Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حضور "المرتزقة" في الحروب... عرض وطلب

قدراتهم القتالية تتفوق على الجيوش الرسمية وقادرون على حسم المعارك

مجموعة فاغنر لها تاريخ غامض في الحروب بأوروبا الشرقية ومناطق نائية مثل مالي وسوريا وليبيا (أب)

ملخص

في حين أن معظم طياري سلاح الجو الأميركي يتلقون راتباً شهرياً يبلغ نحو 260 دولاراً، إبان الحرب العالمية الثانية، كان المرتزقة يكسبون ما بين 600 -750 دولاراً، إلى جانب مكافأة قدرها 500 دولار لكل طائرة يابانية يسقطونها... فما قصتهم؟

يلجأ أطراف الحروب الدولية أو الداخلية والأهلية والخاطفة وحرب العصابات وغيرها، إلى استخدام المقاتلين المرتزقة لأسباب كثيرة، أولها زيادة عديد من يقاتلون معها في المعركة والتخفيف من عدد ضحاياها من الجنود حتى لا يتم الإساءة إلى الجيش الوطني أمام الشعب.

والمرتزقة المسلحون متواجدون بحسب الطلب، بعضهم يتبع جماعات منظمة وشركات خاصة تقدم الخدمات لمن يطلبها لحسم معارك معينة، وغالباً ما يكونون مقاتلين متمرسين ومتقاعدين من الجيوش برتب عالية أو متوسطة، وكلما كان أعضاء هذه الشركات أكثر تمرساً وإتقاناً للقتال ترتفع أسعار الخدمات التي تقدمها.

هناك تنظيمات المرتزقة المؤلفة من الشباب العاطلين من العمل في الدول التي تشتعل فيها الحروب الأهلية، كما في سوريا والعراق حالياً ولبنان سابقاً وعدد كبير من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وهؤلاء غالباً من الشبان الذين ترعرعوا خلال حرب أهلية ولا يتقنون سوى القتال وحمل السلاح فباتوا يتنقلون من حرب إلى أخرى.

تنوع قتالي

تشارك كل أنواع جماعات المرتزقة سواء من ذوي التقنية العالية والتنظيم الحديدي كجماعة "فاغنز" الروسية أو "بلاك ووتر" الأميركية أو الجماعات العشوائية التي يتم تجميع عناصرها كموظفين يتقدمون إلى وظائف مدفوعة الأجر في بلدان أخرى، منها مرتزقة سوريا والعراق في ليبيا وأوكرانيا وأرمينا وأذربيجان والسودان وإثيوبيا والصومال وكولومبيا وبوليفيا والتشيلي وغيرها من البلدان، ويرتفع الطلب على خدمات جميع هذه الأنواع عاماً بعد عام، إما لحسم معارك طالت مدتها أو لتقليل أعداد القتلى في صفوف الجيش الرسمي وتخفيف مصاريف الحرب طالما أن أجور مرتزقة الحروب الداخلية اليافعين ضئيلة جداً مقارنة بأفراد القوات العسكرية، وكذلك عمليات نقلهم وإطعامهم زهيدة.

انضم المقاتلون الأجانب أو المتطوعون أو المرتزقة إلى المحاربين في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي بعد الحرب مع روسيا، كما انضم مقاتلون أجانب إلى الصراعات في البوسنة والشيشان، وإن كان بأعداد أقل في الصومال وفي حروب جنوب السودان وتيغراي الأخيرة في إثيوبيا.

كانت نقطة التحول البارزة عندما سافر 40 ألف متطوع للقتال من أكثر من 110 دول للانضمام إلى تنظيم "داعش" في سوريا والعراق منذ 2014، وبرزت المخاوف بشأن المخاطر التي تشكلها الشركات العسكرية والأمنية الخاصة بعد وقوع مذبحة ساحة النسور في بغداد 2007 التي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين على أيدي مقاولين عسكريين خاصين من شركة "بلاك ووتر" الأميركية.

هناك بعض المتطوعين ممن يتم تصنيفهم مرتزقة، والعكس هناك جنود من المرتزقة يقاتلون تحت غطاء التطوع العقائدي من أجل الدفاع عن قضية ما، وبحسب الإحصاءات يوجد في أوكرانيا ما يقارب 20 ألف متطوع أو مقاتل أجنبي لبوا دعوة الحكومة الأوكرانية إلى القتال لمساعدتها في مواجهة روسيا، في حين استعانت موسكو بمرتزقة شركة "فاغنر" الروسية.

أنشأت منظمات غير ربحية وأفراد متعاطفين مع أوكرانيا مواقع على وسائل التواصل الاجتماعي لتسريع سفر المقاتلين المتطوعين إلى الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي عن كييف، كما هو معروف رسمياً، ولبى بالفعل هذه الدعوات مجندون خدموا لبعض الوقت في الجيش، ومن قدامى المحاربين الأميركيين، وكذلك أفراد من الجيش الفرنسي وجنود بريطانيين متقاعدين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تناول الكاتب إدي كيم هذا الأمر في تحقيق نشره بصحيفة MEL قائلاً إن الأمور تزداد تعقيداً بسبب المشاركة المتزايدة للمقاولين العسكريين الخاصين والمرتزقة الغامضين في القتال الأوكراني، فعلى رغم أن المشاركة في النزاعات الخارجية محظورة في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة، إلا أن استخدام المرتزقة المأجورين يتم بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2001، ويبرر له البعض بأنه قتال من أجل قضية أخلاقية يساهم في جني بعض المال، و"يمكن إيجاد إعلانات متخصصة في مواقع كثيرة على الإنترنت لوظائف بدوام جزئي في مدن وأرياف بأجر يتراوح بين ألف وألفي دولار في اليوم مع مكافأة خاصة، ويكون التركيز على الخبرة القتالية كشرط أساسي".

إطار قانوني

وبعد تزايد عدد المرتزقة في أوكرانيا صرح الكرملين بأن الفيلق الدولي الأوكراني ينمو وحذر من أن المقاتلين الأجانب الذين  يقبض عليهم في المعركة سيعاملون كمرتزقة غير شرعيين ولن يمنحوا أي حقوق إنسانية، هذا على رغم أن المعروف عن "فاغنر" أنها تتمتع بتاريخ غامض من العمليات في أوروبا الشرقية ومناطق نائية مثل مالي وسوريا وليبيا. كما صرح المقاول العسكري السابق ومستشار السياسة الخارجية لجامعة أكسفورد وقناة iNews شون ماكفيت.

للولايات المتحدة تاريخ طويل في استخدام شركات مثل "بلاك ووتر" لتأجيج صراعاتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ومن أولى التجارب الأميركية كتيبة "لينكولن-واشنطن" الشهيرة التي قاتلت إلى جانب الاشتراكيين الإسبان ضد القوى الفاشية.

وما بين الحروب الروسية والأميركية والمرتزقة بينهما لطالما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من انتهاكات حقوق الإنسان والأضرار الاجتماعية التي يسببها استخدام القوات الأجنبية، حتى تلك ذات النوايا الحسنة.

ويجوز مقاضاة المتطوعين الذين ينضمون إلى جيش أجنبي إذا اعتبر ذلك جريمة في بلدهم الأصلي، ففي المملكة المتحدة لا يسمح بالانضمام إلى جيش أجنبي، والأمر مغاير في هولندا التي تسمح بذلك بشرط ألا تكون البلاد في حالة حرب معها، ومسموح في كندا الانضمام إلى جيش في حالة حرب مع دولة صديقة.

ووفقاً للمادة 47 من اتفاق السلام الشامل، يعرف المرتزق بأنه الشخص الذي يتم تجنيده محلياً أو خارجياً من أجل القتال في نزاع مسلح، على أن يكون الدافع إلى المشاركة في الأعمال العدائية أساساً هو الرغبة في تحقيق مكسب شخصي، ووعد في الواقع، من قبل أحد أطراف النزاع أو نيابة عنه، بتعويض مادي يزيد كثيراً على المبلغ الموعود به أو المدفوع للمقاتلين من نفس الرتبة والوظائف في القوات المسلحة لذلك الطرف، كما أن المرتزقة ليسوا من رعايا طرف في النزاع ولا يقيم في إقليم يسيطر عليه أحد الأطراف، وبالطبع لا يكون من أفراد قواتها المسلحة.

وفي حين أنه من الصعب تحديد تعريف المرتزقة، فإن تجريم أنشطتهم يشكل تحدياً أكبر، على رغم أن الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، التي صدقت عليها 37 دولة فقط، تطلب من الدول الأطراف تجريمهم، وبصفة عامة، فإن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة ليست طرفاً في النزاع، ويعتبر موظفوها مدنيين يشاركون مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية.

لمحة تاريخية

بحسب المؤرخ زينوفون كان "العشرة آلاف" عبارة مجموعة متنوعة من المحاربين اليونانيين الذين تعاقد معهم الملك كورش الأصغر للمساعدة في الإطاحة بشقيقه الملك أرتحششتا الثاني من العرش الفارسي عام 401 (قبل الميلاد)، وقتل الملك في المعركة ومعه جنرالات المرتزقة مرتين أثناء محاولتهم التفاوض على التراجع.

كانت "الشركة البيضاء" واحدة من أكثر الشركات شهرة في الحرب الإيطالية، وبرزت الوحدة في القرن التاسع عشر قبل أن تقع تحت قيادة السير جون هوكوو وهو إنجليزي حصل على لقب فارس لخدمته في حرب المئة عام، ومعه أصبحت معروفة كواحدة من أكثر جيوش المرتزقة النخبة بإيطاليا، وأرعبوا الخصوم بهجماتهم المفاجئة السريعة، واستعدادهم لخوض المعركة أثناء الطقس القاسي أو حتى في الليل، أما اليوم فإن الحرس السويسري المعروف بـ"حماة البابا" الذين يرتدون الزي الرسمي المخطط في الفاتيكان يعود تاريخهم إلى عصابات المرتزقة التي ازدهرت خلال عصر النهضة، حيث قاتل أكثر من مليون مغامر سويسري في جيوش أوروبا وبحلول عام 1400 أكسبتهم تكتيكاتهم الثورية وقسوتهم المطلقة سمعة كأفضل جيش مرتزقة يمكن إغرائهم بالمال، وبدأت وحدة صغيرة من 150 جندياً في العمل كحراس شخصيين بابويين في 1506، وخلال هجوم واحد على روما عام 1527، قتل ما يقرب من أربعة أخماس الحرس السويسري أثناء الدفاع عن البابا كليمنت السابع من الأسر.

في الحرب العالمية الثانية تألفت مجموعة "النمور الطائرة" من متطوعين أميركيين وشكلوا قوة من ثلاثة أسراب من الطيارين الذين قاتلوا مع الصينيين ضد اليابانيين، وتم تنظيم الوحدة للمرة الأولى أوائل 1941 في الأشهر التي سبقت قصف بيرل هاربور، وحرصاً على إعاقة الاستيلاء الياباني على الصين مع الحفاظ على الحياد، سمح الرئيس فرانكلين روزفلت للقيادة العسكرية الأميركية السابقة كلير تشينولت بتجنيد مقاتلين بهدوء من صفوف القوات الجوية للجيش، وكانت المخاطر عالية ولكن الأجر مرتفع أيضاً، ففي حين أن معظم طياري سلاح الجو الأميركي كانوا يتلقون راتباً شهرياً يبلغ نحو 260 دولاراً، كان مرتزقة تشينولت يكسبون ما بين 600 -750 دولاراً، إلى جانب مكافأة قدرها 500 دولار لكل طائرة يابانية يسقطونها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير