Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يعد ترشح كريستي مهما في سباق الجمهوريين للرئاسة؟

قد يصبح وحشاً يفترس ترمب ويناقض قاعدة "لست ترمب ولست ضده"

كريستي متحدثاً أمام الاجتماع السنوي لقيادة التكتل اليهودي الجمهوري في لاس فيغاس بولاية نيفادا في 19 نوفمبر 2022 (أ ف ب)

ملخص

سعى كريستي إلى تمييز نفسه عن المرشحين الآخرين من خلال تحميل ترمب المسؤولية

منذ أن أكدت وسائل الإعلام الأميركية أن حاكم ولاية نيوجيرسي السابق كريس كريستي سينضم، الثلاثاء المقبل، لسباق الجمهوريين للرئاسة لعام 2024، تزايد الاهتمام بهذا الترشح رغم إدراك الجميع أن حظوظه ضئيلة في الفوز، ويرجع ذلك إلى انتقادات كريستي الشديدة للرئيس السابق دونالد ترمب بعدما كان حليفاً قوياً له قبل انتخابات 2016 و2020، ما يعني إمكانية إلحاق الضرر بالرئيس السابق في وقت يتمسك فيه المرشحون الآخرون بقاعدة "لست ترمب ولست ضده"، الأمر الذي قد يصب في مصلحة حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس بشكل كبير، فما احتمالات تغيير معادلة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، التي بدأت تزداد سخونة بمرور الأيام مع دخول مرشحين جدد إلى السباق؟

نظريات التأثير

ويعكس ازدياد النظريات حول التأثير المحتمل لترشح حاكم ولاية نيوجيرسي السابق في السباق الجمهوري لانتخابات الرئاسة العام المقبل، أن جحراً ضخماً يوشك على الارتطام في المياه الراكدة حينما يعلن رسمياً  في ولاية نيوهامبشير، الثلاثاء المقبل، عن ترشحه وسط منافسة لا تزال تراوح مكانها حتى بعدما أعلن حاكم ولاية فلوريدا "رون ديسانتيس" ترشحه المتعثر على "تويتر" الشهر الماضي، بينما لا يزال بعيداً في استطلاعات الرأي عن ترمب.
ويرى بعض الجمهوريين أن كريستي يمتلك قدرة لا تتوافر لغيره على خوض المنافسة، وهي أنه يعلم كثيراً عن ترمب وحملتيه السابقتين في عامي 2016  و2020  حينما ساعده في الإعداد لمناظرة بايدن وعمل في بعض الأحيان كمستشار غير رسمي خلال فترة رئاسته، والأهم من ذلك أنه من المرجح أن يركز على رسم تناقض صارخ مع ترمب، بخاصة وأنه وصف نفسه بأنه الجمهوري الوحيد الذي لديه الرغبة والقدرة على الإطاحة بالرئيس السابق.
من الناحية العملية، فإن جميع البدائل الأخرى لترمب في السباق الرئاسي، سواء من المرشحين الحاليين أو المحتملين، قد قدموا أنفسهم على أنهم "ليسوا ترمب وليسوا مناهضين لترمب" وهذا ينطبق على ديسانتيس، وحاكمة ولاية ساوث كارولينا السابقة نيكي هايلي، ونائب الرئيس السابق مايك بنس الذي يُتوقع أيضاً أن يدخل السباق الأسبوع المقبل، وسيناتور ولاية ساوث كارولينا تيم سكوت، حيث لم ينتقد أي منهم ترمب بشكل صريح، وهو ما يعتزم كريستي أن يفعله بقوة بعد ترشحه، مثلما فعل خلال الأسابيع والأشهر الماضية حينما وصف ترمب بأنه متبجح، ومخادع، ومغرور، ودمية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

سباق غريب

ومن وجهة نظر بعض المراقبين، فإن الحزب الجمهوري في موقف غريب الآن، حيث يوجد فيه اثنان من المتسابقين هما ملك حركة "ماغا" (MAGA) الأصلي الرئيس السابق دونالد ترمب، وعداء رئيس آخر يكافح بصعوبة للحاق به، لكنه أيضاً يعدو في نفس حارة ترمب، الأمر الذي يجعل السباق باهتاً، ما لم يتخذ شخص مثل كريس كريستي مقاربة جديدة، لأنه حتى الآن وفقاً لميشيل كوتل، عضو مجلس التحرير في صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن مجموعة المتسابقين الساعين لاقتناص عرش ترمب تفوح منهم رائحة الضعف، ولا شيء يسعد قائد "ماغا" أكثر من سحق الضعفاء الذين يتبنون موقفاً واضحاً هو عدم الرغبة في مواجهته، خوفاً من الرئيس السابق الذي يتغذى على الصراع، وسيكيل الصاع صاعين لكن من تسول له نفسه بدء الهجوم.
وفي هذا الجو العام للمنافسين الجمهوريين، يرمق المرشحون الآخرون ترمب بطرف أعينهم وهم يجلسون في درجات متفاوتة من الظل، بل إن أكثرهم مباشرة في الانتقاد مثل حاكم ولاية أركنساس السابق آسا هاتشينسون، يناقش بشكل هادئ عيوب شخصية الرئيس السابق معرباً عن أسفه لأن سلوكه المناهض للديمقراطية قد حرمه من المنصب الرفيع، بينما يحافظ المرشحون الآخرون على استخدام انتقادات مبطنة خلال حملاتهم الانتخابية مع تجنب ذكر اسم الرئيس ترمب دائماً.

وحتى رون ديسانتس، الذي يتخيل نفسه "مقاتلاً"، لن يخاطر بهجوم كامل، بعدما قال لمؤيديه، إنه يخطط لأن يكون استراتيجياً في انتقاداته، ما يعني أنه لن يحمل مطرقة ثقيلة، وإذا كان الحرس القديم في الحزب الجمهوري جاد في إزاحة ترمب، فإن هذا السباق يحتاج إلى هزة قوية قريباً، وإن الذين سئموا من التذلل أمامه سيحسنون صنعاً أن يشرعوا في التجربة من أجل الحزب الجمهوري أكثر من مجرد تلبية طموحاتهم الخاصة، الأمر الذي يتطلب من شخص ما مثل كريستي الصعود إلى حلبة المنافسة بإرادته مع رغبة جامحة لتوجيه لكمة مباشرة للرئيس السابق، وهو ما تعهد به كريستي، في مقابلة حديثة مع موقع "بوليتيكو"، بأنه سيتعامل مع نقاط ضعف ترمب وجهاً لوجه، بدءاً من مشاكل شخصيته ووصولاً إلى سجل خسارته.

مواهب كريستي

لكن كريستي ليس فقط مجرد مطرقة ثقيلة، بل لديه مواهب أيضاً، إذ لا يُنتخب أي جمهوري مرتين كحاكم لولاية ديمقراطية زرقاء مثل نيوجيرسي في عامي 2009  و2013  من دون مهارات سياسية، ولهذا يمكن للحاكم السابق أن يثير نقاشاً ساخناً وسط حرارة الحملة الانتخابية، بخاصة وأنه اشتهر عام 2016، بإحراج السيناتور ماركو روبيو بشدة في إحدى المواجهات التي كان يُنظر إليها على أنها دمرت فرص روبيو في السباق.
ومع ذلك، لم يكن كريستي هو المستفيد من هذا الهجوم عام 2016 وهذا ما يدفع البعض إلى التساؤل عما إذا كان هذا النمط يمكن أن يعيد نفسه في عام 2024، حيث يمكن لهجمات كريستي المتكررة على ترمب أن تساعد ديسانتيس، وهو ما يؤكده الاستراتيجي الجمهوري مات ماكوفياك، رئيس مقاطعة ترافيس بولاية تكساس، بينما يعبّر آخرون، لا سيما منتقدي ترمب، عن تفاؤلهم في شأن فرص كريستي، حيث يشير ريك تايلور، الذي كان يشغل منصب مدير الاتصالات لسيناتور تكساس الجمهوري تيد كروز خلال حملة 2016، إلى أن "الحكمة التقليدية هي أن كريستي لا يمكنه الفوز، ولكن الآن لا أحد يعرف أي شخص آخر من باقي المرشحين يمكن أن يفوز، لكن على الأقل يمكن لكريستي أن يحشر ترمب في الزاوية ويوجه له لكمات مباشرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مواجهة لورد فولدمورت

سعى كريستي إلى تمييز نفسه عن المرشحين الآخرين من خلال تحميل ترمب المسؤولية، وانتقد منافسين جمهوريين آخرين لابتعادهم عن أي انتقادات لترمب من خلال تشبيه الرئيس السابق بـ"اللورد فولدمورت"، الرجل الشرير في سلسلة روايات وأفلام "هاري بوتر" الذي نادراً ما يتم نطق اسمه بدافع الخوف.

