروفة لدى المجلس العسكري الذي يمثل اللجنة الأمنية لنظام البشير سابقاً. كما اعتبر أنه يجب أيضاً "تسريع دمج قوات هيئة العمليات التي يصل عددها إلى 13 ألف عنصر في القوات المسلحة وهي تمثل القوة الضاربة في الولاء للنظام السابق كونه ميّزها عن القوات الأخرى"، فضلاً عن دمج قوات الحركات المسلحة وإعادة المفصولين من الجيش وقوامهم 35 ألف فرد من ضابط وجندي.

من جهة أخرى، توقع عبد الكريم أن تواجه الحكومة الانتقالية المقبلة أحداث عنف وتخريب وانفجارات وتصفيات، فضلاً عن التخريب الاقتصادي، وذلك من أجل إعادة الحركة الإسلامية من جديد إلى واجهة السلطة. ودعا "قوى الحرية والتغيير" إلى "رفع الحس الأمني لدى المواطنين وتوعيتهم بما يحيط بالبلاد من مؤامرات، إلى جانب التمسك بشعرة معاوية مع قوات الدعم السريع إلى حين ترويضها ودمجها بالقوات النظامية والعمل على تدريب عناصرها وتأهيلها بالشكل المطلوب لأنها أصبحت قدراً لا يمكن التخلص منه"، منوهاً في الوقت ذاته بأن "كتائب وميليشيات نظام البشير تريد إخراج قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم ليخلو لها الجو لممارسة أعمال العنف والقتل وسط المواطنين وإرباك الساحة السياسية".

وكانت "قوى الحرية والتغيير" حذّرت من خطورة ميليشيات النظام السابق التي اتهمتها بافتعال العنف على نطاق واسع وإطلاق الرصاص الحي على المواطنين والقوات النظامية، في محاولة لجر البلاد إلى دائرة العنف بغرض قطع الطريق أمام الثورة الشعبية التي قادت الحراك الثوري الذي أطاح نظام البشير.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي