Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدراسة "الثلاثية" في السعودية بين آراء المنتقدين ومبررات المؤيدين

وزارة التعليم تؤكد فاعليته في تحصيل "الفاقد" ومجلس الشورى يدرس إعادة تقييمه

السعودية طبقت نظام الفصول الدراسية الثلاثة في التعليم بالمدارس منذ عامين (وزارة التعليم)

ملخص

وافق مجلس الوزراء السعودي على التقويم الدراسي للعام الجديد وفق ثلاثة فصول دراسية، وصاحب هذا القرار مناقشات بين مؤيد ومعارض، فبينما استعرضت وزارة التعليم الإيجابيات، تناول مجلس الشورى السلبياته ويدرس إعادة تقييمه.

وافق مجلس الوزراء السعودي على التقويم الدراسي 1445هـ (2023-2024) الذي يقضي باستمرار الدراسة في المدارس العام الجديد على ثلاثة فصول دراسية، وسرعان ما صاحب هذا القرار مناقشات حامية على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للتقويم الجديد لأسباب مختلفة، تناولوا خلالها الإيجابيات والسلبيات التي صاحبت التجربة منذ تطبيقها خلال العامين الدراسيين الماضيين، والتحديات التي واجهات أسر الطلبة والكوادر التعليمية.

اللافت في قرار مجلس الوزراء أنه اعتمد التقويم للعام المقبل فقط، في حين كان يقضي باعتماده خمسة أعوام قبل تطبيق النظام الجديد 1445هـ، وهو ما أشار إليه أعضاء مجلس الشورى السعودي، وقرروا بالغالبية قبل شهر بتقويم نظام الفصول الدراسية الثلاثة وبحث العودة إلى التطبيق القديم للفصلين الدراسيين.

إجابة وزارية

وزارة التعليم السعودية أصرت على موقفها في شأن "نظام الفصول التعليمية الثلاثة"، بعبارة كررتها مراراً على مجلس الشورى وعلى مجلس الوزراء، وهي "وجود فاقد تعليمي"، ووجود فجوة بين سنوات السلم التعليمي وفترة التدريس الفعلية بما يقارب أربع سنوات، حيث إن النظام الجديد أتاح مزيداً من الوقت للدراسة التي أصبحت 39 أسبوعاً بدلاً من 36 في الفصلين الدراسيين، حيث إن انقطاع الطالب عن الدراسة أربعة أشهر للإجازة الصيفية كانت كفيلة بمسح ما تعلمه الطالب، مشيرة إلى نسبة الفاقد التعليمي وصلت عند بعض الطلاب إلى 90 في المئة.

غياب جماعي

وتعليقاً على تبعات هذا القرار كشف عضو مجلس الشورى فيصل آل فاضل عن موافقة غالبية المجلس على إعادة تقويم تطبيق الفصول الدراسية الثلاثة على مدارس التعليم العام لدعم استمرار تطبيقه وتطويره أو العودة إلى النظام النصفي مع إجراء التعديلات اللازمة عليه، مشيراً إلى مناقشة الإيجابيات والسلبيات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.

بدورها، قالت عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان إن نظام الفصول الثلاثة تسبب في حدوث أضخم ظاهرة "غياب جماعي" عرفها تاريخ التعليم في السعودية، إضافة إلى الإجازات المطولة التي تتخللها، لافتة إلى أن الاتساع والتنظيم بلغا درجة لافتة، على حد قولها.

وأضافت الشعلان "تحدثت منذ تطبيق نظام الفصول الثلاثة مع عدد من العاملين والعاملات في الميدان، ووجدت أن التقويم المطور لا يسر الخاطر في كثير من الأحيان"، مشيرة إلى أن تطبيق التقويم ترافق مع إدخال نسب غياب وهمية في نظام نور (معني بالرصد والمتابعة وإعلان النتائج لطلبة المدارس)، ولا تعكس الأعداد الفعلية للغائبين في ذلك اليوم، كون إظهار العدد الفعلي لنسبة الغياب يضع المدرسة في موقف لا تحسد عليه أمام مكتب الإشراف.

وطالبت الشعلان بوضع خطة لمعالجة الغياب الذي يمثل مشكلة لعدد من المدارس، إذ إنها ظاهرة تواجه النظام التعليمي ككل، لكنها تشكل تحدياً.

مكاسب وخسائر

تربويون أيدوا أعضاء مجلس الشورى بتوجههم الأخير، حيث ذكر الكاتب التربوي عبدالحميد الحمادي أن وزارة التعليم بحسب مبرراتها نظرت للكم والعدد متجاوزة أهمية مراعاة الجودة ونوعية التحصيل العلمي، مشيراً إلى أن خسائر نظام الفصول الدراسية الثلاثة أكبر من مكاسبه، من خلال ملاحظات عدة أبرزها تقليص فترة إجازة المعلمين التي كانت آخر المكاسب في عدم وجود مزايا مالية أسوة بغيرها من الوظائف الأخرى.

ولفت الحمادي إلى كثرة الإجازات القصيرة، وضيق الوقت، مما يؤدي إلى صعوبة شرح المناهج في وقت قصير، واتجاه المعلم، ليس للتلخيص أو الملخص، بل سيضطر إلى اعتماد الخلاصة، وصولاً إلى عدم قدرته على استخدام الاستراتيجيات، كما أن سرعة الفصل الدراسي ستنعكس على انخفاض مستوى المخرجات، وكذلك عدم التوافق بين حجم المناهج وعدد الأسابيع الدراسية.

تناسب مناطقي

وفي السياق، رأى الكاتب التربوي حمدان محمد الرفاعي أن قرار اعتماد الدراسة على ثلاثة فصول في السنة لم يدرس جيداً، ولم تراع فيه الظروف المناخية للسعودية، مع عدم الاستفادة من تجارب الدول المطبقة لذلك أو عمل استفتاءات عبر منصات الوزارة لأولياء الأمور والمعنيين بتنفيذ هذا القرار لأخذ آرائهم وإطلاعهم بشكل مباشر على التحول الجديد والمختلف للتعليم في المرحلة القادمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعا الرفاعي وزارة التعليم إلى العمل جيداً على تهيئة البيئة القادرة على احتضان الطلاب لعام دراسي كامل بمختلف فصوله وأحواله الجوية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن أولياء الأمور والمعلمين والطلاب سيواجهون تحديات صعبة خلال الدراسة في نظام الفصول الثلاثة.

استنزاف موارد

اشتكى أولياء أمور من الموارد المالية، والتي تشكل التحدي الأكبر الذي يواجهونه في نظام الفصول الثلاثة، سواء في المصروف اليومي ومتطلبات المدارس، ومنهم والد الطالب يزن الغامدي الذي قال "لديَّ ثلاث بنات وابن، وجميعهم في مقاعد الدراسة، وهم في مرحلة النمو، وما إن يصل (الترم) الثالث حتى يحتاجوا إلى أزياء مدرسية جديدة بسبب زيادة طولهم أو اهتراء ملابسهم، هذا إلى جانب المصروف والدفاتر والحاجات"، مطالباً بأخذ الأمور المالية في الاعتبار.

إحباط وكسل

قالت والدة الطالبة أريج المطيري "من ينظر إلى مستوى ابنتي في (الترم) الأول والثاني عن الثالث يشير إلى أنها مختلفة، فمستواها في الثالث يتراجع جداً على رغم حرصي مع والدها على ذلك، وسبق أن ذهبت إلى المدرسة لمناقشة ذلك مع معلمتها التي أكدت أن جميع الطالبات يتدنى مستواهن بسبب الإحباط والكسل والملل، مما يسبب لهن فقد الهمة".

من جهة أخرى، رد المشرف العام على مركز تطوير المناهج بوزارة التعليم سامي الشويرخ على المعارضين قائلاً إن "النظام مرن ومريح"، معبراً عن زيادة ساعات التعلم بطريقة ذكية، كما أنه خاضع لأنظمة "إدارة المخاطر وخطط طارئة للتغيير"، لافتاً إلى أن تقسيم الفصول يؤدي إلى زيادة عدد الإجازات، وكذلك أيام الدراسة".

وأضاف الشويرخ أنه "تم تقليل ساعات اليوم الدراسي مع زيادة عدد الحصص لمادتي الرياضيات والعلوم لمواكبة التطوير الحاصل في العالم"، لافتاً إلى أن هذه المرحلة تعد الأولى للتطوير، وليست النهائية.

فاقد تعليمي

من جهته، يقول مساعد المشرف العام على مركز تطوير المناهج محمد البنيان إن "المراجعات أفرزت نتائج تتمثل في وجود فاقد تعليمي وفجوة بين سنوات السلم التعليمي"، مضيفاً أن "انقطاع الطالب عن الدراسة أربعة أشهر، ومع الأسبوع الميت قبل الدراسة وبعدها قد تصل الإجازة إلى خمسة أشهر، وهذه المدة الكبيرة كفيلة بمسح ما تعلمه خلال العام الدراسي، حيث يصل الفاقد التعليمي عند بعض الطلاب إلى 90 في المئة، وهذه نسبة مخيفة".

وأعلنت وزارة التعليم السعودية في أواخر مايو (أيار) 2021 الخطة التعليمية المطورة التي تضمنت تقسيم العام الدراسي إلى ثلاثة فصول، كل فصل يمتد لنحو 13 أسبوعاً، بدلاً من 36، تتخللها 12 إجازة أثناء العام الدراسي، بواقع 69 يوماً من غير إجازة العام الدراسي.

وتضمنت الخطة زيادة عدد ساعات التعليم في المرحلة الابتدائية بواقع 176 ساعة إضافية، بنسبة زيادة 22 في المئة. وأشار وزير التعليم حينها إلى أن المقارنات مع الدول المتقدمة تعليمياً تشير إلى وجود فجوة بين النظام التعليمي في السعودية وبين تلك الدول في عدد الأيام الفعلية للدراسة، فيما طبقت دول عدة النظام مثل ألمانيا، والمملكة المتحدة، وسنغافورة والإمارات.

وتراهن وزارة التعليم من خلال تصريحات مسؤوليها على هذه النقلة التطويرية على رغم الانتقادات المتزايدة، مطالبة بمنح النظام الجديد الوقت المستحق ليحقق أهدافه مرحلياً، مؤكدة أن هناك لجاناً تعمل بشكل يومي، وهناك خطط بديلة واستعداد لأي مخاطر أو تهديدات، وأن هذا التغيير العميق يستحق الصبر مع وجود حلول وبدائل مثل اللجوء للتعليم المدمج، ومنصات التعليم من بعد، ومتفهمة أن التغيير من الطبيعي أن يواجه بالتشكيك وعدم التقبل أحياناً، كما أن لديها خطط تعديل ومعالجة مستمرة حال واجه الطالب مشكلات في الاستيعاب.

المزيد من العالم العربي