Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد تعليق الوساطة... هل تنسى الخرطوم وجوه سكانها؟

التشاؤم سيد المدينة المنكوبة وجولة جديدة من القتال العنيف تلوح في الشوارع ولا أحد يعرف المصير

من الواضح أن جولة جديدة من الحرب ستشتعل لتقضي على ما تبقى من بنى تحتية ومؤسسات وبنايات (أ ف ب)

ملخص

اختار الطرفان مواصلة القتال بدلاً من الجنوح للسلم ومراعاة ظروف المواطن الذي فقد كل شيء

تنظر الغالبية العظمى من السودانيين، بخاصة سكان العاصمة الخرطوم، إلى المشهد السوداني بعد إعلان الوساطة السعودية - الأميركية تعليق المفاوضات التي تستضيفها مدينة جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، على أنه بات أكثر تعقيداً وتأزماً مما يقود إلى جولة جديدة من القتال العنيف بغية حسم هذه المعركة لصالح أي منهما.

هذه النظرة المتشائمة بدأت تسيطر على أذهان كثيرين من سكان مدن العاصمة الذين ما زالوا موجودين فيها (قرابة 5 ملايين) بعد نزوح أكثر مليون شخص إلى داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل (نيسان)، حيث تشهد أماكن تجمع المواصلات العامة لنقل الركاب إلى جميع المدن السودانية تزايداً مستمراً خوفاً من اشتداد المعارك، مما يصعب عليهم حركة التنقل، فضلاً عن سوء الأوضاع المعيشية لانعدام غالبية السلع الأساسية بخاصة الخبز، بجانب تدهور الخدمات الصحية نتيجة توقف معظم المستشفيات.

ظروف قاهرة

عبد الله أبكر أحد سكان ضاحية أركويت بالخرطوم، وهو أب لثلاثة أولاد وابنتين، قال إن أملهم كان كبيراً في توصل الوساطة السعودية - الأميركية إلى حل جذري لهذا الصراع المؤلم وإن تهاون الطرفان في احترام الهدن السابقة التي لم يستفد منها مواطنو العاصمة، مضيفاً "الآن نحن في وضع لا نحسد عليه بعد تعليق الوساطة نشاطها مما يعني استمرار القتال، فالكل وصل إلى حال من اليأس والإحباط وأصبح في حيرة من أمره، بخاصة أن الظروف المادية التي يمر بها غالبية المواطنين لا تسمح بأن يصمدوا يوماً واحداً، لأن بينهم من هو موظف وعامل لم يتلق راتبه منذ شهرين، فيما يعمل الباقون من السكان بمهن حرة لا يتعدى دخلها نفقات المعيشية اليومية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزاد أبكر "من المؤسف أن يتمادى الجنرالات لهذه الدرجة من عدم المسؤولية واللامبالاة بمصير مواطنيهم العزل الذين أصبحوا دروعاً بشرية لحرب عبثية قادت البلاد إلى الهاوية، إذ فضلوا القتال بدلاً من الركون إلى السلام والتنمية وبناء الإنسان، وكل ذلك بسبب الصراع حول السلطة، والآن من الواضح أن الحرب ستشتعل من جديد لتقضي على ما تبقى من بنى تحتية ومؤسسات وبنايات، والمشكلة أنه ليس لدينا مال يكفي للسفر خارج الخرطوم، ولا ندري المصير الذي ينتظرنا إذا لم يغلب الطرفان صوت الحكمة والعقل بدلاً من آلة السلاح".

أما حاتم الحسين الذي يسكن أم درمان، وهو أب لولدين وبنت، فيقول "لقد أصبحنا على كف عفريت بعد أن كان هناك بصيص أمل في إيجاد مخرج لهذه الأزمة الطاحنة التي وصلت إلى مرحلة بالغة التعقيد لم يتخيلها أحد، وليس معقولاً أن يدمر أبناء الوطن الواحد بلادهم بهذا الشكل، هذا شيء مؤسف ومؤلم، ومن المؤكد أن الأمور لن تعود كما كانت قبل اندلاع الحرب، والآن اختار الطرفان مواصلة القتال بدلاً من الجنوح للسلم ومراعاة ظروف المواطن الذي فقد كل شيء في لحظة تهور".

ويمضي الحسين في القول "في رأيي أن تعليق مفاوضات جدة من الوساطة الدولية يعني استمرار الجانبين المتحاربين في القتال، وهذا ما نشاهده من معارك ضارية باستخدام جميع أنواع الأسلحة مما أدخل الرعب والخوف في قلوب سكان الخرطوم الذين يواجهون ظروفاً صعبة للغاية، وأعتقد أن الأوضاع إذا سارت في هذا الاتجاه فلن يبقى أحد في مدن العاصمة الثلاث حتى تحسم المعركة بينهما".

طرف ثالث

يشير الكاتب السوداني الجميل الفاضل إلى أن "تعليق جهود الوساطة السعودية - الأميركية لحل النزاع السوداني يحمل دلالة على أن صبرها نفد من مماحكات الطرفين المتحاربين وعدم التزامهما بالهدن السابقة التي اتفقوا عليها، لكن من الواضح أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي في وجه هذا الصراع فقد تابعنا تحركات مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية مولي فاي مع الاتحاد الأفريقي ودول غربية، ومن المؤكد أن أميركا لن تكتفي بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها على الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فغالباً ما سيكون لها وجه آخر باستخدام أدوات ردع قوية وفاعلة، كما أن الطرف الثاني في الوساطة (السعودية) لن يرتضي الفشل في هذه المهمة المتعلقة بوقف إطلاق النار والتسوية الشاملة للأزمة السودانية".

وأضاف الفاضل "بلا شك أن الطرفان سيواجهان شيئاً غير مرئي، وكان من الأفضل لهما الالتزام بوقف إطلاق النار الموقت بدلاً من هذا التلكؤ في اتخاذ المواقف، فالجانبان لا يعلمان حتى الآن ما الذي ستفعله واشنطن بحقهما وإلى أي مدى سينعكس ذلك على المعارك، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة تتعامل مع الطرفين بتوازن وتعتبرهما منتهكين لحقوق الإنسان ولن ترحم أياً منهما، لذلك أصيبا بصدمة من هذا التشدد الأميركي مما جعل كل طرف يعيد النظر في مواقفه على الصعيدين الميداني والسياسي، فضلاً عن الاتجاه لحشد أكبر قدر من التأييد الدبلوماسي لإظهار أنه غير متعنت".

وتابع الكاتب السوداني "الوضع الآن في الخرطوم أصبح أكثر تعقيداً وحرجاً، فالطرفان مستمران في القتال بشراسة، غير آبهين بالنتائج الكارثية لهذه الحرب وآثارها البالغة في مواطني العاصمة الذين يعانون الأمرين (القتال والجوع)، لكن اتضح جلياً أن هناك طرفاً ثالثاً يدفع الجيش نحو الحرب من خلال تأثيره في مراكز القرار الذي لا يملكه الجنرالات بالكامل، وهو ما يجر قوات الدعم السريع في اتجاه المنازلة، وبالتالي تزداد المعارك ضراوة واشتعالاً، وسيدفع الطرفان الثمن كاملاً".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات