Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التصعيد الإيراني - الإسرائيلي أخيرا... الدوافع والسياقات (1)

الاتفاق السعودي وإقامة منشأة نووية تحت الأرض وتعزيز المنظومة الصاروخية عوامل دفعت طهران نحو استعراض القوة

من الوضح أن إيران تسعى إلى الاستفادة من السياقين الإقليمي والداخلي الحاليين لخلق واقع جديد مع إسرائيل (أ ف ب)

ملخص

على رغم أن الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه إيران محددة سلفاً في ما يسمى حرب الظل بين الطرفين، فإن التوترات الأخيرة لها من الدوافع ما يرتبط بسياقات إقليمية وداخلية على نحو أكبر، فما هي؟

تصاعدت التوترات الإيرانية الإسرائيلية أخيراً، سواء على مستوى التصريحات أو السلوك من جانب كلا الطرفين. وعلى رغم كون توتر العلاقات بين إيران وإسرائيل ليس جديداً، فإن ثمة تغيرات وسياقات إقليمية دفعت إلى التساؤل عن دوافع التصعيد بينهما حالياً، وما إذا كانت تلك التوترات تؤشر إلى مرحلة جديدة من التصعيد بين إيران وإسرائيل على قواعد جديدة ترسيها إيران هذه المرة، وتحاول إسرائيل التصدي لها.

على رغم أن الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه إيران محددة سلفاً في ما يسمى الحملة بين الحروب، والتي عرفت كذلك بحرب الظل بين الطرفين، فإن التوترات الأخيرة لها من الدوافع ما يرتبط بسياقات إقليمية وداخلية على نحو أكبر.

وعلى رغم كون تلك التصريحات خرجت من القادة الإسرائيليين خلال مؤتمر "هرتسليا" السنوي، لكن تزامنت معها سلوكيات تصعيدية من الجانبين الإيراني والإسرائيلي، بما يوضح أن إيران تسعى إلى الاستفادة من السياقين الإقليمي والداخلي الحاليين لخلق واقع جديد مع إسرائيل.

منشأة نووية تحت الأرض

تعثرت مفاوضات إحياء الاتفاق النووي بين إيران والغرب على خلفية اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية ومساندة إيران لروسيا خلال الحرب. واستمرت الاتهامات الغربية لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسب أعلى من المسموح بها في الاتفاق النووي، ثم أعلنت إيران قيامها بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، إلا أن وكالة الطاقة الذرية أعلنت العثور على جزيئات يورانيوم نقية بنسبة 83.7 في المئة، فضلاً عن إعلانها زيادة حجم ومستوى تخصيب اليورانيوم منذ فترات طويلة. وعلى أثر حال الجمود التي أصابت الملف النووي أعلنت واشنطن أنه لم يعد ضمن أولوياتها خلال المرحلة الحالية، لكن أخيراً خرجت تصريحات رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في الكونغرس بأن إيران يمكن أن تصنع ما يكفي من المواد الانشطارية لأربع أو خمس قنابل نووية في أقل من أسبوعين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأمر الجديد الذي سيدفع إسرائيل إلى تطوير خططها العسكرية والعملياتية في شأن المنشآت النووية الإيرانية، سواء بمفردها أو التعاون مع واشنطن، هو تحدث التقارير أخيراً عن إنشاء إيران منشأة نووية عميقة جداً تحت الأرض بالقرب من قمة جبال زاغروس في وسط إيران، ويتوقع أن يكون الهدف منها أن تكون خارج نطاق الذخائر والقاذفات الأميركية والإسرائيلية المخصصة لمهاجمة التحصينات تحت الأرض. وتلك الخطوة تعني قيام إيران بتحصين برنامجها النووي بعيداً حتى لا تتمكن إسرائيل من استهدافه عبر الضربات الجوية أو التخريب والاختراق.

مغازلات وصاروخ باليستي

تدرك إيران أن إسرائيل لن تكون قادرة على القيام بأي عمل عسكري ضدها من دون الدعم الأميركي، لذا تحاول أن توحي باستمرار بوجود آمال وأفق للتفاهمات بينها وبين واشنطن، فقد تحدث وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان عن أن مفاوضات إحياء الملف النووي ما زالت قائمة، وأنه منذ أسابيع تتبادل طهران الرسائل مع واشنطن في شأنه، كما أعلن أنه تم حل القضايا العالقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتعمل إيران على الإيحاء بأن من الممكن التفاوض معها في شأن برنامجها النووي، ومن ثم تستهدف عدم استفزاز واشنطن وتحييدها لتظل بعيدة من التعاون مع إسرائيل في أية هجمات ضدها.

كشفت إيران أخيراً عن أحدث صناعاتها والمعروف بصاروخ "خيبر"، ويعد الجيل الرابع من صاروخ "خرمشهر"، الذي يصل مداه إلى نحو ألفي كيلومتر، وهو قادر على إصابة 80 هدفاً، كما أن بإمكانه حمل رؤوس تزن طناً. وقد أعلن وزير الدفاع الإيراني أن صناعة هذا الصاروخ تأتي في إطار تطوير القدرات الدفاعية الإيرانية من جهة، وحمل رسالة لأصدقاء إيران من جهة أخرى بأنه سيسهم في استقرار المنطقة وتقديم الدعم الشامل لهم.

على أثر هذا التطور الأخير، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إيران من امتلاك سلاح نووي، فعلى رغم امتلاك طهران منظومة صواريخ باليستية فإن امتلاك صاروخ بعيد المدى وقادر على حمل أسلحة والتخفي من الرادارات يعد مصدر قلق لإسرائيل ولدول المنطقة.

تعزيز الدفاع الجوي السوري

تعد سوريا منذ الحرب في 2011 ساحة القتال الرئيسة بين إسرائيل وإيران و"حزب الله"، وقد أعلنت إسرائيل أهدافها المتمثلة في عدم ترسيخ الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ووقف نقل شحنات الأسلحة لـ"حزب الله"، وعدم وجود الميليشيات التابعة لإيران بالقرب من مرتفعات الجولان، لكن أخيراً شهدت سوريا تطورات مهمة على صعيد التقارب العربي معها، في هذه الأثناء زار الرئيس الإيراني سوريا لعقد اتفاقات شراكة استراتيجية معها، ليست اقتصادية فقط بل وعسكرية، فقد أعلن وزير الدفاع الإيراني استعداد بلاده لتوريد أسلحة دفاعية لسوريا، وإطلاق خطوط إنتاج للصناعات الدفاعية، وتعزيز قاعدة الأسلحة في البلاد، وبيع أنظمة دفاع جوي لها.

تريد إيران تعزيز الدفاع الجوي السوري في مواجهة الهجمات الجوية الإسرائيلية والتي لم توقفها أنظمة الدفاع الروسية أس 300 وأس 400، وترغب في الوجود بدفاعاتها الجوية على حدود إسرائيل، وتريد أن توحي للأخيرة بدعم ما تسميه محور المقاومة، وهو ما يتفق مع تصريحات وزير الدفاع الإيراني التي أعلن فيها أن تطوير الدفاعات الجوية الإيرانية مثل صاروخ "خيبر" الأخير سيكون موجهاً لدعم الأصدقاء. ومن ثم تحاول إيران تغيير قواعد الردع والمواجهة بينها وبين إسرائيل داخل الساحة السورية.

ضبط خلية مرتبطة بإسرائيل

أعلنت إيران أنها نفذت مجموعة اعتقالات لخلية "إرهابية" مرتبطة بإسرائيل على حدودها الغربية، وهو ما دفعها إلى الطلب من الحكومة العراقية تفعيل بنود الاتفاق الأمني بينهما، كما أعلنت أنها ألقت القبض على مجموعة أخرى على صلة بإسرائيل في شمال غربي محافظة أذربيجان الغربية. وستظل إيران تصعد تجاه تعزيز العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان جارتها.

يمكن القول إن الاتفاق السعودي - الإيراني، وإنشاء منشأة نووية تحت الأرض، وتعزيز منظومتها الصاروخية، وتقارب ساحات المواجهة، وتعزيز القدرات العسكرية لأصدقاء إيران الإقليميين، كلها عوامل دفعت إلى تغذية التوترات بين إسرائيل وإيران، كما دفعت إيران إلى استعراض قوتها العسكرية، فضلاً عن نيتها تحصين قدراتها النووية بعيداً من الغرب والهجمات الإسرائيلية. وهي عوامل تعني أن إيران تحاول الاستفادة من السياق الإقليمي الحالي بخلق واقع جديد، سواء على مستوى قدراتها النووية أو المواجهة مع إسرائيل والوجود بالقرب منها، ولتعزيز قوة الردع أمامها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل