Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يدخر الدولار ويستثمر بالذهب

تحصيناً للاقتصاد من التقلبات العالمية

البنك المركزي العراقي يسعى لتحويل الاحتياطي النقدي إلى ذهب (أ ف ب)

ملخص

يعد الذهب من أهم مكونات الاحتياطات التي تحتفظ بها البنوك والمؤسسات المالية الدولية، إذ تعمد إلى زيادة احتياطياتها من هذا المعدن بصورة مستمرة

"الذهب زينة وخزينة" تمثل هذه المقولة ما وصلت إليه البنوك العالمية من خزن وشراء الأطنان من الذهب نتيجة تقلبات الأسعار العالمية، إذ عمل البنك المركزي العراقي على شراء كمية جديدة من المعدن الأصفر ضماناً لاقتصاد البلد الذي يعتمد على النفط بالدرجة الأساس.

يشير مختصون في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إلى أن الذهب النقدي يعتبر ضماناً لتفادي مخاطر تقلبات أسعار صرف العملات التي تتنوع بها محفظة استثمار الاحتياطيات الأجنبية، مؤكدين أنه ضامن جوهري لحماية المحفظة الاستثمارية للبنك المركزي العراقي إزاء تقلبات مخاطر سعر الصرف للعملة المحلية وسعر الفائدة وغيرهما.

30 عالمياً

وأعلن البنك المركزي العراقي، الأربعاء الماضي، عن شراء كميات جديدة من الذهب تقارب 2.3 طناً، والذي ترتب عليه زيادة حيازاته من هذا المعدن بنسبة 1.79 في المئة ليصبح مجموع ما يمتلكه (132,74) طناً، محافظاً على تسلسله في المرتبة الثلاثين عالمياً ضمن ترتيب حيازات الذهب لدول العالم.

وأوضحت دائرة الاستثمارات، بحسب بيان للمكتب الإعلامي للبنك المركزي العراقي، أن الشراء جاء بهدف زيادة حيازاته من الذهب في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم.

ويعدُّ الذهب من أهم مكونات الاحتياطات التي تحتفظ بها البنوك والمؤسسات المالية الدولية، إذ تعْمَد إلى زيادة احتياطياتها من هذا المعدن بصورة مستمرة، لما لهذا الإجراء من انعكاس إيجابي على الملاءة المالية لهذه المؤسسات والجدارة الائتمانية لدولها.

الذهب ضمان

وفي السياق، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، إنه يحتل الذهب النقدي ضمن قاعدة تنويع الاحتياطيات الأجنبية السيادية نسبة تقدر بنحو ما بين 7 إلى 10 في المئة من إجمالي مكونات المحفظة الاستثمارية التي تمثلها مختلف العملات بكونها أصولاً أجنبية، وتديرها البنوك المركزية في العالم ومنها البنك المركزي العراقي وفق الأدلة القياسية الدولية في استثمار تلك المحفظة وبمختلف العملات.

وأوضح صالح أنه على رغم الذهب لم يعد يؤدي دوراً مباشراً في النظام النقدي الدولي اليوم إلا أن "البنوك المركزية والحكومات عبر أنحاء العالم بما فيها العراق تسعى إلى الاحتفاظ بكميات قياسية ذلك للحماية من عدم الاستقرار الاقتصادي"، لافتاً إلى أنه "يتسم بتقلبات أقل في أسعاره مقارنة بغيره من السلع الفردية والأسهم التجارية والعملات، وذلك عبر سلاسل دورات الأصول المختلفة في العالم".

استقرار الاستثمارات

ومن جهته، قال المختص في الشأن المالي والمدير العام السابق للعمليات المالية في البنك المركزي العراقي، محمود داغر، إن "زيادة  الرصيد الذهبي معناه استقرار استثمارات العراق الخارجية التي تخص البنك المركزي"، متابعاً القول إن "العملات الآن تتقلد ما بين بعضها لذلك من الأفضل أن يكون إحتياطينا بالذهب هذا هو فقط التأثير"، نافياً وجود تأثير على الاقتصاد الداخلي.

التحول المالي

في حين، قال الباحث الاقتصادي نبيل جبار التميمي، إن عملية شراء الذهب مدفوعة بسياسات التحول المالي في خضم الصراع الدولي وتوقعات وقوع تقلبات اقتصادية كبيرة فيه أو المخاوف المتعلقة بالركود المتوقع، وهو ما يدفع خلاله المستثمرون لشراء الذهب بديلاً عن الأسهم والعملات والأصول الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار التميمي إلى العقود التي وقعها البنك المركزي العراقي لشراء الذهب من سنتين والتي زادت الاحتياطات خلالها من 98 طناً حتى وصلت إلى 132 طناً، لافتا إلى أنها لن تتعدى 9 في المئة من مجمل احتياطاته اليوم بالدولار الامريكي، مع وجود استثمارات في سندات الخزينة الأميركية.

مخاطر حرجة

وكان صندوق النقد الدولي أصدر الخميس بياناً متشائماً لاقتصاد العراق بعد التعافي من  جائحة كورونا العام الماضي، حيث ذكر عدد من خبراء الصندوق الذين اجتمعوا في الأردن في الفترة 24 إلى 31 مايو (أيار) الماضي للتباحث مع السلطات العراقية حول التطورات الاقتصادية الأخيرة والتوقعات وكذلك خطط السياسة في الفترة المقبلة، أن "زخم نمو الاقتصاد العراقي تباطأ في الأشهر الأخيرة، والوصول إلى مستوى أقل من قبل الجائحة.

وقال الخبراء إنه من المقرر أن "يتقلص إنتاج النفط بنسبة 5 في المائة في 2023 بسبب خفض إنتاج (أوبك+) وانقطاع خط أنابيب نفط (كركوك-جيهان)، إضافة إلى تقلبات سوق الصرف الأجنبي في أعقاب تشديد الرقابة على مكافحة غسل الأموال وكذلك تمويل الإرهاب من قبل البنك المركزي العراقي والتي أثرت على مبيعات العملات الأجنبية بشكل سلبي.

تقديرات النمو

وبين خبراء الصندوق في بيانهم أن "التقديرات تشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي تقلص بنسبة 9 في المائة (على أساس سنوي) في الربع الأخير من 2022، مما يلغي نموه خلال الأرباع الثلاثة السابقة، مع استمرار استقرار سوق العملات الأجنبية بمساعدة إجراءات البنك المركزي العراقي، إذ من المتوقع أن يستأنف نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي ويصل إلى 3.7 في المائة في 2023، بعد الارتفاع إلى 7 في المائة يناير (كانون الثاني)".

ونوه الصندوق إلى أن "التضخم بدأ في الاعتدال مما يعكس انخفاض السلع الدولية بالإضافة إلى إعادة تقييم بنسبة 10 في المائة للدينار ومن المتوقع أن يصل المتوسط إلى 5.6 في المائة في 2023".

وأشار الخبراء، وفقاً للبيان إلى أن "الظروف المواتية لسوق النفط دعمت الوضع المالي والخارجي للعراق، لكن الاختلالات الهيكلية استمرت في الاتساع، وفي 2022 وصلت فوائض الحساب الجاري في المالية العامة والخارجية إلى 7.6 و 17.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي على خلفية عائدات النفط القياسية المرتفعة، كما ارتفع احتياطي العملات الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي إلى 97 مليار دولار أميركي (11 شهرًا من الواردات)، بما في ذلك 16.3 مليار دولار (6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي) في المدخرات المالية المتراكمة من قبل الحكومة، في الوقت نفسه، أدى التوسع المالي الكبير إلى توسيع العجز الأولي غير النفطي من 52 في المئة إلى أكثر من 68 في المئة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي خلال 2022".

تخفيف مالي

وزاد البيان أنه من شأن "التخفيف المالي الأكبر المتوخى في مسودة قانون موازنة 2023 أن يوسع عجز المالية العامة الأولي غير النفطي إلى 75 في المئة من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي ويصل بميزان المالية العامة الإجمالي إلى عجز يبلغ 6.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وستؤدي التأثيرات المجتمعة لزيادة الإنفاق الحكومي، وإعادة تقييم سعر الصرف، وانخفاض إنتاج النفط إلى رفع سعر التعادل المالي للنفط إلى 96 دولارًا للبرميل".

الخبراء أكدوا أنه "على المدى القصير، يمكن أن يؤدي تنفيذ الخطط المالية للسلطات إلى إعادة إشعال التضخم وتقلبات سوق العملات الأجنبية، وعلى المدى المتوسط، يشكل استمرار السياسات الحالية في ظل وجود قدر كبير من عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي لأسعار النفط مخاطر حرجة على استقرار الاقتصاد الكلي، وإذا لم تحدث زيادة كبيرة في أسعار النفط فقد يؤدي الموقف المالي الحالي إلى تزايد العجز وتكثيف ضغوط التمويل في السنوات القادمة".

وأكد الخبراء أنه "هناك حاجة إلى سياسة مالية أكثر صرامة لتعزيز المرونة وتقليل اعتماد الحكومة على عائدات النفط مع حماية احتياجات الإنفاق الاجتماعي الحرجة، تشمل الأولويات الرئيسة تنويع الإيرادات المالية، وخفض فاتورة الأجور الحكومية الضخمة، وإصلاح نظام المعاشات التقاعدية لجعله سليمًا ماليًا وأكثر شمولاً، أثناء دعم خطة الحكومة لزيادة المساعدة الاجتماعية ، توصي البعثة باستهداف أقوى لضمان توجيهها إلى الأشخاص الأكثر ضعفًا".

اقرأ المزيد