ويعكس الاسم المختار للجنة العمل السياسي (سوبر باك) التي تؤيد ترشح كريستي، وهو "قلها كما هي"، إلى أي مدى تراهن حملته على معركة طويلة الأمد ضد الرئيس السابق، وهي جهود يقودها بريان جونز، الذي كان مستشاراً لحملة السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين للانتخابات الرئاسية في عام 2008 وكذلك حملة ميت رومني في عام 2012، حيث يوضح جونز أن "الحاكم كريستي أثبت أنه لا يخشى أن يقول الأمر كما هو ومستعد لمواجهة الحقائق الصعبة التي تهدد حالياً مستقبل الحزب الجمهوري، ولذلك هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى قادة لديهم الشجاعة ليقولوا ما نحتاج إلى سماعه وليس ما نريد أن نسمعه.

شكوك متكررة

ورغم أن نجم كريستي السياسي كان أكثر إشراقاً خلال سعيه الأولي السابق للوصول إلى البيت الأبيض في دورة عام 2016، فإنه خرج من السباق بعد الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشير، حيث احتل المركز السادس بأقل من ثمانية في المئة من الأصوات، ولا يعتقد البعض أنه يوجد دليل مقنع للاعتقاد بأن الأمور مختلفة الآن، بخاصة وأن علاقة كريستي بترمب مرت بمزيد من التقلبات والمنعطفات، فبعد الترشح لأول مرة ضد ترمب في عام 2016، أيد كريستي بسرعة خصمه، وكان في مرحلة ما رئيساً لفريق التخطيط الانتقالي لترمب، على الرغم من إقالته من هذا المنصب بعد انتخابات عام 2016.
وبحلول وقت الحملة الانتخابية لعام 2020، كان كريستي قد عاد إلى دائرة ترمب إلى الحد الذي ساعد فيه الرئيس آنذاك على الاستعداد لمناظرته الانتخابية ضد الرئيس بايدن، لكن كريستي انفصل مرة أخرى عن ترمب عندما رفض الأخير الاعتراف بهزيمته في انتخابات 2020  مدعياً أنها سُرقت منه، وهو ما جعل كريستي أكثر حدة من أي شخصية مهمة أخرى في الحزب الجمهوري، في توجيه انتقادات إلى ترمب.
ولهذا، سيكون التحدي المركزي لحملة كريستي هو شرح كيفية تحول مواقفه من ترمب أمام الناخبين، الأمر الذي من المرجح بدرجة كبيرة أن يستغلها فريق ترمب الذي اعتبر أنه ينبغي على الرئيس السابق الترحيب بكريستي في السباق، ليس فقط لأن مزيداً من المرشحين في الانتخابات التمهيدية أمر جيد بالنسبة له، ولكن أيضاً لأن كريستي سيتصرف كتذكير دائم لقاعدة ترمب بأن "الأشخاص الذين يكرهونهم يكرهون ترمب أيضاً"، لا سيما وأن ترشيح كريستي من شأنه أن يشير إلى قاعدة الحزب الجمهوري بأن ترمب يمثل تهديداً للمؤسسة الجمهورية.

رسالة مفعمة بالأمل

ومع ذلك، يبدو أن كريستي مثل نائب الرئيس السابق مايك بنس، يعتمد على فكرة أن هناك ما يكفي من بقايا الحزب الجمهوري القديم التي يمكنه مناشدتها والاعتماد عليها ونيل تبرعات سخية منها بما يضمن استمراريته في السباق لأطول مدة ممكنة إن لم يكن حتى خط النهاية.

وبينما يُنظر إلى نيو هامبشير على أنها ولاية مواتية محتملة حيث يمكن لكريستي أن يحقق نجاحات، إلا أنه من المتوقع أن يحاول جذب أكبر قدر ممكن من الاهتمام الإعلامي من خلال حملة غير تقليدية ستنتقل إلى الأماكن التي تكون رسالته فيها أكثر جاذبية باعتباره الشخص الأكثر تماسكاً ضد ترمب بينما يجادل بأن القتال يجب أن يتم نقله مباشرة إلى الرئيس السابق.
ويأمل كريستي القضاء على بعض مشاعر المظلومية التي تسربت إلى جذور الخطاب السياسي في الحزب الجمهوري منذ أن أصبح ترمب مرشح الحزب في عام 2016، إذ يقول حلفاء كريستي، إنه يقترب من السباق لتحقيق هدف إيصال رسالة مفعمة بالأمل.

المزيد من تقارير